مآذن ومساجد حول
العالمليست حرابًا
يوجهها المسلمون لصدور أعدائهم أو من خالفهم في دينهم, ولكنها رمز إسلامي
أصيل في أركان الصورة الذهنية للإسلام, بالرغم من إنها أي المآذن ليست
بالفعل من صميم الدين الإسلامي لكن لا أحد يتصور مسجدًا بدون مئذنة، وحملت
بعدًا جديدًا لديننا الحنيف مع انتشاره في كل أرجاء المعمورة بعد أن أصبحت
تحمل الطابع العمراني للبيئة المحيطة بها. فالمئذنة الصينية ليست هي
التركية وتختلف عن الروسية وأيضا الأمريكية وبالتالي الأوروبية والأندلسية.
وطالما نظر المسلمون إلى المئذنة باعتبارها بوابة بين السماء والأرض؛ وهي
تشير إلى استقامة حرف الألف وتفرده واستقلاليته.
فهناك مساجد
اشتهرت حول العالم بفضل روعة مآذنها نعرض لذكر بعضها على سبيل الإجمال لا
الحصر في موضوعنا اليوم فهيا بنا نرصد بعدساتنا تلك اللوحات الفنية في بعض
دول العالم شرقًا وغربًا.
ففي الهند مئذنة قطب منار الهندية فهي
أعلي مئذنة حجرية في العالم تقع في دلهي ويفيد المؤرخون أنه في بعض أقدم
المساجد الأثرية كانت المئذنة أصلًا فنار أو منارة ضوئية إرشادية وهو ما
يفسر اللفظة الغربية للكلمة. أما في الصين فالمساجد الجامعة عرفت
بطرز مآذنها المستوحاة من نماذج الفن المعماري الصيني التقليدي القديم الذي
عرفت به المعابد البوذية. فعلى سبيل المثال مئذنة المسجد الجامع في الصين
مشيدة علي طراز المعابد البوذية المميزة وإن كان الشكل المعماري نفسه يعد
من أبرز مميزات الطراز البنائي الصيني التقليدي! وعن أفغانستان وتحديدًا في غربها، وتعد
مئذنة جام أقدم قطعها التراثية المصنفة باليونسكو وتحدها الجبال من كل جهة
ويصل ارتفاعها إلى 60 مترًا، شيدت عام 1190 واكتشفت عام 1886؛ والمئذنة
مبنية بحجر الآجر ومزخرفة لكنها بالخط الكوفي والنسخ لآيات من سورة مريم. مئذنة المسجد الكنيسة في قرطبة
بأسبانيا لعل أهم ما يميز تلك المئذنة تحديدًا أنها تعد نموذجًا واضحًا
وصارخًا للمساجد الإسلامية في أوروبا التي تعود لحقبة الفتح الأندلسي، وهي
مساجد تحولت إلى كنائس وكاتدرائيات بنفس عمارتها ونقوشها القرآنية وطرزها
الإسلامية.. والمئذنة علي شكلها المميز المقبب القمة جري تعليق أجراس كنسية
ضخمة بها بعد أن جري تحويلها إلى كنيسة علي الطراز القوطي وألحق بها
كاتدرائية في صحن المسجد لتصبح إحدى أشهر المعالم الدينية في أسبانيا!
في تركيا مئذنة مسجد السليمانية وتعود
إلى عصر الإمبراطورية العثمانية، وهي ملحقة بثاني أكبر مسجد في
اسطنبول,وكذلك مئذنة المسجد الأزرق. وهناك أيضًا مئذنة المسجد الجامع
الماليزي مشيدة علي الطراز الآسيوي وتتميز بفخامتها المعمارية.والتحفة
المعمارية المتمثلة في مئذنة المسجد الملكي في باكستان. أما عن مئذنة أو منارة المسجد الجامع
بكوينز نيويورك في أمريكا فهي مشيدة علي الطراز الفارسي.وهناك في سويسرا
التي دار فيها جدلًا واسعًا حول بناء المآذن ووصل حظر بنائها- كأحد صور
الغرب الحاقد على الإسلام والمسلمين- ففيها ما يقارب 200 مسجد لا يوجد مآذن
إلا على 4 منها,جدير بالذكر أن تاريخ قيام أول مئذنة في سويسرا يعود إلى
سنة 1963م. أما المئذنة الثانية التابعة للمؤسسة الثقافية الإسلامية في
جنيف فتم تدشينها عام1978م.
ويبلغ عدد المآذن بفرنسا حوالي 20
مئذنة من جملة حوالي 2000 مسجد وقاعة صلاة تتوزع على مناطق مختلفة من تراب
الجمهورية وأشهرها مئذنة مسجد باريس المركزي والتي تعد تاريخيا أقدم مئذنة
بفرنسا حيث ترتفع إلى 33 مترا ووقع تدشينها مع المسجد عام 1926 مكافأة على
مشاركة المسلمين إلى جانب فرنسا في الحرب العالمية الأولى. وجدير بالذكر أن
المآذن في فرنسا لا تستخدم من أجل رفع الأذان! هذا ويعتبر مسجد باريس من
أقدم المؤسسات الإسلامية الممثلة للمسلمين في فرنسا وتأسس عام 1926، وارتبط
منذ بدايته بالجالية الجزائرية بفرنسا، حيث يأتي تمويله من الجزائر، ويقدم
مسجد باريس أيديولوجيا علي أنه ممثل للإسلام العصري المندمج مع الحداثة.
أما عن مئذنة مسجد باريس التي يناهز عمرها المائة عام فهي على شكل برج مربع
يبلغ ارتفاعه 33 مترًا منسجمة مع محيطها في حي راق في قلب العاصمة
الفرنسية. أما عن جمهورية الصرب فحدث ولا
حرج,فقد كان في بلجراد أكثر من 200 مسجد تم هدمها جميعًا بعد القرن الثامن
عشر ولم يُبق الصرب سوى على مسجد واحد هو مسجد البيرق.ثم تم حرقه فيما بعد
ولم يبق ولا مسجد في بلجراد إلا من مشروع حديث لبناء مسجد بدأ عام 2009م.
أما عن ألمانيا فقد ذكر أن عدد المساجد
لدى البلاد اليوم وصل إلى 2600 مسجد ينتشر بعضها في أرجاء ألمانيا منها 70
مسجد في برلين وحدها, ولكن غالبيتها تتمركز في ألمانيا الغربية, منها 160
بمآذن, وقد بني أول مسجد عام 1915م.و يعيش أكثر من أربعة ملايين مسلم في
هذا البلد الأوربي المسيحي.
وفي النمسا فيزيد عدد المساجد عن 200
مسجد، منها 53 مسجدًا ومصلي في العاصمة النمساوية وحدها. ويُعَدّ مسجد
الشورى- وهو مسجد جامع وله مئذنة وقبة -أحد المساجد في العاصمة النمساوية
فيينا التي تشهد إقبالًا من المسلمين.
أما في بريطانيا فبلغ عدد المساجد فيها
1500 مسجد ومركز إسلامي ومن أهمها مركز ماي فير الإسلامي في العاصمة
البريطانية لندن ويتراوح عدد المسلمين في بريطانيا حسب بعض التقديرات إلى
ثلاثة ملايين نسمة.
ويعتبر مسجد لندن من أكبر وأشهر مساجد
القارة الأوروبية، وأعمقها أثرًا في حياة المسلمين وغير المسلمين. بدأت قصته سنة 1943 عندما قدم الملك
جورج السادس ملك بريطانيا المبنى الحالي وحديقته للحكومة المصرية لإقامة
مسجد عليها,وقد تم وضع حجر أساس المسجد والمركز الإسلامي في لندن عام
1945م,وتعثر المشروع لأسباب عديدة من أهمها ارتفاع المئذنة.ثم بدأ العمل في
بناء المسجد سنة 1965 م ويطل على حديقة ريجينسي بارك الشهيرة، واكتمل
المسجد سنة 1974 م.
هذا ولمسجد لندن قبة كبيرة تعلو الطابق
الثاني مغطاة بالنحاس الأصفر اللامع,وفوق القبة يرتكز الهلال على عمودين
من النحاس، ويبلغ ارتفاع مئذنة المسجد 50 مترًا،وقرب نهايتها تقع شرفة
المؤذن وفوقها الهلال رمز الإسلام.
وتتخذ المئذنة شكلا أسطوانيا، وتقوم
على 28 عمودًا، وبداخلها سلم حلزوني وفيها أيضا مصعد كهربائي. وتنتشر
الزخارف الإسلامية الهندسية والنباتية واللوحات الخطية على جميع أجزاء
المسجد خاصة المنبر والمحراب.
أما في الدنمارك فلم تكن الرسوم التي
قصدوا بها الإساءة للإسلام بمحاولة الإساءة لنبيه -خابوا وخسروا-هي السابقة
الوحيدة بل يعد تجاهلهم لأكثر من 160ألف مسلم يعيشون على أرضهم وبين
ظهرانيهم هو من شدة الحقد الذي تكنه صدورهم للإسلام وأهله,ونحن هنا لن
نتكلم عن وجود مئذنة بل عن وجود المسجد نفسه حيث لا يوجد بتلك الدولة
التي يمثل المسلمين 3% من سكانها سوى مسجد واحد بكوبنهاجن بني عام 1956م،
أما بقية المساجد والمصليات فهي لا تعدو أن تكون مجرد مستودعات قديمة، وشقق
سكنية وأقبية، يجري إعدادها للصلاة، ويرجع هذا إلى الموقف المتحفظ للسلطات
الدنماركية إزاء السماح بإنشاء دور العبادة للمسلمين، فمعظم الأماكن
المخصصة للصلاة مستأجرة وليست مملوكة للمسلمين، وغالبًا ما يجري تسجيلها
بوصفها مقارّ لجمعيات ثقافية إسلامية لا أكثر.
أول مئذنة في مونتريال الكندية تم
تدشينها عام 2002م بمسجد " نور الإسلام "، في عاصمة الإقليم الناطق
بالفرنسية في كندا .
فبالرغم من الرمزية الكثيرة التي يمكن
أن تكونها المئذنة، كالإشارة إلى "السماء العالية، قدس المكان"، وإلى "أصبع
الشهادة، كرمز للواحد الأحد"، وإلى "العلو، حيث ملكوت الله"، وإلى "المكان
العالي للنداء إلى الصلاة"، وإلى "المكان العالي للعبور إلى صلاة عالية"،
ولكن التاريخ يشير أيضًا، أنها كانت في بدايات ظهورها واستحداثها، تعني
الإشارة إلى "المكان المنتصر"، و"المكان الفاتح البديل"، و"المكان القوي"،
و"المكان الأعلى" من كل ما سبقه من أماكن عالية.
فالمئذنة عبر التاريخ، كانت تُرفع في
كل مكان يدخله الفاتحون المسلمون، كإشارة إلى "قيام" الإسلام و"انتصار"
تعاليمه في جغرافيات الأديان والثقافات الأخرى المفتوحة وسوف تظل كذلك رغم
كيد الكائدين وحقد الحاقدين إلى ما شاء الله للحياة أن تبقى وللإسلام ينتشر
وتبقى رايته عالية خفاقة.