منتدى الاماكن
منتدى الاماكن
منتدى الاماكن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الاماكن

منتدى الاماكن
 
الرئيسية8أحدث الصورالتسجيلدخول
مساحة للشاعر محمود درويش 1310 مساحة للشاعر محمود درويش 1411
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 84 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 84 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 112 بتاريخ الخميس 7 يوليو - 0:38:20
المواضيع الأخيرة
» 2020-10-29
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف الزعيم الجمعة 30 أكتوبر - 1:23:20

» طريق الحلقة 6
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف الزعيم الأربعاء 23 مايو - 15:51:29

» مسلسل الخاوة الجزء الثاني - الحلقة 6 Feuilleton El Khawa 2 - Épisode 6 I
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف الزعيم الأربعاء 23 مايو - 15:47:13

» سجل حضورك بذكر اسم من أسماء الله الحسنى سبحانه وتعالى
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف queen الثلاثاء 17 يونيو - 16:20:54

» عيد فطر سعيد
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف A-Prince الخميس 8 أغسطس - 13:22:54

» الــوفـــــــــــاء
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف faracha الإثنين 29 يوليو - 4:58:21

» موجز أنباء الشعـــــور...!!
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف queen الأربعاء 9 يناير - 16:26:15

» طول الأظافر "يخربش" الصحة!
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف عاشقة الجنة الأحد 9 ديسمبر - 11:38:46

» سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف Mira السبت 11 أغسطس - 17:38:45

» هل تعلمت من الحياة بهذه الصورة؟؟؟؟؟؟
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف Mira السبت 11 أغسطس - 17:25:18

» وصفة رمضانية
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف faracha الجمعة 3 أغسطس - 18:46:48

» بعض الصور من مدينة جيجل
مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1من طرف JiNa الثلاثاء 24 يوليو - 18:40:04

دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 0 وننتظر المزيد


 

 مساحة للشاعر محمود درويش

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الجمعة 18 يونيو - 12:52:11

مساحة للشاعر محمود درويش 577359


ان شاء الله ساحاول ان اضع بين ايديكم جميع قصائد امير شعراء العصر الحديث

حامل سلاح الكلمة في وجه الطغيان

الشاعر محمود درويش


محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة ابناء

وثلاث بنات ، ولد عام 1941 في قرية البروة ( قرية فلسطينية مدمرة ، يقوم مكانها

اليوم قرية احيهود ، تقع 12.5 كم شرق ساحل سهل عكا
) ،

وفي عام 1948 لجأ الى لبنان وهو في السابعة من عمره وبقي هناك عام واحد ، عاد

بعدها متسللا الى فلسطين وبقي في قرية دير الاسد (شمال بلدة مجد كروم في الجليل)

لفترة قصيرة استقر بعدها في قرية الجديدة (شمال غرب قريته الام -البروة-).

تعليمه:

اكمل تعليمه الابتدائي بعد عودته من لبنان في مدرسة دير

الاسد متخفيا ، فقد كان تخشى ان يتعرض للنفي من جديد اذا كشف امر تسلله ، وعاش تلك

الفترة محروما من الجنسية ، اما تعليمه الثانوي فتلقاه في قرية كفر ياسيف (2 كم شمالي الجديدة).

حياته:

انضم محمود درويش الى الحزب الشيوعي في اسرائيل ، وبعد

انهائه تعليمه الثانوي ، كانت حياته عبارة عن كتابة للشعر والمقالات في الجرائد

مثل "الاتحاد" والمجلات مثل "الجديد" التي اصبح فيما بعد مشرفا

على تحريرها ، وكلاهما تابعتان للحزب الشيوعي ، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر .

لم يسلم من مضايقات الاحتلال ، حيث اعتقل اكثر من مرّة

منذ العام 1961 بتهم تتعلق باقواله ونشاطاته السياسية ، حتى عام 1972 حيث نزح

الى مصر وانتقل بعدها الى لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة

التحرير الفلسطينية ، وقد استقال محمود درويش من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير

الحتجاجا على اتفاق اوسلو.

شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر

في مجلة الكرمل ، واقام في باريس قبل عودته الى وطنه حيث انه دخل الى اسرائيل بتصريح

لزيارة امه ، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض اعضاء الكنيست الاسرائيلي العرب واليهود

اقتراحا بالسماح له بالبقاء في وطنه ، وقد سمح له بذلك.

وفاته:

توفى الشاعر الفلسطيني محمود درويش في 09 / 08 / 2008 . يوم السبت

في احد مستشفيات تكساس في جنوب الولايات المتحدة الاميركية

وحصل محمود درويش على عدد من الجوائز منها:



 جائزة لوتس عام 1969.


 جائزة البحر المتوسط عام 1980.


 درع الثورة الفلسطينية عام 1981.


 لوحة اوروبا للشعر عام 1981.


 جائزة ابن سينا في الاتحاد السوفيتي عام 1982.


 جائزة لينين في الاتحاد السوفييتي عام 1983.


شعره:

يُعد محمود درويش شاعر المقاومة الفلسطينة ، ومر شعره بعدة مراحل .

بعض مؤلفاته:


 عصافير بلا اجنحة (شعر).


 اوراق الزيتون (شعر).


 عاشق من فلسطين (شعر).


 آخر الليل (شعر).


 مطر ناعم في خريف بعيد (شعر).


 يوميات الحزن العادي (خواطر وقصص).


 يوميات جرح فلسطيني (شعر).


 حبيبتي تنهض من نومها (شعر).


 محاولة رقم 7 (شعر).


 احبك أو لا احبك (شعر).


 مديح الظل العالي (شعر).


 هي اغنية ... هي اغنية (شعر).


 لا تعتذر عما فعلت (شعر).


 عرائس.


 العصافير تموت في الجليل.


 تلك صوتها وهذا انتحار العاشق.


 حصار لمدائح البحر (شعر).


 شيء عن الوطن (شعر).



 وداعا ايها الحرب وداعا ايها السلم (مقالات).




مساحة للشاعر محمود درويش Droesh-4b4b30e1b2224


عدل سابقا من قبل عبد الرحيم في الأحد 20 يونيو - 12:55:13 عدل 5 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الجمعة 18 يونيو - 12:54:24

مساحة للشاعر محمود درويش Darwish1



القصيدة الاولى

وعود من العاصفة
محمود درويش - فلسطين



وليكن

لا بدّ لي أن أرفض الموت

وأن أحرق دمع الأغنيات الراعفةْ

وأُعري شجر الزيتون من كل الغصون الزائفة

فإذا كنت أغني للفرح

خلف أجفان العيون الخائفة

فلأن العاصفة

وعدتني بنبيذ

وبأنخاب جديدة

وبأقواس قزح

ولأن العاصفة

كنّست صوت العصافير البليدة

والغصون المستعارة

عن جذوع الشجرات الواقفة

وليكن ...

لا بد لي أن أتباهى بك يا جرح المدينة

أنت يا لوحة برق في ليالينا الحزينة

يعبس الشارع في وجهي

فتحميني من الظل ونظرات الضغينة

سأغني للفرح

خلف أجفان العيون الخائفة

منذ هبّت في بلادي العاصفة

وعدتني بنبيذ وبأقواس قزح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الجمعة 18 يونيو - 13:01:08

مساحة للشاعر محمود درويش PYF-cfdf6769




القصيدة الثانية

قصيدة الأرض

محمود درويش - فلسطين

-1-

في شهر آذار، في سنة الإنتفاضة، قالت لنا الأرضُ أسرارها الدموية. في شهر آذار

مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بنات. وقفن على باب مدرسة إبتدائية، واشتعلن مع

الورد والزعتر البلديّ. افتتحن نشيد التراب. دخلن العناق النهائي – آذار يأتي إلى

الأرض من باطن الأرض يأتي، ومن رقصة الفتيات – البنفسج مال قليلاً ليعبر صوت

البنات. العصافيرُ مدّت مناقيرها في اتّجاه النشيد وقلبي.

أنا الأرض

والأرض أنت

خديجةُ! لا تغلقي الباب

لا تدخلي في الغياب

سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل

سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل

سنطردهم من هواء الجليل.

وفي شهر آذار، مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بناتٍ. سقطن على باب مدرسةٍ

إبتدائيةٍ. للطباشير فوق الأصابع لونُ العصافيرِ. في شهر آذار قالت لنا الأرض أسرارها.

-2-

أُسمّي الترابَ امتداداً لروحي

أُسمّي يديّ رصيفَ الجروح

أُسمّي الحصى أجنحة

أسمّي العصافير لوزاً وتين

وأستلّ من تينة الصدر غصناً

وأقذفهُ كالحجرْ

وأنسفُ دبّابةَ الفاتحين.

-3-

وفي شهر آذار، قبل ثلاثين عاما وخمس حروب،

وُلدتُ على كومة من حشيش القبور المضيء.

أبي كان في قبضة الإنجليز. وأمي تربّي جديلتها وامتدادي على العشب. كنت أحبّ

"جراح الحبيب" و أجمعها في جيوبي، فتذبلُ عند الظهيرة، مرّ الرصاص على

قمري الليلكي فلم ينكسر،

غير أنّ الزمان يمرّ على قمري الليلكي فيسقطُ سهواً...

وفي شهر آذار نمتدّ في الأرض

في شهر آذار تنتشرُ الأرض فينا

مواعيد غامضةً

واحتفالاً بسيطاً

ونكتشف البحر تحت النوافذ

والقمر الليلكي على السرو

في شهر آذار ندخلٌُ أوّل سجنٍ وندخلُ أوّل حبّ

وتنهمرُ الذكريات على قرية في السياج

وُلدنا هناك ولم نتجاوز ظلال السفرجل

كيف تفرّين من سُبُلي يا ظلال السفرجل؟

في شهر آذار ندخلُ أوّل حبٍّ

وندخلُ أوّل سجنٍ

وتنبلجُ الذكريات عشاءً من اللغة العربية:

قال لي الحبّ يوماً: دخلت إلى الحلم وحدي فضعتُ وضاع بي الحلم. قلت تكاثرْ!

تر النهر يمشي إليك.

وفي شهر آذار تكتشف الأرض أنهارها.

-4-

بلادي البعيدة عنّي.. كقلبي!

بلادي القريبة مني.. كسجني!

لماذا أغنّي

مكاناً، ووجهي مكانْ؟

لماذا أغنّي

لطفل ينامُ على الزعفران؟

وفي طرف النوم خنجر

وأُمي تناولني صدرها

وتموتُ أمامي

بنسمةِ عنبر؟



-5-

وفي شهر آذار تستيقظ الخيل

سيّدتي الأرض!

أيّ نشيدٍ سيمشي على بطنك المتموّج، بعدي؟

وأيّ نشيدٍ يلائم هذا الندى والبخور

كأنّ الهياكل تستفسرُ الآن عن أنبياء فلسطين في بدئها المتواصل

هذا اخضرار المدى واحمرار الحجارة-

هذا نشيدي

وهذا خروجُ المسيح من الجرح والريح

أخضر مثل النبات يغطّي مساميره وقيودي

وهذا نشيدي

وهذا صعودُ الفتى العربيّ إلى الحلم والقدس.

في شهر آذار تستيقظ الخيلُ.

سيّدتي الأرض!

والقمم اللّولبية تبسطها الخيلُ سجّادةً للصلاةِ السريعةِ

بين الرماح وبين دمي.

نصف دائرةٍ ترجعُ الخيلُ قوسا

ويلمعُ وجهي ووجهك حيفا وعُرسا

وفي شهر آذار ينخفضُ البحر عن أرضنا المستطيلة مثل

حصانٍ على وترِ الجنس

في شهر آذار ينتفضُ الجنسُ في شجر الساحل العربي

وللموج أن يحبس الموج ... أن يتموّج...أن

يتزوّج .. أو يتضرّح بالقطن

أرجوك – سيّدتي الأرض – أن تسكنيني صهيلك

أرجوك أن تدفنيني مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج والبندقية

أرجوك – سيدتي الأرض – أن تخصبي عمري المتمايل بين سؤالين: كيف؟ وأين؟

وهذا ربيعي الطليعي

وهذا ربيعي النهائيّ

في شهر آذار زوّجتُ الأرضُ أشجارها.

-6-

كأنّي أعود إلى ما مضى

كأنّي أسيرُ أمامي

وبين البلاط وبين الرضا

أعيدُ انسجامي

أنا ولد الكلمات البسيطة

وشهيدُ الخريطة

أنا زهرةُ المشمش العائلية.

فيا أيّها القابضون على طرف المستحيل

من البدء حتّى الجليل

أعيدوا إليّ يديّ

أعيدوا إليّ الهويّة!

-7-

وفي شهر آذار تأتي الظلال حريرية والغزاة بدون ظلال

وتأتي العصافير غامضةً كاعتراف البنات

وواضحة كالحقول

العصافير ظلّ الحقول على القلب والكلمات.

خديجة!

- أين حفيداتك الذاهباتُ إلى حبّهن الجديد؟

- ذهبن ليقطفن بعض الحجارة-

قالت خديجة وهي تحثّ الندى خلفهنّ.

وفي شهر آذار يمشي التراب دماً طازجاً في الظهيرة. خمس بناتٍ يخبّئن حقلاً من

القمح تحت الضفيرة. يقرأن مطلع أنشودةٍ على دوالي الخليل، ويكتبن خمس رسائل:

تحيا بلادي

من الصفر حتّى الجليل

ويحلمن بالقدس بعد امتحان الربيع وطرد الغزاة.

خديجةُ! لا تغلقي الباب خلفك

لا تذهبي في السحاب

ستمطر هذا النهار

ستمطرُ هذا النهار رصاصاً

ستمطرُ هذا النهار!
وفي شهر آذار، في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرض أسرارها الدّمويّة: خمسُ بناتٍ

على باب مدرسةٍ ابتدائية يقتحمن جنود المظلاّت. يسطعُ بيتٌ من الشعر أخضر... أخضر.

خمسُ بناتٍ على باب مدرسة إبتدائيّة ينكسرن مرايا مرايا

البناتُ مرايا البلاد على القلب..

في شهر آذار أحرقت الأرض أزهارها.

-8-

أنا شاهدُ المذبحة

وشهيد الخريطة

أنا ولد الكلماتُ البسيطة

رأيتُ الحصى أجنحة

رأيت الندى أسلحة

عندما أغلقوا باب قلبي عليّا

وأقاموا الحواجز فيّا

ومنع التجوّل

صار قلبي حارةْ

وضلوعي حجارةْ

وأطلّ القرنفل

وأطلّ القرنفل


-9-

وفي شهر آذار رائحةٌ للنباتات. هذا زواجُ العناصر. "آذار أقسى الشهور"

وأكثرها شبقاً. أيّ سيفٍ سيعبرُ بين شهيقي وبين زفيري ولا يتكسّرُ ! هذا عناقي

الزّراعيّ في ذروة الحب. هذا انطلاقي إلى العمر.

فاشتبكي يا نباتات واشتركي في انتفاضة جسمي، وعودة حلمي إلى جسدي

سوف تنفجرُ الأرضُ حين أُحقّقُ هذا الصراخ المكبّل بالريّ والخجل القرويّ.

وفي شهر آذار نأتي إلى هوس الذكريات، وتنمو علينا النباتات صاعدةً في اتّجاهات كلّ

البدايات. هذا نموُّ التداعي. أُسمّي صعودي إلى الزنزلخت التداعي. رأيت فتاةً على

شاطئ البحر قبل ثلاثين عاماً وقلتُ: أنا الموجُ، فابتعدت
ْ في التداعي. رأيتُ شهيدين يستمعان إلى البحر:

عكّا تجئ مع الموج.

عكّا تروح مع الموج. وابتعدا في التداعي.

ومالت خديجة نحو الندى، فاحترقت. خديجة! لا تغلقي الباب!

إن الشعوب ستدخلُ هذا الكتاب وتأفل شمسُ أريحا بدونِ طقوس.

فيا وطن الأنبياء...تكامل!

ويا وطن الزارعين .. تكاملْ!

ويا وطن الشهداء.. . تكامل!

ويا وطن الضائعين .. تكامل!

فكلّ شعاب الجبال امتدادٌ لهذا النشيد.

وكلّ الأناشيد فيك امتدادٌ لزيتونة زمّلتني.

-10-

مساءٌ صغيرٌ على قريةٍ مهملة

وعيناك نائمتان

أعودُ ثلاثين عاماً

وخمس حروبٍ

وأشهدُ أنّ الزمانْ

يخبّئ لي سنبلة

يغنّي المغنّي

عن النار والغرباء

وكان المساءُ مساء

وكان المغنّي يغنّي

ويستجوبونه:

لماذا تغنّي؟

يردّ عليهم:

لأنّي أغنّي .....

وقد فتّشوا صدرهُ

فلم يجدوا غير قلبه

وقد فتّشوا قلبه

فلم يجدوا غير شعبه

وقد فتشوا صوته

فلم يجدوا غير حزنه

وقد فتّشوا حزنه

فلم يجدوا غير سجنه

وقد فتّشوا سجنه

فلم يجدوا غيرهم في القيود

وراء التّلال

ينامُ المغنّي وحيداً

وفي شهر آذار

تصعدُ منه الظلال



-11-

أنا الأملُ والسهلُ والرحبُ – قالت لي الأرضُ والعشبُ مثل التحيّة في الفجر

هذا احتمالُ الذهاب إلى العمر خلف خديجة. لم يزرعوني لكي يحصدوني

يريد الهواء الجليليّ أن يتكلّم عنّي، فينعسُ عند خديجة

يريد الغزال الجليليّ أن يهدم اليوم سجني، فيحرسُ ظلّ خديجة وهي تميل على نارها.

يا خديجةُ! إنّي رأيتُ .. وصدّقتُ رؤياي تأخذني في مداها وتأخذني في هواها. أنا

العاشق الأبديّ، السجين البديهيّ. يقتبس البرتقالُ اخضراري ويصبحُ هاجسَ يافا

أنا الأرضُ منذ عرفت خديجة

لم يعرفوني لكي يقتلوني

بوسع النبات الجليليّ أن يترعرع بين أصابع كفّي ويرسم هذا المكان الموزّع بين

اجتهادي وحبّ خديجة

هذا احتمال الذهاب الجديد إلى العمر من شهر آذار حتّى رحيل الهواء عن الأرض

هذا الترابُ ترابي

وهذا السحابُ سحابي

وهذا جبين خديجة

أنا العاشقُ الأبديّ – السجينُ البديهيّ

رائحة الأرض توقظني في الصباح المبكّر..

قيدي الحديديّ يوقظها في المساء المبكّر

هذا احتمال الذهاب
ِ الجديد إلى العمر،

لا يسأل الذاهبون إلى العمر عن عمرهم

يسألون عن الأرض: هل نهضت

طفلتي الأرض!

هل عرفوك لكي يذبحوك؟

وهل قيّدوك بأحلامنا فانحدرت إلى جرحنا في الشتاء؟

وهل عرفوك لكي يذبحوك

وهل قيّدوك بأحلامهم فارتفعت إلى حلمنا في الربيع؟

أنا الأرض..

يا أيّها الذاهبون إلى حبّة القمح في مهدها

احرثوا جسدي!

أيّها الذاهبون إلى صخرة القدس

مرّوا على جسدي

أيّها العابرون على جسدي

لن تمرّوا

أنا الأرضُ في جسدٍ

لن تمرّوا

أنا الأرض في صحوها

لن تمرّوا

أنا الأرض. يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها

لن تمرّوا

لن تمرّوا

لن تمرّوا!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الجمعة 18 يونيو - 13:10:42

مساحة للشاعر محمود درويش Darwesh




القصيدة الثالثة

أربعة عناوين شخصية

محمود درويش - فلسطين


1 - متر مربع في السجن

هو البابُ، ما خلفه جنَّةُ القلب. أشياؤنا

- كُلُّ شيء لنا - تتماهى. وبابٌ هو الباب،

بابُ الكنايةِ، باب الحكاية. بابٌ يُهذِّب أيلولَ.

بابٌ يعيد الحقولَ إلى أوَّل القمحِ.

لا بابَ للبابِ لكنني أستطيع الدخول إلى خارجي

عاشقًا ما أراهُ وما لا أراهُ

أفي الأرض هذا الدلالُ وهذا الجمالُ ولا بابَ للبابِ؟

زنزانتي لا تضيء سوى داخلي..

وسلامٌ عليَّ، سلامٌ على حائط الصوتِ

ألَّفْتُ عشرَ قصائدَ في مدْح حريتي ههنا أو هناك

أُحبُّ فُتاتَ السماءِ التي تتسلل من كُوَّة السجن مترًا من الضوء تسبح فيه الخيول،

وأشياءَ أمِّي الصغيرة..

رائحةَ البُنِّ في ثوبها حين تفتح باب النهار لسرب الدجاجِ

أُحبُّ الطبيعةَ بين الخريفِ وبين الشتاءِ

وأبناءَ سجَّانِنا، والمجلاَّت فوق الرصيف البعيدِ

وألَّفْتُ عشرين أُغنيةً في هجاء المكان الذي لا مكان لنا فيهِ

حُرّيتي: أن أكونَ كما لا يريدون لي أن أكونَ

وحريتي: أنْ أوسِّع زنزانتي: أن أُواصل أغنيةَ البابِ

بابٌ هو البابُ: لا بابَ للبابِ

لكنني أستطيع الخروج إلى داخلي، إلخ.. إلخ..

2- مقعدٌ في قطار

مناديلُ ليست لنا

عاشقاتُ الثواني الأخيرةِ

ضوءُ المحطة

وردٌ يُضَلِّل قلبًا يُفَتِّش عن معطفٍ للحنانِ

دموعٌ تخونُ الرصيفَ. أساطيرُ ليست لنا

من هنا سافروا، هل لنا من هناك لنفرحَ عند الوصول؟

زنابقُ ليست لنا كي نُقَبِّل خط الحديد

نسافر بحثًا عن الصِّفْر

لكننا لا نحبُّ القطارات حين تكون المحطات منفى جديدًا

مصابيحُ ليستْ لنا كي نرى حُبَّنا واقفًا في انتظار الدخانِ

قطارٌ سريعٌ يَقُصُّ البحيراتِ

في كُل جيبٍ مفاتيحُ بيتٍ وصورةُ عائلةٍ

كُلُّ أهلِ القطارِ يعودون للأهلِ، لكننا لا نعودُ إلى أي بيتٍ

نسافرُ بحثًا عن الصفرْ كي نستعيد صواب الفراش

نوافذُ ليستْ لنا، والسلامُ علينا بكُلِّ اللغات

تُرى، كانت الأرضُ أوضحَ حين ركبنا الخيولَ القديمةَ؟

أين الخيول، وأين عذارى الأغاني، وأين أغاني الطبيعة فينا؟

بعيدٌ أنا عن بعيديَ

ما أبعد الحبّ! تصطادنا الفتياتُ السريعاتُ مثل لصوصِ البضائعِ

ننسى العناوين فوقَ زجاج القطاراتِ

نحن الذين نحبُّ لعشر دقائقَ لا نستطيع الرجوعَ إلى أي بيتٍ دخلناه

لا نستطيع عبور الصدى مرتين


3 - حجرة العناية الفائقة

تدورُ بيَ الريحُ حين تضيقُ بيَ الأرضُ

لا بُدَّ لي أن أطيرَ وأن ألجُمَ الريحَ

لكنني آدميٌّ.. شعرتُ بمليون نايٍ يُمَزِّقُ صدري

تصبَّبْتُ ثلجًا وشاهدتُ قبري على راحتيَّ

تبعثرتُ فوق السرير

تقيَّأت

غبتُ قليلاً عن الوعي

متُّ

وصحتُ قبيل الوفاة القصيرةِ
:

إني أحبُّكِ، هل أدخل الموت من قدميكِ؟

ومتُّ.. ومتُّ تمامًا

فما أهدأ الموت لولا بكاؤك

ما أهدأ الموتَ لولا يداكِ اللتان تدقّان صدري لأرجع من حيث متُّ

أحبك قبل الوفاةِ، وبعد الوفاةِ

وبينهما لم أُشاهد سوى وجه أمي

هو القلب ضلَّ قليلاً وعادَ، سألتُ الحبيبة
:

في أيِّ قلبٍ أُصبتُ
؟ فمالتْ عليه وغطَّتْ سؤإلى بدمعتها

أيها القلب.. يا أيها القلبُ كيف كذبت عليَّ وأوقعتني عن صهيلي؟

لدينا كثير من الوقت، يا قلب، فاصمُدْ

ليأتيك من أرض بلقيس هدهدْ

بعثنا الرسائل

قطعنا ثلاثين بحرًا وستين ساحلْ

وما زال في العمر وقتٌ لنشرُد

ويا أيها القلب، كيف كذبتَ على فرسٍ لا تملُّ الرياحَ

تمهَّل لنكملَ هذا العناقَ الأخيرَ ونسجُدْ

:تمهَّل.. تمهَّلْ لأعرفَ إن كنتَ قلبي أم صوتَها وهي تصرخ

خُذني

4 - غرفة في فندق

سلامٌ على الحب يوم يجيءُ

ويوم يموتُ، ويومَ يُغَيِّرُ أصحابَهُ في الفنادِقِ

هل يخسرُ الحبُّ شيئًا? سنشربُ قهوتنا في مساءِ الحديقةِ

نروي أحاديثَ غربتنا في العشاءِ

ونمضي إلى حجْرةٍ كي نتابع بحث الغريبين عن ليلةٍ من حنانٍ، إلخ.. إلخ..

سننسى بقايا كلام على المقعدين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأحد 20 يونيو - 1:37:17

مساحة للشاعر محمود درويش Kazhre-d983d8b2d987d8b1-d8a7d984d984d988d8b2-d8a3d988-d8a3d8a8d8b9d8af



القصيدة الرابعة

ريتا

محمود درويش - فلسطين



بين ريتا وعيوني
... بندقية

والذي يعرف ريتا، ينحني

ويصلي

لإله في العيون العسلية

...
وأنا قبَّلت ريتا

عندما كانت صغيرة

وأنا أذكر كيف التصقت

بي
، وغطت ساعدي أحلى ضفيرة

وأنا أذكر ريتا

مثلما يذكر عصفورٌ غديره

آه
... ريتا

بينما مليون عصفور وصورة

ومواعيد كثيرة

أطلقت ناراً عليها
... بندقية

اسم ريتا كان عيداً في فمي

جسم ريتا كان عرساً في دمي

وأنا ضعت بريتا
... سنتين

وهي نامت فوق زندي سنتين

وتعاهدنا على أجمل كأس
، واحترقنا

في نبيذ الشفتين

وولدنا مرتين

آه
... ريتا

أي شيء ردَّ عن عينيك عينيَّ

سوى إغفاءتين

وغيوم عسلية

!قبل هذي البندقية

كان يا ما كان

يا صمت العشيّة

قمري هاجر في الصبح بعيداً

في العيون العسلية

والمدينة

كنست كل المغنين، وريتا

بين ريتا وعيوني
... بندقية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأحد 20 يونيو - 1:42:19

مساحة للشاعر محمود درويش 18-08-2008_709493666


القصيدة الخامسة


هكذا قالت الشجرة المهملة

محمود درويش - فلسطين


خارج الطقس ،

أو داخل الغابة الواسعة

وطني.

هل تحسّ العصافير أنّي لها

وطن ... أو سفر ؟

إنّني أنتظر ...

في خريف الغصون القصير

أو ربيع الجذور الطويل

زمني.

هل تحسّ الغزالة أنّي

لها

جسد ... أو ثمر ؟

إنّني أنتظر ...

في المساء الذي يتنزّه بين العيون

أزرقا ، أخضرا ، أو ذهب

بدني

هل يحسّ المحبّون أنّي

لهم

شرفة ... أو قمر ؟

إنّني أنتظر ...

في الجفاف الذي يكسر الريح

هل يعرف الفقراء

أنّني

منبع الريح ؟ هل يشعرون بأنّي

لهم

خنجر ... أو مطر ؟

أنّني أنتظر ...

خارج الطقس ،

أو داخل الغابة الواسعة

كان يهملني من أحب

و لكنّني

لن أودّع أغصاني الضائعة

في رخام الشجر

إنّني أنتظر ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأحد 20 يونيو - 1:47:45

مساحة للشاعر محمود درويش Palestine_2019722743


القصيدة السادسة

الجسر

محمود درويش - فلسطين



الجسر

مشيًا على الأقدام

أو زحفًا على الأيدي، نعودُ

قالوا ..

وكان الصخر يضمر

والمساء يدًا تقودُ ..

لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق

دم، ومصيدة، وبِيدُ

كل القوافل قبلهم غاصت،

وكان النهر يبصق ضفّتيه

قطعاً من اللحم المفتت

في وجوه العائدين

كانوا ثلاثة عائدين

شيخ، وابنته، وجندي قديم

يقفون عند الجسر ..

كان الجسر نعسانًا، وكان الليل قبعة، وبعد دقائق يصلون

هل في البيت ماء ؟ وتحسَّس المِفتاح ثم تلا من القرآن آية

قال الشيخ منتعشًا: وكم من منزل في الأرض يألفه الفتى

قالت: ولكنّ المنازل يا أبي أطلال


فأجاب: تبنيها يدان ..

ولم يُتمَّ حديثه، إذ صاح صوت في الطريق: تعالَوْا

وتلته طقطقة البنادق ..

لن يمر العائدون

حرس الحدود مرابط،

يحمي الحدود من الحنين

أمر بإطلاق الرصاص على الذي يجتاز هذا )

الجسر، هذا الجسر مقصلة الذي رفض التسول

تحت ظل وكالة الغوث الجديدة. والموت بالمجان

تحت الذل والأمطار، من يرفضه يُقتل عند

هذا الجسر، من الجسر مقصلة الذي ما زال يحلم بالوطن )

الطلقة الأولى أزاحت عن جبين الليل

قبعة الظلام

والطلقة الأخرى ..

أصابت قلب جندي قديم ..

والشيخ يأخذ كفَّ ابنته ويتلو

همسًا من القرآن سورة

وبلهجة كالحلم قال، وعينه عند النجوم

ـ عينا حبيبتي الصغيرة،

ليَ يا جنود، ووجهها القمحي لي

والفستقُ الحلبي في فمها

وطلعتها الأميرة، والضفيرة

ليَ يا جنود

ليَ كلها، هذي حبيبتي الأخيرة

قَدِمُوا إليه .. مقهقهين

ـ لا تقتلوها.. اقتلوني

اقتلوا غدها، وخلوها بدوني

وخذوا فداها،

كلَّ الحديقة، والنقود،

وكل أكياس الطحين

وإذا أردتم، فاقتلوني

كانت مياه النهر أغزر .. فالذين رفضوا )

هناك الموت بالمجان أعطوا النهر لونًا آخر

والجسر، حين يصير تمثالاً، سيُصبغ - دون

(ريب - بالظهيرة والدماء وخضرة الموت المفاجئ

.. وبرغم أن القتل كالتدخين..

لكنَّ الجنود الطيبين،

الطالعين على فهارس دفترٍ ..

قذفته أمعاء السنين،

لم يقتلوا الإثنين ..

كان الشيخ يسقط في مياه النهر ..

والبنت التي صارت يتيمة

كانت ممزقة الثياب،

وطار عطر الياسمين

عن صدرها العاري الذي

ملأته رائحة الجريمة

والصمت خيَّم مرة أخرى،

وعاد النهر يَبصق ضفّتيه

قطعاً من اللحم المفتت

.. في وجوه العائدين

لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق

دم، ومصيدة، ولم يعرف أحد

شيئاً عن النهر الذي

يمتص لحم النازحين

الجسر مِقصلة لمن عادوا لمنزلهم، وأن الصمت مِقصلة )

الضمير. هل يسمع الكتاب،

تحت القبعات، حرير نهر من دم، أم يرقصون

الآن في نادي العراة كأن شيئًا لم يكن،

(ومغنيات الحب - كالجنرال - يشغلهن نخب الانتصار -؟

لكنَّ صوتًا، فرَّ من ليل الجريمة

طاف في كل الزوابع

ورَوَتْه أجنحة الرياح

:لكل نافذة، ومذياع، وشارع

عينا حبيبتي الصغيرة "

ليَ، يا جنود، ووجهها القمحي لي

الفستقُ الحلبيُّ في فمها

وطلعتها الأميرة، والضفيرة

"لا تقتلوها .. واقتلوني

وأُضيف في ذيل الخبر
:

كل الذين كتبوا عن الدم والجريمة:

في هوامش دفتر التاريخ، قالوا

ومن الحماقة أن يظن المعتدون،

المرتدون ثياب شاه،

أنهم قتلوا الحنين

أما الفتاة، فسوف تكسو صدرها العاري

وتعرف كيف تزرع ياسمين

أما أبوها الشَّهْم، فالزيتون لن يصفرَّ من دمه،

*ولن يبقى حزين

ومن الجدير بأن يسجل:

*أن للمرحوم تاريخًا، وأنَّ له بنين

الجسر يكبر كل يوم كالطريق، وهجرة )

الدم في مياه النهر تنحت من حصى الوادي

تماثيلاً لها لون النجوم، ولسعة الذكرى،

(وطعم الحب حين يكون أكثر من عبادة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأحد 20 يونيو - 12:35:57

مساحة للشاعر محمود درويش Daily1.489211


القصيدة السابعة

عن الصمود

محمود درويش - فلسطين



لو يذكر الزيتون غارسهُ

لصار الزيت دمعا!

يا حكمة الأجدادِ

لو من لحمنا نعطيك درعا!

لكن سهل الريح،

لا يعطي عبيد الريح زرعا!

إنا سنقلع بالرموشِ

الشوك والأحزان.. قلعا!

وإلام نحمل عارنا وصليبنا!

والكون يسعى..

سنظل في الزيتون خضرته،

وحول الأرض درعا!!

ـ2ـ

إنا نحب الورد،

لكنا نحب القمح أكثرْ

ونحب عطر الورد،

لكن السنابل منه أطهرْ

بالصدر المسمر

هاتوا السياج من الصدور..

من الصدور ؛ فكيف يكسرْ؟؟

اقبض على عنق السنابلِ

مثلما عانقت خنجرْ!

الأرض ، والفلاح ، والإصرار،

قال لي كيف تقهر..

هذي الأقاليم الثلاثة،

كيف تقهر؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأحد 20 يونيو - 12:39:09

مساحة للشاعر محمود درويش Mahmodarw


القصيدة الثامنة


الآن ... في المنفي
محمود درويش - فلسطين



الآن... في المنفي.. نَعَمْ في البيتِ،

في السٌِتينَ من عمْر سريع


يوقدون الشَّمْعَ لَكْ


فافرَحْ، بأقصي ما استطعتَ من الهدوء،

لأنَّ موتا طائشا ضَلَّ الطريقَ إليك


من فرط الزحام... وأَجَّلكْ


قَمَر فضوليّ علي الأطلال،

يضحك كالغبيٌ


فلا تصدٌِقْ أنه يدنو لكي يستقبلَكْ


هوَ، في وظيفته القديمةِ، مثل آذارَ


الجديدِ... أَعادَ للأشجار أَسماءَ الحنينِ
وأَهمَلكْ.

فلتحتفلْ مع أَصدقائكَ بانكسار الكأس.

في الستين لن تَجِدَ الغَدَ الباقي


لتحملَه علي كَتِفِ النشيد... ويحملَكْ


قلْ للحياةِ، كما يليق بشاعر متمرٌِسِ:

سِيري ببطء كالإناث الواثقات بسحرهنَّ


وكيدهنَّ. لكلٌِ واحدةِ نداء ما خفيّ


هَيْتَ لَكْ/ ما أَجملَكْ
!

سيري ببطء، يا حياة، لكي أَراك

بِكامل النقْصَان حولي. كم نسيتكِ في


خضمٌِكِ باحثا عنٌِي وعنكِ. وكلَّما أدركت


سرٌا منك قلت بقسوة: ما أَجهلَكْ
!

قل للغياب: نَقَصْتَني

وأَنا حضرت... لأكملكْ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأحد 20 يونيو - 12:42:11

مساحة للشاعر محمود درويش 1_829364_1_34


القصيدة التاسعة

بـطـاقـة هـويـة

محمود درويش - فلسطين


سجِّل

أنا عربي

ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ

وأطفالي ثمانيةٌ

وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ!

فهلْ تغضبْ؟

سجِّلْ


أنا عربي

وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ

وأطفالي ثمانيةٌ

أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ،

والأثوابَ والدفترْ

من الصخرِ

ولا أتوسَّلُ الصدقاتِ من بابِكْ

ولا أصغرْ

أمامَ بلاطِ أعتابكْ

فهل تغضب؟

سجل

أنا عربي

أنا إسمٌ بلا لقبِ

صبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها

يعيشُ بفورةِ الغضبِ جذوري

قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ

وقبلَ تفتّحِ الحقبِ

وقبلَ السّروِ والزيتونِ

.. وقبلَ ترعرعِ العشبِ

أبي.. من أسرةِ المحراثِ

لا من سادةٍ نجبِ

وجدّي كانَ فلاحاً

بلا حسبٍ.. ولا نسبِ!

يعلّمني شموخَ الشمسِ قبلَ قراءةِ الكتبِ

وبيتي كوخُ ناطورٍ

منَ الأعوادِ والقصبِ

فهل ترضيكَ منزلتي؟

أنا إسمٌ بلا لقبِ

سجل
ْ

أنا عربي

ولونُ الشعرِ.. فحميٌّ

ولونُ العينِ.. بنيٌّ

وميزاتي:

على رأسي عقالٌ فوقَ كوفيّه

وكفّي صلبةٌ كالصخرِ

تخمشُ من يلامسَها

وعنواني:

أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ

شوارعُها بلا أسماء

وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ

فهل تغضبْ؟

سجِّل!

أنا عربي

سلبتَ كرومَ أجدادي

وأرضاً كنتُ أفلحُها

أنا وجميعُ أولادي

ولم تتركْ لنا.. ولكلِّ أحفادي

سوى هذي الصخورِ

فهل ستأخذُها

حكومتكمْ.. كما قيلا؟

إذن
ْ سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى

أنا لا أكرهُ الناسَ

ولا أسطو على أحدٍ

ولكنّي.. إذا ما جعتُ

آكلُ لحمَ مغتصبي

حذارِ.. حذارِ.. من جوعي

ومن غضبي!!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
مـــى
نائبة المدير
نائبة المدير
مـــى


مخربها
انثى
عدد المساهمات : 11237
تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمر : 33
الموقع : من بلادى (مصر)
المزاج : كلون تراب ارضـــى

بطاقة الشخصية
الوطن: مصر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأحد 20 يونيو - 23:10:43

اللــــــــــــــــــــــــــة يبارك فيــــــــــــــــــــــك اخى كريم على تلك المساحة الغالية لهذا الشاعر المجاهد
شاعر صوت الحق

جزاك الله خير اخى
وشكراااااا جزيلا على مجهودك وبالتاكيد موضوع يستحق التثبيت

بالتوفيـــــــــــــق اخى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الإثنين 21 يونيو - 2:14:24

مساحة للشاعر محمود درويش Mahmoud_darwish


القصيدة العاشرة

أنا يوسف يا أبي

محمود درويش - فلسطين



أَنا يوسفٌ يا أَبي.

يا أَبي، إخوتي لا يحبُّونني،

لا يريدونني بينهم يا أَبي.

يَعتدُون عليَّ ويرمُونني بالحصى والكلامِ

يرِيدونني أَن أَموت لكي يمدحُوني

وهم أَوصدُوا باب بيتك دوني

وهم طردوني من الحقلِ

هم سمَّمُوا عنبي يا أَبي

وهم حطَّمُوا لُعبي يا أَبي

حين مرَّ النَّسيمُ ولاعب شعرِي

غاروا وثارُوا عليَّ وثاروا عليك،

فماذا صنعتُ لهم يا أَبي
؟

الفراشات حطَّتْ على كتفيَّ،

ومالت عليَّ السَّنابلُ،

والطَّيْرُ حطَّتْ على راحتيَّ

فماذا فعَلْتُ أَنا يا أَبي،

ولماذا أَنا?

أَنتَ سمَّيتني يُوسُفًا،

وهُمُو أَوقعُونيَ في الجُبِّ، واتَّهموا الذِّئب;

والذِّئبُ أَرحمُ من إخوتي..

أبتي! هل جنَيْتُ على أَحد عندما قُلْتُ إنِّي:

رأَيتُ أَحدَ عشرَ كوكبًا، والشَّمس والقمرَ، رأيتُهُم لي ساجدين؟


عدل سابقا من قبل عبد الرحيم في الإثنين 21 يونيو - 2:33:02 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الإثنين 21 يونيو - 2:19:36

مساحة للشاعر محمود درويش Darwish







القصيدة الحادية عشر





ضباب كثيف علي الجسر


محمود درويش - فلسطين





قال لي صاحبي، والضباب كثيف
علي الجسر:
هل يعْرَف الشيء من ضدِّهِ؟
قلت: في الفجر يتَّضح الأمر
قال: وليس هنالك وقت أَشدُّ
التباسا من الفجر،
فاترك خيالك للنهر/
في زرقة الفجر يعْدَم في
باحة السجن، أو قرب حرش الصنوبر
شابٌ تفاءل بالنصر/
في زرقة الفجر ترسم رائحة الخبز
خارطة للحياة ربيعيَّة الصيف/
في زرقة الفجر يستيقظ الحالمون
خفافا ويمشون في ماء أَحلامهم
مرحين
إلي أَين يأخذنا الفجر، والفجر
جِسْر، إلي أَين يأخذنا؟
قال لي صاحبي: لا أريد مكانا
لأدفَنَ فيه. أريد مكانا لأَحيا،
وأَلعنَه إن أردت.
فقلت له والمكان يمرّ كإيماءة
بيننا: ما المكان؟
فقال: عثور الحواس على موطيء
للبديهة،
ثم تنهد:

يا شارعا ضيقا كان يحملني
في المساء الفسيح إلي بيتها
في ضواحي السكينةْ
أَما زلت تحفظ قلبيَ
عن ظهر قلب،
وتنسي دخان المدينةِ؟

قلت له: لا تراهن علي الواقعيِّ
فلن تجد الشيء حيا كصورته في
انتظارك....
إنَّ الزمان يدجِّنُ حتي الجبال
فتصبح أَعلي، وتصبح أوطأ مما عرفت.
إلي أَين يأخذنا الجسر؟
قال: وهل كان هذا الطريق
طويلا إلي الجسرِ؟
قلت: وهل كان هذا الضباب
كثيفا علي دَرَج الفجرِ؟
كم سنة كنْتَ تشبهني؟
قال: كم سَنَة كنْتَ أَنتَ أَنا؟
قلت: لا أَتذكَّر
قال: ولا أتذكر أني تذكرت
غير الطريق

وغنَّي:
علي الجسر، في بلد آخر
يعلن الساكسفون انتهاءَ الشتاء
علي الجسر يعترف الغرباء
بأخطائهم، عندما لا يشاركهم
أَحَد في الغناء

وقلت له: منذ كم سنة نَسْتَحِثّ
الحمامة: طيري إلي سدرة المنتهي،
تحت شباكنا، يا حمامة طيريَ طيري
فقال: كأني نسيت شعوري
وقال: وعما قليل نقلِّدُ أَصواتنا
حين كنا صغيرين. نلثغ بالسين واللام.
نغفو كزوجي يمام علي كرمة ترتدي
البيت. عما قليل تطلُّ علينا الحياة
بديهيَّة. فالجبال علي حالها، خلف
صورتها في مخيلتي. والسماء القديمة
صافية اللون والذهن، إن لم
يختِّي الخيال، تظلّ علي حالها
مثل صورتها في مخيٌلتي، والهواء
الشهيّ النقيُّ البهيُّ يظل علي
حاله في انتظاري.. يظلّ علي حاله.

قلت: يا صاحبي، أَفرَغتني الطريق
الطويلة من جسدي. لا أحس بصلصاله.
لا أحسّ بأحواله. كلما سرت طرت.
خطايَ رؤاي. وأَما 'أنا' ي، فقد
لَوَّحَتْ من بعيد

'
إذا كان دربكَ هذا
طويلا
فلي عملٌ في الأساطير'

أَيدي إلهيَّة دَرَّبتنا علي حفر أسمائنا
في فهارس صفصافة. لم نكنِ واضحين
ولا غامضين. ولكنَّ أسلوبنا في
عبور الشوارع من زمنِ نحو آخرَ
كان يثير التساؤل: مَنْ هؤلاءِ
الذين إذا شاهدوا نخلة وقفوا
صامتين، وخرّوا علي ظلِّها ساجدين؟
ومن هؤلاء الذين إذا ضحكوا أزعجوا
الآخرين؟

علي الجسر، في بلد آخر، قال لي
يعْرَف الغرباء من النَّظَر المتقطّع
في الماء،

أو يعْرَفون من الانطواء وتأتأة المشي.
فابن البلاد يسير إلي هدف واضحِ
مستقيمَ الخطي. والغريب يدور علي
نفسه حائرا

قال لي: كلّ جسري لقاء... علي
الجسر أدخل في خارجي، وأسلم
قلبي إلي نَحْلَة أو سنونوَّة
قلت: ليس تماما. علي الجسر أمشي
إلي داخلي، وأروِّضُ نفسي علي
الانتباه إلي أمرها. كلّ جسري فصام،
فلا أنت أنت كما كنت قبل قليل،
ولا الكائنات هي الذكريات

أنا اثنان في واحد
أم أنا
واحد يتشظي إلي اثنين
يا جسْر يا جسر
أيُّ الشَّتِيتَيْنِ منا أَنا؟

مشينا علي الجسر عشرين عاما
مشينا علي الجسر عشرين مترا
ذهابا إيابا،

وقلت: ولم يبقَ إلا القليل
وقال: ولم يبقَ إلا القليل
وقلنا معا، وعلي حدة، حالمين:

سأمشي خفيفا، خطَايَ علي الريحِ
قوس تدغدغ أرضَ الكمان
سأسمع نبض دمي في الحصي
وعروق المكان

سأسند رأسي إلي جذع خَرّوبة،
هي أمِّي ، ولو أنْكَرَتْني
سأغفو قليلا، ويحملني طائران صغيران
أعلي وأعلي... إلي نجمة شرَّدتني

سأوقظ روحي علي وَجَع سابق
قادم، كالرسالة، من شرفة الذاكرةْ
سأهتف: مازلت حيًّا، لأنيَ
أَشعر بالسهم يخترق الخاصرةْ

سأنظر نحو اليمين، إلي جهة الياسمين
هناك تعلَّمْت أول أغاني الجسدْ
سأنظر نحو اليسار، إلي جهة البحر
حيث تعلَّمت صَيْدَ الزَّبَدْ

سأكذب مثل المراهق: هذا الحليب
علي بنطلوني ثمَاَلة حلْمِ تحرَّش
بي... وانتهي

سأنكر أني أقلِّد قيلولة الشاعر
الجاهليِّ الطويلةَ بين عيون المها

سأشرب من حَنَفيَّة ماء الحديقة حفنةَ
ماء. وأَعطش كالماء شوقا إلي نفسِهِ
سأسأل أوَّل عابر درب: أَشاهدتَ
شخصا علي هيئة الطيف، مثلي، يفتِّش
عن أَمسِه؟

سأحمل بيتي علي كتفيَّ... وأَمشي
كما تفعل السلحفاة البطيئةْ
سأصطاد نسرا بمكنسة، ثم أسأل:
أَين الخطيئة؟

سأبحث في الميثولوجيا وفي الأركيولوجيا
وفي كل جيم عن اسمي القديم
ستنحاز إحدي إِلهات كَنْعَانَ لي، ثمَّ
تحلف بالبرق: هذا هو ابني اليتيم

سأثني علي امرأة أنجبتْ طفلة ً
في الأنابيب. لكنها لا تمتّ إليها
بأيِّ شَبَهْ

سأبكي علي رجل مات حين انتَبهْ

سآخذ سطر المعرِّيَ ثم أعدِّلهُ:
جَسَدي خرقَة من تراب، فيا خائطَ
الكون خِطْني!
سأكتب: يا خالقَ الموت، دعني
قليلا... وشأني!

سأوقظ موتايَ: نحن سواسية أيها
النائمون، أما زلتموا مثلنا تحلمون
بيوم القيامةْ؟
سأجمع ما بعثرته الرياح من الغَزَل
القرْطبيِّ ، وأكمل طَوْقَ
الحمامةْ


سأختار من ذكرياتي الحميماتِ
وَصْفَ الملائم: رائحة الشرشف
المتجعِّد

بعد الجِماع كرائحة العشب بعد المطرْ
سأشهد كيف سيخضرّ وجه الحجرْ

سيلسعني وَرْد آذارَ، حيث ولدت
لأوٌل مَرٌةْ
ستحمل بي زهرة الجلَّنار، وأولَد منها
لآخر مَرَّةْ!

سأَنأي عن الأمس، حين أعيد
له إرثه: الذاكرةْ
سأدنو من الغد حين أطارد قبَّرة ًماكرةْ
سأعلم أَني تأخَّرْت عن موعدي

وسأعرف أنَّ غدي
مَرَّ، مَرَّ السحابةِ، منذ قليل،
ولم ينتظرني
سأعلم أن السماء ستمطر بعد قليل
عليَّ
وأنٌي
أَسير علي الجسر

هل نطأ الآن أرض الحكاية؟ قد
لا تكون كما نتخيَّل 'لا هي سَمْن
ولا عَسَل' والسماء رمادَّية اللون.
والفجر ما زال أزرقَ ملتبسا.ما
هو الزمن الآن؟ جسر يطول
ويقصر.. فجر يطول ويمكر. ما
الزمن الآن؟

تغفو البلاد القديمة خلف قلاع
سياحيّةٍ. والزمان يهاجر في نجمة
أَحرقت فارسا عاطفيا. فيا أيها
النائمون علي إبر الذكريات! أَلا
تشعرون بصوت الزلازل في حافر الظبي؟

قلت له: هل أَصابتك حمَّي؟
فتابع كابوسه: أَيها النائمون! ألا
تسمعون هسيس القيامة في حبة الرمل؟
قلت له: هل تكلمني؟ أم تكلِّم نفسك؟
قال: وصلت إلي آخر الحلم...
شاهدت نفسي عجوزا هناك،
وشاهدت قلبي يطارد كلبي هناك
وينبح... شاهدت غرفةَ نومي
تقَهْقِه: هل أَنتَ حيٌ؟ تعال
لأحمل عنك الهواء وعكازك الخشبيَّ
المرصَّع بالصدف المغربيِّ!! فكيف
أعيد البداية، يا صاحبي، من أَنا؟
من أنا دون حلْم ورفقة أنثي؟

فقلت: نزور فتات الحياة، الحياة
كما هي، ولنتدرَّبْ علي حبِّ أشياء
كانت لنا، وعلي حبِّ أشياء ليست
لنا... ولنا إن نظرنا إليها معا من علي
كسقوط الثلوج علي جَبَلي
قد تكون الجبال علي حالها
والحقول علي حالها
والحياة بديهية ومشاعا،
فهل ندخل الآن أرض الحكاية يا صاحبي؟
قال لي: لا أريد مكانا لأدفن فيه
أريد مكانا لأحيا، وألعنه لو أردت...

وحملق في الجسر: هذا هو الباب.
باب الحقيقة لا نستطيع الدخول ولا
نستطيع الخروج
ولا يعْرَف الشيء من شدِّهِ
أَلممرات مغْلَقَة
والسماء رماديَّة الوجه ضدَّه

ويد الفجر ترفع سروال جنديٌةِ
عاليا عاليا...

وبقينا علي الجسر عشرين عاما
أكلنا الطعام المعلّب عشرين عاما
لبسنا ثياب الفصول،
استمعنا إلي الأغنيات الجديدة،
جيدة الصنع،
من ثكنات الجنود
تزوَّج أولادنا بأميرات منفي
وغيَّرن أسماءهم،
وتركنا مصائرنا لهواة الخسائر
في السينما.
وقرأنا علي الرمل آثارنا
لم نكن غامضين ولا واضحين
كصورة فجر كثيرِ التثاؤبِ

قلت: أما زال يجرحك الجرح، يا صاحبي؟
قال لي: لا أحسّ بشيء
فقد حوَّلت فكرتي جسدي دفترا للبراهين،
لا شيء يثبت أَني أنا
غَيْر موت صريح علي الجسر،
أَرنو إلي وردة في البعيد
فيشتعل الجمر
أرنو إلي مسقط الرأس، خلف البعيد
فيتسع القبر

قلت: تمهل ولا تَمتِ الآن. إنَّ
الحياةَ

علي الجسر ممكنة. والمجاز فسيح المدي
هاهنا بَرْزَخٌ بين دنيا وآخرةٍ
بين منفى وأرض مجاورة...
قال لي، والصقور تحلق من فوقنا:
خذِ اسمي رفيقا وحدِّثه عني
وعش أنت حتي يعود بك الجسر
حيّاً غدا
لا تقل: إنه مات، أو عاش
قرب الحياة سدي!
قل: أطلَّ علي نفسه من علي
ورأي نفسه ترتديِ شجرا، واكتفي
بالتحيَّة:

إن كان هذا الطريق طويلا
فلي عَمَل في الأساطير

كنت وحيدا علي الجسر، في ذلك
اليوم، بعد اعتكاف المسيح علي
جبل في ضواحي أريحا.. وقبل القيامة.
أمشي ولا أستطيع الدخول ولا أستطيع
الخروج... أدور كزهرة عبَّاد شمسِ.
وفي الليل يوقظني صوت حارسة الليل
حين تغنٌي لصاحبها:

لا تَعِدْني بشيءٍ
ولا تهدِني
وردة من أريحا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الإثنين 21 يونيو - 2:22:27

مساحة للشاعر محمود درويش 00001710



القصيدة الثانية عشر

فرحا بشيء ما

محمود درويش - فلسطين


فرحا بشيء ما خفيٍّ، كنْت أَحتضن

الصباح بقوَّة الإنشاد، أَمشي واثقا


بخطايَ، أَمشي واثقا برؤايَ، وَحْي ما


يناديني: تعال! كأنَّه إيماءة سحريَّة ٌ،


وكأنه حلْم ترجَّل كي يدربني علي أَسراره،


فأكون سيِّدَ نجمتي في الليل... معتمدا


علي لغتي. أَنا حلْمي أنا. أنا أمّ أمِّي


في الرؤي، وأَبو أَبي، وابني أَنا
.

فرحا بشيء ما خفيٍّ، كان يحملني

علي آلاته الوتريِّة الإنشاد . يَصْقلني


ويصقلني كماس أَميرة شرقية


ما لم يغَنَّ الآن


في هذا الصباح


فلن يغَنٌي


أَعطنا، يا حبّ، فَيْضَكَ كلَّه لنخوض

حرب العاطفيين الشريفةَ، فالمناخ ملائم،


والشمس تشحذ في الصباح سلاحنا،


يا حبُّ! لا هدفٌ لنا إلا الهزيمةَ في


حروبك.. فانتصرْ أَنت انتصرْ، واسمعْ


مديحك من ضحاياكَ: انتصر! سَلِمَتْ


يداك! وَعدْ إلينا خاسرين... وسالما
!

فرحا بشيء ما خفيٍّ، كنت أَمشي

حالما بقصيدة زرقاء من سطرين، من


سطرين... عن فرح خفيف الوزن،


مرئيٍّ وسرِّيٍّ معا


مَنْ لا يحبّ الآن،


في هذا الصباح،


فلن يحبَّ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الثلاثاء 22 يونيو - 12:20:06

مساحة للشاعر محمود درويش Picture


القصيدة الثالثة عشر

كمقهي صغير هو الحب

محمود درويش - فلسطين
كمقهي صغير علي شارع الغرباء

هو الحبّ... يفتح أَبوابه للجميع
.

كمقهي يزيد وينقص وَفْق المناخ
:

إذا هَطَلَ المطر ازداد روَّاده،


وإذا اعتدل الجوّ قَلّوا ومَلّوا
...

أَنا هاهنا يا غريبة في الركن أجلس


ما لون عينيكِ؟ ما اَسمك؟ كيف


أناديك حين تمرِّين بي ، وأَنا جالس
في انتظاركِ؟

مقهي صغيرٌ هو الحبّ. أَطلب كأسيْ


نبيذ وأَشرب نخبي ونخبك. أَحمل


قبَّعتين وشمسيَّة. إنها تمطر الآن
.

تمطر أكثر من أيِّ يوم، ولا تدخلينَ

أَقول لنفسي أَخيرا: لعلَّ التي كنت


أنتظر انتظَرتْني... أَو انتظرتْ رجلا


آخرَ انتظرتنا ولم تتعرف عليه/ عليَّ،


وكانت تقول: أَنا هاهنا في انتظاركَ
.

ما لون عينيكَ؟ أَيَّ نبيذٍ تحبّ؟


وما اَسمكَ؟ كيف أناديكَ حين
تمرّ أَمامي

كمقهي صغير هو الحب



مساحة للشاعر محمود درويش ZCI-1604
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الثلاثاء 22 يونيو - 12:26:23

مساحة للشاعر محمود درويش 19-08-2008_971588591


القصيدة الرابعة عشر

لا أنام لأحلم

محمود درويش - فلسطين


لا أَنام لأحلم قالت لَه بل أَنام لأنساكَ.

ما أطيب النوم وحدي


بلا صَخَب في الحرير، اَبتعدْ لأراكَ


وحيدا هناك، تفكٌِر بي حين أَنساكَ
/

لا شيء يوجعني في غيابكَ


لا الليل يخمش صدري ولاشفتاكَ
...

أنام علي جسدي كاملا كاملا
لا شريك له،

لا يداك تشقَّان ثوبي، ولا قدماكَ


تَدقَّان قلبي كبنْدقَة عندما تغلق الباب
/

لاشيء ينقصني في غيابك
:

نهدايَ لي. سرَّتي. نَمَشي. شامتي،


ويدايَ وساقايَ لي. كلّ ما فيَّ لي

ولك الصّوَر المشتهاة، فخذْها


لتؤنس منفاكَ، واَرفع رؤاك كَنَخْب


أخير. وقل إن أَردت: هَواكِ هلاك
.

وأَمَّا أَنا، فسأصْغي إلي جسدي


بهدوء الطبيبة: لاشيء، لاشيء


يوجِعني في الغياب سوي عزْلَةِ الكون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الثلاثاء 22 يونيو - 12:32:40

مساحة للشاعر محمود درويش 00793








القصيدة الخامسة عشر


الجدارية


محمود درويش - فلسطين





هذا هو اسمك /
قالتِ امرأة ،
وغابتْ في الممرٌِ اللولبيٌِ“
أري السماء هناك في متناولِ الأيدي .
ويحملني جناح حمامة بيضاء صوْب
طفولة أخري . ولم أحلمْ بأني
كنت أحلم . كلٌ شيء واقعيٌ . كنْت
أعلم أنني ألْقي بنفسي جانبا“
وأطير . سوف أكون ما سأصير في
الفلك الأخيرِ .

وكلٌ شيء أبيض ،
البحر المعلٌق فوق سقف غمامةٍ
بيضاء . والٌلا شيء أبيض في
سماء المطْلق البيضاءِ . كنْت ، ولم
أكنْ . فأنا وحيد في نواحي هذه
الأبديٌة البيضاء . جئت قبيْل ميعادي
فلم يظْهرْ ملاك واحد ليقول لي :
(( ماذا فعلت ، هناك ، في الدنيا ؟ ))
ولم أسمع هتاف الطيٌِبين ، ولا
أنين الخاطئين ، أنا وحيد في البياض ،
أنا وحيد “

لاشيء يوجِعني علي باب القيامةِ .
لا الزمان ولا العواطف . لا
أحِسٌ بخفٌةِ الأشياء أو ثِقلِ
الهواجس . لم أجد أحدا لأسأل :
أين (( أيْني )) الآن ؟ أين مدينة
الموتي ، وأين أنا ؟ فلا عدم
هنا في اللا هنا “ في اللازمان ،
ولا وجود

وكأنني قد متٌ قبل الآن “
أعرف هذه الرؤيا ، وأعرف أنني
أمضي إلي ما لسْت أعرف . ربٌما
ما زلت حيٌا في مكان ٍ ما، وأعرف
ما أريد “
سأصير يوما ما أريد

سأصير يوما فكرة . لا سيْف يحملها
إلي الأرضِ اليبابِ ، ولا كتاب “
كأنٌها مطر علي جبلٍ تصدٌع من
تفتٌح عشْبة ٍ ،
لا القوٌة انتصرتْ
ولا العدْل الشريد
سأصير يوما ما أريد

سأصير يوما طائرا ، وأسلٌ من عدمي
وجودي . كلٌما احترق الجناحانِ
اقتربت من الحقيقةِ ، وانبعثت من
الرمادِ . أنا حوار الحالمين ، عزفْت
عن جسدي وعن نفسي لأكْمِل
رحلتي الأولي إلي المعني ، فأحْرقني
وغاب . أنا الغياب . أنا السماويٌ
الطريد .
سأصير يوما ما أريد

سأصير يوما كرمة ،
فلْيعْتصِرني الصيف منذ الآن ،
وليشربْ نبيذي العابرون علي
ثريٌات المكان السكٌريٌِ !
أنا الرسالة والرسول
أنا العناوين الصغيرة والبريد
سأصير يوما ما أريد

هذا هو اسمك /
قالتِ امرأة ،
وغابتْ في ممرٌِ بياضها .
هذا هو اسمك ، فاحفظِ اسْمك جيٌِدا !
لا تختلفْ معه علي حرْفي
ولا تعْبأْ براياتِ القبائلِ ،
كنْ صديقا لاسمك الأفقِيٌِ
جرٌِبْه مع الأحياء والموتي
ودرٌِبْه علي النطْق الصحيح برفقة الغرباء
واكتبْه علي إحدي صخور الكهف ،
يا اسمي : سوف تكبر حين أكبر
سوف تحمِلني وأحملك
الغريب أخ الغريب
سنأخذ الأنثي بحرف العِلٌة المنذور للنايات
يا اسمي: أين نحن الآن ؟
قل : ما الآن ، ما الغد ؟
ما الزمان وما المكان
وما القديم وما الجديد ؟
سنكون يوما ما نريد

لا الرحلة ابتدأتْ ، ولا الدرب انتهي
لم يبْلغِ الحكماء غربتهمْ
كما لم يبْلغ الغرباء حكمتهمْ
ولم نعرف من الأزهار غير شقائقِ النعمانِ ،
فلنذهب إلي أعلي الجداريات :
أرض قصيدتي خضراء ، عالية ،
كلام الله عند الفجر أرض قصيدتي
وأنا البعيد
أنا البعيد

في كلٌِ ريحي تعْبث امرأة بشاعرها
­ خذِ الجهة التي أهديتني
الجهة التي انكسرتْ ،
وهاتِ أنوثتي ،
لم يبْق لي إلاٌ التأمٌل في
تجاعيد البحيْرة . خذْ غدي عنٌِي
وهاتِ الأمس ، واتركنا معا
لا شيء ، بعدك ، سوف يرحل
أو يعود

­ وخذي القصيدة إن أردتِ
فليس لي فيها سواكِ
خذي (( أنا )) كِ . سأكْمل المنفي
بما تركتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ .
فأيٌنا منا (( أنا )) لأكون آخرها ؟
ستسقط نجمة بين الكتابة والكلامِ
وتنْشر الذكري خواطرها : ولِدْنا
في زمان السيف والمزمار بين
التين والصبٌار . كان الموت أبطأ .
كان أوْضح . كان هدْنة عابرين
علي مصبٌِ النهر . أما الآن ،
فالزرٌ الإلكترونيٌ يعمل وحْده . لا
قاتل يصْغي إلي قتلي . ولا يتلو
وصيٌته شهيد

من أيٌِ ريح جئتِ ؟
قولي ما اسم جرْحِكِ أعرفِ
الطرق التي سنضيع فيها مرٌتيْنِ !
وكلٌ نبْضٍ فيكِ يوجعني ، ويرْجِعني
إلي زمنٍ خرافيٌ . ويوجعني دمي
والملح يوجعني “ ويوجعني الوريد

في الجرٌة المكسورةِ انتحبتْ نساء
الساحل السوريٌ من طول المسافةِ ،
واحترقْن بشمس آب . رأيتهنٌ علي
طريق النبع قبل ولادتي . وسمعت
صوْت الماء في الفخٌار يبكيهنٌ :
عدْن إلي السحابة يرجعِ الزمن الرغيد

قال الصدي :
لاشيء يرجع غير ماضي الأقوياء
علي مِسلاٌت المدي “ذهبيٌة آثارهمْ
ذهبيٌة ورسائلِ الضعفاءِ للغدِ ،
أعْطِنا خبْز الكفاف ، وحاضرا أقوي .
فليس لنا التقمٌص والحلول ولا الخلود

قال الصدي :
وتعبت من أملي العضال . تعبت
من شرك الجماليٌات : ماذا بعد
بابل؟ كلٌما اتٌضح الطريق إلي
السماء ، وأسْفر المجهول عن هدفٍ
نهائيٌ تفشٌي النثر في الصلوات ،
وانكسر النشيد

خضراء ، أرض قصيدتي خضراء عالية “
تطِلٌ عليٌ من بطحاء هاويتي “
غريب أنت في معناك . يكفي أن
تكون هناك ، وحدك ، كي تصير
قبيلة“
غنٌيْت كي أزِن المدي المهدور
في وجع الحمامةِ ،
لا لأشْرح ما يقول الله للإنسان ،
لسْت أنا النبيٌ لأدٌعي وحْيا
وأعْلِن أنٌ هاويتي صعود

وأنا الغريب بكلٌِ ما أوتيت من
لغتي . ولو أخضعت عاطفتي بحرف
الضاد ، تخضعني بحرف الياء عاطفتي ،
وللكلمات وهي بعيدة أرض تجاوِر
كوكبا أعلي . وللكلمات وهي قريبة
منفي . ولا يكفي الكتاب لكي أقول :
وجدت نفسي حاضرا مِلْء الغياب .
وكلٌما فتٌشْت عن نفسي وجدت
الآخرين . وكلٌما فتٌشْت عنْهمْ لم
أجد فيهم سوي نفسي الغريبةِ ،
هل أنا الفرْد الحشود ؟

وأنا الغريب . تعِبْت من درب الحليب
إلي الحبيب . تعبت من صِفتي .
يضيق الشٌكْل . يتٌسع الكلام . أفيض
عن حاجات مفردتي . وأنْظر نحو
نفسي في المرايا :
هل أنا هو ؟
هل أؤدٌِي جيٌِدا دوْرِي من الفصل
الأخيرِ ؟
وهل قرأت المسرحيٌة قبل هذا العرض ،
أم فرِضتْ عليٌ ؟
وهل أنا هو من يؤدٌِي الدٌوْر
أمْ أنٌ الضحيٌة غيٌرتْ أقوالها
لتعيش ما بعد الحداثة ، بعدما
انْحرف المؤلٌف عن سياق النصٌِ
وانصرف الممثٌل والشهود ؟

وجلست خلف الباب أنظر :
هل أنا هو ؟
هذه لغتي . وهذا الصوت وخْز دمي
ولكن المؤلٌِف آخر“
أنا لست مني إن أتيت ولم أصِلْ
أنا لست منٌِي إن نطقْت ولم أقلْ
أنا منْ تقول له الحروف الغامضات :
اكتبْ تكنْ !
واقرأْ تجِدْ !
وإذا أردْت القوْل فافعلْ ، يتٌحِدْ
ضدٌاك في المعني “
وباطِنك الشفيف هو القصيد

بحٌارة حولي ، ولا ميناء
أفرغني الهباء من الإشارةِ والعبارةِ ،
لم أجد وقتا لأعرف أين منْزِلتي ،
الهنيْهة ، بين منْزِلتيْنِ . لم أسأل
سؤالي ، بعد ، عن غبش التشابهِ
بين بابيْنِ : الخروج أم الدخول “
ولم أجِدْ موتا لأقْتنِص الحياة .
ولم أجِدْ صوتا لأصرخ : أيٌها
الزمن السريع ! خطفْتني مما تقول
لي الحروف الغامضات :
ألواقعيٌ هو الخياليٌ الأكيد

يا أيها الزمن الذي لم ينتظِرْ “
لم ينْتظِرْ أحدا تأخٌر عن ولادتِهِ ،
دعِ الماضي جديدا ، فهْو ذكراك
الوحيدة بيننا ، أيٌام كنا أصدقاءك ،
لا ضحايا مركباتك . واتركِ الماضي
كما هو ، لا يقاد ولا يقود

ورأيت ما يتذكٌر الموتي وما ينسون “
همْ لا يكبرون ويقرأون الوقْت في
ساعات أيديهمْ . وهمْ لايشعرون
بموتنا أبدا ولا بحياتهِمْ . لا شيء
ممٌا كنْت أو سأكون . تنحلٌ الضمائر
كلٌها . هو في أنا في أنت .
لا كلٌ ولاجزْء . ولا حيٌ يقول
لميٌِتي : كنٌِي !

.. وتنحلٌ العناصر والمشاعر . لا
أري جسدي هناك ، ولا أحسٌ
بعنفوان الموت ، أو بحياتي الأولي .
كأنٌِي لسْت منٌي . منْ أنا ؟ أأنا
الفقيد أم الوليد ؟

الوقْت صِفْر . لم أفكٌِر بالولادة
حين طار الموت بي نحو السديم ،
فلم أكن حيٌا ولا ميْتا،
ولا عدم هناك ، ولا وجود

تقول ممرٌِضتي : أنت أحسن حالا .
وتحقنني بالمخدٌِر : كنْ هادئا
وجديرا بما سوف تحلم
عما قليل “

رأيت طبيبي الفرنسيٌ
يفتح زنزانتي
ويضربني بالعصا
يعاونه اثنانِ من شرْطة الضاحيةْ

رأيت أبي عائدا
من الحجٌِ ، مغمي عليه
مصابا بضربة شمسي حجازيٌة
يقول لرفٌِ ملائكةي حوْله :
أطفئوني ! “

رأيت شبابا مغاربة
يلعبون الكرةْ
ويرمونني بالحجارة : عدْ بالعبارةِ
واتركْ لنا أمٌنا
يا أبانا الذي أخطأ المقبرةْ !

رأيت ريني شار
يجلس مع هيدغر
علي بعْدِ مترين منٌِي ،
رأيتهما يشربان النبيذ
ولا يبحثان عن الشعر “
كان الحوار شعاعا
وكان غد عابر ينتظرْ

رأيت رفاقي الثلاثة ينتحبون
وهمْ
يخيطون لي كفنا
بخيوطِ الذٌهبْ

رأيت المعريٌ يطرد نقٌاده
من قصيدتِهِ :
لست أعمي
لأبْصِر ما تبصرونْ ،
فإنٌ البصيرة نور يؤدٌِي
إلي عدمي “. أو جنونْ

رأيت بلادا تعانقني
بأيدي صباحيٌة : كنْ
جديرا برائحة الخبز . كنْ
لائقا بزهور الرصيفْ
فما زال تنٌور أمٌِك
مشتعلا ،
والتحيٌة ساخنة كالرغيفْ !

خضراء ، أرض قصيدتي خضراء . نهر واحد يكفي
لأهمس للفراشة : آهِ ، يا أختي ، ونهْر واحد يكفي لإغواءِ
الأساطير القديمة بالبقاء علي جناح الصٌقْر ، وهْو يبدٌِل
الراياتِ والقمم البعيدة ، حيث أنشأتِ الجيوش ممالِك
النسيان لي . لا شعْب أصْغر من قصيدته . ولكنٌ السلاح
يوسٌِع الكلمات للموتي وللأحياء فيها ، والحروف تلمٌِع
السيف المعلٌق في حزام الفجر ، والصحراء تنقص
بالأغاني ، أو تزيد

لا عمْر يكفي كي أشدٌ نهايتي لبدايتي
أخذ الرٌعاة حكايتي وتوغٌلوا في العشب فوق مفاتن
الأنقاض ، وانتصروا علي النسيان بالأبواق والسٌجع
المشاع ، وأورثوني بحٌة الذكري علي حجرِ الوداع ، ولم
يعودوا “

رعويٌة أيٌامنا رعويٌة بين القبيلة والمدينة ، لم أجد ليْلا
خصوصِيٌا لهودجِكِ المكلٌلِ بالسراب ، وقلتِ لي :
ما حاجتي لاسمي بدونك ؟ نادني ، فأنا خلقتك
عندما سمٌيْتني ، وقتلتني حين امتلكت الاسم “
كيف قتلتني ؟ وأنا غريبة كلٌِ هذا الليل ، أدْخِلْني
إلي غابات شهوتك ، احتضنٌِي واعْتصِرْني ،
واسفك العسل الزفافيٌ النقيٌ علي قفير النحل .
بعثرني بما ملكتْ يداك من الرياح ولمٌني .
فالليل يسْلِم روحه لك يا غريب ، ولن تراني نجمة
إلاٌ وتعرف أنٌ عائلتي ستقتلني بماء اللازوردِ ،
فهاتِني ليكون لي ­ وأنا أحطٌِم جرٌتي بيديٌ ­حاضِري السعيد

­ هل قلْت لي شيئا يغيٌِر لي سبيلي ؟
­ لم أقلْ . كانت حياتي خارجي
أنا منْ يحدٌِث نفسه :
وقعتْ معلٌقتي الأخيرة عن نخيلي
وأنا المسافِر داخلي
وأنا المحاصر بالثنائياتِ ،
لكنٌ الحياة جديرة بغموضها
وبطائرِ الدوريٌِ “
لم أولدْ لأعرف أنني سأموت ، بل لأحبٌ محتوياتِ ظلٌِ
اللهِ
يأخذني الجمال إلي الجميلِ
وأحبٌ حبٌك ، هكذا متحررا من ذاتِهِ وصفاتِهِ
وأِنا بديلي “
أنا من يحدٌِث نفْسه :
مِنْ أصغر الأشياءِ تولد أكبر الأفكار
والإيقاع لا يأتي من الكلمات ،
بل مِنْ وحدة الجسديْنِ
في ليلي طويلي “

أنا منْ يحدٌِث نفْسه
ويروٌِض الذكري “ أأنتِ أنا ؟
وثالثنا يرفرف بيننا لا تنْسياني دائما
يا موْتنا ! خذْنا إليك علي طريقتنا ، فقد نتعلٌم الإشراق “
لا شمْس ولا قمر عليٌ
تركت ظلٌِي عالقا بغصون عوْسجةي
فخفٌ بِي المكان
وطار بي روحي الشٌرود

أنا منْ يحدٌِث نفسه :
يا بنت : ما فعلتْ بكِ الأشواق ؟
إن الريح تصقلنا وتحملنا كرائحة الخريفِ ،
نضجتِ يا امرأتي علي عكٌازتيٌ ،
بوسعك الآن الذهاب علي طريق دمشق
واثقة من الرؤيا . ملاك حارس
وحمامتان ترفرفان علي بقيٌة عمرنا ، والأرض عيد “

الأرض عيد الخاسرين ونحن منهمْ
نحن من أثرِ النشيد الملحميٌِ علي المكان ، كريشةِ النٌسْرِ
العجوز خيامنا في الريح . كنٌا طيٌِبين وزاهدين بلا تعاليم
المسيح . ولم نكنْ أقوي من الأعشابِ إلاٌ في ختام
الصيْفِ ،
أنتِ حقيقتي ، وأنا سؤالكِ
لم نرِثْ شيئا سوي اسْميْنا
وأنتِ حديقتي ، وأنا ظلالكِ
عند مفترق النشيد الملحميٌِ “
ولم نشارك في تدابير الإلهات اللواتي كنٌ يبدأن النشيد
بسحرهنٌ وكيدهنٌ . وكنٌ يحْمِلْن المكان علي قرون
الوعل من زمنِ المكان إلي زمان آخري “

كنا طبيعيٌِين لو كانت نجوم سمائنا أعلي قليلا من
حجارة بئرنا ، والأنبياء أقلٌ إلحاحا ، فلم يسمع مدائحنا
الجنود “

خضراء ، أرض قصيدتي خضراء
يحملها الغنائيٌون من زمني إلي زمني كما هِي في
خصوبتها .
ولي منها : تأمٌل نرْجسي في ماء صورتِهِ
ولي منها وضوح الظلٌِ في المترادفات
ودقٌة المعني “
ولي منها : التٌشابه في كلام الأنبياءِ
علي سطوح الليلِ
لي منها : حمار الحكمةِ المنسيٌ فوق التلٌِ
يسخر من خرافتها وواقعها “
ولي منها : احتقان الرمز بالأضدادِ
لا التجسيد يرجِعها من الذكري
ولا التجريد يرفعها إلي الإشراقة الكبري
ولي منها : أنا الأخري
تدوٌِن في مفكٌِرة الغنائيٌِين يوميٌاتها :
((إن كان هذا الحلْم لا يكفي
فلي سهر بطوليٌ علي بوابة المنفي “ ))
ولي منها : صدي لغتي علي الجدران
يكشِط مِلْحها البحريٌ
حين يخونني قلْب لدود “

أعلي من الأغوار كانت حكمتي
إذ قلت للشيطان : لا . لا تمْتحِنٌِي !
لا تضعْني في الثٌنائيٌات ، واتركني
كما أنا زاهدا برواية العهد القديم
وصاعدا نحو السماء ، هناك مملكتي
خذِ التاريخ ، يا ابن أبي ، خذِ
التاريخ “ واصنعْ بالغرائز ما تريد

ولِي السكينة . حبٌة القمح الصغيرة
سوف تكفينا ، أنا وأخي العدوٌ ،
فساعتي لم تأْتِ بعْد . ولم يحِنْ
وقت الحصاد . عليٌ أن ألِج الغياب
وأن أصدٌِق أوٌلا قلبي وأتبعه إلي
قانا الجليل . وساعتي لم تأتِ بعْد .
لعلٌ شيئا فيٌ ينبذني . لعلٌِي واحد
غيري . فلم تنضج كروم التين حول
ملابس الفتيات بعْد . ولم تلِدْني
ريشة العنقاء . لا أحد هنالك
في انتظاري . جئْت قبل ، وجئت
بعد ، فلم أجد أحدا يصدٌِق ما
أري . أنا منْ رأي . وأنا البعيد
أنا البعيد

منْ أنت ، يا أنا ؟ في الطريقِ
اثنانِ نحْن ، وفي القيامة واحد .
خذْني إلي ضوء التلاشي كي أري
صيْرورتي في صورتي الأخري . فمنْ
سأكون بعدك ، يا أنا ؟ جسدي
ورائي أم أمامك ؟ منْ أنا يا
أنت ؟ كوٌِنٌِي كما كوٌنْتك ، ادْهنٌِي
بزيت اللوز ، كلٌِلني بتاج الأرز .
واحملني من الوادي إلي أبديٌةٍ
بيضاء . علٌِمني الحياة علي طريقتِك ،
اختبِرْني ذرٌة في العالم العلْوِيٌِ .
ساعِدْني علي ضجر الخلود ، وكنْ
رحيما حين تجرحني وتبزغ من
شراييني الورود “

لم تأت ساعتنا . فلا رسل يقِيسون
الزمان بقبضة العشب الأخير . هل استدار ؟ ولا ملائكة
يزورون المكان ليترك الشعراء ماضِيهمْ علي الشٌفق
الجميل ، ويفتحوا غدهمْ بأيديهمْ .
فغنٌِي يا إلهتي الأثيرة ، ياعناة ،
قصيدتي الأولي عن التكوين ثانية “
فقد يجد الرٌواة شهادة الميلاد
للصفصاف في حجري خريفيٌ . وقد يجد
الرعاة البئر في أعماق أغنية . وقد
تأتي الحياة فجاءة للعازفين عن
المعاني من جناح فراشةٍ علِقتْ
بقافيةٍ ، فغنٌِي يا إلهتي الأثيرة
يا عناة ، أنا الطريدة والسهام ،
أنا الكلام . أنا المؤبٌِن والمؤذٌِن
والشهيد

ما قلت للطٌللِ : الوداع . فلم أكنْ
ما كنْت إلاٌ مرٌة . ما كنْت إلاٌ
مرٌة تكفي لأعرف كيف ينكسر الزمان
كخيمة البدويٌِ في ريح الشمال ،
وكيف ينْفطِر المكان ويرتدي الماضي
نثار المعبد المهجور . يشبهني كثيرا
كلٌ ما حولي ، ولم أشْبِهْ هنا
شيئا . كأنٌ الأرض ضيٌِقة علي
المرضي الغنائيٌِين ، أحفادِ الشياطين
المساكين المجانين الذين إذا رأوا
حلْما جميلا لقٌنوا الببغاء شِعْر
الحب ، وانفتحتْ أمامهم الحدود “

وأريد أن أحيا “
فلي عمل علي ظهر السفينة . لا
لأنقذ طائرا من جوعنا أو من
دوارِ البحر ، بل لأشاهِد الطوفان
عن كثبي : وماذا بعد ؟ ماذا
يفعل الناجون بالأرض العتيقة ؟
هل يعيدون الحكاية ؟ ما البداية ؟
ما النهاية ؟ لم يعد أحد من
الموتي ليخبرنا الحقيقة “ /
أيٌها الموت انتظرني خارج الأرض ،
انتظرني في بلادِك ، ريثما أنهي
حديثا عابرا مع ما تبقٌي من حياتي
قرب خيمتك ، انتظِرْني ريثما أنهي
قراءة طرْفة بنِ العبْد . يغْريني
الوجوديٌون باستنزاف كلٌِ هنيْهةي
حرية ، وعدالة ، ونبيذ آلهةٍ “ /
فيا موْت ! انتظرني ريثما أنهي
تدابير الجنازة في الربيع الهشٌ ،
حيث ولدت ، حيث سأمنع الخطباء
من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين
وعن صمود التينِ والزيتونِ في وجه
الزمان وجيشِهِ . سأقول : صبٌوني
بحرف النون ، حيث تعبٌ روحي
سورة الرحمن في القرآن . وامشوا
صامتين معي علي خطوات أجدادي
ووقع الناي في أزلي . ولا
تضعوا علي قبري البنفسج ، فهْو
زهْر المحْبطين يذكٌِر الموتي بموت
الحبٌِ قبل أوانِهِ . وضعوا علي
التابوتِ سبْع سنابلي خضراء إنْ
وجِدتْ ، وبعْض شقائقِ النعْمانِ إنْ
وجِدتْ . وإلاٌ ، فاتركوا ورْد
الكنائس للكنائس والعرائس /
أيٌها الموت انتظر ! حتي أعِدٌ
حقيبتي : فرشاة أسناني ، وصابوني
وماكنة الحلاقةِ ، والكولونيا ، والثياب .
هل المناخ هناك معْتدِل ؟ وهل
تتبدٌل الأحوال في الأبدية البيضاء ،
أم تبقي كما هِي في الخريف وفي
الشتاء ؟ وهل كتاب واحد يكفي
لِتسْلِيتي مع اللاٌوقتِ ، أمْ أحتاج
مكتبة ؟ وما لغة الحديث هناك ،
دارجة لكلٌِ الناس أم عربيٌة
فصْحي/

.. ويا موْت انتظرْ ، يا موت ،
حتي أستعيد صفاء ذِهْني في الربيع
وصحٌتي ، لتكون صيٌادا شريفا لا
يصيد الظٌبْي قرب النبع . فلتكنِ العلاقة
بيننا ودٌيٌة وصريحة : لك أنت
مالك من حياتي حين أملأها ..
ولي منك التأمٌل في الكواكب :
لم يمتْ أحد تماما ، تلك أرواح
تغيٌِر شكْلها ومقامها /
يا موت ! يا ظلٌِي الذي
سيقودني ، يا ثالث الاثنين ، يا
لوْن التردٌد في الزمرٌد والزٌبرْجدِ ،
يا دم الطاووس ، يا قنٌاص قلب
الذئب ، يا مرض الخيال ! اجلسْ
علي الكرسيٌ ! ضعْ أدواتِ صيدك
تحت نافذتي . وعلٌِقْ فوق باب البيت
سلسلة المفاتيح الثقيلة ! لا تحدٌِقْ
يا قويٌ إلي شراييني لترصد نقْطة
الضعف الأخيرة . أنت أقوي من
نظام الطبٌ . أقوي من جهاز
تنفٌسي . أقوي من العسلِ القويٌ ،
ولسْت محتاجا ­ لتقتلني ­ إلي مرضي .
فكنْ أسْمي من الحشرات . كنْ منْ
أنت ، شفٌافا بريدا واضحا للغيب .
كن كالحبٌِ عاصفة علي شجر ، ولا
تجلس علي العتبات كالشحٌاذ أو جابي
الضرائبِ . لا تكن شرطيٌ سيْري في
الشوارع . كن قويٌا ، ناصع الفولاذ ، واخلعْ عنك أقنعة
الثعالب . كنْ
فروسيا ، بهيا ، كامل الضربات . قلْ
ما شئْت : (( من معني إلي معني
أجيء . هِي الحياة سيولة ، وأنا
أكثٌِفها ، أعرٌِفها بسلْطاني وميزاني )) .. /
وياموْت انتظرْ ، واجلس علي
الكرسيٌ . خذْ كأس النبيذ ، ولا
تفاوِضْني ، فمثلك لا يفاوِض أيٌ
إنساني ، ومثلي لا يعارض خادم
الغيبِ . استرح “ فلربٌما أنْهِكْت هذا
اليوم من حرب النجوم . فمن أنا
لتزورني ؟ ألديْك وقْت لاختبار
قصيدتي . لا . ليس هذا الشأن
شأنك . أنت مسؤول عن الطينيٌِ في
البشريٌِ ، لا عن فِعْلِهِ أو قوْلِهِ /
هزمتْك يا موت الفنون جميعها .
هزمتك يا موت الأغاني في بلاد
الرافدين . مِسلٌة المصريٌ ، مقبرة الفراعنةِ ،
النقوش علي حجارة معبدي هزمتْك
وانتصرتْ ، وأِفْلت من كمائنك
الخلود “
فاصنع بنا ، واصنع بنفسك ما تريد

وأنا أريد ، أريد أن أحيا “
فلي عمل علي جغرافيا البركان .
من أيام لوط إلي قيامة هيروشيما
واليباب هو اليباب . كأنني أحيا
هنا أبدا ، وبي شبق إلي ما لست
أعرف . قد يكون الآن أبعد .
قد يكون الأمس أقرب . والغد الماضي .
ولكني أشدٌ الآن من يدِهِ ليعبر
قربي التاريخ ، لا الزٌمن المدوٌر ،
مثل فوضي الماعز الجبليٌِ . هل
أنجو غدا من سرعة الوقت الإلكترونيٌ ،
أم أنجو غدا من بطْء قافلتي
علي الصحراء؟ لي عمل لآخرتي
كأني لن أعيش غدا. ولي عمل ليومي
حاضري أبدا . لذا أصغي ، علي مهلي
علي مهل ، لصوت النمل في قلبي :
أعينوني علي جلدي . وأسمع صرْخة
الحجر الأسيرة : حرٌِروا جسدي . وأبصر
في الكمنجة هجرة الأشواق من بلدي
ترابيٌ إلي بلدي سماويٌ . وأقبض في
يد الأنثي علي أبدِي الأليفِ : خلِقت
ثم عشِقْت ، ثم زهقت ، ثم أفقت
في عشْبي علي قبري يدلٌ عليٌ من
حيني إلي حيني . فما نفْع الربيع
السمح إن لم يؤْنِس الموتي ويكْمِلْ
بعدهمْ فرح الحياةِ ونضْرة النسيان ؟
تلك طريقة في فكٌِ لغز الشعرِ ،
شعري العاطفيٌ علي الأقلٌِ . وما
المنام سوي طريقنا الوحيدة في الكلام /
وأيٌها الموت التبِسْ واجلسْ
علي بلٌوْرِ أيامي ، كأنٌك واحد من
أصدقائي الدائمين ، كأنٌك المنفيٌ بين
الكائنات . ووحدك المنفيٌ . لا تحيا
حياتك . ما حياتك غير موتي . لا
تعيش ولا تموت . وتخطف الأطفال
من عطشِ الحليب إلي الحليب . ولم
تكن طفلا تهزٌ له الحساسين السرير ،
ولم يداعِبْك الملائكة الصغار ولا
قرون الأيٌِل الساهي ، كما فعلتْ لنا
نحن الضيوف علي الفراشة . وحدك
المنفيٌ ، يا مسكين ، لا امرأة تضمٌك
بين نهديها ، ولا امرأة تقاسِمك
الحنين إلي اقتصاد الليل باللفظ الإباحيٌِ
المرادفِ لاختلاط الأرض فينا بالسماءِ .
ولم تلِدْ ولدا يجيئك ضارعا : أبتي ،
أحبٌك . وحدك المنفيٌ ، يا ملِك
الملوك ، ولا مديح لصولجانك . لا
صقور علي حصانك . لا لآلئ حول
تاجك . أيٌها العاري من الرايات
والبوق المقدٌسِ ! كيف تمشي هكذا
من دون حرٌاسي وجوْقةِ منشدين ،
كمِشْية اللصٌِ الجبان . وأنت منْ
أنت ، المعظٌم ، عاهل الموتي ، القويٌ ،
وقائد الجيش الأشوريٌِ العنيد
فاصنع بنا ، واصنع بنفسك ما تريد

وأنا أريد ، أريد أن أحيا ، وأن
أنساك “. أن أنسي علاقتنا الطويلة
لا لشيءي ، بل لأقرأ ما تدوٌِنه
السماوات البعيدة من رسائل . كلٌما
أعددت نفسي لانتظار قدومِك
ازددت ابتعادا . كلما قلت : ابتعدْ
عني لأكمل دوْرة الجسديْنِ ، في جسدي
يفيض ، ظهرت ما بيني وبيني
ساخرا : لا تنْس موْعِدنا “
­ متي ؟ ­ في ذِرْوة النسيان
حين تصدٌِق الدنيا وتعبد خاشعا
خشب الهياكل والرسوم علي جدار الكهف ،
حيث تقول : آثاري أنا وأنا ابن نفسي . ­ أين موعدنا ؟
أتأذن لي بأن أختار مقهي عند
باب البحر ؟ ­ لا “. لا تقْترِبْ
يا ابن الخطيئةِ ، يا ابن آدم من
حدود الله ! لم تولدْ لتسأل ، بل
لتعمل “. ­ كن صديقا طيٌِبا يا
موت ! كنْ معني ثقافيا لأدرك
كنْه حكمتِك الخبيئةِ ! ربٌما أسْرعْت
في تعليم قابيل الرماية . ربٌما
أبطأت في تدريب أيٌوبي علي
الصبر الطويل . وربما أسْرجْت لي
فرسا لتقتلني علي فرسي . كأني
عندما أتذكٌر النسيان تنقِذ حاضري
لغتي . كأني حاضر أبدا . كأني
طائر أبدا . كأني مذْ عرفتك
أدمنتْ لغتي هشاشتها علي عرباتك
البيضاءِ ، أعلي من غيوم النوم ،
أعلي عندما يتحرٌر الإحساس من عبء
العناصر كلٌها . فأنا وأنت علي طريق
الله صوفيٌانِ محكومان بالرؤيا ولا يريان /
عدْ يا موْت وحدك سالما ،
فأنا طليق ههنا في لا هنا
أو لا هناك . وعدْ إلي منفاك
وحدك . عدْ إلي أدوات صيدك ،
وانتظرني عند باب البحر . هيٌِئ لي
نبيذا أحمر للاحتفال بعودتي لِعِيادةِ
الأرضِ المريضة . لا تكن فظٌا غليظ
القلب ! لن آتي لأسخر منك ، أو
أمشي علي ماء البحيْرة في شمال
الروح . لكنٌِي ­ وقد أغويتني ­ أهملت
خاتمة القصيدةِ : لم أزفٌ إلي أبي
أمٌِي علي فرسي . تركت الباب مفتوحا
لأندلسِ الغنائيٌِين ، واخترت الوقوف
علي سياج اللوز والرمٌان ، أنفض
عن عباءة جدٌِي العالي خيوط
العنكبوت . وكان جيْش أجنبيٌ يعبر
الطرق القديمة ذاتها ، ويقِيس أبعاد
الزمان بآلة الحرب القديمة ذاتها “ /
يا موت ، هل هذا هو التاريخ ،
صِنْوك أو عدوٌك ، صاعدا ما بين
هاويتين ؟ قد تبني الحمامة عشٌها
وتبيض في خوذ الحديد . وربما ينمو
نبات الشٌِيحِ في عجلاتِ مرْكبةٍ محطٌمةٍ .
فماذا يفعل التاريخ ، صنوك أو عدوٌك ،
بالطبيعة عندما تتزوٌج الأرض السماء
وتذرف المطر المقدٌس ؟ /

أيها الموت ، انتظرني عند باب
البحر في مقهي الرومانسيٌِين . لم
أرجِعْ وقد طاشتْ سهامك مرٌة
إلاٌ لأودِع داخلي في خارجي ،
وأوزٌِع القمح الذي امتلأتْ به روحي
علي الشحرور حطٌ علي يديٌ وكاهلي ،
وأودٌِع الأرض التي تمتصٌني ملحا ، وتنثرني
حشيشا للحصان وللغزالة . فانتظرني
ريثما أنهي زيارتي القصيرة للمكان وللزمان ،
ولا تصدٌِقْني أعود ولا أعود
وأقول : شكرا للحياة !
ولم أكن حيٌا ولا ميْتا
ووحدك ، كنت وحدك ، يا وحيد !

تقول ممرٌِضتي : كنْت تهذي
كثيرا ، وتصرخ : يا قلب !
يا قلْب ! خذْني
إلي دوْرة الماءِ “/
ما قيمة الروح إن كان جسمي
مريضا ، ولا يستطيع القيام
بواجبه الأوليٌِ ؟
فيا قلب ، يا قلب أرجعْ خطاي
إليٌ ، لأمشي إلي دورة الماء
وحدي !

نسيت ذراعيٌ ، ساقيٌ ، والركبتين
وتفٌاحة الجاذبيٌةْ
نسيت وظيفة قلبي
وبستان حوٌاء في أوٌل الأبديٌةْ
نسيت وظيفة عضوي الصغير
نسيت التنفٌس من رئتيٌ .
نسيت الكلام
أخاف علي لغتي
فاتركوا كلٌٌ شيء علي حالِهِ
وأعيدوا الحياة إلي لغتي !..

تقول ممرٌِضتي : كنْت تهذي
كثيرا ، وتصرخ بي قائلا :
لا أريد الرجوع إلي أحدِ
لا أريد الرجوع إلي بلدِ
بعد هذا الغياب الطويل “
أريد الرجوع فقطْ
إلي لغتي في أقاصي الهديل
تقول ممرٌِضتي :
كنْت تهذي طويلا ، وتسألني :
هل الموت ما تفعلين بي الآن
أم هو موْت اللغةْ ؟

خضراء ، أرض قصيدتي خضراء ، عالية “
علي مهلي أدوٌِنها ، علي مهلي ، علي
وزن النوارس في كتاب الماءِ . أكتبها
وأورِثها لمنْ يتساءلون : لمنْ نغنٌِي
حين تنتشر الملوحة في الندي ؟ “
خضراء ، أكتبها علي نثْرِ السنابل في
كتاب الحقلِ ، قوٌسها امتلاء شاحب
فيها وفيٌ . وكلٌما صادقْت أو
آخيْت سنْبلة تعلٌمْت البقاء من
الفناء وضدٌه : (( أنا حبٌة القمح
التي ماتت لكي تخْضرٌ ثانية . وفي
موتي حياة ما “ ))

كأني لا كأنٌي
لم يمت أحد هناك نيابة عني .
فماذا يحفظ الموتي من الكلمات غير
الشٌكْرِ : إنٌ الله يرحمنا “
ويؤْنِسني تذكٌر ما نسِيت مِن
البلاغة : لم ألِدْ ولدا ليحمل موْت
والِدِهِ “
وآثرْت الزواج الحرٌ بين المفْردات “.
ستعْثر الأنثي علي الذٌٌكر الملائِمِ
في جنوح الشعر نحو النثر “.
سوف تشٌبٌ أعضائي علي جمٌيزةٍ ،
ويصبٌ قلبي ماءه الأرضيٌ في
أحدِ الكواكب “ منْ أنا في الموت
بعدي ؟ منْ أنا في الموت قبلي
قال طيف هامشيٌ : (( كان أوزيريس
مثْلك ، كان مثلي . وابن مرْيم
كان مثلك ، كان مثلي . بيْد أنٌ
الجرْح في الوقت المناسب يوجِع
العدم المريض ، ويرْفع الموت المؤقٌٌت
فكرة “ )).
من أين تأتي الشاعريٌة ؟ من
ذكاء القلب ، أمْ من فِطْرة الإحساس
بالمجهول ؟ أمْ من وردةٍ حمراء
في الصحراء ؟ لا الشخصيٌ شخصيٌ
ولا الكونيٌ كونيٌ “

كأني لا كأني “/
كلما أصغيت للقلب امتلأت
بما يقول الغيْب ، وارتفعتْ بِي
الأشجار . من حلْم إلي حلْمي
أطير وليس لي هدف أخير .
كنْت أولد منذ آلاف السنين
الشاعريٌةِ في ظلامي أبيض الكتٌان
لم أعرف تماما منْ أنا فينا ومن
حلْمي . أنا حلْمي
كأني لا كأني “
لم تكنْ لغتي تودٌِع نبْرها الرعويٌ
إلاٌ في الرحيل إلي الشمال . كلابنا
هدأتْ . وماعِزنا توشٌح بالضباب علي
التلال . وشجٌ سهْم طائش وجْه
اليقين . تعبت من لغتي تقول ولا
تقول علي ظهور الخيل ماذا يصنع
الماضي بأيٌامِ امرئ القيس الموزٌعِ
بين قافيةٍ وقيْصر “/
كلٌما يمٌمْت وجهي شطْر آلهتي ،
هنالك ، في بلاد الأرجوان أضاءني
قمر تطوٌِقه عناة ، عناة سيٌِدة
الكِنايةِ في الحكايةِ . لم تكن تبكي علي
أحدِ ، ولكنْ من مفاتِنِها بكتْ :
هلْ كلٌ هذا السحرِ لي وحدي
أما من شاعري عندي
يقاسِمني فراغ التخْتِ في مجدي ؟
ويقطف من سياج أنوثتي
ما فاض من وردي ؟
أما من شاعر يغْوي
حليب الليل في نهدي ؟
أنا الأولي
أنا الأخري
وحدٌِي زاد عن حدٌِي
وبعدي تركض الغِزلان في الكلمات
لا قبلي “ ولا بعدي /

سأحلم ، لا لأصْلِح مركباتِ الريحِ
أو عطبا أصاب الروح
فالأسطورة اتٌخذتْ مكانتها / المكيدة
في سياق الواقعيٌ . وليس في وسْعِ القصيدة
أن تغيٌِر ماضيا يمضي ولا يمضي
ولا أنْ توقِف الزلزال
لكني سأحلم ،
ربٌما اتسعتْ بلاد لي ، كما أنا
واحدا من أهل هذا البحر ،
كفٌ عن السؤال الصعب : (( منْ أنا ؟ “
هاهنا ؟ أأنا ابن أمي ؟ ))
لا تساوِرني الشكوك ولا يحاصرني
الرعاة أو الملوك . وحاضري كغدي معي .
ومعي مفكٌِرتي الصغيرة : كلٌما حكٌ
السحابة طائر دوٌنت : فكٌ الحلْم
أجنحتي . أنا أيضا أطير . فكلٌ
حيٌ طائر . وأنا أنا ، لا شيء
آخر /

واحد من أهل هذا السهل “
في عيد الشعير أزور أطلالي
البهيٌة مثل وشْم في الهوِيٌةِ .
لا تبدٌِدها الرياح ولا تؤبٌِدها “ /
وفي عيد الكروم أعبٌ كأسا
من نبيذ الباعة المتجوٌِلين “ خفيفة
روحي ، وجسمي مثْقل بالذكريات وبالمكان /
وفي الربيع ، أكون خاطرة لسائحةٍ
ستكتب في بطاقات البريد : (( علي
يسار المسرح المهجور سوْسنة وشخْص
غامض . وعلي اليمين مدينة عصريٌة )) /

وأنا أنا ، لا شيء آخر “
لسْت من أتباع روما الساهرين
علي دروب الملحِ . لكنٌِي أسدٌِد نِسْبة
مئويٌة من ملح خبزي مرْغما ، وأقول
للتاريخ : زيٌِنْ شاحناتِك بالعبيد وبالملوك الصاغرين ، ومرٌ
“ لا أحد يقول
الآن : لا .

وأنا أنا ، لا شيء آخر
واحد من أهل هذا الليل . أحلم
بالصعود علي حصاني فوْق ، فوْق “
لأتبع الينْبوع خلف التلٌِ
فاصمدْ يا حصاني . لم نعدْ في الريح مخْتلِفيْنِ

أنت فتوٌتي وأنا خيالك . فانتصِبْ
ألِفا ، وصكٌ البرق . حكٌ بحافر
الشهوات أوعية الصدي . واصعدْ ،
تجدٌدْ ، وانتصبْ ألفا ، توتٌرْ يا
حصاني وانتصبْ ألفا ، ولا تسقطْ
عن السفح الأخير كرايةي مهجورةٍ في
الأبجديٌة . لم نعدْ في الريح مخْتلِفيْنِ ،
أنت تعِلٌتي وأنا مجازك خارج الركب
المروٌضِ كالمصائرِ . فاندفِعْ واحفرْ زماني
في مكاني يا حصاني . فالمكان هو
الطريق ، ولا طريق علي الطريق سواك
تنتعل الرياح . أضئْ نجوما في السراب !
أضئْ غيوما في الغياب ، وكنْ أخي
ودليل برقي يا حصاني . لا تمتْ
قبلي ولا بعدي علي السفح الأخير
ولا معي . حدٌِقْ إلي سيٌارة الإسعافِ
والموتي “ لعلٌِي لم أزل حيٌا /

سأحلم ، لا لأصْلِح أيٌ معني خارجي .
بل كي أرمٌِم داخلي المهجور من أثر
الجفاف العاطفيٌِ . حفظت قلبي كلٌه
عن ظهر قلبي : لم يعدْ متطفٌِلا
ومدلٌلا . تكْفيهِ حبٌة أسبرين لكي
يلين ويستكين . كأنٌه جاري الغريب
ولست طوْع هوائِهِ ونسائِهِ . فالقلب
يصْدأ كالحديدِ ، فلا يئنٌ ولا يحِنٌ
ولا يجنٌ بأوٌل المطر الإباحيٌِ الحنينِ ،
ولا يرنٌ ٌكعشب آب من الجفافِ .
كأنٌ قلبي زاهد ، أو زائد
عني كحرف الكاف في التشبيهِ
حين يجفٌ ماء القلب تزداد الجماليات
تجريدا ، وتدٌثر العواطف بالمعاطفِ ،
والبكارة بالمهارة /

كلٌما يمٌمْت وجهي شطْر أولي
الأغنيات رأيت آثار القطاة علي
الكلام . ولم أكن ولدا سعيدا
كي أقول : الأمس أجمل دائما .
لكنٌ للذكري يديْنِ خفيفتين تهيٌِجانِ
الأرض بالحمٌي . وللذكري روائح زهرةٍ
ليليٌةٍ تبكي وتوقظ في دمِ المنفيٌِ
حاجته إلي الإنشاد : (( كوني
مرْتقي شجني أجدْ زمني )) “ ولست
بحاجةٍ إلاٌ لِخفْقةِ نوْرسِ لأتابع
السفن القديمة . كم من الوقت
انقضي منذ اكتشفنا التوأمين : الوقت
والموت الطبيعيٌ المرادِف للحياة ؟
ولم نزل نحيا كأنٌ الموت يخطئنا ،
فنحن القادرين علي التذكٌر قادرون
علي التحرٌر ، سائرون علي خطي
جلجامش الخضراءِ من زمني إلي زمني “ /

هباء كامل التكوينِ “
يكسرني الغياب كجرٌةِ الماءِ الصغيرة .
نام أنكيدو ولم ينهض . جناحي نام
ملْتفٌا بحفْنةِ ريشِهِ الطينيٌِ . آلهتي
جماد الريح في أرض الخيال . ذِراعِي
اليمْني عصا خشبيٌة . والقلْب مهجور
كبئري جفٌ فيها الماء ، فاتٌسع الصدي
الوحشيٌ : أنكيدو ! خيالي لم يعدْ
يكفي لأكمل رحلتي . لا بدٌ لي من
قوٌةي ليكون حلْمي واقعيٌا . هاتِ
أسْلِحتي ألمٌِعْها بمِلح الدمعِ . هاتِ
الدمع ، أنكيدو ، ليبكي الميْت فينا
الحيٌ . ما أنا ؟ منْ ينام الآن
أنكيدو ؟ أنا أم أنت ؟ آلهتي
كقبض الريحِ . فانهضْ بي بكامل
طيشك البشريٌِ ، واحلمْ بالمساواةِ
القليلةِ بين آلهة السماء وبيننا . نحن
الذين نعمٌِر الأرض الجميلة بين
دجلة والفراتِ ونحفظ الأسماء . كيف
مللْتني ، يا صاحبي ، وخذلْتني ، ما نفْع حكمتنا بدون
فتوٌةٍ “ ما نفع حكمتنا ؟ علي باب المتاهِ خذلتني ،
يا صاحبي ، فقتلتني ، وعليٌ وحدي
أن أري ، وحدي ، مصائرنا . ووحدي
أحمل الدنيا علي كتفيٌ ثورا هائجا .
وحدي أفتٌِش شارد الخطوات عن
أبديتي . لا بدٌ لي من حلٌِ هذا
اللغْزِ ، أنكيدو ، سأحمل عنك
عمْرك ما استطعت وما استطاعت
قوٌتي وإرادتي أن تحملاك . فمن
أنا وحدي ؟ هباء كامل التكوينِ
من حولي . ولكني سأسْنِد ظلٌٌك
العاري علي شجر النخيل . فأين ظلٌك ؟
أين ظلٌك بعدما انكسرتْ جذوعك؟
قمٌة
الإنسان
هاوية “
ظلمتك حينما قاومت فيك الوحْش ،
بامرأةٍ سقتْك حليبها ، فأنِسْت “
واستسلمت للبشريٌِ . أنكيدو ، ترفٌقْ
بي وعدْ من حيث متٌ ، لعلٌنا
نجد الجواب ، فمن أنا وحدي ؟
حياة الفرد ناقصة ، وينقصني
السؤال ، فمن سأسأل عن عبور
النهر ؟ فانهضْ يا شقيق الملح
واحملني . وأنت تنام هل تدري
بأنك نائم ؟ فانهض .. كفي نوما !
تحرٌكْ قبل أن يتكاثر الحكماء حولي
كالثعالب : ( كلٌ شيء باطل ، فاغنمْ
حياتك مثلما هِي برهة حبْلي بسائلها ،
دمِ العشْب المقطٌرِ . عِشْ ليومك لا
لحلمك . كلٌ شيء زائل . فاحذرْ
غدا وعشِ الحياة الآن في امرأةٍ
تحبٌك . عِشْ لجسمِك لا لِوهْمِك .
وانتظرْ
ولدا سيحمل عنك روحك
فالخلود هو التٌناسل في الوجود .
وكلٌ شيءٍ باطل أو زائل ، أو
زائل أو باطل)
منْ أنا ؟
أنشيد الأناشيد
أم حِكْمة الجامعةْ ؟
وكلانا أنا “
وأنا شاعر
وملِكْ
وحكيم علي حافٌة البئرِ
لا غيمة في يدي
ولا أحد عشر كوكبا
علي معبدي
ضاق بي جسدي
ضاق بي أبدي
وغدي
جالس مثل تاج الغبار
علي مقعدي

باطل ، باطل الأباطيل “ باطلْ
كلٌ شيء علي البسيطة زائلْ

ألرياح شماليٌة
والرياح جنوبيٌة
تشْرِق الشمس من ذاتها
تغْرب الشمس في ذاتها
لا جديد ، إذا
والزمنْ
كان أمسِ ،
سدي في سدي .
ألهياكل عالية
والسنابل عالية
والسماء إذا انخفضت مطرتْ
والبلاد إذا ارتفعت أقفرت
كلٌ شيء إذا زاد عن حدٌِهِ
صار يوما إلي ضدٌِهِ .
والحياة علي الأرض ظلٌ

لما لا نري “.
باطل ، باطل الأباطيل “ باطلْ
كلٌ شيء علي البسيطة زائلْ

1400 مركبة
و12,000 فرس
تحمل اسمي المذهٌب من
زمني نحو آخر “
عشت كما لم يعِشْ شاعر
ملكا وحكيما “
هرِمْت ، سئِمْت من المجدِ
لا شيء ينقصني
ألهذا إذا
كلما ازداد علمي
تعاظم همٌِي ؟
فما أورشليم وما العرْش ؟
لا شيء يبقي علي حالِه
للولادة وقْت
وللموت وقت
وللصمت وقْت
وللنٌطق وقْت
وللحرب وقْت
وللصٌلحِ وقْت
وللوقتِ وقْت
ولا شيء يبقي علي حالِهِ “
كلٌ نهْري سيشربه البحر
والبحر ليس بملآن ،
لاشيء يبقي علي حالِهِ
كلٌ حيٌ يسير إلي الموت
والموت ليس بملآن ،
لا شيء يبقي سوي اسمي المذهٌبِ
بعدي :
(( سليمان كان )) “
فماذا سيفعل موتي بأسمائهم
هل يضيء الذٌهبْ
ظلمتي الشاسعةْ
أم نشيد الأناشيد
والجامعةْ ؟

باطل ، باطل الأباطيل “ باطلْ
كلٌ شيء علي البسيطة زائلْ /“

مثلما سار المسيح علي البحيْرةِ ،
سرت في رؤياي . لكنٌِي نزلت عن
الصليب لأنني أخشي العلوٌ ،ولا
أبشٌِر بالقيامةِ . لم أغيٌِرْ غيْر
إيقاعي لأسمع صوت قلبي واضحا .
للملحميٌِين النٌسور ولي أنا : طوق
الحمامةِ ، نجمة مهجورة فوق السطوح ،
وشارع متعرٌِج يفْضي إلي ميناءِ
عكا ­ ليس أكثر أو أقلٌ ­
أريد أن ألقي تحيٌاتِ الصباح عليٌ
حيث تركتني ولدا سعيدا لم
أكنْ ولدا سعيد الحظٌِ يومئذٍ ،
ولكنٌ المسافة، مثل حدٌادين ممتازين ،
تصنع من حديدي تافهي قمرا
­ أتعرفني ؟
سألت الظلٌ قرب السورِ ،
فانتبهتْ فتاة ترتدي نارا ،
وقالت : هل تكلٌِمني ؟
فقلت : أكلٌِم الشبح القرين
فتمتمتْ : مجنون ليلي آخر يتفقٌٌد
الأطلال ،
وانصرفتْ إلي حانوتها في آخر السوق
القديمةِ“
ههنا كنٌا . وكانت نخْلتانِ تحمٌِلان
البحر بعض رسائلِ الشعراءِ “
لم نكبر كثيرا يا أنا . فالمنظر
البحريٌ ، والسٌور المدافِع عن خسارتنا ،
ورائحة البخور تقول : ما زلنا هنا ،
حتي لو انفصل الزمان عن المكانِ .
لعلٌنا لم نفترق أبدا
­ أتعرفني ؟
بكي الولد الذي ضيٌعته :
((لم نفترق . لكننا لن نلتقي أبدا )) “
وأغْلق موجتين صغيرتين علي ذراعيه ،
وحلٌٌق عاليا “
فسألت : منْ منٌا المهاجِر ؟ /
قلت للسٌجٌان عند الشاطئ الغربيٌ :
­ هل أنت ابن سجٌاني القديمِ ؟
­ نعم !
­ فأين أبوك ؟
قال : أبي توفٌِي من سنين.
أصيب بالإحباط من سأم الحراسة .
ثم أوْرثني مهمٌته ومهنته ، وأوصاني
بان أحمي المدينة من نشيدك “
قلْت : منْذ متي تراقبني وتسجن
فيٌ نفسك ؟
قال : منذ كتبت أولي أغنياتك
قلت : لم تك قد ولِدْت
فقال : لي زمن ولي أزليٌة ،
وأريد أن أحيا علي إيقاعِ أمريكا
وحائطِ أورشليم
فقلت : كنْ منْ أنت . لكني ذهبت .
ومنْ تراه الآن ليس أنا ، أنا شبحي
فقال : كفي ! ألسْت اسم الصدي
الحجريٌِ ؟ لم تذهبْ ولم ترْجِعْ إذا .
ما زلت داخل هذه الزنزانة الصفراءِ .
فاتركني وشأني !
قلت : هل ما زلت موجودا
هنا ؟ أأنا طليق أو سجين دون
أن أدري . وهذا البحر خلف السور بحري ؟
قال لي : أنت السجين ، سجين
نفسِك والحنينِ . ومنْ تراه الآن
ليس أنا . أنا شبحي
فقلت محدٌِثا نفسي : أنا حيٌ
وقلت : إذا التقي شبحانِ
في الصحراء ، هل يتقاسمانِ الرمل ،
أم يتنافسان علي احتكار الليل ؟ /

المقطع قبل الأخير
كانت ساعة الميناءِ تعمل وحدها
لم يكترثْ أحد بليل الوقت ، صيٌادو
ثمار البحر يرمون الشباك ويجدلون
الموج . والعشٌاق في ال ديسكو .
وكان الحالمون يربٌِتون القبٌراتِ النائماتِ
ويحلمون “
وقلت : إن متٌ انتبهت “
لديٌ ما يكفي من الماضي
وينقصني غد “
سأسير في الدرب القديم علي
خطاي ، علي هواءِ البحر . لا
امرأة تراني تحت شرفتها . ولم
أملكْ من الذكري سوي ما ينفع
السٌفر الطويل . وكان في الأيام
ما يكفي من الغد . كنْت أصْغر
من فراشاتي ومن غمٌازتينِ :
خذي النٌعاس وخبٌِئيني في
الرواية والمساء العاطفيٌ /
وخبٌِئيني تحت إحدي النخلتين /
وعلٌِميني الشِعْر / قد أتعلٌم
التجوال في أنحاء هومير / قد
أضيف إلي الحكاية وصْف
عكا / أقدمِ المدنِ الجميلةِ ،
أجملِ المدن القديمةِ / علبة
حجريٌة يتحرٌك الأحياء والأموات
في صلصالها كخليٌة النحل السجين
ويضْرِبون عن الزهور ويسألون
البحر عن باب الطوارئ كلٌما
اشتدٌ الحصار / وعلٌِميني الشِعْر /
قد تحتاج بنت ما إلي أغنية
لبعيدها : (( خذْني ولو قسْرا
إليك ، وضعْ منامي في
يديْك )) . ويذهبان إلي الصدي
متعانِقيْنِ / كأنٌني زوٌجت ظبيا
شاردا لغزالةي / وفتحت أبواب
الكنيسةِ للحمام “ / وعلٌِميني
الشِعْر / منْ غزلتْ قميص
الصوف وانتظرتْ أمام الباب
أوْلي بالحديث عن المدي ، وبخيْبةِ
الأملِ : المحارب لم يعدْ ، أو
لن يعود ، فلست أنت من
انتظرت “ /

ومثلما سار المسيح علي البحيرة “
سرت في رؤياي . لكنٌِي نزلت عن
الصليب لأنني أخشي العلوٌ ولا
أبشٌِر بالقيامة . لم أغيٌِر غير إيقاعي
لأسمع صوت قلبي واضحا “
للملحميٌِين النسور ولي أنا طوْق
الحمامة ، نجْمة مهجورة فوق السطوح ،
وشارع يفضي إلي الميناء “ /
هذا البحر لي
هذا الهواء الرٌطْب لي
هذا الرصيف وما عليْهِ
من خطاي وسائلي المنويٌِ “ لي
ومحطٌة الباصِ القديمة لي . ولي
شبحي وصاحبه . وآنية النحاس
وآية الكرسيٌ ، والمفتاح لي
والباب والحرٌاس والأجراس لي
لِي حذْوة الفرسِ التي
طارت عن الأسوار “ لي
ما كان لي . وقصاصة الورقِ التي
انتزِعتْ من الإنجيل لي
والملْح من أثر الدموع علي
جدار البيت لي “
واسمي ، إن أخطأت لفْظ اسمي
بخمسة أحْرفي أفقيٌةِ التكوين لي :
ميم / المتيٌم والميتٌم والمتمٌِم ما مضي
حاء / الحديقة والحبيبة ، حيرتانِ وحسرتان
ميم / المغامِر والمعدٌ المسْتعدٌ لموته
الموعود منفيٌا ، مريض المشْتهي
واو / الوداع ، الوردة الوسطي ،
ولاء للولادة أينما وجدتْ ، ووعْد الوالدين
دال / الدليل ، الدرب ، دمعة
دارةٍ درستْ ، ودوريٌ يدلٌِلني ويدْميني /
وهذا الاسم لي “
ولأصدقائي ، أينما كانوا ، ولي
جسدي المؤقٌت ، حاضرا أم غائبا “
مِتْرانِ من هذا التراب سيكفيان الآن “
لي مِتْر و75 سنتمترا “
والباقي لِزهْري فوْضويٌ اللونِ ،
يشربني علي مهلي ، ولي
ما كان لي : أمسي ، وما سيكون لي
غدِي البعيد ، وعودة الروح الشريد
كأنٌ شيئا لم يكنْ
وكأنٌ شيئا لم يكن
جرح طفيف في ذراع الحاضر العبثيٌِ “
والتاريخ يسخر من ضحاياه
ومن أبطالِهِ “
يلْقي عليهمْ نظرة ويمرٌ “
هذا البحر لي
هذا الهواء الرٌطْب لي
واسمي ­
وإن أخطأت لفظ اسمي علي التابوت ­
لي .
أما أنا ­ وقد امتلأت
بكلٌِ أسباب الر حيل ­
فلست لي .
أنا لست لي
أنا لست لي “
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الثلاثاء 22 يونيو - 12:34:59

مساحة للشاعر محمود درويش 7014_1268404944


القصيدة السادسة عشر

لوصف زهر اللوز

محمود درويش - فلسطين


لوصف زهر اللوز، لا موسوعة الأزهار

تسعفني، ولا القاموس يسعفني
...

سيخطفني الكلام إلى أحابيل البلاغة


والبلاغة تجرح المعنى وتمدح جرحه،


كمذكر يملي على الأنثى مشاعرها


فكيف يشع زهر اللوز في لغتي أنا
وأنا الصدى؟

وهو الشفيف كضحكة مائية نبتت


على الأغصان من
خفر الندى...

وهو الخفيف كجملة بيضاء موسيقية
...

وهو الضعيف كلمح خاطرة


تطل على أصابعنا
ونكتبها سدى

وهو الكثيف كبيت شعر لا يدون
بالحروف

لوصف زهر اللوز تلمزني زيارات إلى


اللاوعي ترشدني إلى أسماء عاطفة


معلقة على الأشجار. ما اسمه؟


ما اسم هذا الشيء في شعرية اللاشيء؟


يلزمني اختراق الجاذبية والكلام،


لكي أحس بخفة الكلمات حين تصير


طيفا هامسا فأكونها وتكونني
شفافة بيضاء

لا وطن ولا منفى هي الكلمات،


بل ولع البياض بوصف زهر اللوز


لا ثلج ولا قطن فما هو في


تعاليه على الأشياء والأسماء


لو نجح المؤلف في كتابة مقطع
ٍ

في وصف زهر اللوز، لانحسر الضباب


عن التلال، وقال شعب كامل
:

هذا هوَ


هذا كلام نشيدنا الوطني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الثلاثاء 22 يونيو - 12:39:23

مساحة للشاعر محمود درويش Arton582



القصيدة السابعة عشر

هنالك عرس

محمود درويش - فلسطين



هنالك عرسٌ علي بعد بيتين

فلا تغلقوا الباب لا تحجبوا نزوة


الفرح الشاذ عنا فإن ذبلت وردة


لا يحس الربيع بواجبه في البكاء


وإن صمت العندليب المريض أعار الكناري


حصته في الغناء وإن وقعت نجمة


لا تصاب السماء بسوء


هنالك عرس


فلا تغلقوا الباب في وجه هذا الهواء


المضمخ بالزنجبيل وخوخ العروس التي


تنضج الآن (تبكي وتضحك كالماء
.

لا جرح في الماء. لا أثر لدم


سال في الليل
(

قيل: قوي هو الحب كالموت
!

قلت: ولكن شهوتنا للحياة


ولو خذلتنا البراهين أقوي من
الحب والموت/

فلننه طقس جنازتنا كي نشارك


جيراننا في الغناء


الحياة بديهية .. وحقيقية كالهباء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الثلاثاء 22 يونيو - 12:44:18

مساحة للشاعر محمود درويش Mahmoud-Darweesh



القصيدة الثامنة عشر


الجميلات هن الجميلات
محمود درويش - فلسطين






الجميلات هنَّ الجميلاتُ

"نقش الكمنجات في الخاصرة"


الجميلات هنَّ الضعيفاتُ


"
عرشٌ طفيفٌ بلا ذاكرة"

الجميلات هنَّ القوياتُ


"يأسٌ يضيء ولا يحترق"


الجميلات هنَّ الأميرات ُ

"ربَّاتُ وحيٍِ قلق
"

الجميلات هنَّ القريباتُ


"
جاراتُ قوس قزح "

الجميلات هنَّ البعيداتُ


"
مثل أغاني الفرح"

الجميلات هنَّ الفقيراتُ


"
مثل الوصيفات في حضرة الملكة"

الجميلات هنَّ الطويلاتُ


"
خالات نخل السماء"

الجميلات هنَّ القصيراتُ


"
يُشرَبْنَ في كأس ماء"

الجميلات هنَّ الكبيراتُ


"
مانجو مقشرةٌ ونبيذٌ معتق"

الجميلات هنَّ الصغيراتُ


"
وَعْدُ غدٍ وبراعم زنبق"

الجميلات، كلّْ الجميلات، أنت ِ


إذا ما اجتمعن ليخترن لي أنبلَ القاتلات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأربعاء 23 يونيو - 2:12:36

مساحة للشاعر محمود درويش Darweesh





القصيدة التاسعة عشر

البئر

محمود درويش - فلسطين




أختار يومًا غائمًا لأمرّ بالبئر القديمة. ربّما امتلأت

سماءً. ربّما فاضت عن المعنى وعن
أمثولة

الراعي. سأشرب حفنةً من مائها.
وأقول للموتى

حواليها: سلامًا، أيّها الباقون
حول البئر في

ماء الفراشة! أرفع الطّيّون
عن حجرٍ:

سلامًا أيها الحجر الصغير! لعلّنا
كنّا جناحي

طائرٍ ما زال يوجعنا. سلامًا
أيها القمر

المحلّق حول صورته التي لن يلتقي
أبدًا بها!

وأقول للسّرو: انتبه ممّا يقول
لك الغبار.

لعلّنا كنا هنا وتري كمانٍ
في وليمة

حارسات اللازورد. لعلّنا كنّا
ذراعي

عاشقٍ...
قد كنت أمشي

حذو نفسي: كن قويًّا
يا قريني،

وارفع الماضي كقرني ماعزٍ
بيديك،

واجلس قرب بئرك. ربّما التفتت
إليك أيائل

الوادي ... ولاح الصوت -
صوتك- صورةً

حجريّةً للحاضر المكسور...
لم أكمل

زيارتي القصيرة بعد للنسيان...
لم آخذ معي

أدوات قلبي كلّها:


جرسي على ريح الصنوبر


سلّمي قرب السماء


كواكبي حول السطوح


وبحّتي من لسعة الملح القديم...


وقلت للذكرى: سلامًا يا كلام الجدّة العفويّ


يأخذنا إلى أيّامنا البيضاء تحت نعاسها...


واسمي يرنّ كليرة الذّهب القديمة عند
باب البئر.

أسمع وحشة الأسلاف بين
الميم والواو

السحيقة مثل وادٍ غير ذي
زرعٍ. وأخفي

ثعلبي الوديّ. أعرف أنني
سأعود حيًّا،

بعد ساعاتٍ، من البئر التي
لم ألق فيها

يوسفًا أو خوف إخوته
من الأصداء.

كن حذرًا! هنا وضعتك
أمّك قرب باب

البئر، وانصرفت إلى تعويذةٍ...
فاصنع بنفسك

ما تشاء. صنعت وحدي ما
أشاء: كبرت

ليلاً في الحكاية بين أضلاع
المثلّث: مصر،

سوريّا، وبابل. ههنا
وحدي كبرت بلا إلهاتٍ الزراعة.

[كنّ يغسلن الحصى في غابة الزيتون. كنّ مبلّلاتٍ بالندى]...

ورأيت أنّي قد سقطت
عليّ من سفر

القوافل، قرب أفعى. لم
أجد أحدًا

لأكمله سوى شبحي. رمتني
الأرض خارج

أرضها، واسمي يرنّ على خطاي


كحذوة الفرس:

اقترب ... لأعود من هذا
الفراغ إليك

يا جلجامش الأبديّ في اسمك!..
كن أخي! واذهب

معي لنصيح بالبئر
القديمة...

ربما امتلأت كأنثى بالسماء،
وربّما فاضت

عن المعنى وعمّا سوف
يحدث في

انتظار ولادتي من بئري الأولى!


سنشرب حفنةً من مائها،


سنقول للموتى حواليها:

سلامًا
أيها الأحياء

في ماء الفراش،
وأيّها

الموتى، سلامًا


عدل سابقا من قبل عبد الحي في الأربعاء 23 يونيو - 2:27:47 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأربعاء 23 يونيو - 2:15:38

مساحة للشاعر محمود درويش Picture



القصيدة العشرون

تعاليم حورية


محمود درويش - فلسطين


فكّرت يومًا بالرحيل، فحطّ حسّونٌ على يدها ونام.

وكان يكفي أن أداعب غصن داليةٍ على عجلٍ...

لتدرك أنّ كأس نبيذي امتلأت.

ويكفي أن أنام مبكّرًا لترى منامي واضحًا،

فتطيل ليلتها لتحرسه...

ويكفي أن تجيء رسالةٌ منّي لتعرف أنّ عنواني تغيّر،

فوق قارعة السجون، وأنّ

أيّامي تحوّم حولها... وحيالها

أمّي تعدّ أصابعي العشرين عن بعدٍ.

تمشّطني بخصلة شعرها الذهبيّ.

تبحث في ثيابي الداخليّة عن نساءٍ أجنبيّاتٍ،

وترفو جوريي المقطوع.

لم أكبر على يدها كما شئنا:

أنا وهي، افترقنا عند منحدر الرّخام... ولوّحت سحبٌ لنا،
ولماعزٍ يرث المكان.

وأنشأ المنفى لنا لغتين:

دارجةً... ليفهمها الحمام ويحفظ الذكرى،

وفصحى... كي أفسّر للظلال ظلالها!

ما زلت حيًّا في خضمّك.

لم تقولي ما تقول الأمّ للولد المريض.

مرضت من قمر النحاس على خيام البدو.

هل تتذكرين طريق هجرتنا إلى لبنان،

حيث نسيتني ونسيت كيس الخبز [كان الخبز قمحيًّا].

ولم أصرخ لئلاّ أوقظ الحرّاس.

حطّتني على كتفيك رائحة الندى.

يا ظبيةً فقدت هناك كناسها وغزالها...

لا وقت حولك للكلام العاطفيّ.

عجنت بالحبق الظهيرة كلّها.

وخبزت للسّمّاق عرف الديك.

أعرف ما يخرّب قلبك المثقوب بالطاووس،

منذ طردت ثانيةً من الفردوس.

عالمنا تغيّر كلّه، فتغيّرت أصواتنا.

حتّى التحيّة بيننا وقعت كزرّ الثوب فوق الرمل،

لم تسمع صدًى.

قولي: صباح الخير!

قولي أيّ شيء لي لتمنحني الحياة دلالها.

هي أخت هاجر.

أختها من أمّها.
تبكي مع النايات موتى لم يموتوا.

لا مقابر حول خيمتها لتعرف كيف تنفتح السماء،

ولا ترى الصحراء خلف أصابعي لترى حديقتها على وجه السراب،

فيركض الزّمن القديم

بها إلى عبثٍ ضروريٍّ:

أبوها طار مثل الشركسيّ على حصان العرس.

أمّا أمّها فلقد أعدّت،

دون أن تبكي، لزوجة زوجها حنّاءها،

وتفحّصت خلخالها...

لا نلتقي إلاّ وداعًا عند مفترق الحديث.

تقول لي مثلاً: تزوّج أيّة امرأة من

الغرباء، أجمل من بنات الحيّ.

لكن، لا تصدّق أيّة امرأة سواي.

ولا تصدّق ذكرياتك دائمًا.

لا تحترق لتضيء أمّك، تلك مهنتها الجميلة.

لا تحنّ إلى مواعيد الندى.

كن واقعيًّا كالسماء.

ولا تحنّ إلى عباءة جدّك السوداء،

أو رشوات جدّتك الكثيرة،

وانطلق كالمهر في الدنيا. وكن من أنت حيث تكون.

واحمل عبء قلبك وحده...

وارجع إذا اتّسعت بلادك للبلاد وغيّرت أحوالها...

أمّي تضيء نجوم كنعان الأخيرة،

حول مرآتي،

وترمي، في قصيدتي الأخيرة، شالها!


عدل سابقا من قبل عبد الحي في الأربعاء 23 يونيو - 2:22:53 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأربعاء 23 يونيو - 2:18:23

مساحة للشاعر محمود درويش P23_20070716_pic2







القصيدة الحادية والعشرون

ليل يفيض من جسد

محمود درويش - فلسطين


ياسمينٌ على ليل تمّوز، أغنيّةٌ

لغريبين يلتقيان على شارعٍ

لا يؤدّي إلى هدفٍ ...

من أنا بعد عينين لوزيّتين? يقول الغريب

من أنا بعد منفاك فيّ? تقول الغريبة.

إذن، حسنًا، فلنكن حذرين لئلا

نحرّك ملح البحار القديمة في جسدٍ يتذكّر...

كانت تعيد له جسدًا ساخنًا،

ويعيد لها جسدًا ساخنًا.

هكذا يترك العاشقان الغريبان حبّهما فوضويًّا،

كما يتركان ثيابهما الداخليّة بين زهور الملاءات...

- إن كنت حقًا حبيبي، فألّف

نشيد أناشيد لي، واحفر اسمي

على جذع رمّانةٍ في حدائق بابل...

- إن كنت حقًا تحبّينني، فضعي

حلمي في يديّ. وقولي له، لابن مريم،

كيف فعلت بنا ما فعلت بنفسك،

يا سيّدي? هل لدينا من العدل ما سوف

يكفي ليجعلنا عادلين غدًا?

- كيف أشفى من الياسمين غدًا ؟

- كيف أشفى من الياسمين غدًا ؟

يعتمان معًا في ظلالٍ تشعّ على

سقف غرفته: لا تكن معتمًا

بعد نهديّ - قالت له ...

قال: نهداك ليلٌ يضيء الضروريّ

نهداك ليلٌ يقبّلني. وامتلأنا أنا

والمكان بليلٍ يفيض من الكأس ...

تضحك من وصفه. ثم تضحك أكثر

حين تخبّئ منحدر الليل في يدها...

- يا حبيبي، لو كان لي

أن أكون صبيًّا... لكنتك أنت

- ولو كان لي أن أكون فتاةً

لكنتك أنت!...

وتبكي، كعادتها، عند عودتها

من سماءٍ نبيذيّة اللون: خذني

إلى بلدٍ ليس لي طائرٌ أزرقٌ

فوق صفصافة يا غريب!

وتبكي، لتقطع غاباتها في الرحيل

الطويل إلى ذاتها: من أنا ؟

من أنا بعد منفاك في جسدي ؟

آه منّي، ومنك، ومن بلدي

- من أنا بعد عينين لوزيّتين ؟

أريني غدي!...

هكذا يترك العاشقان وداعهما

فوضويًّا، كرائحة الياسمين على ليل تمّوز...

في كلّ تمّوز يحملني الياسمين إلى

شارع، لا يؤدّي إلى هدفٍ،

بيد أني أتابع أغنيّتي:

ياسمينٌ على ليل تمّوز......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأربعاء 23 يونيو - 22:38:56

مساحة للشاعر محمود درويش 19-08-2008_971588591


القصيدة الثانية والعشرون

في يدي غيمة

محمود درويش - فلسطين


في يدي غيمة

أسرجوا الخيل،
لا يعرفون لماذا، ولكنّهم

أسرجوا الخيل في السهل


... كان المكان معدًّا لمولده: تلّةً
من رياحين

أجداده تتلفّت شرقًا وغربًا. وزيتونةً
قرب زيتونةٍ

في المصاحف تعلي سطوح اللغة...
ودخانًا من

اللازورد يؤثّث هذا النهار لمسألةٍ
لا تخصّ سوى الله. آذار طفل

الشهور المدلّل. آذار يندف قطنًا على شجر

اللوز. آذار

يؤلم خبّيزةً لفناء الكنيسة.


آذار أرضٌ

لليل السّنونو، ولامرأةٍ
تستعدّ

لصرختها في البراري... وتمتدّ في
شجر السنديان.

يولد الآن طفلٌ،

وصرخته،
في شقوق المكان

افترقنا على درج البيت. كانوا يقولون:


في صرختي حذرٌ لا يلائم طيش النباتات،


في صرختي مطرٌ; هل أسأت إلى إخوتي


عندما قلت إني رأيت ملائكةً يلعبون مع الذئب


في باحة الدار؟ لا أتذكّر


أسماءهم. ولا أتذكّر أيضًا طريقتهم في
الكلام... وفي خفّة الطيران

أصدقائي يرفّون ليلاً، ولا يتركون
خلفهم أثرًا.

هل أقول لأمّي الحقيقة:
لي إخوةٌ

آخرون
إخوةٌ يضعون

على شرفتي قمرًا


إخوةٌ ينسجون

بإبرتهم معطف الآقحوان
أسرجوا الخيل،

لا يعرفون لماذا، ولكنهم أسرجوا

الخيل في آخر الليل


... سبع سنابل تكفي لمائدة الصيف.


سبع سنابل بين يديّ. وفي كل سنبلةٍ


ينبت الحقل حقلاً من القمح. كان
أبي يسحب

الماء من بئره ويقول
له: لا تجفّ.

ويأخذني من يدي
لأرى كيف أكبر

كالفرفحينة...


أمشي على حافّة البئر: لي قمران


واحدٌ في الأعالي


وآخر في الماء

يسبح... لي قمران
واثقين،

كأسلافهم، من صواب
الشرائع...

سكّوا حديد السيوف
محاريث. لن يصلح السيف ما أفسد الصّيف -

قالوا. وصلّوا
طويلاً.

وغنّوا مدائحهم للطبيعة...


لكنهم أسرجوا الخيل،


كي يرقصوا رقصة الخيل،


في فضّة الليل...


تجرحني غيمةٌ في يدي:

لا
أريد من الأرض أكثر من هذه الأرض:

رائحة الهال والقشّ
بين أبي والحصان.

في يدي غيمةٌ

جرحتني. ولكنني
لا أريد من الشمس أكثر من حبّة

البرتقال وأكثر من
ذهبٍ سال من كلمات الأذان

أسرجوا الخيل،

لا يعرفون لماذا،

ولكنهم أسرجوا الخيل


في آخر الليل،

وانتظروا
شبحًا طالعًا

من شقوق المكان..



عدل سابقا من قبل عبد الحي في الأربعاء 23 يونيو - 23:02:38 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
عبد الكريم.
سفراء المنتدى
سفراء المنتدى
عبد الكريم.


مبسوط
ذكر
عدد المساهمات : 3793
تاريخ التسجيل : 22/05/2009
الموقع : اتمني ان يكون الجنة
المزاج : مرح والحمد لله

بطاقة الشخصية
الوطن: الجزائر
حالتك في المنتدى:

مساحة للشاعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: رد: مساحة للشاعر محمود درويش   مساحة للشاعر محمود درويش Icon_minitime1الأربعاء 23 يونيو - 22:41:59

مساحة للشاعر محمود درويش P12_20070710_pic.full










القصيدة الثالثة والعشرون


لاعب النرد


محمود درويش - فلسطين


مَنْ أَنا لأقول لكمْ
ما أَقولُ لكمْ ؟
وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُ
فأصبح وجهاً
ولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُ
فأصبح نايًا ...



أَنا لاعب النَرْدِ ،
أَربح حيناً وأَخسر حيناً
أَنا مثلكمْ
أَو أَقلُّ قليلاً ...
وُلدتُ إلي جانب البئرِ
والشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْ
وُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْ
وسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةً
وانتميتُ إلى عائلةْ
مصادفَةً ،
ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْ
وأَمراضَها
:



أَولاً - خَلَلاً في شرايينها
وضغطَ دمٍ مرتفعْ
ثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِ
والجدَّةِ - الشجرةْ
ثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزا
بفنجان بابونج ٍ ساخن ٍ
رابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرة



خامساً - مللاً في ليالي الشتاءْ
سادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ ...



ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ
كانت مصادفةً أَن أكونْ
ذَكَراً
...
ومصادفةً أَن أَرى قمراً
شاحباً مثلَ ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات
ولم أَجتهدْ
كي أَجدْ
شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !



كان يمكن أن لا أكونْ
كان يمكن أن لا يكون أَبي
قد تزوَّج أُمي مصادفةً
أَو أكونْ
مثل أُختي التي صرخت ثم ماتت
ولم تنتبه
إلى أَنها وُلدت ساعةً واحدَة
ولم تعرفِ الوالدَة ...
أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَ
قبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ /



كانت مصادفة أَن أكون
أنا الحيّ في حادث الباصِ
حيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّة ْ
لأني نسيتُ الوجود وأَحواله
عندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّ
تَقمَّصْتُ دور المؤلف فيها
ودورَ الحبيب - الضحيَّة
فكنتُ شهيدَ الهوى في الروايةِ
والحيَّ في حادث السيرِ /



لا دورَ لي في المزاح مع البحرِ
لكنني وَلَدٌ طائشٌ
من هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍ
ينادي : تعال إليّْ !
ولا دورَ لي في النجاة من البحرِ
أَنْقَذَني نورسٌ آدميٌّ
رأى الموج يصطادني ويشلُّ يديّْ



كان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباً
بجنِّ المُعَلَّقة الجاهليّةِ
لو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةً
لا تطلُّ على البحرِ
لو أَن دوريّةَ الجيش لم ترَ نارَ القِرى
تخبز الليلَ
لو أَن خمسةَ عشرَ شهيداً
أَعادوا بناء المتاريسِ
لو أَن ذاك المكانَ الزراعيَّ لم ينكسرْ
رُبَّما صرتُ زيتونةً
أو مُعلّمَ جغرافيا
أو خبيراً بمملكة النمل
أو حارساً للصّدى !



مَنْ أنا لأقولَ لكم
ما أقولُ لكم
عند باب الكنيسةْ
ولستُ سوى رميةِ النرد
ما بين مُفْتَرِس ٍ وفريسةْ
ربحت مزيداً من الصحو
لا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْ
بل لكي أَشهد المجزرةْ



نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من
هَدَف عسكريّ
وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ
وخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبي
وخفتُ على زَمَن ٍ من زجاجْ
وخفتُ على قطتي وعلى أَرنبي
وعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ
وخفت على عِنَبِ الداليةْ
يتدلّي كأثداء كلبتنا ...
ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِ
حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عمّا أُريدُ
من الغد - لا وقت للغد -



أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ /
أنزلُ / أصرخُ / أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أُسرعُ / أُبطئ / أهوي / أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ
/ أطيرُ / أرى / لا أرى / أتعثَّرُ
/ أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ /
أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسى / أرى / لا أرى / أتذكَّرُ / أَسمعُ /
أُبصرُ / أهذي / أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أُجنّ /
أَضلّ / أقِلُّ / وأكثُرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أُدْمَى / ويغمى عليّْ /



ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك
مُصَادفةً ، أو هروباً من الجيش ِ /



لا دور لي في حياتي
سوى أَنني ،
عندما عَلّمتني تراتيلها ،
قلتُ : هل من مزيد ؟
وأَوقدتُ قنديلها
ثم حاولتُ تعديلها ...



كان يمكن أن لا أكون سُنُونُوَّةً
لو أرادت لِيَ الريحُ ذلك ،
والريح حظُّ المسافرِ ...
شمْألتُ ، شرَّقتُ ، غَرَّبتُ
أما الجنوب فكان قصياً عصيّاً عليّ
لأنّ الجنوب بلادي
فصرتُ مجاز سُنُونُوَّةٍ لأحلِّق فوق حطامي
ربيعاً خريفاً ..
أُعمِّدُ ريشي بغيم البحيرةِ
ثم أُطيل سلامي
على الناصريِّ الذي لا يموتُ
لأن به نَفَسَ الله
والله حظُّ النبيّ ...



ومن حسن حظّيَ أَنيَ جارُ الأُلوهةِ ...
من سوء حظّيَ أَن الصليب
هو السُلَّمُ الأزليُّ إلى غدنا !



مَنْ أَنا لأقولَ لكم
ما أقولُ لكم ،
مَنْ أنا ؟



كان يمكن أن لا يحالفني الوحيُ
والوحي حظُّ الوحيدين
إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ
على رُقْعَةٍ من ظلامْ
تشعُّ ، وقد لا تشعُّ
فيهوي الكلامْ
كريش على الرملِ /



لا دَوْرَ لي في القصيدة
غيرُ امتثالي لإيقاعها :
حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً
وحَدْساً يُنَزِّلُ معنىً
وغيبوبة في صدى الكلمات
وصورة نفسي التي انتقلت
من أَنايَ إلى غيرها
واعتمادي على نَفَسِي
وحنيني إلى النبعِ /



لا دور لي في القصيدة إلاَّ
إذا انقطع الوحيُ
والوحيُ حظُّ المهارة إذ تجتهدْ



كان يمكن ألاَّ أُحبّ الفتاة التي
سألتني : كمِ الساعةُ الآنَ ؟
لو لم أَكن في طريقي إلى السينما ...
كان يمكن ألاَّ تكون خلاسيّةً مثلما
هي ، أو خاطراً غامقاً مبهما ...



هكذا تولد الكلماتُ . أُدرِّبُ قلبي
على الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ ...
صوفيَّةٌ مفرداتي . وحسِّيَّةٌ رغباتي
ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلاَّ
إذا التقتِ الإثنتان ِ :
أَنا ، وأَنا الأنثويَّةُ
يا حُبّ ! ما أَنت ؟ كم أنتَ أنتَ
ولا أنتَ . يا حبّ ! هُبَّ علينا
عواصفَ رعديّةً كي نصير إلى ما تحبُّ
لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ .
وذُبْ في مصبّ يفيض من الجانبين .
فأنت - وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ -
لا شكل لك
ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً
أَنت حظّ المساكين /



من سوء حظّيَ أَني نجوت مراراً
من الموت حبّاً
ومن حُسْن حظّي أنيَ ما زلت هشاً
لأدخل في التجربةْ !



يقول المحبُّ المجرِّبُ في سرِّه :
هو الحبُّ كذبتنا الصادقةْ
فتسمعه العاشقةْ
وتقول : هو الحبّ ، يأتي ويذهبُ
كالبرق والصاعقة



للحياة أقول : على مهلك ، انتظريني
إلى أن تجفُّ الثُمَالَةُ في قَدَحي ...
في الحديقة وردٌ مَشاع ، ولا يستطيع الهواءُ
الفكاكَ من الوردةِ /
انتظريني لئلاَّ تفرَّ العنادلُ مِنِّي
فاُخطئ في اللحنِ /
في الساحة المنشدون يَشُدُّون أوتار آلاتهمْ
لنشيد الوداع . على مَهْلِكِ اختصريني
لئلاَّ يطول النشيد ، فينقطع النبرُ بين المطالع ،
وَهْيَ ثنائيَّةٌ والختامِ الأُحاديّ :
تحيا الحياة
!
على رسلك احتضنيني لئلاَّ تبعثرني الريحُ /



حتى على الريح ، لا أستطيع الفكاك
من الأبجدية
/



لولا وقوفي على جَبَل ٍ
لفرحتُ بصومعة النسر : لا ضوءَ أَعلى !
ولكنَّ مجداً كهذا المُتوَّجِ بالذهب الأزرق اللانهائيِّ
صعبُ الزيارة : يبقى الوحيدُ هناك وحيداً
ولا يستطيع النزول على قدميه
فلا النسر يمشي
ولا البشريُّ يطير
فيا لكِ من قمَّة تشبه الهاوية
أنتِ يا عزلة الجبل العالية !



ليس لي أيُّ دور بما كُنْتُ
أو سأكونْ
...
هو الحظُّ . والحظ لا اسمَ لَهُ
قد نُسَمِّيه حدَّادَ أَقدارنا
أو نُسَمِّيه ساعي بريد السماء
نُسَمِّيه نجَّارَ تَخْتِ الوليد ونعشِ الفقيد
نسمّيه خادم آلهة في أساطيرَ
نحن الذين كتبنا النصوص لهم
واختبأنا وراء الأولمب ...
فصدَّقهم باعةُ الخزف الجائعون
وكَذَّبَنا سادةُ الذهب المتخمون
ومن سوء حظ المؤلف أنّ الخيال
هو الواقعيُّ على خشبات المسارح ِ /



خلف الكواليس يختلف الأَمرُ
ليس السؤال : متى ؟
بل : لماذا ؟ وكيف ؟ وَمَنْ



مَنْ أنا لأقولَ لكم
ما أقولُ لكم ؟



كان يمكن أن لا أكون
وأن تقع القافلةْ
في كمين ، وأن تنقُصَ العائلةْ
ولداً ،
هو هذا الذي يكتب الآن هذي القصيدةَ
حرفاً فحرفاً ، ونزفاً ونزفاً
على هذه الكنبةْ
بدمٍ أسود اللون ، لا هو حبر الغراب
ولا صوتُهُ ،
بل هو الليل مُعْتَصَراً كلُّه
قطرةً قطرةً ، بيد الحظِّ والموهبةْ



كان يمكن أن يربح الشعرُ أكثرَ لو
لم يكن هو ، لا غيره ، هُدْهُداً
فوق فُوَهَّة الهاويةْ
ربما قال : لو كنتُ غيري
لصرتُ أنا، مرَّةً ثانيةْ



هكذا أَتحايل : نرْسيسُ ليس جميلاً
كما ظنّ . لكنّ صُنَّاعَهُ
ورَّطوهُ بمرآته . فأطال تأمُّلَهُ
في الهواء المقَطَّر بالماء ...
لو كان في وسعه أن يرى غيره
لأحبَّ فتاةً تحملق فيه ،
وتنسى الأيائل تركض بين الزنابق والأقحوان ...
ولو كان أَذكى قليلاً
لحطَّم مرآتَهُ
ورأى كم هو الآخرون ...
ولو كان حُرّاً لما صار أُسطورةً ...



والسرابُ كتابُ المسافر في البِيد ...
لولاه ، لولا السراب ، لما واصل السيرَ
بحثاً عن الماء . هذا سحاب - يقول
ويحمل إبريق آماله بِيَدٍ وبأخرى
يشدُّ على خصره . ويدقُّ خطاه على الرمل ِ
كي يجمع الغيم في حُفْرةٍ . والسراب يناديه
يُغْويه ، يخدعه ، ثم يرفعه فوق : إقرأ
إذا ما استطعتَ القراءةَ . واكتبْ إذا
ما استطعت الكتابة . يقرأ : ماء ، وماء ، وماء .
ويكتب سطراً على الرمل : لولا السراب
لما كنت حيّاً إلى الآن /



من حسن حظِّ المسافر أن الأملْ
توأمُ اليأس ، أو شعرُهُ المرتجَل



حين تبدو السماءُ رماديّةً
وأَرى وردة نَتَأَتْ فجأةً
من شقوق جدارْ
لا أقول : السماء رماديّةٌ
بل أطيل التفرُّس في وردةٍ
وأَقول لها : يا له من نهارْ !



ولاثنين من أصدقائي أقول على مدخل
الليل
:
إن كان لا بُدَّ من حُلُم ، فليكُنْ
مثلنا ... وبسيطاً
كأنْ : نَتَعَشَّى معاً بعد يَوْمَيْنِ
نحن الثلاثة ،
مُحْتَفلين بصدق النبوءة في حُلْمنا
وبأنَّ الثلاثة لم ينقصوا واحداً
منذ يومين ،
فلنحتفل بسوناتا القمرْ
وتسامُحِ موتٍ رآنا معاً سعداء
فغضَّ النظرْ
!



لا أَقول : الحياة بعيداً هناك حقيقيَّةٌ
وخياليَّةُ الأمكنةْ
بل أقول : الحياة ، هنا ، ممكنةْ



ومصادفةً ، صارت الأرض أرضاً
مُقَدَّسَةً

لا لأنَّ بحيراتها ورباها وأشجارها
نسخةٌ عن فراديس علويَّةٍ
بل لأن نبيّاً تمشَّى هناك
وصلَّى على صخرة فبكتْ
وهوى التلُّ من خشية الله
مُغْمىً عليه



ومصادفةً ، صار منحدر الحقل في بَلَدٍ
متحفاً للهباء ...
لأن ألوفاً من الجند ماتت هناك
من الجانبين ، دفاعاً عن القائِدَيْنِ اللذين
يقولان : هيّا . وينتظران الغنائمَ في
خيمتين حريريّتَين من الجهتين ...
يموت الجنود مراراً ولا يعلمون
إلى الآن مَنْ كان منتصراً !



ومصادفةً ، عاش بعض الرواة وقالوا :
لو انتصر الآخرون على الآخرين
لكانت لتاريخنا البشريّ عناوينُ أُخرى



أُحبك خضراءَ . يا أرضُ خضراءَ .
تُفَّاحَةً

تتموَّج في الضوء والماء . خضراء . ليلُكِ
أَخضر . فجرك أَخضر . فلتزرعيني برفق...
برفق ِ يَدِ الأم ، في حفنة من هواء .
أَنا بذرة من بذورك خضراء ... /



تلك القصيدة ليس لها شاعر واحدٌ
كان يمكن ألا تكون غنائيَّةَ ...



من أنا لأقولَ لكم
ما أَقولُ لكم ؟
كان يمكن أَلاَّ أكون أَنا مَنْ أَنا
كان يمكن أَلاَّ أكون هنا ...



كان يمكن أَن تسقط الطائرةْ
بي صباحاً ،
ومن حسن حظّيَ أَني نَؤُومُ الضحى
فتأخَّرْتُ عن موعد الطائرةْ
كان يمكن أَلاَّ أرى الشام والقاهرةْ
ولا متحف اللوفر ، والمدنَ الساحرةْ



كان يمكن ، لو كنت أَبطأَ في المشي ،
أَن تقطع البندقيّةُ ظلِّي
عن الأرزة الساهرةْ



كان يمكن ، لو كنتُ أَسرع في المشي ،
أَن أَتشظّي
وأصبح خاطرةً عابرةْ



كان يمكن ، لو كُنْتُ أَسرف في الحلم ،
أَن أَفقد الذاكرة .



ومن حسن حظِّيَ أَني أنام وحيداً
فأصغي إلى جسدي
وأُصدِّقُ موهبتي في اكتشاف الألمْ
فأنادي الطبيب، قُبَيل الوفاة، بعشر دقائق
عشرُ دقائق تكفي لأحيا مُصَادَفَةً
وأُخيِّبَ ظنّ العدمْ



مَنْ أَنا لأخيِّبَ ظنَّ العدمْ ؟
مَنْ أنا ؟ مَنْ أنا ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.4shared.com/dir/7657622/82613fc5/_____.html
 
مساحة للشاعر محمود درويش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 3انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» انتظرهـــــا -محمود درويش
» في الانتظار - محمود درويش
» مختارات من شعر الشاعر الكبير محمود درويش رحمه الله
» قصيدة الارض - محمود درويش -
» محمود درويش وقصيدة أنا الأرض

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الاماكن :: فكر وثقافــــــــــــة :: •°o.O الآدابـــ O.o°•-
انتقل الى: