كنت متوجها للقاهرة ذات جمعه وأذنت لصلاة الجمعة وانا فى الطريق فتوجهت لأقرب مسجد وجدته وهو "مسجد منتجع السلمانية الأكثر من رائع" وجلست استمع لخطبة الجمعة ولحسن الحظ كان الخطيب شابا وسيما متمكنا استطاع ان يشد جمهور المصلين بعذب حديثه الهادئ بلا صراخ كعادة الكثير من خطباء الجمعة اليومين دول ولا أدرى لما؟؟
تحدث الخطيب عن هجرة النبى –صلى الله عليه وسلم- ولكن من زاوية جديدة تماما لم اعتادها..فقد تكلم عن الدور الإستخبارى للنبى –صلى الله عليه وسلم – ومن حوله وإعداده الجيد الدقيق لمسرح العمليات للهجرة وذلك قبل الحدث بشهور ولخص الخطيب ذلك الإعداد فى نقاط جميلة وبعد ان عدت للبيت أعدت وبلورت ما سمعته فكانت تلك المقالة:
أمر النبى – صلى الله عليه وسلم – جميع اصحابه بالهجرة للمدينة قبل هجرته إلا إثنين ابقاهما وهما أبى بكر الصديق وعلى بن ابى طالب رضوان الله عليهما أجمعين..أما الصديق فقد أبقاه النبى – صلى الله عليه وسلم – للصحبة فى الطريق..أما الإمام على فقد أبقاه لإعادة الأمانات لإهلها بعد هجرة النبى –صلى الله عليه وسلم.
أوكل للصديق مهمة إعداد وسائل الإنتقال المناسبة بشراء ناقتين والعناية بهما وإعدادهما للرحلة الشاقة التى سيقومان بها..ولم يختار فرسين لملائمة الجمال للرحلات الصحراوية الطويلة وعدم احتياجها للطعام او الشراب ايام كثيرة عكس الخيل.
درس مع الصديق طريق الرحلة وترك الطريق السهل الذى أعتادته قريش وإختار طريق البحر الأطول والأوعر للتموية والخداع الإستراتيجى.
كان الطريق الى يثرب شمالا فعمد للإتجاه الى الجنوب لمسافة 8 كيلومترا ليأخذ بعده طريق البحر الغير مألوف لقريش.
إختار غار ثورعلى ربوة عالية كموقع للأستخفاء حتى تهدأ قريش وتمل من البحث عنه.
إختار رجل ممن يجيدون تلك الضروب الصعبة وكان مشركا ليكون دليلا للرحلة مستغلا ذلك فى تكملة الخداع والتمويه وعدم الشك فيه..كما اوكل إليه إخفاء الجمال بعد الوصول لغار ثور.
أوكل لأسماء بنت ابى بكر –ذات النطاقين - الحامل فى شهورها الأخيرة مهمة الإمداد والتموين خلف خطوط العدو بحيث لايشك احد فى مظهرها.
أوكل لأبن ابى بكر مهمة الأستطلاع والمراقبة وجمع المعلومات الإستخباراتيه عن قريش ومايتحدثون فيه وابلاغها للنبى لتقييم الموقف ومستجداته.
خطط لساعة خروجه ليلا حتى لايلفت الأنظار إليه.وايضا لمكان إنطلاق الرحلة-من باب خلفى فى منزل الصديق.
إختار اول فدائى فى الإسلام –على بن ابى طالب- لينام فى فراشه كخداع استراتيجى وتمويه اخير وتعطيل تحرك العدو الفورى واكتساب اطول مدة زمنية حتى يصلوا للنقطة التالية من الخطة.
عمد لراعى اغنام لدى الصديق مهمة إخفاء آثار الناقتين وكان العرب مهرة فى تقفى الأثر.
عمد الى إجهاد قريش وتسبيط عزائمهم وتشتيت قواهم وقوتهم بأن امد طول زمن الرحلة من ثلاثة أيام الى أسبوع كنوع من الحرب النفسية.
عمد صلى الله عليه وسلم الى إلقاء الرهبة والخوف فى نفوس أعدائه وذلك بأن خرج من وسطهم دون ان يراه اى منهم بعد ان وضع على رأس كل فارس فيهم حفنة تراب كنوع آخر من الحرب النفسية لتطويق العدو معنويا وتشتيت تفكيره .. فقد كانوا يؤمنون بالسحر ويرهبون جانبه وكان النبى فى نظرهم ساحر رهيب يستطيع عمل الخوارق بسحره.
تلك هى الأمور والنقاط التى عمد المصطفى صلى الله عليه وسلم اليها فى رحلة الهجرة رغم انه كان يستطيع طلب العون من الله بالبراق مثلا الذى سبق وحمله الى القدس ثم عرج به الى السماء او بجبريل عليه السلام ليحمله هو وصاحبه على جناجيه ويطير الى يثرب فى غمضة عين..ولكن اختارالنبى –صلى الله عليه وسلم التخطيط وفنون الإستخبارات الراقية ثم المشقة فى تنفيذ ذلك التخطيط ليكون القدوة وليعلم من بعده المسلمين ألا يركن احد لخيلاء وضعه وقوته..فالحياة ألم يخفف عنها الأمل الذى يتحقق بالعمل حتى يوافي الإنسان الأجل فهكذا قال حكماء العرب.
اثبت النبى صلى الله عليه وسلم جدارته العسكرية بجانب جدارتة الدينية وقوة بيانه وصدق رسالته ولذا استحق ان يوضعه حتى ا لكافرين بما جاء به فى المرتبة الأولى فى سجل المائة الخالدين منذ آدم عليه السلام وحتى تقوم الساعة وللحديث بقية...
منقول للفائدة