المبحث الثاني
المواد الحارقة
المواد الحارقة هي مركبات كيماوية لها تأثير حارق وتتوافر فيها شروط معينة للاستخدام العسكري أهمها: أن كلب كمية كبيرة من النيران
وأن يصعب إطفائها، وأن يكون لها قدرة على الانتشار مع إعطاء درجة حرارة عالية.
أولاً: أقسام المواد الحارقة
1. مواد حارقة صلبة: مثل الثرميت والفوسفور الأبيض والإلكترون والماغنسيوم والصوديوم.
2. مواد حارقة سائلة: مثل مخلوط بترولي غير مغلظ أو مخلوط مثل النابالم.
3. مخلوطات حارقة من مواد صلبة وسائلة: وهي مزيج من مواد بترولية ومعدنية مثل البيروجيل.
ثانياً: أنواع المواد الحارقة
1. الفسفور
يستعمل الفسفور الأبيض في القنابل الحارقة حيث يتبخر بسرعة ويلتهب بملامسته للهواء مسبباً حريقاً ذو لهب وحرارة شديدة.
ويعبأ غالباً في القنابل اليدوية وذخائر المدفعية والهاونات وقذائف الصواريخ.
2. الثرميت
اكتشف
عام 1894، وأدخل في صناعة القنابل الحارقة حديثاً بديلاً عن الفوسفور وهو
خليط من مسحوق الألومنيوم وأكسيد الحديد وهي لا تشتعل بالتسخين
مهما
كانت درجة حرارة التسخين عالية مما يجعله أكثر أماناً في التداول ولكنه
يحترق بسرعة بالاشتعال منتجاً حرارة ولهب شديدين وتصل درجة الحرارة
الناتجة
عن اشتعاله 2000 : 3000 درجة ويعبأ الثر ميت في قنابل يدوية وفي ذخائر
المدفعية والهاون وقذائف الصواريخ. كما يعبأ أيضاً في قنابل
ومستودعات الطائرات. ولحرارته الشديدة يستخدم أحياناً لجذب الصواريخ الباحثة عن الحرارة بعيداً عن أهدافها.
3. الإلكترون
وهو سبيكة من الألومنيوم والماغنسيوم تنصهر في درجة حرارة عالية تصل إلى 450 : 600 درجة، ولحالته الصلبة يصنع منه الغلاف الخارجي
للقنابل
شديدة الانفجار حيث يساعد انفجارها لصهره وتطايره في حالة سخونة شديدة
تساعد على اشتعال الحرائق. وهو بهذه الصفة يعتبر مكمل للمواد شديدة
الانفجار
لزيادة تأثيرها.
4. النابالم
وهو
أهم وأخطر المواد الحارقة وأكثرها انتشاراً واستخداماً. ويكون من ملحين من
أملاح الألومنيوم هما النفتالينات، والبالميتات، حيث اشتق اسمه مع إضافة
الكيروسين.
والنابالم يتصف باللزوجة الغير ثابتة حيث يتأثر بالضغط
فيسيل. وإذا زال عنه الضغط يعود لحالته السابقة في شكل مسحوق خشن أبيض.
وبإضافة الكيروسين
للمسحوق نحصل على مادة لزجة يميل لونها للاصفرار
هي النابالم. ويلتصق النابالم بالأجسام والأسطح مهما كانت ناعمة أو ملساء
ويؤدي إلى حدوث جروح
وتشوهات قاسية.
ويستخدم النابالم بواسطة:
أ. قاذفات اللهب الخفيفة والثقيلة والميكاكلبية.
ب. قنابل المدفعية والهاونات.
ج. الصواريخ التكتيكية.
د. الألغام الأرضية.
هـ. قنابل الطائرات ومستودعاتها.
و. الرش من الطائرات على مساحة من الأرض ثم يطلق عليها قنابل أو صواريخ حارقة فتشتعل المنطقة بأكملها.
ثالثاً: تأثير المواد الحارقة على الكائنات الحية
ينحصر
تأثير المواد الحارقة على الحرارة الشديدة، التي تؤدي إلى احتراق الأجزاء
القابلة للاشتعال وتشويه الجسم البشري والحيوان بصفة عامة
وقد تكون الحروق شديدة فتؤدي للوفاة، خاصة إذا أصابت أجزاء هامة من الكائن الحي. كما أنها تؤدي لاحتراق النباتات وتلف المحاصيل.
رابعاً: أساليب استخدام المواد الحارقة
1. وسائل إطلاق المواد الحارقة
أ. الصواريخ الغير موجهه التقليدية والمعبأة بالثرميت أو النابالم.
ب. دانات المدفعية من عيار 105 و 155 مم والمعبأة بالثرميت.
ج.
قنابل الطائرات والمستودعات والعبوات المعبأة بالنابالم والمواد الشديدة
اللهب والتي يمكن استخدامها من مختلف أنواع الطائرات خاصة ذات السرعات
البطيئة
مثل الهليوكوبتر وهي الأكثر دقة وطائرات النقل الخفيف والقاذفات والقاذفات المقاتلة.
د. الألغام الكيماوية الحارقة المعبأة بالنابالم والثرميت.
هـ. قاذفات اللهب الفردية والميكاكلبية والمدرعة سواء المحمولة على الظهر بواسطة الأفراد أو مُركبة على مركبات ذات عجل أو جنزير.
و. القنابل اليدوية الحارقة المعبأة بالثرميت أو المُركبات شديدة الحرارة والوهج مثل الفوسفور ومركباته.
2. استخدام المواد الحارقة في الهجوم
أ. تستخدم المواد الحارقة في العمليات الهجومية بهدف أضعاف الروح المعنوية وعزيمة القتال لدى المدافعين وإجبارهم على ترك مواقعهم.
ب.
تؤثر المواد الحارقة على المنشآت بصفة عامة لذا تستخدم لتدمير المخزون من
الاحتياجات في المناطق الإدارية للتأثير على فترة استمرار القوات المدافعة
في القتال
خاصة عند محاصرتها وقطع طرق الإمداد.
ج.
يؤدي استخدام المواد الحارقة إلى تدمير المعدات والأسلحة وأجهزة الاتصال
وعربات القيادة وهو ما يربك القيادات ويشل فاعليتها في السيطرة على
القوات.
د. يؤدي استخدام المواد الحارقة على محاور تحرك الاحتياطات لتأخيرها في القيام بالهجمات المضادة.
3. استخدام المواد الحارقة في الدفاع
أ. إضعاف الهجوم الرئيسي للقوات المهاجمة وشل أنساقه الثانية واحتياطاته ومنعها من تطوير الهجوم.
ب. معاونة القوات القائمة بالهجوم المضاد لقوات الدفاع وأضعاف الروح المعنوية لقوات الهجوم.
ج.
إحباط الهجوم بقصف مناطق الحشد والمناطق الابتدائية للهجوم بالمواد
الحارقة قبل بدء الهجوم مما يحث ذعر وخسائر تربك القيادات وتؤخر بالهجوم
المتوقع.
د. قصف أو قتال قوات العدو أثناء
تقدمها لعرقلتها وأحداث الخسائر بها أو لمنعها من المطاردة وتهيأت الظروف
المناسبة للقوات المرتدة أو القادمة من العمق (الاحتياطات)
لتجهيز واحتلال دفاعات مناسبة.
هـ.
تستخدم ضمن الموانع الهندسية في الدفاع الثابت والمتحرك لإجبار المهاجم
على الدخول في مناطق القتل ومفاجأته بتأثير الصدمة من الألغام الحارقة.
و. تستخدم ضد المنشآت الحيوية ومراكز التصنيع العسكري والاقتصادي لزيادة خسائر العدو الاقتصادية وإيقاف إنتاجه العسكري.
خامساً: القنبلة الارتجاجية (الهوائية) Concussion Bomb
والقنبلة
الارتجاجية، تعتبر من عائلة المواد الحارقة، وتبنى نظرية عملها على أساس
تفجير الوقود الغازي الذي يُحدث موجة الضغط والاشتعال الغازي بدرجة حرارة
أكثر
من 1000 درجة مئوية، وتؤدي هذه القنبلة إلى تأثير انفجاري وتدميري بفعل
موجة الضغط في الكرة المشتعلة المتفجرة لغازات مثل أكسيد
الإيثيلين (Ethylene oxide) أو أوكسيد البروبيلين (Propylene oxide).
ويُطلق
على القنبلة الارتجاجية أيضا اسم "قنبلة الوقود المتفجر جواً" أو "قنبلة
الوقود الغازي" وتعتبر من أسلحة التفجير الحجمي التي دخلت الخدمة في
القوات المسلحة الأمريكية
والسوفيتية في عقد الستينيات، ثم طورت
برامجها دول أوروبية وبعض دول العالم الثالث خاصة الأرجنتين والبرازيل
وشيلي وإسرائيل والعراق.
وقد استخدم هذا النوع من القنابل في
الحرب الفيتنامية، ثم على نطاق ضيق في كل من الحرب الأفغانية، وحرب الخليج
الثانية في 24 فبراير 1991.
1. قنبلة الوقود الغازي
ابتكرت
في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق كأحد أهم أنواع
الأسلحة فوق التقليدية التي تفوق في قوتها الانفجارية القنابل شديدة
الانفجار
بخمسة أضعاف كحد أدنى.
وقد بدأ الأمريكيون
تجاربهم على المواد الهيدروكربونية التي يمكن استخدامها كمواد متفجرة بقوة
تدميرية كبيرة عند اختلاطها بالأكسجين، بالإضافة إلى قابليتها
للاشتعال الفوري باستخدام مواد شهيرة مثل داي ميثيل الهيدرازين اللامائي Anhydrous (Unsymnetrical drazine Dimethyl).
وقد
اختار الباحثون مادة أكسيد الإيثيلين لبدء تجاربهم في بحيرة الصين China
Lake في ولاية كاليفورنيا الأمريكية في الخمسينيات، ووجد أن القوة
الانفجارية
الناتجة عن انفجار هذا الغاز تفوق الناتجة عن وزن مماثل
من مادة شديدة الانفجار TNT بحوالي 2.7 : 5 مرات، ويزداد التأثير التدميري
إذا كان هناك موجات
ضغط منعكسة، كذلك فإن مدى تأثير موجات الضغط
الناتجة عن انفجار أكسيد الإيثيلين يفوق مدى تأثير موجات الضغط الناتجة عن
انفجار المادة شديدة الانفجار TNT
بنحو 40 % من إجمالي طول مسافة انتشار موجة الضغط.
2. البرنامج الأمريكي لقنابل الوقود الغازي
بدأت
البحرية الأمريكية برنامجها لإنتاج قنابل الوقود الغازي عام 1960، بهدف
اختيار غاز مناسب أو وقود سائل يتحول إلى سحابة غازية في زمن وجيز تختلط
بالهواء
بتركيز معين قرب الهدف، ثم يتم إشعالها، في لحظة معينة بعد الزمن الأنسب
لانتشار سحابة الغاز واختلاطها بالهواء لتحدث موجات انفجارية تدمر المعدات
والتحصينات،
وحقول الألغام، وتعتبر زيادة الضغط إلى 3.2 كيلوجرام/السنتيمتر المربع
كافية لتدمير حقول الألغام المضادة للدبابات، وللتأثير على دشم الطائرات
وتتحرك
موجة الضغط الناشئة عن اشتعال أكسيد الإيثيلين بسرعة 1500 : 2000
متر/ثانية وتتزايد خطورتها في الأماكن المحصورة والمناطق المبنية.
استمرت
تجارب القوات الأمريكية في فيتنام لإنتاج القنبلة العنقودية الثلاثية CBU
- 55B لمدة ثلاث سنوات (1967 : 1969) لاستخدامها بواسطة الهليوكوبتر
لفتح الثغرات في حقول الألغام وشق الطرق في مناطق الغابات، وبدأ استخدام هذه القنابل على نطاق واسع وبواسطة طيران البحرية عام 1970
لتدمير
مزروعات الأرز في دلتا نهر الميكونج (Mykong) وبخاصة في هايفونج
(Haifong)، وكانت القنابل زنة 500 رطل تلقى من ارتفاع 600 متر
وتسقط
بالتثاقل الطبيعي وتطلق مع كل قنبلة ثلاثة أوعية كل منها مملوء بحوالي 6.
32 كيلوجرام من أكسيد الإيثيلين السائل، وينفجر كل وعاء عند اصطدامه بالأرض
ويتفاعل
غاز أكسيد الإيثيلين مع الهواء وتتكون سحابة من الغاز، ثم تشتعل وتنفجر
لتحقق دماراً شاملاً في الغابات في منطقة قطرها 25 : 30 متراً.
وفي عام 1971، دخلت إلى الخدمة بالجيش الأمريكي القنبلة CBU-72 المعبأة بغاز أكسيد الإيثيلين والمزودة بمظلة فرملية
واعتبرت ذروة الجيل الأول من قنابل الوقود الغازي.
وقامت
البحرية الأمريكية بتطوير الجيل الثاني من قنابل الوقود الغازي، وتمت
تجربتها على عمق 27 متراً قرب المدمرة الأمريكية MC- NUTTY
قديمة الطراز، فأغرقتها، كما أطلقتها من الهليوكوبتر سيكورسكيCH - 46 والهيل UH - 1، والطائراتA-4 ،A-7، وأطلقت في حشد نيراني
وفق نظامMAD-FAE, Mass Air Delivery Fuel Air Explosives.
.