ناقش وزير الخارجية الإسرائيلي إفيجدور ليبرمان مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية الأسبوعية عدداً من الملفات الشائكة شملت سياسة الاستيطان المثيرة للجدل التي تتبعها حكومته، بجانب تهديد البرنامج الإيراني والصراع الذي يبدو ميئوساً منه مع الفلسطينيين.
وردا على سؤال بشأن تزامن قرار تمديد المستوطنات مع موافقة الفلسطينيين على بدء المفاوضات, قال ليبرمان إن الجميع يفضلون انتقاد إسرائيل في ذات الأسبوع الذي قتل فيه 60 شخصاً جراء هجمات إرهابية في باكستان، وإنه ينتظر اليوم الذي يناقش فيه البرلمان الألماني انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.
وتابع قائلا: "حينما نضع كل اللوم على إسرائيل فهذا نفاق، إننا الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، حيث يمثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ربما 3% من جميع الصراعات بالمنطقة، هذا ما قاله لنا نواب الكونجرس الأمريكي وأعضاء في مجلس الشيوخ، في حين أن العرب يذكرون الفلسطينيين باقتضاب شديد، حيث يحذرون من التهديد الإيراني بنسبة 95% من أوقاتهم".
الخلاف مع الولايات المتحدة
وأضاف ليبرمان أن الخلاف بينهم وبين الولايات المتحدة مجرد سوء تفاهم وخطأ يحدث بين أقرب الأصدقاء، كما نفى أن تكون إسرائيل قد وعدت بإيقاف البناء في القدس، معتبراً أن الإعلان خلال زيارة بايدن خطأً بيروقراطياً من اللجنة المسئولة عن البناء.
وتابع وزير الخارجية أن ما تبنيه إسرائيل ليس مستوطنات، موضحاً أنها عبارة عن أحياء جديدة يعيش فيها 65% من السكان اليهود في القدس، بدأت إسرائيل في بنائها بعد حرب 1967. وردا على وصف الولايات المتحدة لها بالمستوطنات لوقوعها خلف حدود 1967، قال ليبرمان إنها أحياء بلدية يقطنها عشرات الآلاف من السكان وإنها جزء تكميلي لعاصمة إسرائيل, وأضاف أنهم في إسرائيل غير مستعدين للتفاوض بشأن القدس.
وقال ليبرمان إن حكومته قدمت بعض التنازلات, حيث اعترف نيتانياهو لأول مرة بحل الدولتين وهو ما وصفه بالقرار الصعب في حكومة يمينية, وقال إن إسرائيل قلصت عدد الحواجز وحسنت من حركة الفلسطينيين، ما أدى إلى نمو الاقتصاد في المدن الفلسطينية بنسبة 8%, كما أكد أن إسرائيل أخذت على عاتقها إيقاف البناء في المستوطنات!
الضغط على الفلسطينيين
ورداً على مطالبة الولايات المتحدة بتقديم إسرائيل لمزيد من الإشارات بعد الأزمة الأخيرة، قال إنهم قدموا العديد منها للفلسطينيين، وإنه يعتقد أن الأمريكيين يمكن أن يمارسوا بدلا من ذلك ضغوطا على الفلسطينيين لإيقاف الأنشطة المناهضة لإسرائيل على الساحة الدولية.
واستدرك قائلا إنه على الفلسطينيين سحب القضايا التي أقاموها ضد المسئولين الإسرائيليين، وإيقاف مقاطعة البضائع الإسرائيلية وجميع أشكال التحريض، متسائلاً عن الحوافز التي تملكها إسرائيل لقبول تقديم مزيداً من التنازلات.
ونفى ليبرمان إمكانية الوصول إلى سلام قبل توفير الأمن والرخاء، ومن ثمّ يمكن الوصول إلى حل شامل، مضيفاً أن علي إسرائيل الحفاظ على العملية السياسية والمحادثات حية.
وأضاف أن المشكلة تكمن في أن إسرائيل لا تعلم من يمثله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حيث خسرت حركة فتح الانتخابات في 2006، وفي 2007 استولت حماس على السلطة بالقوة , بحسب تعبيره , في قطاع غزة.
وقال ليبرمان إن إسرائيل كانت مؤيدة لإجراء محادثات مباشرة منذ البداية، سواء كان ذلك في القدس أو رام الله، وإن الفلسطينيين هم من يعارضون ذلك ويشعرون بالقوة، لأن الغرب يتحدث دائما عن المستوطنات.
أوسلو
ورداً على سؤال المجلة باعتقاده إن كان الأمريكيون سُذج، نفى ليبرمان علمه بذلك وقال إنه يؤمن فقط بالحقائق، حيث يرى أنهم كذلك، موضحاً أن إسرائيل وقعت على اتفاقيتي سلام - إحداهما مع مصر والأخرى مع الأردن - وأنه على الرغم من أن إيهود باراك وإيهود أولمرت كانا مستعدين لإخلاء معظم المستوطنات والانسحاب لحدود 1967، فإن الفلسطينيين رفضوا التوقيع، كما أن إسرائيل تنازلت عن نصف الضفة الغربية بموجب اتفاق أوسلو.
واستدرك ليبرمان أن حكومة رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين كانت مخطئة في اتفاق أوسلو الذي عارضه منذ البداية، حيث قدمت إسرائيل تنازلات طوال ـ16 عاما، لكن الفلسطينيين رفضوها.
التسونامي الإسلامي
وأرجع ليبرمان أهمية مستوطنتي يهودا والسامرة إلى أنهما مكان ولادة الأمة اليهودية، منذ أيام الكتاب المقدس، وأن المستوطنات مهمة أيضاً بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي، وأنها تعمل كسياج لإسرائيل، وتابع أن إسرائيل مستعدة للتفاوض بشأن أجزاء منها، لكن عليهم التأكد من وجود شريك على الجانب الأخر, لكن تجربتهم أثبتت أنه ليس هناك لا شريكاً ولا نتائج.
وتابع أن هناك سوء تفاهم رئيسي بشأن طبيعة الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، حيث إنه بدأ كصراع قومي بين شعبين على قطعة أرض، لكنه تطور ليصبح صراعاً دينياً، ووصفه بأنه صداما للحضارات، ولا يمكن حله بتسوية إقليمية.
ومضى قائلاً إن الخليل كانت أول مدينة يهودية، والملك داوود بدأ الأمة من هناك، وأشار إلى أن إسرائيل لم تغير الوضع القائم في الحرم الإبراهيمي حيث إنها سمحت للمسلمين بدخول المسجد، وهذا النوع من التسامح لا يتوافر لدى الجانب المسلم، لأن حماس دعت الأسبوع الماضي لـ"يوم غضب" بعد افتتاح كنيس حرفا "الخراب"، في مدينة القدس القديمة، والذي تم تدميره في 1948.
وأشار ليبرمان إلى أنه لا يرى حلاً في اللحظة الراهنة، وأنه يجب التركيز على إدارة الصراع، مضيفاً أنه لا يمكن إيقاف التسونامي الإسلامي ببناء جزيرة صغيرة في مكان ما بالمحيط، وأن المشكلة الأكبر تكمن في التأثير العدواني لإيران.
الملف الإيراني
وفيما يخص الملف النووي الإيراني، قال إن فرض عقوبات قاسية من الغرب "الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان وأستراليا وكندا" سيكون كافياً لخنق البرنامج الإيراني.
وردا على اعتقاده بتوجيه ضربة عسكرية لإيران قال وزير الخارجية إنه لا يعتقد أن إسرائيل عليها تحمل مسئولية هذه المسألة.
جلعاد شاليط
ورفض ليبرمان الرد عن سؤال بشأن تراجع الحكومة الإسرائيلية عن اتفاق لتبادل الأسرى والجندي جلعاد شاليط في اللحظة الأخيرة، قائلاً إن الحكومة ستفعل كل ما بوسعها لإغلاق هذا الفصل شديد الحساسية.
يهمل ولا يهمل
حسبى الله ونعم الوكيل