معزوفةٌ عربيَّةٌ على أوتارِ الصمتْ
- ماذا قرأتْ
ماذا كتبتْ
ومتى قرضتَ الشِّعرَ..
قُل لي..
مَن هجوتَ ومَن مدحتْ
ماذا أكلتْ
ماذا شَربتْ
ومتى تنفَّستَ الهواءَ..
وكم شهقتَ..
وكم زفرتْ
= تباً..
وما يعنيكَ أنتْ ؟
- أنا صمتكَ الموءود فيكَ..
أما ذكرتْ..؟
أنتَ الذي واريتني مذ كنتَ طفلاً..
إذ بكيتَ..
وإذ صرختْ
لكنني – ولحظِّكَ المنحوسِ - عُدتْ
= فاجأتني..!!
- حقاً ؟
= وليتكَ ما رجعتْ
....
..
- لا تلتفتْ عني..
أنا كالظلِّ فيكَ قد التصقتْ
سترى بشاعةَ صورتي..
حيثُ التفتْ
أنا كالردى..
والكلُّ يكرهُ سَيرتي أنّى حللتْ
لكنني قدرٌ..
و للأقدارِ وقتْ
...
..
لنراجع الماضي معاً..
في غيبتي ماذا فعلتْ ؟
= لا شيءَ..
عمري كالرصاصةِ مرَّ في رأسي..
وأجهل ما ارتكبتْ
....
..
- حقاً..!!
ألمْ تكتبْ إذاً ..
هلا كففتَ عن التغابي..
و اعترفتْ !!
= حسناً...
....كتبتْ
فجرَّتُ أسئلتي..
نبشتُ مواجعي..
و بكيتُ حتى ابيَّضتِ الأحداقِ من حزني..
وشبتْ
وعلى الدَّمِ المسفوحِ مِن جرحي..
رقصتْ
وشربتُ أنخابَ العذابِ..
فما سكرتُ..
وما صحوتْ
وهربتُ مِن لا شيءَ في وطني..
هربتْ
مِن كلَّ شيءٍ قد هربتْ
من ظليَّ المسحولِ خلفي كالقتيلِ..
ومِنْ خطايَ على الطريقِ..
ومِن وجوهِ العابرينَ
ومِن أكفِّ السائلينَ
ومِن إشاراتِ المرورِ
ومن محطَّاتِ العبورِ
منَ الشمالِ إلى الجنوبِ..
من المحيطِ إلى الخليجِ..
وما وصلتْ
- والآنْ ..؟
= الآنَ يا صمتي تعبتْ
مما قرأتُ..
وما كتبتُ..
وما فعلتْ
- حسناً فعلتْ
= الآنَ يا صمتي تعبتْ
في كلِّ بابٍ كنتُ كالشَّحاذِ أُدفعُ...
مذ ولدتْ
إنْ قلتُ : لا..
لأبي..
يقولُ أبي : كفرتْ
أو قلتُها في درسِ تهجئةِ الحروفِ..
يقولُ أستاذي : كفرتْ
أو قلتُها في غرفةِ الإنعاشِ قبل الموتِ..
قالَ طبيبُ إنعاشي : كفرتْ
وجهازُ إنعاشي : كفرتْ
وضمّني موتي إلى أحضانهِ..
حتَّى اختنقتْ
الآن أعلنُ توبتي..
هل كنتُ مجنوناً..
لأقرأ ما قرأتْ ؟
هل كنتُ مجنوناً..
لأكتبَ ما كتبتْ ؟
يا ليتني منْ يومِ ميلادي عقلتْ
يا ليتَ أميَّ لم تلدني شاعراً..
يا ليتَ أميَّ لم تلدني..
ليتني..
أو ليتها..
أو ليتهمْ..
....
..
هل أستمر بثقبِ حنجرتي..
بـ " ليتْ "
أم أنكَ الآنَ اكتفيتْ
- حسناً فعلتْ
للصَّمتِ - كالفردوسِ- أبوابٌ..
وذنبكَ ساقطٌ..
من أيَّ بابٍ قدْ دخلتْ
= حسناً..دخلتْ
حسناً..خرستْ
حسناً..
بترتُ أصابعي..
وكسرتُ أقلامي..
وتبتْ
وأعدتُ رأسي للخزانةِ فارغاً..
مِن كلِّ أسئلتي..
ونِمتْ
- حسناً فعلتْ
= حسناً..سئمتْ
حسناً..قرفتْ
حسناً...
خرجتُ الآنَ من جلدي..
وسِرتْ
ووضعتُ عقلي فوقَ كفيَّ..
مثلَ مجنونٍ..
وسِرتْ
و اخترتُ أعلى شرفةٍ في حيِّنا..
فعلوتها..
و رميتُ نفسي وانتحرتْ
وأرحتُ منْ نفسي بلادي..
واسترحتْ
- حسناً فعلتْ !!
8 / 1 /2010
باسم كاتبها:ابراهيم طيار