ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن الولايات المتحدة قدمت مقترحا بتجميد البناء فى المستوطنات المقامة على أراضى الضفة الغربية، مقابل تمكين الطائرات الإسرائيلية من التحليق فوق الدول العربية ومنها السعودية ودول الخليج العربى بالإضافة إلى إعادة فتح مكاتب التمثيل التجارى الإسرائيلى فى عدة دول عربية.
وأكد عدد من المسئولين العرب فى تصريحات خاصة لـ«الشروق» أن الدول العربية تبحث هذه المقترحات وهى على استعداد للتجاوب معها بشرط وجود ضمانات أمريكية بالتزام إسرائيل باتخاذ خطوات ملموسة أهمها وقف تام للاستيطان.
وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة تتعهد بأن تقوم دول عربية بالسماح للطائرات بالتحليق فوق أجوائها، ما يعنى تقصير الرحلات إلى الشرق الأقصى بثلاث ساعات وهبوط أسعار الرحلات الجوية. كما تضيف أن عددا من دول الخليج وشمال أفريقيا سوف توافق على إعادة فتح مكاتب المصالح التجارية الإسرائيلية.
وزعمت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية حصلت على موافقة دول عربية على تحليق الطيران الإسرائيلى فوق أراضيها مقابل تجميد أعمال البناء فى المستوطنات، بيد أنها أشارت إلى أن إسرائيل تنظر إلى الاقتراحات الأمريكية بتشكك.
وأضافت أن البيت الأبيض ينوى أن يعرض بادرتين على إسرائيل مقابل تجميد البناء الاستيطانى، الأولى التزام دول عربية معينة، ليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بالسماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فى أجوائها، الأمر الذى سوف يتيح تقليص مدة سفر الرحلات الجوية الإسرائيلية إلى الشرق الأقصى بشكل جدى.
وبحسب الصحيفة فإن الدول التى تقع فى مسار هذه الرحلات الجوية هى السعودية والعراق ودول الخليج العربى.
وبحسب الصحيفة، فإنه فى مقابل تجميد البناء فى المستوطنات فإن إسرائيل سوف تتمكن من إعادة فتح مكاتبها التجارية التى كانت تعمل فى الماضى فى شمال أفريقيا وفى دول الخليج، والتى اضطرت إلى إغلاقها فى السنوات الأخيرة.
يذكر أن مثل هذه المكاتب كانت موجودة فى المغرب وتونس وعمان وقطر.
ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن مسألة المقابل الذى ستحصل عليه إسرائيل لقاء تجميد البناء فى المستوطنات كانت قد طرحت فى لقاء وزير الأمن الإسرائيلى إيهود باراك مع المبعوث الأمريكى الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل. كما طرحت هذه المسألة فى لقاءات أخرى أجريت مؤخرا بين كبار المسئولين الإسرائيليين ومسئولين كبار فى البيت الأبيض.
وتابعت الصحيفة أن إسرائيل قد أبلغت صراحة بأن الإدارة الأمريكية قد حصلت من دول عربية معينة على تعهدات أولى لتنفيذ هذه المقترحات، كخطوات أولى فى إطار التسوية السياسية الشاملة.
وصرحت مصادر أمريكية بأن الولايات المتحدة لا تنوى عرض هذه المقترحات بشكل رسمى مادام أنه لم تتخذ إسرائيل خطوات عملية لتجميد البناء فى المستوطنات.
وبحسب الصحيفة فإن ميتشيل قد أبلغ باراك بأن الرئيس الأمريكى باراك أوباما لم يمنح أحدا تفويضا بالتوصل إلى حل وسط بشأن تجميد البناء فى المستوطنات، وأن الطلب الوحيد الذى يمكن أن يوافق الأمريكيون على سماعه هو استكمال مئات المبانى التى تم بناء هياكلها.
وفى المقابل أشارت الصحيفة إلى التشكك الإسرائيلى حيال هذه المقترحات الأمريكية، وذلك بسبب رفض السعودية فى السابق لمطلب إسرائيل التحليق فوق أراضيها.
وفى المقابل، مصدر رفيع بالجامعة العربية أن الدول العربية يجرى النقاش بينها حول طبيعة التجاوب ودرجته الذى يمكن أن تبديه فى حال ما قامت إسرائيل بالفعل باتخاذ خطوات حقيقية على الأرض يمكن التحقق منها ولا مراوغة فيها فيما يتعلق بالوقف الكامل للاستيطان.
وأضاف المصدر: لقد أبلغ عدد من العواصم العربية الفاعلة الرئيس أوباما شخصيا باستعدادها لدعم جهوده الهادفة لتحقيق السلام الشامل فى الشرق الأوسط بإبداء انفتاح تجاه إسرائيل مضيفا أن هذه الدول اشترطت ضمانات أمريكية لجدية إسرائيل لوقف الاستيطان.
وحول ما إذا كان التجاوب العربى سيشمل فتح الأجواء العربية أمام الطيران الإسرائيلى وإعادة تشغيل مكاتب التمثيل التجارى العربى فى إسرائيل أو زيادتها، قال المصدر «نحن لسنا بصدد الإعلان عن مكافآت مسبقة» وأضاف أن هناك أفكارا مختلفة تتدارسها الدول العربية كل على حسب اختياراته السياسية».
وأكد المصدر نفسه أن الدول العربية: «لم تقدم أى شىء إلا إذا ما تحقق الإيقاف الكامل للاسيطان».
وحول إذا كانت الدول العربية تطلب إيقاف الاستيطان عدة شهور مقابل هذا التجاوب أو تطلب وقفا تاما حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام فلسطينى ــ إسرائيلى، قال المصدر إن هناك سيناريوهين يجرى العمل عليهما: «الأول يقوم على وقف الاستيطان لعدة أشهر مقابل تجاوب «محدود» من العالم العربى» والثانى هو وقف كامل للاستيطان تحت إشراف دولى مقابل «تجاوب أكبر من العالم العربى».
وحول موقف المملكة العربية السعودية وما يمكن أن تقدمه فى هذا الشأن، قال المصدر إن السعودية قد أعلنت استعدادها لدعم السلام، ورفض التعليق على ما إذا كانت الرياض فتحت أجواءها أمام الطيران التجارى الإسرائيلى، وقال: «هذه قرارت سيادية للدول».
ومن جانبه، قال مصدر دبلوماسى مصرى إن الاجتماع الأخير الذى عقد على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة الثمانى بين الرباعية الدولية ولجنة مبادرة السلام العربية شهد نقاشا فى هذا الشأن حيث أكدت الدول العربية المشاركة والجامعة العربية على الاستعداد المشروط للتجاوب مع وقف الاستيطان.
وقال المصدر: «الوقف الجاد للاستيطان هو أولوية عربية فى المرحلة الحالية».
وأضاف أن اجتماعات عربية ستجرى عندما يعلن الرئيس أوباما عن خطته للسلام، لتقديم موقف عربى فيما يخص سبل التجاوب مع إسرائيل فى حال أعلنت إسرائيل الالتزام بوقف الاستيطان.
من ناحية أخرى قال مصدر دبلوماسى سورى فى القاهرة إن بلاده لا تعارض التعاون مع أفكار الرئيس أوباما لتحقيق السلام ولكنها لديها الكثير من التشككات فى نوايا الحكومة الإسرائيلية الحالية فيما يتعلق بتحقيق السلام.
وقال المصدر إن السؤال الأساسى هو: «إذا كانت حكومة نتنياهو راغبة فى تحقيق السلام أم حكومة راغبة فى تحقيق مكاسب بدعوى السعى للسلام؟».