˚ ◦˚ ستظل رجلاً ˚ ◦˚
كم هي عزيزة دموعنا... لا نحب أن يراها احد سوانا
وهي تتساقط... نواريها عن الأنظار..نحاول أن نخنقها..
نحبسها... نقتلها وهي مازالت تحبو في مهد
الجفون...نعتبرها لحظة ضعف لا نريد تكرارها..
في أحلى أيام عمرنا وأنقاها .. مرحلة الطفولة .. – نحن
معشر الرجال- إذا بكينا نجد الكلمات تنزل على رؤوسنا
كالسيل المنهمر(( لا تبك فأنت رجل)) (( البكاء خلق
للمرأه)).. فهكذا.. في لحظه.. إذا بكيت زالت عنك صفة
الرجولة.. أمطرتك كلمات السخرية من هنا
وهناك...فأصبحت عقيدة لديك أن البكاء والدموع ليست
من شيم الرجال..
ولكن آه.. وألف... آه... إذا ما نزلت
دموع الفراق و القهر والشعور بالظلم والذل والهوان و
الهزيمة... يالها من دموع قاسيه على النفس...دموع
متحجرة..تشعل الأرض من تحتها كالحمم البركانية...تكاد
تجزم أنها بلون الدم..
دموع الأب إذا قتل وليده بين يديه... ودماؤه تلطخ وجنتيه
وهو يحتضنه ويصرخ ... ولدي... ولدي.. ولدي...
دموع الجندي إذا هزم في معركة واحتلت بلاده...دموع
قهر وهوان ما بعده هوان...تنزل على الرمال فتحيلها
إلى نار مستعرة تشوي الوجوه... تشعرك بمرارة الهزيمة
في كل خطوه تخطوها...
دموع الفارس الذي يهوي من على صهوة جواده دون
إرادته... يسلم رايته لعدوه... بنظرة الم وانكسار..
دموع المظلوم عندما لا يجد من ينصفه ويعيد حقه
المسلوب.... وهو يقتاد إلى ساحة القصاص ويصدر الحكم
ضده... وهو بريء....
دموع رجل طاعن في العمر... ضاقت عليه الدنيا بما
رحبت.. قبل أن تضيق عليه قلوب أولاده وتتحجر...يجلس
وحيداً مهموماً على مائدة الإفطار في رمضان...لا يستطيع
أن يساعد نفسه في شربة ماء... تتساقط دموعه سيلاً
منهمراً على خده... يتوارى خلفها ذكرى أبنائه وهم
صغار يلعبون حوله بفانوس رمضان.... على مائدة
واحده.... ينتظرون مدفع الإفطار.... وخلفه صورة
لزوجته الراحلة...
دموع من يترك بلاده وأحبابه...يسافر إلى
المجهول ....يعيش وحيداً... بحثاً عن مستقبل
أفضل....مادياً
دموع من يتلقى طعنه من عزيز عليه ... من صديق
وفي.... دموع على انهيار الأخلاق...
دموع من يدخل وطنه بتصريح من محتل غاصب...
دموع... دموع... دموع
وعلى النقيض تماماً فهناك دموع يتمناها الرجل كثيراً أن
تتساقط... لا يستطيع منعها... تسقط بعفويه
يتراقص لها القلب وأعضاء الجسد وتتفاعل معها...
دموع الندم والتوبة... ويا لها من دموع صادقه...فكم هي
الفرحة بالعودة إلى رحاب المولى- عز وجل-
أن تقف أمامه- سبحانه وتعالى- نادماً.. طالباً العفو من
رب العباد...تبكي على خطاياك.. معاصيك
ذنوبك....تغسل بها جسدك...تفرح بها الأرض وتحتويها
بحنان...وتفرح بها السماء فتعيدها مطراً ينبت
الزرع والأرض الجرداء...
دموع فرحة اللقاء بحبيب باعدت بينك وبينه الأيام...بنمو
ابنك أمام عينيك شيئاً فشيئاً...دموع النجاح
... دموع النصر على العدو الذي يحتل جسدك
ووطنك....دموع الحرية وعودة
... دموع...دموع
هذه دموع... وهذه دموع... وهذه تسقط... وهذه تسقط...
ولكن ستظل أنت رجل..مهما ذرفت عيناك من دمع...
ستظل رجلاً