معلقة غزة" نص عجيب كتبته تلميذة عمرها 16 سنة
بعد الذي شاهدته من دمار و خراب للأوزان و خروقات للتفاعيل و سقوط للحرف تلو الآخر لم أكن لأصدق ما رأيت لولا أنني شاهدته بأم عيني .
حاولت أن أستجمع قواي و أمعن النظر و أدقق الملاحظة فلعل ما أرى هو بعض الزحافات و العلل المؤقتة لضرورة أو لغرض في نفس الشاعر .
حاولت أن أقتنع بهذه الفكرة و لكن محاولتي هذه باءت بالفشل، كونها تتعارض مع قاعدة درسناها تقول أنه من المحظور جمع أكثر من علتين في البيت الواحد .
و ما نراه صبح مساء هو هدم لبنية البيت كله ... كل يوم تلغى آلاف الحروف من مئات تفاعيل أبت أن تستقيم لوزن الشاعر، آه من هذا الشاعر الظالم ... هذا الشاعر الذي لم نشهد له بالمصداقية بعد، لأننا لم نتأكد بعد من هوية الشهادة التي يحملها. أتكلم عن نفسي شخصيا أما بعض الشعراء المرتزقة فقد اعترفوا به، خاصة و أن الولايات الشعرية المتحدة قد شهدت له بالشرعية ... رغم ما يرتكبه هذا الشاعر من خروقات دائمة للأوزان، و لكن الولايات الشعرية المتحدة تقول أن له نظرية جديدة ... و لكن لما لم تطبقها على القصيدة المتحدة أو الغربية ؟ و جاءت للقصيدة الفلسطينية كي تقضي يوما بعد يوم في تفاوت رهيب على معلقتها، معلقة الإباء و الصمود، معلقة ترتقي فيها صاد الصبر و عين العزة . و اليوم غين غزة :
غزة الصمود ، غزة الدفاع عن حرمة المعلقة الفلسطينية و القصيدة العربية . غزة مقاومة الحروف المتراصة الصامدة أمام سياسة الإبادة الظالمة لمعلقة فلسطين المعلقة على جدار القدس و المحفورة في قلب كل حرف من حروفها. هذه الحروف التي ترسل في كل يوم هي بدورها عشرات الزحافات و العلل على تلك القصيدة الغاصبة التي لم يكمل نظمها بعد ... حقيقة لم أكن سعيدة لبعض المواقف التي عارضت ما تقوم به هذه الحروف المقاومة من جهود جبارة تحاول فيها الموازنة بين حروف تلك القصيدة اللا شرعية و القصيدة الفلسطينية ليس في عدد المبادين من الحروف و لكنها تطمح في موازنة الرعب، هذا الذي يبدو واضحا كل يوم على حروف تلك القصيدة الهشة، هذه الهشاشة التي هي امتداد لهشاشة مضمونها .
أما القصيدة الفلسطينية فحروفها صامدة لأنها مؤمنة بمضمونها الحر الذي سينتصر ...
و لكن هل من حقي أن أبني هذا النصر أو أمهد له؟ إنه لسؤال مخجل حقا !!! يدل على التدهور الواضح في بنيتي كحرف ... إنه من واجبي أن أندد .
خرجت في مسيرة ضخمة ضمت ملايين الحروف من البيت المغربي و الذي ثار لما شاهده من تدمير للقصيدة الفلسطينية شأنه شأن مختلف الأبيات من القصيدة العربية ، لم يشف هذا غلي .
رفعت سماعة الهاتف و اتصلت بجامعة الأوزان العربية في محاولة لتنديد :
- ألو ... السلام عليكم
- من أنت؟
- أنا تلميذة من الشعبة الأدبية أندد بخروقات الوزن التي تضر ببنية القصيدة الفلسطينية .
- و ما شأنك أنت بذلك؟ اهتمي بدروسك كي تجدي لك مكانا في سوق الشغل بعد تخرجك، هذا إن خرجت، كون أمثالك من الحروف الشاذة لا تستقيم في أي وزن فتبعد ...
- ألو الو .....
أعدت الاتصال مرة أخرى،
- أنت ثانية
- نعم أعرني و لو دقيقة
- لك ذلك و لكن بسرعة
- أرجوك سيدي من موقعك حاول إقناع الشعراء العرب كي يجتمعوا و يبحثوا فيما يجري
- اسمعي يا مشاغبة لما سأقوله لك. إن الشعراء العرب لن يجتمعوا
- لماذا؟
- لسبب واحد هو أن أوزانهم متباينة، كون بحورهم تضاربت .
- ماذا تقول؟
- نعم، يبدو وكأنك لازلت تعيشين الأدب في العصر العباسي و ليس الحديث. فتلك البحور التي تدرسينها اختفت وهناك اليوم: بحر الملك و التوريث و بحر الثروة و بحر المصالح المشتركة وبحور أخرى كثيرة ... لذا أنصحك بالتزام الصم.
اقتنعت نسبيا بكلامه نسبيا فصمت .
ولكني رأيت أحد الشعراء العرب لم يلتزم بفضيلة الصمت وترك في صفحة التاريخ أبياتا سوداء، أبيات التواطؤ والذل، استفزني ذلك وقررت أن أتصل بممثل مجلس الشعر الحر صحيح أن أوزانه مختلفة، ولكنه يتبنى الحرية في الكشف وتعرية الحقيقة .
للأسف لم يجب هذا الممثل .
تملكني إحباط عجيب ... غير أني تغلبت عليه عندما قصدت النثر هذا الذي رغم مرتبته التي يحط منها الكثيرون قد يؤدي بل يؤدي في أحيان كثيرة أعظم الوظائف، خاصة لأمثالي الذين لم يرتقوا لنظم القصائد كون الأوزان لا تستقيم لهم والتفاعيل تختلط عليهم والذين يسعفهم النثر في التنديد، في البوح حيث ينطلق اللسان في عفوية قائلا :
غزة عفوا يا بيتا من أبيات معلقة فلسطين،
غزة يا حروفا متراصة،
غزة يا حروفا صامدة،
غزة يا حروفا مؤمنة متعاونة،
لا تحزني فإن النصر حليفك،
كل القصائد الحرة ستساندك،
كل الشعراء الشرفاء سينصرونك،
غزة لا توقفي زحافاتك و عللك،
غزة لا تعبئي بجامعة الأوزان العربية و لا بمجلس الشعر الحر،
غزة إن الله ليأبى لوزنك إلا الاستقامة،
و لا لقصيدتك إلا الاستمرار و الخلود،
لا تعبئي بالقصيدة اللا شرعية،
فإنها لا محالة زائلة زائلة،
و أنت خالدة خالدة،
وزنك وزن الحريـة،
بحرك بحر
،
أنت العزة يا غزة .
منقول