السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
حكى أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم شاب يسمى
علقمة ، كان كثير الاجتهاد في طاعة الله ، في الصلاة والصوم والصدقة ، فمرض واشتد
مرضه ، فأرسلت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن زوجي علقمة في النزاع
فأردت أن أعلمك يارسول الله بحاله .
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم : عماراً وصهيباً
وبلالاً وقال: امضوا إليه ولقنوه الشهادة ، فمضوا إليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزع
الأخير، فجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله ، ولسانه لاينطق بها ، فأرسلوا إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : هل من أبويه من أحد حيّ ؟ قيل : يارسول الله أم كبيرة السن فأرسل إليها
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للرسول : قل لها إن قدرت على المسير إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم وإلاّ فقري في المنزل حتى يأتيك . قال : فجاء إليها
الرسول فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : نفسي لنفسه فداء أنا
أحق بإتيانه . فتوكأت ، وقامت على عصا ، وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فسلَّمت فردَّ عليها السلام وقال: يا أم علقمة أصدقيني وإن كذبتيني جاء الوحي من
الله تعالى : كيف كان حال ولدك علقمة ؟ قالت : يارسول الله كثير الصلاة كثير
الصيام كثير الصدقة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما حالك ؟ قالت
:يارسول الله أنا عليه ساخطة ، قال ولما ؟ قالت : يارسول الله كان يؤثر علىَّ
زوجته ، ويعصيني ، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن سخط أم علقمة حجب لسان
علقمة عن الشهادة ثم قال: يابلال إنطلق واجمع لي حطباً كثيراً ، قالت: يارسول
الله وماتصنع؟ قال : أحرقه بالنار بين يديك . قالت : يارسول الله ولدى لايحتمل
قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي . قال ياأم علقمة عذاب الله أشد وأبقى ، فإن سرك أن
يغفر الله له فارضي عنه ، فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولا بصيامه ولا
بصدقته مادمت عليه ساخطة ، فقالت : يارسول الله إني أشهد الله تعالى
وملائكته ومن حضرني من المسلمين أني قد رضيت عن ولدي علقمة . فقال : رسول الله صلى
الله عليه وسلم : إنطلق يابلال إليه انظر هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله أم لا
؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياءاً مني ، فانطلق بلال فسمع علقمة من
داخل الدار يقول لا إله إلا الله . فدخل بلال وقال : ياهؤلاء إن سخط أم علقمة حجب
لسانه عن الشهادة وإن رضاها أطلق لسانه ، ثم مات علقمة من يومه ، فحضره رسول الله صلى
الله عليه وسلم فأمر بغسله وكفنه ثم صلى عليه ، وحضر دفنه . ثم قال: على
شفير قبره ( يامعشر المهاجرين والأنصار من فضَّل زوجته على أمُّه فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين ، لايقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً إلا أن يتوب إلى الله
عز وجل ويحسن إليها ويطلب رضاها . فرضى الله في رضاها وسخط الله في سخطها )
اللهم رزقنا رضاهم يارب العالمين