المبحث الأول
الغازات الحربية
War
Gases
اعتبرت
الغازات الحربية في الفكر العسكري
الحديث أداة ردع قريبة المستوى من وسائل
الردع فوق التقليدية، وذلك بإتاحة
الخيار الكيماوي قبل اللجوء إلى الخيار
النووي، ولهذا كان لابد من تعدد وسائل
الردع ضد الأهداف العسكرية ذات
الأهمية الإستراتيجية والتعبوية وكذا الأهداف
الحيوية الصناعية والمدنية
في عمق أراضي العدو طبقاً للموقف.
والغازات الحربية
هي المواد الكيماوية التي لها تأثير كيميائي
وفسيولوجي ضار بالكائنات
الحية كما أنها تلوث الأرض والأسلحة والمعدات والمهمات
وكل ما تصل إليه،
وتستخدم لإحداث خسائر في الأفراد وتلويث القطاعات الهامة من
الأرض وكذا
الأسلحة والمعدات لمنع الأفراد من استخدامها بهدف هزيمة القوات
العسكرية
المعادية وإحداث أكبر خسائر بها.
أولاً:تقسيم الغازات الحربية :
1.تقسم الغازات الحربية من حيث الاستخدام القتالي إلى:
أ. غازات سامة قاتلة
وهي
غازات تحدث
تأثيراً ساماً على أعضاء جسم الإنسان قد تؤدي إلى الوفاة.
وتشمل الغازات الكاوية
وغازات الأعصاب وغازات الدم والغازات الخانقة.
ب. غازات شل القدرة
وهي
غازات تحدث تأثيرات فسيولوجية أو ذهنية أو كليهما لفترة
زمنية معينة، وهي
تجعل الأفراد غير قادرين على تركيز جهودهم للقيام بالأعمال
المكلفين بها.
وتشمل غاز حمض ليسرجيك ثنائي إيثل أميد LSD، وغاز BZ.
ج. غازات إزعاج
وهي غازات تحدث تهيج لبعض أجزاء من الجسم لفترة مؤقتة من الوقت
وتشمل الغازات المقيئة والمسيلة للدموع.
2.تقسم الغازات الحربية من حيث التأثير الفسيولوجي على
الإنسان إلي:
أ. الغازات الخانقة:
وهذه
المجموعة تؤثر على الجهاز التنفسي، وتتكون من غاز
الفوسجين، الذي اكتشفه
العالم الإنجليزي دافي Davi، عام 1812، وقام العلماء
الألمان بتحضيره
واستخدامه في الحرب العالمية الأولى في ديسمبر 1915، ضد القوات
الفرنسية.
وغاز ثنائي فوسجين، الذي تم اكتشافه وتصنيعه بواسطة العلماء الألمان،
خلال
الحرب العالمية الأولى. وهذه الغازات لها فترة كمون. أي أن تأثيرها
على
الإنسان يظهر بعد فترة من الوقت تتراوح بين 3 : 4 ساعة، كما أن لها
تأثير
متراكم في الجسم، أما في حالة التركيزات العالية فيظهر تأثير
الغاز
سريعاً. يستخدم غاز الفوسجين في صورة غاز يلوث الهواء ويؤثر على
الجهاز
التنفسي عن طريق استنشاق الهواء الملوث أما ثنائي فوسجين فيستخدم في
صورة
سائل يتحول إلى أبخرة بعد فترة من الوقت تصل إلى 6 ساعات، تلوث
الهواء
وبالتالي تؤثر على الجهاز التنفسي عند استنشاقه.
ب. غازات الأعصاب
تم
اكتشاف المركبات الفسفورية السامة خلال الثلاثينيات من هذا
القرن، واستمرت
الأبحاث الخاصة بتطويرها حتى اليوم. وفي عام 1937م استطاعت
ألمانيا تحضير
غاز التابون Tabun، وأنشأ مصنع لإنتاج غاز التابون وكانت طاقته
الإنتاجية
قدرها 12 طن يومياً وبدأ إنتاجه عام 1943، واكتشف غاز الزارين عام
1942،
وتم إنشاء مصنع في ألمانيا لإنتاجه أيضاً في بداية عام 1945، بمعدل 20
طن
يومياً. وفي الولايات المتحدة الأمريكية بدأ العلماء في دراسة
تصنيع
المواد العضوية الفسفورية والتي عرفت باسم (V – Gases) واستمرت
الأبحاث
حتى تم اكتشاف (V- agents عام 1955، والتي تعرف بأنها أخطر أنواع
غازات
الأعصاب.يرجع التأثير السام لهذه الغازات إلى أنها تحدث انقباض في
العضلات
وأيضاً ضيق في التنفس نتيجة انقباض في عضلة الصدر ويصاحب ذلك ضيق في
حدقة
العين، ويحدث الشلل بطول فترة التعرض وفي الحالات الشديدة
تحدث
الوفاة.وتتكون هذه المجموعة من غازات الزارين، والتابون، والزوبان، و
VX،
وهذه الغازات ذات تأثير سريع جداً وذات درجة سميه عالية جداً.
وتستخدم
غازات الأعصاب في صورة سوائل لتلويث الأسلحة والمعدات والتعيينات
والأرض.
وفي صورة ضباب (أبخرة) لتلويث الهواء.
ج. غازات الدم
قام
الفرنسيون بتحضيره للاستخدام الحربي في عام 1916،
أثناء الحرب العالمية
الأولى وذلك في صورة مخلوط مع ثالث كلوريد الزرنيخ ورابع
كلوريد الكربون
والكلوروفورم، ويؤثر هذا الغاز عند امتصاصه داخل الجسم عن طريق
الاستنشاق
على إنزيم السيتوكروم أكسيدايز (Cytochrome – Oxidase) الذي يقوم
بنقل
الأكسجين من هيموجلوبين الدم إلى أنسجة الجسم حيث يوقف الغاز عمل
هذا
الإنزيم، فيمنع وصول الأكسجين إلى الأنسجة الحيوية في الجسم
لتغذيتها
فيحدث تسمم مما يؤدى إلى الوفاة. وتتكون هذه المجموعة من غازات
حامض
كلورميد سيانوجين، وسيانيد الهيدروجين، وهذه الغازات ذات تأثير سريع.
وهي
تستخدم في صورة أبخرة تلوث الهواء ويظهر تأثير هذه الغازات عندما
يستنشق
الهواء الملوث فقط.
د. الغازات الكاوية
تستخدم
الغازات الكاوية لتأثيرها القاتل على الأفراد، وهي لها
تأثير كاوٍ على
الجلد، كما أنها تؤثر على الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والعين.
كما تلوث
المناطق الحيوية من الأرض وتعرقل استخدامها، وتلوث الأسلحة والمعدات
وتحد
من استخدامها القتالي. وتأتي تأثيرات الغازات الكاوية ببطيء،
وتظهر
أعراضها خلال فترة تتراوح بين 4 : 8ساعات، ولا تسبب آلاماً وقت التعرض
ما
عدا غاز اللويزيت Lewisite، فتظهر أعراضه خلال بضع دقائق، فينتج عنه
آلام
عند التعرض له وملامسته للجلد. ويستخدم الغاز في صورة سوائل يتحول
جزء
منها بفعل الحرارة إلىضباب وأبخرة سامة تنتشر في الجو. وتتكون
هذه
المجموعة من غازات الخردل Mustard، وثنائي بروموثيل سلفيد، واللوزيت.
وقد
استخدم غاز الخردل Mustard في الحرب العالمية الأولى في 12يوليو من
عام
1917م بواسطة القوات ألمانيا ضد القوات الروسية على الجبهة الغربية
في
أيبر، وقد أنتج منه حوالي 250 ألف طن في الفترة قبل نشوب الحرب
العالمية
الثانية ولكنه لم يستخدم في تلك الحرب.
هـ. الغازات المقيئة
وهي
تسبب تهيج للأغشية المخاطية للأنف والحنجرة، كما تسبب أيضا
كحة وعطساً
وتتساقطالدموع نتيجة تأثيرها على العين، وغالباً ما يصاحب ذلك صداع
شديد
وقيء. ومن أنواع هذه الغازات غاز كلوريد فينا رسازين.
و. الغازات المسيلة للدموع
وتشتمل
على غاز الكلور أستيوفينون (CN) Chloroacotophenone،
كما تضم مجموعة
الغازات المسيلة للدموع مركبات عديدة مختلفة التركيب جميعها
تحتوى على
هاليدات الهيدروكربونات العطرية أو غير العطرية، وتتميز الغازات
المسيلة
للدموع بتأثيرها الفوري على العين حيث تسبب تهيجاً شديدا للأعين مما
ينتج
عنه إفرازاً شديداً للدموع، كما تهيج أعصاب العين علاوة على ذوبانها
في
دهون الأنسجة الجلدية والتي تحتوي على أعصاب العين، وقد تم إنتاجها
بواسطة
الولايات المتحدة عام 1918م.
ز. غازات شل القدرة(الغازات
النفسية)
وهي
مواد تؤثر على السلوك النفساني والمزاج الشخصي، تجعل الفرد
يفقد السيطرة
على نفسه ويتصرف تصرفات غير إرادية لفترة زمنية محددة.
وتعتبرالغازات
النفسية ضمن مجموعة الغازات المزعجة من وجهة النظر الأمريكية على
أساس
أنها تسبب فقداً مؤقتاً لبعض الوظائف الحيوية بالجسم وبالتالي التأثير
على
القدرة القتالية للقوات نتيجة للجرعات المحدودة من هذه المواد والتي
لا
تؤدي إلى القتل. ولكن استمرار مظاهر الاختلال النفسي عند الأفراد في
حالة
زيادة الجرعة عن الحدود المسموح بها قد يسبب أمراضاً نفسية تستمر مع
الفرد
طول حياته، وكان أول ما نشر عن استخدام المواد النفسية في الأغراض
الحربية
في مارس من عام 1963م وكان عن استخدام القوات الأمريكية لغاز (BZ)
في
فيتنام، وقد ذكر أن من تأثير هذه المادة على الأفراد المصابين حدوث
مظاهر
الخوف والفزع المصاحبة بألم في الرأس وفقد السيطرة، وكان ذلك أول
استخدام
حربي ميداني للغازات الحربية النفسية. وتقسم هذه الغازات من
الناحية
العقاقيرية إلى مجموعتين رئيسيتين هما:
(1) غازات نفسية ذات أصل نباتي أو حيواني مثل LSD.
(2) غازات نفسية تخليقية : مثل BZ.