تأجيل "تقرير غولدستون" حدث خطير ومؤسف لكل العاملين في مجال حقوق الإنسان .
اعتبر مدير "مركز الميزان لحقوق الإنسان" الأستاذ عصام يونس أن طلب السلطة تأجيل البت في "تقرير غولدستون" في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة؛ حدثٌ خطيرٌ، يستوجب التحقيق فيه ومحاسبة من يقف وراء قرار التأجيل, واصفًا مبررات السلطة التأجيل لخلق إجماع حول التقرير بالكذب لوجود إجماع دولي حول التقرير الذي حظي بتأييد 33 دولة في الحد الأدنى من مجموع 46 دولة.
وأشار في الوقت ذاته إلى أنه منذ عام 1967 وحتى اليوم لم تتوفر أي حالة إجماع على أي قرار متعلق بالقضية الفلسطينية، ولا سيما المتعلقة بالأراضي الفلسطينية المحتلة،وأن نظام الأمم المتحدة لا يستوجب إجماعًا، بل يستوجب أغلبيةً.
جاءت كلمة مدير "مركز الميزان لحقوق الإنسان" خلال ندوة سياسية نظَّمها المكتب الإعلامي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" شمال قطاع غزة أمس السبت (3-10) حول الأبعاد الإنسانية والسياسية لطلب سلطة رام الله تأجيل مناقشة "تقرير غولدستون" في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بحضور عدد من الشخصيات الاعتبارية والمثقفين.
وقال يونس: "ما حدث من تأجيل التصويت على "تقرير غولدستون" من قبل السلطة جعل هذا اليوم يومًا حزينًا لكل العاملين في مجال حقوق الإنسان، فهذا التقرير جاء بعد جهد طويل لاستصدار قرار من مجلس حقوق الإنسان للتحقيق فيما حدث من جريمة في قطاع غزة, ففوجئنا وصُدمنا بقرار أقل ما يوصف بأنه هو الأخطرُ على قضية الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "عندما قدمت اللجنة إلى قطاع غزة عملت دولة الاحتلال على إعاقة وصولها، ثم دخلت عبر معبر رفح، ثم مع انتهاء عملها واستكمال تقريرها اتخذت دولة الاحتلال قرارًا مهمًّا بأن هذا التقرير لن يمر في مجلس حقوق الإنسان؛ لأنه يكشف بشكل واضح حجم الجرائم التي ارتُكبت، وما قامت به دولة الاحتلال عمل منظم".
وأشار "يونس" خلال كلمته حول الأبعاد الإنسانية لقرار التأجيل إلى أن أهمية هذا التقرير تكمن في أنه لأول مرة منذ عام 1967 تؤسس لجنة بهذا المستوى وبهذا الدعم الدولي للتحقيق فيما ارتُكب من جرائم، وأن ما ارتُكب في قطاع غزة هو جرائم حرب ترتقي إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية التي تستجوب ملاحقة من اقترفها ومن أمر بارتكابها.
وأوضح يونس أن المفاجئ في الأمر أنها المرة الأولى الذي يقوم بها الشعب الضحية بطلب تأجيل تقرير حقوقي من هذا النوع، بعد توفر فرصة غير مسبوقة لإحراج العالم لتنفيذ القرار, مبينًا أن ما حدث هو مكافأة للاحتلال على جريمته، وأن ما قامت به السلطة من تأجيل القرار سيذكره التاريخ بكل" احتقار" وعدم رضى، وأنه لا يمتلك أي مسؤول الحق في التنازل عن قضايا الشعب.
ومن ناحيته قال الدكتور محمد فرج الغول وزير العدل الفلسطيني -خلال مداخلته حول الأبعاد السياسية لتأجيل تقرير غولدستون-: "في اليوم الذي شعر فيه الفلسطينيون بالفرحة العارمة لخروج الأسيرات من داخل سجون الاحتلال الصهيوني؛ تخرج سلطة رام الله بموقف "مخزٍ"، وتطلب تأجيل تقرير يدين الاحتلال على جرائمه ضد المدنيين خلال حربه الأخيرة على قطاع غزة, مضيفًا أن التقرير ضمَّ جزءًا مهمًّا من الأدلة التي أثبتت عن طريق مؤسسات دولية لتكون دليلاً على جرائم الاحتلال وإدانته بصورة كبيرة".
وأضاف الغول: "إن الحكومة الفلسطينية في غزة وثقت 700 ملف يدلل على جرائم ضد الإنسانية وقعت خلال العدوان الصهيوني الأخير واستهداف المدنيين بشكل واضح, وإن "تقرير جولدستون" لا يغطي كل الجرائم بل حمل جزءًا منها لإدانة الاحتلال.
وبيَّن أن قرار سلطة رام الله تأجيل "تقرير جولدستون" جاء بعد حديث الصحافة الصهيونية مؤخرًا حول تورط سلطة رام الله ومشاركتها في الحرب الصهيونية المدمرة الأخيرة على غزة، والتهديد بعدم إعطاء تصريح للشركة الوطنية للاتصالات الذي يديرها نجل محمود عباس الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته, والخشية من التهديد الأمريكي بتوقف الدعم المالي عن أقطاب السلطة في رام الله, مستغربًا في نفس الوقت أن تبيع سلطة فلسطينية دماء الشهداء والأسرى ومعاناة المشرَّدين من أصحاب البيوت المدمرة من أجل بعض الأموال.
واعتبر وزير العدل الفلسطيني أن ما قامت به السلطة هو محاولةٌ لطمس الحقيقة وسحب البساط من تحت مؤسسات المجتمع المدني والجمعية العامة؛ "حتى لا تدان إسرائيل" تحت حجج واهية, مشيرًا إلى أن تأجيل التقرير يعتبر جريمةً عظيمةً وطعنةً في القلب لأهالي ضحايا الحرب وخيانةً عظمى للشعب الفلسطيني.
ولفت الغول إلى أن الحكومة الفلسطينية ستطلب من المجتمع المدني ولجنة حقوق الإنسان والأمم المتحدة عدم الاستماع إلى سلطة رام الله؛ باعتبارها سلطةً غير شرعية وغير دستورية, مبينًا أن هذه السلطة غير مؤتمنة على قضايا الشعب الفلسطيني وحقوقه.
وفي ختام كلمته ثمَّن الغول رفض المنظمات والمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية تأجيل "تقرير غولدستون"، داعيًا المنظمات والفصائل الفلسطينية إلى إعادة النظر في تعاملها مع سلطة رام الله بعد خيانتها لضحايا الحرب الصهيونية على غزة.