يقول يزيد بن معاوية في الغزل:
نالت على يدها ما لم تنله يدي * نقشا على معصم أوهت به جلدي
كأنه طرق نمل في أناملها * أو روضة رصعتها السحب بالبرد
وقوس حاجبها من كل ناحية * ونبل مقلتها ترمي به كبدي
مدت مواشطها في كفها شركا * تصيد قلبي به من داخل الجسد
أنيسه لو رأتها الشمس ما طلعت * من بعد رؤيتها يوما على أحد
سألتها الوصل قالت : لا تغز بنا * من رام منا وصالا مات بالكمد
فكم قتيل لنا بالحب مات جوى * من الغرام ولم يبدئ ولم يعد
فقلت : استغفر الرحمن من زلل * إن المحب قليل الصبر والجلد
قد خلفتني طريحا وهي قائلة * تأملوا كيف فعل الظبي بالأسد
قالت لطيف خيال زارني ومضي : * بالله صفه ولا تنقص ولا تزد
فقال : خلفته لو مات من ظمأ * وقلت : قف عن ورود الماء لم يرد!
قالت : " صدقت الوفا في الحب شيمته " * يا برد ذاك الذي قالت على كبدي
واسترجعت سألت عني فقيل لها : * ما فيه من رمق دقت يدا بيد
وأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت * وردا وعضت على العناب بالبرد
وأنشدت بلسان الحال قائلة * من غير كره ولا مطل ولا مدد
والله ما حزنت أخت لفقد أخ * حزني عليه ولا أم على ولد
إن يحسدوني على موتي فوا أسفي * حتى على الموت لا أخلو من الحسد