السلام عليكم
بطاقة موجزة حول الرئيس الراحل ياسر عرفات
من ضابط احتياط في الجيش المصري، تبدأ رحلة الثورة، مراحل مختلفة عاشها، لم تكن في تفاصيلها كتلك الفترات التي عاشها غيره
من الزعماء، لم يعرف القصور على الرغم من كونه رئيسا منتخبا، لم يتبادل الكثير من الزيارات والحفلات الدولية، لأن هم قضيته
شغله عن كل متاع الدنيا، بقي دائما الرجل الثائر وصحاب المبدأ، وكل المغريات التي قدمت له، لم تكن لتكسر صموده وتجبره على
التنازل عن أي من الثوابت الوطنية.
اللاجئون، القدس، تحرير كامل الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967، كلها ثوابت تعهد بعدم التخلي عن أي منها وربما من
أجل ذلك أصبح حبيس مقره في مدينة رام الله، شمال الضفة الغربية
الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، حتى اسمه يحمل في طياته روح الثورة وتحرير الأرض المحتلة، لأنه اسمه الحقيقي "محمد ياسر"
عبد الرؤوف القدوة الحسيني، وقد أطلق على نفسه اسم ياسر عرفات، إحياءً لذكرى مناضل فلسطيني استشهد وهو يكافح الانتداب
البريطاني، أما الكنية التي أطلقها على نفسه فهي "أبو عمار".
ليصبح الاسم الأشهر الذي يخاطبه به الشعب الفلسطيني.
ولد الرئيس الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة، في الرابع من شهر اغسطس عام 1929، وقد انتقل إلى العاصمة المصرية القاهرة،
لدراسة الهندسة، وهناك بدأت حياته السياسية حيث شارك في تأسيس اتحاد طلبة فلسطين، وبعد نجاح ثورة
المصري الراحل
جمال عبد الناصر في السيطرة على الحكم والمعروفة باسم ثورة يوليو، تولى الرئيس عرفات رئاسة رابطة الخريجين الفلسطينيين، وقد
أبدا ميولا لجماعة الإخوان المسلمين، وبعد نكبة عام 1948 بدأت فكرة الكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي.
في عام 1953 خاطب الرئيس عرفات، أول رئيس للجمهورية المصرية، محمد نجيب، وقد كان خطابا مختصرا من ثلاث كلمات
فقط "لا تنس فلسطين".
بداية التجربة
كانت أولى تجارب الرئيس عرفات الحقيقة في العمل العسكري من خلال انخراطه في الجيش المصري كضابط احتياط، حيث شارك في
صد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وقد منح بعدها رتبة ملازم في الجيش المصري.
انتقل بعدها عرفات إلى الكويت وليبدأ العمل هناك على تشكيل أولى خلايا حركة فتح، وذلك في العام 1958.
وقبل موعد إنطلاقها بأشهر نفذت أولى حركات المقاومة الفلسطينية "فتح"، أول عملية لها، وذلك بتاريخ 31 كانون الأول 1964،
وذلك بمحاولة نسف محطة مائية إسرائيلية.
وبدأت وتيرة العمل بالتسارع بشكل كبير، حيث تم بعد ذلك تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تزعمها احمد الشقيري، لمدة
أربعة أشهر، وكان ميثاق المنظمة يتلخص بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ورفض الاحتلال الإسرائيلي، وكان ذلك في 28 أيار
1964.
وفي العام 1965 شكل عرفات أول خلية ثورية أطلق عليها اسم (فتح) وهي اختصار لحركة تحرير فلسطين، وذلك بالتعاون مع
رفيق دربه، خليل الوزير "أبو جهاد"، وصلاح خلف "أبو إياد" وعدد آخر من الثوريين الفلسطينيين.
بدأ عرفات العمل على إكساب حركة فتح صفة الشرعية فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل في ذلك فأسس
أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1965 ومارس عبره نشاطا دبلوماسيا.
ومن الكويت إلى دمشق ولبنان، وفي سورية تشكل اتجاهان داخل الحركة التي لم يعلن عنها بعد..اتجاه يفضل تأجيل الكفاح المسلح
واتجاه يقوده الرئيس عرفات مع البدء في هذا الكفاح لإشهار الحركة.
وفي دراسة لمركز الإعلام والمعلومات الفلسطيني فقد اسهم
ياسر عرفات بقوة عام 1967 حينما قاد بعض العمليات الفدائية
ضد إسرائيل عقب عدوان 1967 انطلاقاً من الأراضي الأردنية. وفي العام التالي اعترف به الرئيس المصري جمال عبد الناصر
ممثلا للشعب الفلسطيني.وكان أول من صاغ بلاغ العاصفة الشهير في 31/12/1964 عن عملية عليبون التي كانت الشرارة
الأولى.
وبعد عام 65 والإعلان عن حركة فتح تصدى ياسر عرفات ورفاقه من القادة التاريخيين لمحاولات حافظ الأسد الذي كان وزير ا
للدفاع بمصادرة القرار السياسي للحركة والسيطرة عليها واعتقل ياسر عرفات في السجون السورية.
وعمل رفاقه على توسيط جهات صديقة لفتح لتخليص أبو عمار من السجن ولكن اللحظة الحاسمة في تاريخ حركة فتح والرئيس
عرفات كانت حرب حزيران 67 وانكشاف هزيمة جيوش مصر وسورية والأردن أمام اسرائيل وكان على الرئيس عرفات كقائد
التقاط هذه اللحظة الحاسمة.
وبعدها ذهب الرئيس عرفات بشخصه الى القدس هذه المرة متخفيا باسم الدكتور ومن القدس انتقل الى جميع المدن بالضفة الغربية
لإنشاء خلايا حركية ومنها الى غزة وبيت لاهيا وطارده الإسرائيليون من مكان لأخر.
وفي الاردن اتخذ القرار بتركيز نقل حرب التحرير الشعبية والكفاح المسلح ولم يتأخر الوقت كثيرا لكي تخوض الحركة أولى معاركها
الهامة التي تتوجت كبديل سياسي وثوري وكفاحي أمام هزيمة الأنظمة العربية وكان ذلك اليوم التاريخي في 21 آذار 68 يوم معركة
.
مرة اخرى قالوا له لن تستطيع أن تقاوم تفوق القوة العسكرية الإسرائيلية... موشيه ديان كان يقول أن الفدائيين عبارة عن بيضة
أستطيع أن اكسرها وقتما أشاء وكان موقف عرفات القائد بأننا سنواجه اسرائيل ونخوض المعركة لأنها ستكون فاصلة بالنسبة للشعب
الفلسطيني والحركة ككل.
كان عدد الفدائيين 300 ولكن إرادة القتال وآفة الغرور الإسرائيلي جعلت الجيش الإسرائيلي يدخل الى مصيدة .
ويعطي قائد الفدائيين عرفات أسطورة انتصار باهر هزت مشاعر العالم العربي من المحيط الى الخليج لان هذا النصر الرمزي
والمعنوي جاء في ظلام الهزيمة.
بعد النصر قال جمال عبد الناصر عبارته الشهيرة "إن هذه الثورة الفلسطينية هي أنبل ظاهرة في التاريخ العربي" وأضاف عليها ياسر
عرفات وجدت لتبقى ولتنتصر.
وأدرك عبد الناصر قوة هذه الحركة الناشئة وتحالف مع عرفات وقدم له الدعم المعنوي والعسكري والسياسي.
وبعد
تحولت حركة فتح الى ما يشبه قوة مغناطيسية هائلة لاجتذاب المقاتلين العرب للانضمام الى صفوف الحركة.
وأصبحت حركة فتح بعد ذلك حركة جماهيرية مقاتلة وبدأت أمريكا وإسرائيل في التآمر على تحطيمها وكان ايلول الأسود والحرب
الأهلية مع النظام الأردني.
وهذه الانتصارات التي حققتها فتح في اقل من 3 أعوام جعلتها تتحول الى قيادة منظمة التحرير بعد استقالة احمد الشقيري واصبح
ياسر عرفات رئيسا لمنظمة التحرير وثالث القادة التاريخيين في المائة عام الأخيرة بعد الحاج أمين الحسيني واحمد الشقيري.
وقد كان الجيش الأردني قد هاجم في العام 1970القوات الفلسطينية في الأردن بعد أن خطف رجال المقاومة أربع طائرات ركاب إلى
مطار في صحراء المملكة، ووقعت اشتباكات بين الطرفين أسفرت عن سقوط ضحايا من كلا الجانبين وعرفت بأحداث "أيلول
الأسود"، وبعد وساطات عربية قررت المقاومة الفلسطينية في العام التالي الخروج من الأردن والانتقال إلى لبنان بعد أن نجحت مصر
في إنقاذ عرفات من الموت المحقق في عمان وتهريبه سرا إلى القاهرة حيث حضر القمة العربية في سبتمبر 1970، فكانت أول قمة
عربية تسلط فيها بقوة أضواء وفلاشات الكاميرات عليه.
ومع انتقال المنظمة إلى لبنان، واصل "الثائر" أبو عمار رحلة الكفاح المسلح، فشرع في ترتيب صفوف المقاومة معتمدا على مخيمات
اللاجئين. وفي السنوات التي أعقبت انتقال عرفات إلى بيروت نفذ مسلحون فلسطينيون ينتمون لفصائل مختلفة عمليات تفجير وخطف
طائرات واغتيالات، من أشهرها عملية خطف وقتل 11 رياضياً إسرائيلياً أثناء دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في ميونخ عام
1972.
في 13 نيسان 1973 حاولت اسرائيل اغتيال ياسر عرفات، في بيروت، حيث قامت مجموعة اسرائيلية ضمت بين افرادها رئيس
الوزراء الاسرائيلي الأسبق ايهود باراك. وقد تمكنت المجموعة من اغتيال ثلاثة من مساعدي عرفات ولكنها لم تعثر عليه. واكد
مقربون منه ان "معجزة سمحت له بالبقاء بعيدا". وفي الواقع لم يكن عرفات يمضي اكثر من بضع ساعات تحت سقف واحد وقد لف
تحركاته بتكتم مطلق.
وفي 29تشرين الأول 1974 اعلنت القمة العربية في الرباط منظمة التحرير "الممثل الشرعي والوحيد" للشعب الفلسطيني.
لا تدعو غصن الزيتون يسقط من يدي
وفي 13 تشرين الثاني 1974، تحدث عرفات للمرة الاولى امام الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك قائلا "أتيت إلى هنا
حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية المقاتل من اجل الحرية في الاخرى. فلا تدعوا غصن الزيتون يسقط من يدي". ومُنحت منظمة
التحرير الفلسطينية صفة مراقب في المنظمة الدولية.
وفي نيسان 1975، مع اندلاع الحرب الاهلية في لبنان، وقف عرفات في صف القوى التقدمية اللبنانية.
وفي حزيران 1980: أصدرت السوق الاوروبية المشتركة "اعلان البندقية" الذي يطالب بمشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في اي
مفاوضات لإحلال السلام.
وخاضت المقاومة الفلسطينية الكفاح من لبنان ضد الكيان الصهيوني، ونتيجة لنجاح المقاومة الفلسطينية في حقبة السبعينيات في تسديد
ضربات موجعة للاحتلال، قررت إسرائيل شن هجوم على قواعد المقاومة والقضاء عليها وهو ما توج بغزو بيروت عام 1982.
بعد اجتياح بيروت وفرض إسرائيل حصارا لمدة 10 أسابيع على المقاومة الفلسطينية، اكتسب خلالها عرفات احترام شعبه بصموده
وشجاعته، وافق في 30 آب 1982على الخروج من لبنان تحت الحماية الدولية ومن ثم الانتقال إلى تونس التي شكلت المعقل
الأخير لمنظمة التحرير الفلسطينية حتى عام 1994.
محاولات اغتيال متكررة
حاولت إسرائيل اغتيال عرفات ثانية بعد انتقاله الى تونس. وقد تعرض مقره هناك، في الأول من تشرين الأول 1985 لقصف
الطيران الاسرائيلي، ودمر بشكل شبه كامل في غارة ادت الى مقتل 17 شخصا. وكان عرفات في طريقه الى مكتبه وولكنه عاد
ادراجه مع بداية الغارة.
وتعرض عرفات طوال مسيرة قيادته لحركة فتح والمنظمة للكثير من حركات التمرد ضده وكان أبرزها خلال فترة تواجد المنظمة في
لبنان، حيث انشق عنه عدد من قادة الحركة ومن أبرزهم أبو موسى وأبو نضال، إلا أن دهاءه السياسي مكنه من تجاوز كل هذه
الانشقاقات فظل متماسكا ومسيطرا على المنظمة وعلى فتح.
وفي تونس، واصل ياسر عرفات تكوين شخصية
السياسي الذي يتبنى الحل السلمي. وكانت ارهاصات هذا التوجه قد تجلت
عمليا، في الخطاب الذي القاه عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 13 نوفمبر 1974، والذي قال فيه: "إنني جئتكم بغصن
الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي.. الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين".
وكان لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 ضد الاحتلال الإسرائيلي وتعرض الفلسطينيين فيها للقمع والقتل، أثره في
حصول القضية الفلسطينية على تعاطف دولي، استثمره عرفات بحنكته السياسية لتحريك عملية السلام حيث دفع المجلس الوطني
الفلسطيني بدورته المنعقدة في الجزائر في 15 تشرين الثاني 1988 الى تبني قرار مجلس الامن الدولي 242 معترفا بذلك ضمناً
باسرائيل وفي الوقت ذاته، اعلن المجلس قرار اقامة الدولة الفلسطينية على أراضي الضفة وغزة. وتلا عرفات إعلان استقلال الدولة
الفلسطينية.
في كانون الثاني 1992، تزوج عرفات من مساعدته سهى الطويل وبعد شهرين، في نيسان 1992، تحطمت طائرته في
الصحراء الليبية. وقيل حينذاك انه قتل في الحادث ولكنه ظهر من جديد بعد ساعات فقط.
غصن الزيتون لم يسقط
أعلن عرفات أوائل عام 1990 أنه يجري اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين بهذا الخصوص. وفي عام 1991عقد مؤتمر
السلام في مدريد تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق.
وفي 13 أيلول 1993 بعد ستة أشهر من المفاوضات السرية في اوسلو، وقّع عرفات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق
رابين، في واشنطن، اتفاق أوسلو الذي جعل أضواء الإعلام الغربي تسلط عليه بكثافة، كما كان نقطة تحول بارزة في القضية
الفلسطينية. وقد وقع الطرفان على "إعلان مبادئ"، هو عبارة عن اتفاق سمح للفلسطينيين بممارسة الحكم الذاتي في قطاع غزة ومدينة
أريحا بالضفة الغربية مقابل اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل.
لكن لم تحسم عدة قضايا شائكة وأبرزها مستقبل المستوطنات المقامة على أراض محتلة، ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا
على ترك مدنهم وقراهم بعد حرب عام 1948، والوضع النهائي لمدينة القدس.
وفي 1 تموز 1994 خرجت غزة عن بكرة ابيها لاستقبال عرفات والعائدين معه من "ثوار فتح" بحفاوة كبرى، بعد 27 عاماً
قضاها في المنفى. واتخذ عرفات من غزة مقراً لقيادته.
وقد بدأ عرفات فور عودته الى غزة، مسيرة سلام مرت بصعوبات بالغة. وفي نفس السنة فاز بجائزة نوبل للسلام بالمشاركة مع
رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين وشمعون بيريز.
وفي عام 1995 وقع عرفات ورابين بواشنطن على اتفاقية الوضع المؤقت التي مهدت الطريق لإعادة انتشار القوات الإسرائيلية في
الضفة الغربية. وقد اغتيل رابين اثر ذلك، في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1995، بايدي متطرف اسرائيلي، وهو ما شكّل
انتكاسة لعملية السلام. وواجه عرفات تحدياً ضخماً تمثل في السعي للحفاظ على التزام الفلسطينيين والإسرائيليين بما أطلق عليه "سلام
الشجعان".
شرع عرفات لدى وصوله الى غزة، في تأسيس السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية المختلفة، وعمل على إعادة تأهيل بعض
المؤسسات وتدريب أفراد من الشرطة والجيش للحفاظ على الأمن، مبشرا شعبه بقرب تحقيق حلم التحرير والصلاة في المسجد الأقصى.
رئيس شرعي منتخب.
وفي 20 يناير 1996 انتخب عرفات رئيسا للسلطة الفلسطينية في انتخابات ظل يفتخر دوما بأنها كانت حرة وشفافة في منطقة
نادرا ما تشهد مثلها.
في عام 1997 وقع الفلسطينيون برئاسة عرفات اتفاقية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لتسلم معظم مدينة الخليل
والذي تعطل كثيرا، بعد ذلك أصيبت عملية السلام بالجمود.
وفي عام 1998 وقع عرفات ونتانياهو على اتفاقية واي ريفر لانسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة الغربية، والتي جمدها
نتانياهو بعد شهرين زاعما ان عرفات لم ينفذ شروطا أمنية.
في 5 أيلول 1999 وقع عرفات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في شرم الشيخ في مصر اتفاقا يفتح الطريق امام
مفاوضات حول تسوية سلمية نهائية بين اسرائيل والفلسطينيين. ويحدد الاتفاق شهر سبتمبر/ أيلول عام 2000 موعدا لتوقيع
معاهدة سلام دائمة.
انتفاضة الاقصى
وشهد منتجع كامب ديفيد في 25 تموز / يوليو 2000، قمة ثلاثية ضمت الرئيس الفلسطيني، والرئيس الاسرائيلي أيهود براك،
والرئيس الامريكي بل كلينتون، و رفض خلالها عرفات تقديم أي تنازلات عن الحقوق الشرعية الفلسطينية، ومنها حق اللاجئين
والقدس، هذه الأمر جعل شعبية عرفات تزداد بين الفلسطينين.
غير أن اصطدام السلطة بالمواقف الإسرائيلية المتعنتة أدى إلى انحسار التأييد الشعبي لمشروع السلطة الفلسطينية وقيادتها الممثلة في
شخص عرفات. وساهم في ذلك الانحسار قيام السلطة الفلسطينية بملاحقة نشطاء فصائل المقاومة خاصة الإسلامية منها تنفيذا
لاستحقاقات الاتفاقيات التي وقعتها مع إسرائيل، فتوالت على عرفات الاتهامات بأنه أصبح أداة في يد الاحتلال لقمع المقاومة
الفلسطينية، كما تزامن مع ذلك بداية الحديث المتصاعد عن فساد السلطة وتراخي رئيسها في مواجهته.
في 28/9/2000 اندلعت انتفاضة الاقصى، وتوقفت عملية السلام، وذلك اثر دخول شارون باحة المسجد الاقصى، ولم يكن لامر
يطول حتى استقالت حكومة حكومة براك في اسرائيل، وتولى السلطة اريئيل شارون، زعيم اليمين المتطرف الذي عمل منذ توليه
لمنصبه على تنفيذ مخططه الهادف الى تدمير السلطة الفلسطينية.
الحصار في المقاطعة
شارون وكما يصفه المحللون بأنه عدو عرفات اللدود، قام في نهاية عام 2001 بفرض حصار على الرئيس الفلسطيني داخل مقره
في مدينة رام الله، بالضفة الغربية.
هذا الأمر جعل شعبية عرفات تزداد اكثر فأكثر بين صفوف الشعب الفلسطيني، وترافقت الاصوات المؤيدة لعرفات، مع الاصوات
الاسرائيلية المطالبة، بتصفية عرفات، وأبعاده، فعاد عرفات من جديد للمواجهة، وفي آذار 2002 قام الجيش الاسرائيلي بأقتحام
المدن الفلسطينية، والتي كان الحصار قد انهكها، وبعد ختام القمة العربية في بيروت والتي رافقتها عملية فدائية نفذها فلسطينيون في
اسرائيل، شن الجيش الاسرائيلي هجوما على مقر المقاطعة، مقر القيادة الفلسطيينة في مدينة رام الله، وهدموا جزءا منه، وحاصرت
الدبابات الاسرائيلية عرفات في مقره، واستمر الأمر على هذا الحال حتى انسحبت القوات الاسرائيلية، في ليلة الثاني من أيار.
بالرغم من ابتعاد الدبابات الاسرائيلية عن مقر الرئاسة الفلسطيني، ألا ان اسرائيل منعت عرفات من حضوره أي محفل دولي، أي
حولت مقره الى سجن صغير، وترافق كل هذا مع تزايد التهديات الاسرائيلية بتصفية عرفات او أبعاده، وبعد ضغوط دولية، تعهد
شارون بعدم استهداف عرفات أثناء تنفيذ العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التي زعمت حكومة شارون إنها
تهدف للقضاء على ما اسمته " البنية التحتية للإرهاب"، بينما وصفها الفلسطينيون بأنها "جرائم حرب" و"إرهاب دولة".
لكن التهديدات استمرت من قبل بعض المسؤولين الإسرائيليين بإبعاده وحتى بقتله.
و في 11/9/2003 اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً أطلقت عليه صفة " مبدأي"، بإبعاد الرئيس ياسر عرفات عن أرض
الوطن. ولم تنفذ اسرائيل هذا القرارفعليا، الا أنها لوحت به بعد كل عملية استشهادية.
وكان رد فعل عرفات للحصار الإسرائيلي إعلانه أنه "يتوق للشهادة التي سبقته إليها أعداد كبيرة من أبناء شعبه".
وخلال هذه الفترة اتفقت اسرائيل والولايات المتحدة على عزل الرئيس عرفات واعتباره "غير ذي صلة"، وسعت واشنطن الى فرض
تعيين رئيس وزراء فلسطيني على امل ان تتعامل معه في القضايا الفلسطينية، وتجاوز عرفات.
وفي عام 2003 عين عرفات أمين سر منظمة التحرير محمود عباس رئيسا للوزراء تحت ضغوط دولية للتنازل عن بعض
سلطاته، لكنه رفض التخلي عن سيطرته على القوات الأمنية فاستقال عباس وتم تعيين احمد قريع، خلفا له.
صادق الفلسطينون على خطة "خارطة الطريق" في عام 2003، لكن اسرائيل كعادتها تملصت من تطبيقها، ورفضت اسرائيل
اجراء اي مفاوضات مع عرفات او مواصلة الاتصالات بينها وبين القيادة الفلسطينية، بل سعت الى فرض المقاطعة الدولية على
عرفات، بحيث اعلنت رفضها استقبال اي مسؤول دولي يقوم بجولة في المنطقة، ويزور عرفات.
شرع الرئيس الإسرائيلي فيما بعد بإقامة جدار الفصل العنصري على اراض الضفة الغربية، بذريعة وقف هجمات الفلسطينيين، ولم
ينصع شارون للقرارات الدولية المنددة بالجدار، وبدأ شارون، في العام 2003، التحدث عن خطة الفصل الأحادي الجانب،
المعروفة باسم "فك الارتباط" مع قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، والتي اصر على تنفيذها من جانب واحد دون أي اتفاق مع
الفلسطينيين، بحجة عدم وجود شريك فلسطيني، هادفا إلى تجاهل الرئيس الفلسطيني
فى11/11لعام 2004؛ أُعلن في العاصمة الفرنسية باريس عن وفاة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، في خبر كان مثل
صدمة للكثيرين من أبناء الشعب الفلسطيني بحيث أن ظروف تدهور صحته ووفاته بشكل سريع كانت مفاجأة
شكرا