دعني وجرحي .. فقد خابت أمانينا
هل من زمانٍ يُعيد النبض يحيينا ؟
ياساقي الحزن لا تعجب ففي وطني
نهرٌ من الحزن يجري في روابينا
كم من زمانٍ كئيب الوجه فرّقنا
و اليوم عدنا ونفس الجرح يدمينا
جرحي عميقٌ خُدعنا في المداوينا
لا الجرح يُشفي .. ولا الشكوى تعزّينا
كان الدواء سموماً في ضمائرنا
فكيف جئنا بداءٍ كي يداوينا ؟!
هل من طبيب يُداوي جُرح أمته
هل من إمامٍ لدربِ الحق يهدينا ؟
كان الحنين إلى الماضي يؤرقنا
واليوم نبكي على الماضي .. ويبكينا
من يرجع العمر منكم .. من يبادلني
يوماً بعمري .. ونحيي طيف ماضينا ؟
إنّا نموت .. فمن بالحق يبعثنا ؟
لم يبق شيءٌ سوى صمتٍ يواسينا
صرنا عرايا أمام الناس .. يُفزعنا
ليلٌ تخفّى طويلاً .. في مآقينا
صرنا عرايا .. وكل الأرض قد شهدت
أنا قطعنا بأيدينا .. أيادينا !
يوماً بنينا قُصور المجد شامخةً
والآن نسأل عن حُلمٍ يوارينا
أين الإمام رسولُ الله يجمعنا ؟
فاليأس و الحزن كالبركان يُلقينا
دينٌ من النور .. بين الخلقِ جمَّعنا
و دين طه .. ورب الناس يغنينا
يا جامع الناس حول الحقِّ .. قد وهنت
فينا المروءة .. أعيتنا مآسينا
بيروت في اليمِّ ماتت .. قدسنا انتحرت
ونحن في العار نسقي وحلنا طينا
بغداد تبكي .. وطهرانٌ يحاصرها
بحرٌ من الدم .. بات الآن يسقينا
هذي دمانا رسول الله تُغرقنا
هل من زمان بنور العدل يحمينا ؟
أي الدِّماء شهيدٌ كلما حملت
في الليل يوماً سهام القهر تُردينا
القدس في القيد تبكي من فوارسها
دمع المنابر يشكو للمصلينا
حُكامنا ضيعونا حينما اختلفوا
باعوا المآذن .. والقرآن .. والدينا
حكامنا أشعلوا النيران في غدنا
ومزقوا الصبح في أحشاء وادينا
مالي أرى الخوف فينا ساكناً أبداً
ممن نخاف .. ألم نعرف أعادينا ؟
أعداؤنا .. من أضاعوا السيف من يدنا
وأودعوه سُجون الليل تطوينا
أعداؤنا .. من توارى صوتهم فزعاً
والأرض تُسبى .. وبيروت تنادينا
أعداؤنا أوهمونا .. آه كم زعموا
وكم خُدعنا .. بوعدٍ عاش يُشقينا
قد خدّرونا بصبحٍ كاذبٍ زمناً
فكيف نأمل في يأسٍ يُمنينا ؟
أي الحكايا ستروى ؟ .. عارُنا جللٌ
نحن الهوانُ .. وذلُّ القُدسِ يكفينا
من باعنا خبِّروني ؟ .. كلهم صمتوا
والأرضُ صَرات مزاداً للمرابينا
هلم من زمانٍ نقيٍّ في ضمائرنا
يُحيي الشُّموخ الذي ولَّى .. فيحيينا ؟
يا ساقي الحزن .. دعيني إنني ثملٌ
إنّا شربناه قهراً .. مابأيدينا
عُمري شُموعٌ .. على درب المِنى احترقت
والعمر ذاب .. وصار الحُلمُ سِكِّنا
كم من ظلامٍ ثقيلٍ عاش يُغرقنا
حتَّى انتفضنا .. فمزقنا دياجينا
العمر في الحلم أودعناه من زمنٍ
والحلم ضاعَ .. ولا شيءٌ يعزِّينا
كُنَّا نرى الحَقَّ نُوراً في بصائرنا
والآن للزيف حِصنٌ في مآقينا
كُنَّا إذا ما توراى الحلم عانقنا
حلمٌ جديد .. يُغني في روابينا
كُنا إذا خاننا فرعٌ نُقطِّعه
وفوق أشلائه تمضي أغانينا
كنا إذا ما استكان النُّور في دمنا
في الصبح ننسى ظلاماً عاش يطوينا
كُنا إذا اشتد فينا اليأسُ .. وانكسرت
منّا السيوف .. ونادانا منادينا
عُدنا إلى الله .. عل الله يرحمنا
و الآن نخجل منه .. من معاصينا
الآن يرجف سيفُ الزور في يدنا
فكيف صارت كُهوف الزيفِ تُووينا ؟
هل من زمانٍ يُعيد السيف مشتعلاً ؟
لا شيء والله غير السيف يبقينا
يا خالد السيف لا تعجب ففي زمني
باعوا المآذن .. والقرآن راضينا
قم من ترابك يا ابن العاص .. في دمنا
ثأرٌ طويلٌ .. لهيب العاِ يكوينا
قم يا بلال .. و أذِّن .. صمتنا عدمٌ
كل الذي كان طُهراً لم يعد فينا
هل من صلاحٍ بسيف الحقِّ يجمعنا
في القدس يوماً فيحييها .. ويحيينا ؟
هل من صلاحٍ يداوي جُرح أمته
و يطلع الصبح ناراً من ليالينا ؟
هل من صلاحٍ لشعبٍ هدَّه أملٌ
ما زال رغم عِناد الجُرح يشفينا
هل من صلاح يُعيد السيف في يدنا ؟
و لتبتروها .. فقد شُلت أيادينا
حُزني عنيدٌ .. وجرحي أنت يا وطني
لا شيء بعدك مهما كان .. يُغنينا
إني أرى القدس في عينيك ساجدةً
تبكي عليكَ .. و أنت الآن تبكينا
آه من العمرِ .. جُرحٌ عاش في دمنا
جئنا نُداويه .. يأبى أن يداوينا
ما زال في العين طيفُ القدس يجمعنا
لا الحلم مات .. ولا الأحزان تنسينا
لا القدس عادت .. ولا أحلامنا هدأت
وقد نموت و تحيينا أمانينا
ما أثقل العمر .. لا حُلمٌ . ولا وطن
ولا أمان .. ولا سيفٌ ليحمينا