السلام عليكم
الشعب الظاهرة أمام ظاهرة
قال تعالى :<< هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم >> الحديد : 03
الظاهر كما تبين الآية الكريمة هو اسم من أسماء الله الحسنى التي سمى بها نفسه ، والظهورصفة اتصف بها جل في علاه دلت على أنه ظهر فوق كل شيء وعلا عليه ظهورا مطلقا خاصا به وحده.
أما غير المطلق فيمكن ان نصف به حالة ما برزت وغلبت وعلت على غيرها من الحالات في المكان
أوالزمان أو في كليهما معا داخل مجال معين: سياسة، إقتصاد، حرب أو رياضة أو أدب وغيرها. فنقول مثلا الحركة الفلانية ظاهرة في النضال والتحرر والجمعية العلانية ظاهرة
في مجال العمل الخيري وزيد هو ظاهرة خطابة وعمرو ظاهرة في كرة القدم وهكذا.
ولو أخذنا الشعب الفلسطيني كحالة في التاريخ المعاصر لشعب يسعى لنيل حقوقه واستقلاله أو
كحركة تحرر لأجزنا لأنفسنا أن نقلده هذا الوسام( الشعب الفلسطيني ظاهرة في التاريخ المعاصر) لمعطيات أراها شخصيا تؤهله لذلك :
أولا: هذا الشعب لم توفر له الظروف الموضوعية لأي شعب مكافح أو لأي حركة تحرر في العالم
وهي الدفع السياسي والدعم اللوجستي الأمر الذي لم يعق حركة تحرره ولم يحرف بوصلته
في المضي نحو تحقيق أهدافه والحفاظ على ثوابته.
ـ الدفع السياسي:كلما كان المتحدثون باسم هذا الشعب يعبرون عن طموحاته كلما ضيق عليهم فأغلقت في وجوههم العواصم وحظرت المنابر ولم يرفع الحجاب عن هذه المنابر إلا عند بداية الحديث عن
مشاريع التسوية وانسلاخ هؤلاء القوم عن جسم هذا الشعب ما دفع الأخير لمواصلة
المسيرة خلف قيادة جديدة تعبر عن طموحاته وأهدافه والتي لاقت أضعاف ما لاقته
القيادة السابقة في هذا المجال.
ـ الدعم اللوجستي: وهو بمثابة البنزين للسيارة فشحه بطء في السرعة ونفاذه توقف. ولن أتحدث في
هذه النقطة عن شح هذا الدعم أثناء الحملات الجانبية والجوارية لأرض فلسطين والتي
ارتبط بعضها عادة بمصالح هذا النظام أو ذاك، لكن الذي يعنيني هنا قدرة هذا الشعب
بداية على نقل المعركة إلى أرض فلسطين نفسها ثم قدرته على إنجاب وسيلة المواجهة في
غياب أسباب التلقيح فأنجب إنتفاضة الحجارة التي طورها تدريجيا إلى مواجهة بالسلاح
ثم النقلة النوعية في تاريخ المقاومات الشعبية وهي ابتكار العمليات الإستشهادية
التي أحدثت ولأول مرة توازنا في الرعب. أما الحدود
التي وقفت حاجزا أمام الأسلحة فلم تستطع أن تقف حجر عثرة أمام عزائم المجاهدين في
اختراع وسائل وأساليب المقاومة فكانت القذائف والصواريخ والعبوات والقنابل
والأنفاق إلى أن وصلت المعارك إلى المواجهة المباشرة (معركة الفرقان ) وهي النقطة من منحنى الصراع التي كبلت قوة الردع لدى الصهاينة في إنجاز لم تحققه جيوش عربية مجتمعة.
ثانيا:إن التركيبة الغير عادية للشخصية الفلسطينية أدت إلى تضحيات غير عادية فصورة
الطفل فارس عودة في مواجهة الدبابة والتضحية على طريقة ريم الرياشي أو شجاعة فاطمة
النجار في الإستشهاد وقوة القيادة لدى شيخ قعيد كلها نماذج تصدق تميز وعلو هذا
الشعب والأمثلة عديدة ومتنوعة.
ثالثا:من الصعب بما كان أن يتمسك شعب بثوابته في الوسائل والغايات والقيادة المتحدثة
باسمه في المحافل الدولية تعمل عكس بوصلته.
رابعا: الصمود والثبات أمام حصار همجي لم نر له مثيلا في هذا العصر على الأقل.
وكما ان ظاهرة ما هي حالة إيجابية قياسا إلى حالات إيجابية أخرى فقد تكون الظاهرة سلبية
قياسا كذلك إلى حالات سلبية وهو ما أفرزه الشعب الفلسطيني ذاته مع الأسف.
فالسيد محمود عباس ظاهرة غريبة حقا في تاريخ حركات التحرر والشعوب الساعية لنيل حقوقها وحريتها ووجه الغرابة هنا ليس في كونه دعى إلى استرداد الحقوق على الطريقة السلمية
التفاوضية فحسب بقدر ما هو إقرار منه شخصيا بحق المغتصب في حق شعبه بل وتعدى ذلك
إلى محاربة ومعاداة (أشقائه) وبغضهم والتآمر ضدهم عندما اختاروا قانون التاريخ للحصول علي مرادهم، ناهيك عن المشاهد التوددية الحميمية التي يشارك في عرضها مع عدوه بإخراج من الأخير.
إن الباحث في قواميس علم النفس لايجد هذا الشخص إلا من ثلاث شخصيات فهو إما أحمق أو عميل خائن أو جمع بين الإثنين معا، وفي جميع الحالات لزم على الشعب الظاهرةوضع حد لهذه
الظاهرة بطريقة أقل ما يقال عنها تصفيته سياسيا وانزاله من قطار الحركة الوطنينية
الفلسطينية.
ولا أريد أن أضع سيناريوهات لكيفية التعامل مع هذه الحالة لكن الأكيد ان عامل الوقت لايصب في
صالح القضية الفلسطينية وهذا الشخص مستفرد بالقرار مستهتر بالثوالبت كما أني أخشى
أن يردد طرح هذا التساؤل: هل عجز الشعب الظاهرة أمام هذه الظاهرة؟