حفل الزفاف " ليلة العمر كما يحلو للجميع تسميتها" تحييه العروس وصديقاتها بالرقص والغناء دون فاصل، فلم يعد هناك حاجة لراقصة من الدرجة الثانية ولا حتى الرابعة لتحيي الحفل كما كان عليه في الماضي.
كما اختفت الفرق الموسيقية والغنائية التي كانت تتبارى في تقديم كل ما هو جديد بأصوات تشدو حتى الساعات الأولى من الصباح ليحل محلها اسطوانات المطربين والمطربات "دي جي". كل هذا اختفى لإفساح الطريق أمام العروس لتحيي حفلتها بنفسها وبمواهبها، فتارة راقصة وأخرى مغنية وأحيانا مشجعة إذا ما جاملتها إحدى زميلاتها برقصة على الموسيقى الناعمة.
أما الغريب في حفلات الزفاف هذه الأيام أن الآباء يشجعون بناتهم على الرقص حتى الصباح لتجامل زميلاتها، وتنفس على نفسها، وربما لتعرض مواهبها الدفينة التي لن تخرج إلا في تلك المناسبات السعيدة مطبقين بذلك المثل المصري الشهير"النهاردة عندك.. بكرة عندي".
في حين كان الفرح في الماضي القريب سواء المقام في الفنادق الخمس نجوم أو في الحارات المصرية الضيقة يقدس وقار العروس من خلال تصميم فستان الزفاف، أو في حركتها البسيطة التي كانت لا تتجاوز فيها توزيع الابتسامات على المهنئين بوجه تكسوه حمرة الخجل، ويحظر عليها ترك مكانها حتى عندما تعلن الطبول بدء زفافها إلى منزلها الجديد فهي تنتظر أن يأخذ العريس بيدها ، عند انتهاء الليلة الساهرة.
كما كان بعض الأزواج يتدربون على حفل الزفاف قبل إقامته بعدة أيام أمام الأهل والأصدقاء بهدف ظهور الزوجين أمام المهنئين متفاهمين، متآلفين، وحركاتهما أثناء الزفاف جزء متناسق مع برنامج الحفل حتى تنتهي ليلة الزفاف بسلام، وبدون أخطاء.
وكانت الراقصات والمطربين والمطربات ومعهم الفرق الغنائية هي التي تحيي الأفراح، بل يتباهى الأزواج الشباب بأن الراقصة الشهيرة والمطرب الشهير هو الذي أحيى حفل زفافهما حتى الصباح.
وتقول إحدي الفنانات المصريات "أن تغير شكل الأفراح المصرية هو مردود طبيعي لتراجع الحالة الاقتصادية، كما أن حفل الزفاف بالنسبة للعروسين هو ليلة العمر التي لن تتكرر، فيستمتعان بها كما يحلو لهما طالما كانت في حدود العادات والتقاليد المصرية الأصيلة".
وتعترف الفنانة بتأثرها كراقصة من تغير شكل الفرح المصري، حيث تقول" حسن السوق ولا حسن البضاعة، فسوء الحالة الاقتصادية أثرت بالسلب على كل الناس مطربين ومطربات، وأيضا الراقصات، وكل فئات المجتمع .
وترى د. أمنية فاروق الخبيرة في العلوم الاجتماعية
"أن شكل الفرح المصري تغير تماما سواء في طقوسه أو في أسلوب العروسين وآبائهم، وأيضا المهنئين، وهو نتاج طبيعي لتغير الهرم الاجتماعي في مصر، وتعبير حقيقي عن الطبقة الكادحة التي اختصرت كل مظاهر الفرح في صورة مختزلة لتبدو عصرية لكن القصد منها هو خفض تكاليف الأفراح في مصر، والتحايل على الظروف المعيشية الصعبة".
وقد انقسم شكل الفرح إلى ثلاثة أشكال:
أفراح الأغنياء
وهو الفرح الذي ما يزال يصر على اتباع التقاليد القديمة في الأفراح بدعوة كبار المطربين والمطربات والراقصات دون الاهتمام بتكلفته المادية .
وفرح الطبقة الكادحة
التي رأت ضرورة الاستغناء عن الراقصات والفرق الغنائية ذات الأجور الباهظة والتي كانت تستغل حاجة الأسر لإقامة أفراح أبنائهم وتضع تسعيرة كبيرة لا يستطيع الزوج الوفاء بها .
والفرح الإسلامي
وهو الفرح الذي يقام في القاعات الملحقة بالمساجد، وفيه ينفصل الرجال عن النساء، ومن ثم فليفرح كل بطريقته دون حرج أو خروج عن التقاليد الإسلامية، وهو النوع الذي التقى فيه الطبقتين، حيث يجمع الأغنياء والكادحين على حد سواء لرغبة الطرفين في إقامة حفل على الطريقة الإسلامية كما أن تكلفته لا تذكر مقارنة حتى بالأفراح الحالية.