الفصل الثالث
الأسلحة الذرية (النووية) Nuclear Weapons
لقد
ظل الاعتقاد السائد بين علماء الفيزياء والكيمياء حتى القرن التاسع عشر أن
ذرات المادة لا يمكن فصلها أو شطرها إلى جسيمات أصغر. وبعد أشهر قليلة من
اكتشاف
رونتجن William Rontgen للأشعة السينية X، في نوفمبر عام 1895. وفي بداية
عام 1896، اكتشف العالم هنري بيكريل Henri Becquerel الإشعاع الطبيعي
عندما أحس بطاقة الأشعة غير المرئية تنبعث بصفة مستمرة من المعادن التي
تحتوى على عنصر اليورانيوم.
ولمعرفة
الفرق بين المتفجرات التقليدية (غير النووية) وبين المتفجرات النووية. يجب
أن نعرف أن المواد تتكون من ذرات كل ذرة يوجد في وسطها منطقة صغيرة جداً
وكثيفة موجبة الشحنة تسمى النواة. تحتوي النواة على بروتونات موجبة
الشحنة، ونيوترونات متعادلة الشحنة. وتحيط بالنواة إلكترونات، تشغل حيزاً
كبيراً مقارنة بالنواة، في مستويات مختلفة من الطاقة. تتحرك الإلكترونات
بسرعة كبيرة جداً وهي جسيمات سالبة الشحنة كتلة كل منها تساوي 9 × 10 -28
وحدة كتلة ذرية (و ك ذ). ويكون عدد الإلكترونات في أي ذرة من ذرات العناصر
مساوياً لعدد بروتوناتها وبذلك تكون الذرة متعادلة كهربائياً. وللبروتونات
كتلة مساوية لكتلة النيوترونات وكل منهما تساوي تقريباً وحدة كتلة ذرية
واحدة وأي منهما أكبر من كتلة الإلكترون بـ 1836 مرة، لذلك فإن النواة
تشكل أكثر من 99.9 % من كتلة الذرة. يكون الفرق بين ذرات عنصر ما وذرات
عنصر آخر بعدد البروتونات (أو عدد الإلكترونات) التي تحتويها كل ذرة. أما
عدد النيوترونات فيمكن أن يختلف حتى في ذرات العنصر الواحد ويشكل ما يعرف
بنظائر العنصر. حيث تسمي ذرات العنصر الواحد التي تختلف في عدد
النيوترونات بالنظائر Isotopes. ويطلق على عدد البروتونات والنيوترونات المكونة لنواة الذرة بعدد الكتلة mass number.
وعدد الكتلة هذا يساوي تقريباً كتلة النواة. وبالتالي فإنه يساوي تقريباً
كتلة الذرة، إذا أغفلنا كتلة الإلكترونات التي هي صغيرة جداً مقارنة بكتلة
البروتونات أو النيوترونات.
ومن
ثم فإن الانفجار في المتفجرات التقليدية ما هو إلا تفاعل كيميائي سريع
جداً لا يتاح للطاقة المصاحبة له أن تتبدد وينجم عنه تكون كميات هائلة من
الغاز، تتمدد بتأثير الحرارة أيضاً وتدفع ما أمامها مسببة الانفجار.
والتفاعل الكيماوي بشكل عام يترك نواة الذرة دون تغير والذي يتعرض للتغير
هي الكترونات المدارات الخارجية فقط.
أما
الانفجار النووي فيحدث نتيجة لتغير في نواة الذرة. يكون هذا التغير إما
على شكل انشطار في نوي الذرات Nuclear Fission ينتج عنه طاقة كما يحدث في
حالة القنبلة النووية، أو على شكل التحام في نوي الذرات Nuclear Fusion
كما يحدث في حالة القنبلة الهيدروجينية.
ولقد بين ألبرت أينشتاين Einstein Albert
(العالم الألماني والذي هاجر فيما بعد إلى أمريكا) في عام 1905، أن المادة
يمكن أن تتحول إلى طاقة كما أن الطاقة يمكن تحويلها إلى مادة، فإذا فقدت
المادة بعض طاقتها نقصت كتلتها بكمية تتناسب مع هذا النقص وفقا لنظريته
الشهيرة (نظرية النسبية).
ففي
الانشطار النووي يحصل انقسام لذرات المعادن الثقيلة مثل اليورانيوم 235
(عدد الكتلة 235) أو البلوتونيوم 239 (عدد الكتلة 239). يكون نتيجة هذا
الانشطار تكون ذرات أصغر يكون مجموع كتلها أصغر من كتلة الذرة قبل
الانشطار، ويتحول فرق الكتلة هذا إلى طاقة هائلة والتي تصاحب التفجير
النووي.
وفي عام 1938م توصل العالمان الألمانيان أوتوهان Otto Hahn، وسترسمان Stresman
إلى اكتشاف الانشطار النووي حيث تم قذف ذرة اليورانيوم بنيوترون، وقد صاحب
ذلك الانشطار انطلاق كمية هائلة من الطاقة. تعادل كمية الطاقة المنبعثة،
الفرق بين طاقة الربط لنواة ذرة اليورانيوم الثقيلة وبين طاقة الربط لنواة
الذرة الخفيفة المتكونة نتيجة للتغيرات التي تحدث في النيوترونات
والبروتونات والتي تتسبب في تغيير قوى التجاذب والتنافر داخل النواة. ولقد
وجد أن كمية الطاقة الناتجة من انشطار كامل لكيلوجرام واحد من عنصر
اليورانيوم تعادل كمية الطاقة التي تنتج من احتراق ألف وستمائة طن من
الفحم أو تسعمائة وعشرة آلاف لتر من البترول.
ونظراً
لأن الانشطار النووي السابق يكون مصحوباً بانطلاق نيوترونات إضافية، فإنه
يتتابع على شكل تفاعلات نووية متسلسلة طالما أن اليورانيوم لا يزال
موجوداً.
ويمكن
التحكم في الانشطار النووي بحيث يصبح مصدراً لعدد من العناصر المشعة وذلك
في حالة استخدام أجهزة خاصة للتحكم في التفاعلات النووية المتسلسلة، تسمى
أجهزة التحكم هذه بالمفاعلات النووية Nuclear Reactors
. كما يمكن استخدام الطاقة الحرارية الناتجة من التفاعلات النووية المتحكم
فيها في وحدات بخارية تدير مولدات للطاقة الكهربائية. أما الانشطارات
(الاشطارات) النووية (التفاعلات النووية) غير المتحكم فيها فهي التي
تستخدم كمتفجرات نووية.