اعترف أنني لم "أنضم" يوما إلى قوافل المتفائلين بك، ولم يخدعني هدوؤك المصطنع، فقد راقبت تصرفاتك قبل قدومك للحكم، ورأيت كيف "اختبأت" أثناء جرائم إسرائيل في غزة وبررت ذلك بأنك لم تصل للبيت الأبيض عندئذ، بينما "سارعت" بإدانة تفجيرات في الهند في الوقت نفسه، وأجريت أول مكالمة لك كرئيس مع رئيس وزراء إسرائيل.
كما أحضرت قسيسا (يناهض زواج الشواذ) ليشارك في تتويجك رئيسا، ولم تنس دعوة قسيسا يفتخر بشذوذه، ودافعت عن الصهاينة بأنك لن تسمح بأن تعيش ابنتاك تحت تهديد الصواريخ، وأذكرك بأن الفلسطينيين لديهم "نفس" الحق، وأننا لسنا عبيدا وأنتم لستم الأسياد الذين يجب أن "ننصاع" لأوامركم.
لذا لن أقول لك يا سيدي الرئيس، فقد كرمني ربي ولا أقبل لبشر أن يكون سيدا لي، "إلا" أطفال ونساء ورجال فلسطين الذين اختاروا "الصمود 61 عاما"، وتحدوا كل محاولات كسر إرادتهم.
وأهمس لك بأن "تبييض" وجه أمريكا يحتاج إلى أكثر من رئيس "أسود"، وأن عينيك تخوناك كثيرا وتفضح العنجهية الكامنة بداخلك عندما تتحدث عن العرب، بينما تفيض رقة وعذوبة عندما تتقابل مع الصهاينة وتحكي عن إسرائيل وجيرانها العرب، وكأنها هي "الأصل" ونحن الوافدون عليها، وتقدمها كبلد صغير محاط بمن يريدون افتراسها رغم أنها خامس قوة نووية في العالم، ومن العار على من عانى آباؤه وأجداده من العنصرية أن يقاتل "لتأصيلها" في فلسطين العرب، ولتكون مجرد "واجهة" لتبييض وجه أمريكا الملطخ بالدماء.
ومن المخجل لمن يتباهى بالديمقراطية أن يتحالف مع الرئيس الفلسطيني الذي انتهت ولايته منذ أول العام، ويحرضه على منع حماس المنتخبة ديمقراطيا من المشاركة في الحكم.
رأيت مخالبك!
ومن الواضح أنك تنفذ نصيحة الكاتب الأمريكي فريدمان المشهور بعداوته للعرب وللمسلمين الذي نصحك بالتشدد "سرا"، لذا أعلنت أنك تقتدي بالرئيس الأمريكي الذي حرر العبيد، بينما تخفي "مخالبك" التي تظهر كثيرا رغما عنك وأنت تحاول جعل شعب فلسطين عبيدا للصهاينة، وسرقة حقهم المشروع في الحياة، وتطالب بدولة فلسطينية "قابلة للحياة" وهى إضافة جديدة لقاموس الاستعمار البغيض والحقيقة أنك تنتمي لمن قام بإبادة الهنود الحمر.
و"أبشرك" بأننا لن نسمح بإبادة الشعب الفلسطيني أبدا، وأن الفلسطينية تنجب من أجل الجهاد منذ سنوات طويلة، "وتزغرد" عندما تزف ابنها للشهادة بدلا من الزواج، ولن تصبح وحيدة في الميدان فملايين الأمهات العربيات سارعن بالانضمام إليها بعد غفلة طالت بأكثر مما ينبغي لإدراكنا أنكم تنتظرون التهام فلسطين لتفترسوا باقي وطننا العربي.
وأذكرك بأن أي تراجع ستقومون به لن يكون تفضلا ولكنكم "ستضطرون" إليه، مثل انسحابكم من العراق بعد فشل مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي "تسرعت" وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة رايس بالاحتفال به ورحلت بصلفها البغيض، وهو ما ستضطرون لفعله في أفغانستان وسيفعله الصهاينة وسيتركون فلسطين لأهلها كما تم "إجبارهم" على الانسحاب المذل من لبنان.
وأهديك نتيجة استطلاع إسرائيلي حديث صرح فيه ثلث الصهاينة بأنهم سيفكرون جيدا في الفرار من إسرائيل إذا امتلكت إيران السلاح النووي.. ألا ترى أن هذا تفكير اللصوص الذين يسارعون بترك المسروقات والفرار عند الإحساس بالخطر.
لن ننخدع بكلامك فقد مللنا التصريحات، فقد صرح بوش أن عام 2005 لن ينتهي قبل إقامة دولة فلسطينية ومضى إلى الجحيم ولم ينفذ وعده، فهل "ستخطئ" في حساباتك كما فعل بوش وقتل مليون عراقي ومضى دون اعتذار أو تعويضات، ولا شيء يعوض قطرة دم من أي طفل عراقي أو فلسطيني بالطبع.
لا تسخر من كلام الأمهات فنحن من نصنع الرجال، وسترى هذا الكلام حقائق تذهلك..
أعلنت مؤخرا قلقك البالغ على 600 ألف أمريكي فقدوا وظيفتهم، وتناسيت ملايين الفلسطينيين الذين يعانون من 61 عاما، وسأخبرك بمعلومة تدهشك تماما.. إنهم بشر أيضا وليس الأمريكان فقط.
نفس الرائحة!
وأؤكد لك أننا نرفض المثل الصهيوني "العربي الجيد هو العربي الميت"، وأن اختيارك للظهور في فضائية عربية تطلق على شهدائنا قتلى أوضح كذب ادعائك بالتوازن، ومن الواضح أنك لم تحتفظ بجذورك الإفريقية والإسلامية سوى باللون والاسم فقط، وأنك "تحرص" على إثبات تبرئك من هذا الانتماء السابق بالتصرفات، فقد تعلمت من بوش الذي كان واضحا أكثر مما ينبغي.
ندرك جيدا أن صراعنا صراع وجود وليس حدود، ولن نتنازل عن وجودنا، ونعي أكثر النفاق الغربي، فقد واجه دبلوماسي بريطاني المحاكمة عندما قال أثناء مشاهدة جرائم الصهاينة في غزة: يجب محو جنود إسرائيل من الوجود، بينما تستقبلون قادة إسرائيل بالأحضان والابتسامات دائما.
أعترف لك أنني أتفق تماما مع الرئيس الفنزويلي تشافيز الذي قال عنك: أشم منك نفس الرائحة الـ..... التي كانت لبوش. وأقتنع بقول الرئيس الفرنسي ديجول: مشكلة الأمريكان أنهم يريدون أن يكونوا بمثابة شرطي العالم وقسيسه ومعلمه وبنكيره.
وأقسم لك أنك لن تحتال علينا بقفازك الحريري الذي يخفي "مخالبك" السامة، فقد قمت بإهداء إسرائيل عدة مليارات من دولارات شعبك لتقوم بتقويتها عسكريا مؤخرا مما يوضح كذب ادعاءاتك، ونذكرك بما قاله رئيس الكنيست السابق عندما سُئل عن مستقبل إسرائيل عام 2005 فقال "أخشى ألا تكون موجودة"، لأنه يعي أن إسرائيل مجتمع سرطاني يعيش على التغذية الخارجية لذا تحاول إطالة عمره.
ونرد عليك بأنه لا يوجد "أصدق" من الدم وقد قدمه الشعب الفلسطيني بسخاء، وهم بشر وليسوا مجرد أرقام ويتضاعف صمودهم يوما بعد يوم، وقد صرح جندي إسرائيلي بعد مذابح غزة الأخيرة: لقد صنعنا أجيالا تشتاق للانتقام.
وأذكرك بأن اجتياح إسرائيل لبلد صغير وهو لبنان عام 1982 أثمر عن نشأة حزب الله الذي تمكن من طرد الصهاينة عام 2000 وقد تعلمت الشعوب أن الرهان عليكم خاسر.