المبحث الرابع
الوقاية وموقف الرأي الدولي من الأسلحة الحيوية
أولاً: الوقاية من الأسلحة الحيوية
يجب
نشر التوعية اللازمة بتأثير الأسلحة الحيوية، واحتمالات التعرض لها، مما
يحتم الاستعداد التام، ورفع المعنويات عند استخدام تلك الأسلحة، حتى يتجنب
المقاتلون والمدنيون المفاجأة ، وهناك احتمالان لا بد أن نأخذهما بعين
الاعتبار، ويجب أن نفرق بينهما تماماً وهما:
· ظهور الشائعات بأن العدو قادم على استخدام الأسلحة حيوية
· استخدام العدو الفعلي لتلك الأسلحة.
ففي
الحالة الأولى يجب أخذ اللقاحات الواقية، ضد الأمراض الخطرة التي يتوقع أن
يستخدمها العدو، مثل التيفود، والتيتانوس، والجدري، والطاعون.حيث يوجد
لقاح شامل لكل هذه الأمراض. والتحذير من تناول المأكولات، والمشروبات، قبل
أن يثبت صلاحيتها طبياً حيث تكون مصدراً للتسمم.
أما
في الحالة الثانية، إذا استخدم العدو فعلاً هذه الأسلحة، فيجب استخدام
الأقنعة الواقية، حيث تحجز الجراثيم والميكروبات فلا تدخل الجسم.
وفي
حالة الإصابة يجب أن يعطى المصاب فوراً مزيجاً من المضادات الحيوية
الوقائية التي لها تأثير قاتل للعديد من الأنواع. ويتكون هذا المزيج من
جرام من الإستربتومايسين، ونصف جرام من التراميسين، ونصف جرام من
البنسلين، ويمتاز هذا المركب بأنه قوي المفعول. أما إذا تم التشخيص وعرفت
الأنواع المستخدمة فيمكن إعطاء الجرعات النوعية من المضادات الحيوية لتلك
الأنواع. ومن الأمور الواجب مراعاتها مدى حساسية المصابين للمضادات
الحيوية
فقبل مئات السنين استخدمت عدة
وسائل وخبرات للسيطرة على انتشار الأوبئة الممرضة ومن أهمها، المقدرة على
عزل معظم تلك العوامل المعدية. ومعرفتها.وذلك لاكتشاف اللقاحات اللازمة
لوقف عملها، واكتساب المناعة ضدها واللقاح يعتمد على إدخال مسكن للألم أو
عوامل مميتة للعامل المسبب للعدوى أو عوامل مضادة خاصة بنوع معين من
الجراثيم مثل المضادات الحيوية، وهذه كلها ميسورة وفي متناول اليد
لاستخدامها في حالة نشوب الحرب الحيوية. ولكن هناك بعض الصعوبات التي تجعل
من الصعب تطبيق القواعد السابقة بسهولة ويسر في حالة انتشار عدد هائل جداً
من العدوى وهي:
1. صعوبة السيطرة الكاملة على مختلفة الأوبئة
بالرغم
من النجاح الكبير للسيطرة على العدوى المرضية، إلا أن هناك عدداً من
العدوى الخطيرة والتي لا توجد حتى الآن سيطرة كافية لمنع انتشارها،وذلك
إما لصعوبة التشخيص وخصوصاً في الأمراض المتسببة عن الفيروسات، وإما لعدم
توفر لقاحات مؤثرة تماماً في علاجها.
2. صعوبة تصنيف العوامل المسببة للعدوى
حتى
لو توفرت جميع المعلومات الوبائية الكافية في حالة نشوب الحرب الحيوية،
إلا أن أي جهاز حصر في العالم سيكون عاجزاً عن تصنيف العوامل المسببة
للعدوى،لأنه ستكون هناك فترة سكون للعامل المسبب للعدوى (فترة الحضانة)،
يتعذر اجتنابها بجانب سرعة انتشار الحرب. ومن الممكن تحديد العدوى فقط عند
بداية ظهور المؤثرات الخارجية فقط، وهذا عادة ما يكون متأخراً جداً، وفي
أغلب الأحيان يظهر التأثير الشديد خلال المراحل الأخيرة من فترة الحضانة،
وقبل ظهور الأعراض الخارجية الصحية تماماً، وأنه من الصعوبة أن يتطابق
الوقت الضروري للتعرف المخبري تماماً مع سرعة انتشار الوباء المستحث، وهذا
أيضاً قد يجعل من الصعب أحداث المناعة للمصاب. كما أنه من الصعب جداً أن
تتخيل أن جميع السكان يكونون بعيدين عن الخطر عند التعرض لأي هجوم
بالأسلحة الحيوية عندما يحصنون ضد جميع العوامل المحتملة في الحرب، وحتى
إذا ما أعطى اللقاح بعد الهجوم وبعد تشخيص المرض فانه سيكون هناك أيام بل
أسابيع قبل أن تحصل مناعة كافية. وصعوبة أخرى تتعلق في أن معظم الكائنات
الحية الدقيقة تقريباً التي تستخدم في الأسلحة الحيوية توجد على شكل
طفراتMutation(أي كائن لا يملك صفات الأصل) ولذا سيتطلب الأمر قياسات
مناعية أكثر، وتلك الطفرات يمكن أن تتكون طبياً. ومن الأمثلة العديدة
الطفرات المقاومة للبنسلين، كذلك من الممكن أن تنتج هذه الطفرات صناعياً
بالتعرض باستمرار لتلك المضادات مثل العقاقير أو بالتعرض للأشعة أو المواد
الكيماوية السامة. وحقيقة أخرى يجب أن لا تغيب عن البال وهي أن المناعة
سواء أكانت طبيعية أم صناعية ناتجة عن اللقاح، فيمكن بسهولة أن يبطل
مفعولها بالتعرض للأشعة البنفسجيةUV ولذا فجميع الاستعدادات التي تسبق
التحصين سوف تفقد. وسوف تحدث العدوى، وقد تزداد تلك الضراوة عند نشوب
الحرب النووية والحيوية في آن واحد. ولذا فعند التفكير ببرنامج قياس عام
للوقاية من احتمال أي هجوم بالسلاح الحيوي يجب أن يبحث عن الوسائل التي
تمكننا من جعل الدفاع أكثر فعالية. ومن أهم تلك الوسائل البحث عن طريقة
علمية متطورة تجعل من السهل معرفة تلك الجراثيم ليكون استخدامها في أي
هجوم سهلاً وميسوراً. ولقد قسم أحد الخبراء الأمريكيين "هيدن" تلك السبل
إلى ثلاث مراحل هي:
. فترة التحذير
. أخذ العينات.
. التعرف.
وكل
تلك يجب أن تكون في أقصر وقت ممكن، لبناء خطة دفاعية نشطة. ولقد كشفت بعض
التقارير الآن، أن هناك مؤسسات عسكرية أوروبية، وأمريكية، متخصصة، قد سخرت
الطرق الميكروـ بيولوبيوجية (الأحياء الدقيقة) المعروفة في تلك الأغراض
العسكرية. فعلى سبيل المثال، متوفر حالياً جهاز لأخذ العينات بسهولة ويسر،
ويتألف من محبس هواء بكفاءة عالية، وله المقدرة على تحويل ما يقارب عشرة
أمتار مكعبة من الهواء في الدقيقة، إلى عشرة مللي لتر من الماء السائل،
ويمكن بسهولة أخذها إلى أقرب معمل حيوي، للكشف عن حقيقة ما يحتوي السحاب
الدخاني المُعدي، وإعطاء تحذير سريع للرأي العام. ومع ازدياد الحذر، فقد
ابتكرت طريقة علمية أكثر تعقيداً، لتعطى التعرف السريع في الحال على
العامل المعدي المنشور في الضباب. وذلك باستخدام الإستشعاع
الموضحFluorescent= (إطلاق نور ناشئ عن امتصاص الإشعاع من مصدر آخر،
وبمعنى آخر أن الأجسام المعلقة في الهواء تعكس الأشعة الساقطة عليها وتظهر
عالقة في ذلك الضوء الصادر) للأجسام المضادة Anti - bodie. ولما كان لكل
كائن حي، نوع من الأجسام المضادة يميزه عن غيره من الكائنات، فبمجرد إرسال
حزمة ضوئية من الأشعة الموضحة على مسار ذلك الضباب، فان كل جسم مضاد في
داخل الخلية الحية يمتص الأشعة الساقطة علية، ثم يرسلها مرة أخرى معطياً
نوعاً معيناً من الانعكاسات المعروفة لدى علماء الأحياء، وبذا تجعل التعرف
ميسوراً. وللوقاية من احتمال أي هجوم بالسلاح الحيوي، وضع الثقة بالرأي
العام ونشر المعلومات على أوسع نطاق، والامتناع عن التقاط أي مطروح
كالمناديل، أو علب السجاير، ولعب الأطفال، والحلويات، التي ربما قد تكون
حاملة للمرض، وفي طريقها إلى نشره بين عامة السكان.