. خلال الحرب العالمية الثانية
عقب
الحرب العالمية الأولى، صدر بروتوكول جنيف في عام 1925، يحظر استخدام
الغازات السامة، وقعت عليه 32 دولة، بينما رفضته الولايات المتحدة
الأمريكية. وقد التزمت الأطراف المتحاربة بهذا البروتوكول، في الحرب
العالمية الثانية، ولم ينتهك إلا في مرات معدودة.
استخدمت
إيطاليا غاز المسترد، ضد الأحباش خلال حملتها للاستيلاء على إثيوبيا، في
1935: 1936، وبلغت الخسائر البشرية، من استخدامه 150 ألف قتيل، كما
استخدمت غاز الكلور، في هضبة الأوجادين بالصومال الإيطالي، بواسطة الرش
بالطائرات، وهو ما أثر على المزروعات، والثروة الحيوانية، ومياه الأنهار،
بالإضافة لاستخدامه بواسطة قنابل الطائرات، وقاومت القوات الإثيوبية ذلك
الأسلوب بتفادي المناطق الملوثة. وكان أساس الاستخدام بالنسبة للقوات
الإيطالية، تأمين أجنابها، أثناء تحركها، وكذا تأمين خطوط مواصلاتهم، وطرق
الإمداد. وأيضاً تقييد حركة القوات الإثيوبية، بالإضافة إلى قصفهم لمراكز
القيادة ومراكز الاتصالات ومناطق تجمع القوات وعند ارتداد الإثيوبيين.
وقد
حسمت الغازات الحربية، للمرة الأولى الحرب، لصالح الإيطاليون، فتمكنوا من
الاستيلاء على أديس أبابا، العاصمة الإثيوبية، بسرعة يعتقد أنها لم تكن
ستصل إليها إلا بعد تسعة شهور من القتال المضني، في المناطق الجبلية، كما
قللت خسائرهم بشكل كبير، كنتيجة إضافية.
وقد
ذكرت تقارير القتال أن اليابانيين، استخدموا ذخيرة مدافع كيميائية، في
قتالهم مع الصينيون، بنسبة 25 %، وقنابل طائرات كيميائية، بنسبة 30%،
وتقدر نسبة الخسائر من جراء ذلك 10 %، من حجم الخسائر الحربية، والعمليات،
من 18 يوليه 1937، إلى 8 مايو 1945، واستخدمت فيها غازات الفوسجين، وثنائي
الفوسجين، واللورو بكرين، وسيانيد الهيدروجين، والمسترد، والليوزيت، وشمل
الاستخدام قذائف المدفعية، وقنابل الطائرات، ضد العسكريين، والمدنيين، في
المناطق المليئة بالأنفاق والكهوف، بهدف إجبارهم على الخروج والاستسلام.
ولم يكن لدى الصينيون مهمات وقاية. وقد استخدم اليابانيون تكتيكاً جديداً،
حيث كانوا يبدءون بقذف مواد حارقة، يعقبها غازات سامة، ثم دخان، حتى تصل
حالة الذعر بين القوات الصينية للأعلى مدى ولفترة طويلة.
وفي
المسرح الأوربي، لم يستخدم الطرفين الغازات الحربية بشكل مباشر، حيث لم
تدل أي تقارير عسكرية عن ذلك، رغم تأكد امتلاك الأطراف المتحاربة لأنواع
ووسائل مختلفة منها. وقد حدثت عدة اتهامات من الجانبين، عن استخدام غاز
المسترد، حول وارسو، في سبتمبر1939، وفي كريمن، في مايو 1942، حيث اكتشفت
3000 جثة، في مخبأ، بعد توقف العمليات، لأشخاص توفوا مختنقين بالغاز.
وفي
أثناء العمليات لغزو إيطاليا، في بداية عام 1943، حدث بنوع الخطأ أن
انفجرت شُحنات أمريكية من الذخائر الكيماوية، نتيجة قصف الطائرات
الألمانية لسفينة أمريكية بالقرب من أنزو، ولكن سحابة الغاز نقلتها الريح
السائدة نحو الخطوط الألمانية، وقد أسرع قائد المحور لتحذير القائد
الألماني بذلك.
وفي
استخدام آخر في تلك الحرب، بشكل غير مباشر، قامت وحدات الجستابو
الألمانية، بقتل الأسرى من المدنيين، والعسكريين، في معسكر الاعتقال، في
غرف أعدت خصيصاً لذلك، وقد قدر عدد القتلى بين 2.5 : 4.5 مليون شخص.
أما
في مسرح العمليات الباسفيكي، فقد استخدم اليابانيون، عبوات الدخان المعبأة
بغاز سيانيد الهيدروجين، ضد الأمريكيون في عمليات أيسلندا. كما أستخدم غاز
المسترد ضد بورما.
وبانتهاء
الحرب العالمية الثانية، استولى الحلفاء على مخزون ألمانيا، من الذخائر
الكيماوية، ومصانعها. حيث استولى الروس، على مصنع غاز التابون، ونقله
لبلادهم، واستولى الأمريكيون، على 250 ألف طن مخزون النمسا، من غاز
التابون، والزارين، والزومان.
3.الحرب الكورية 1951 ـ 1952
رغم
معارضة البعض، من السياسيين، والعسكريين، فإن الأمريكيون، استخدموا
الغازات الحربية، أربعة مرات ضد الصينيون، والكوريون، بواسطة قنابل
الطائرات، من قاذفات قنابل من النوع B 29.
4. الحرب الفيتنامية 1961 ـ 1970
أكدت
مصادر الأمم المتحدة، إن القوات الأمريكية استخدمت المواد الكيماوية
السامة، خلال سنوات الحرب الفيتنامية العشر، ضد المحاصيل الزراعية
لإزالتها، حتى لا تستخدم في الإخفاء، والاستتار الطبيعي. وكذلك تدمير
الثروة الغذائية، للشعب الفيتنامي، لإجباره على التوقف عن القتال، وتم ذلك
بالرش بالطائرات للأحماض المبيدة للزراعات، خاصة محصول الأرز، ووصلت
المساحة التي تم تلوثها، إلى 48136 كيلومتر مربع، وعدد الأفراد المصابين
إلى 1.286.016 فرد، والقتلى إلى 1622، وترجع نسبة القتلى البسيطة لحجم
التلوث، ونوعية المواد المستخدمة والهدف منها.
وبالإضافة
لبرنامج إزالة المزروعات، فإن الأمريكيون، استخدموا غازات الإزعاج،
والأعصاب، من نوع B Z, V X , C S، من قنابل الطائرات وقذائف المدفعية
لتحقيق أهداف عسكرية تكتيكية.
5. لاوس وكمبوديا وأفغانستان 1975 ـ 1979
استخدمت
الأسلحة الكيماوية، في تلك الدول الآسيوية، من قبل القوات السوفيتية، حيث
استخدموا غازات الأعصاب، والمشلة للقدرة، والمسيلة للدموع، والمواد
الشديدة السمية المختلطة بمواد كيمائية، وغيرها.
وقد
بدأ استخدام الغازات الحربية، على لاوس، في أواخر عام 1975، بالتدريج
بدءاً من الغازات المسيلة للدموع، ثم غازات شل القدرة، وباقي الغازات
المزعجة. ثم تطورت لاستخدام المواد السمية. واستخدم في ذلك القاذفات
التكتيكية، والتعبوية، وطائرات المعاونة الأرضية، والهليوكوبتر. كما
استخدمت صواريخ عيار 2.75 بوصة، أمريكية الصنع، من متروكات الجيش الأمريكي
في فيتنام.
وللطبيعة
الجبلية والمزارع لمسرح عمليات الحرب الروسية ضد الأفغان فقد استخدمت
القوات الروسية، غازات شل القدرة، والأومسيت، والداي فوسجين، وC S .V X,
بواسطة الطائرات المقاتلة، و القاذفات، والهليوكوبتر، والصواريخ. وذلك
لرخص تكاليف إنتاجها، وتوفرها لدى القوات الروسية، تأثيرها الشامل على
كافة عناصر القتال. ولعدم توفر مهمات وقاية، أو تدريب على الوقاية منها
لدى القوات الأفغانية.
6. الحرب العراقية ـ الإيرانية
استخدم
العراق الغازات الحربية، ضد القوات الإيرانية، التي تحولت للهجوم على
الأرض العراقية في فبراير 1984، حيث استخدم، غاز المسترد الكاوي، في هجوم
مُركز ضد قوات الفيلق الإيراني الثاني، في القطاع الشمالي، والأوسط،
بواسطة الطائرات، والمدافع، فتسببت في إصابة 15% منه، بخلاف تأثيرها
المعنوي على باقي المقاتلين.
وفي
10 مارس، قامت القوات العراقية، بهجوم كيميائي مُركز، في القطاع الجنوبي،
بواسطة قنابل الطائرات، المعبأة بغاز المسترد، والتابون، ودانات المدفعية
المعبأة بغاز المسترد، ويقدر حجم الذخائر المستخدمة، 250 طن من غاز
المسترد، و9 طن من غاز التابون، وتم التركيز على شرق البصرة، وحقل
المجنون.
وأعادت العراق
استخدام الغازات الحربية، لوقف الهجوم الإيراني شمال البصرة، في مارس
1985، إلا أن القوات الإيرانية، استخدمت في الحال مهمات وقاية أدت إلى خفض
نسبة الخسائر. استغلت
القوات العراقية، الضربات الكيماوية، وتحولت للهجوم المضاد العام، في
القطاع الجنوبي، ثم قامت بتوجيه ضربات كيميائية جديدة، في إبريل 1985،
بهدف الاستمرار في الضغط على القوات الإيرانية شمال البصرة