JiNa مشرفة الاعضاء
عدد المساهمات : 2212 تاريخ التسجيل : 06/06/2009 المزاج : الحمد لله
بطاقة الشخصية الوطن: الجزائر حالتك في المنتدى:
| موضوع: ذكرى حرب الإبادة تفتح جراح أهالي الضحايا النازفة . الأحد 27 ديسمبر - 22:41:27 | |
| ذكرى حرب الإبادة تفتح جراح أهالي الضحايا النازفة | |
|
بعد عام كامل من حرب شرسة مرَّ بها أهالي قطاع غزة ما زالت الذكريات الأليمة تستحوذ على جزء كبير من أذهان ضحايا هذه الحرب؛ حيث لم تستطِع كل الآمال التي رسمتها لهم كل الجهات والدول وغيرها أن تمحو من ذاكرتهم آلام أطراف بُترت وعائلات أُبيدت عن بكرة أبيها وأطفال يُتِّمت. جرح هؤلاء الضحايا ما زال غائرًا ينزف دمًا حتى بعد عام كامل من مرور هذه الحرب، وما زال أهالي قطاع غزة متخوفين من أن يتجدَّد هذا الجرح، فيقضي على ما تبقى من عائلات وأهالٍ وأطفال. مجزرة عائلة بعلوشة على أنقاض منزلها المدمر في مخيم جباليا الذي شهد أشدَّ الغارات الصهيونية الشرسة؛ تقف المواطنة سميرة بعلوشة في العقد الثالث من عمرها وهي تستذكر بناتها الخمس اللاتي فقدتهنَّ في قصف صاروخي استهدف مسجد الشهيد عماد عقل، المجاور لمنزلهم؛ حيث ما زالت تستذكر كيف حاول الناس أن يخرجوا أشلاء بناتها الخمس من تحت الركام وهي تنظر بعين الألم والأمل علها تجد واحدةً منهم تنادي: "أمي"، ولكن دون جدوى فقد أزهق الصاروخ الصهيوني أرواح تلك الفتيات الخمس. المواطنة بعلوشة نجت من هذا القصف الهمجي هي وزوجها وطفل لهما واثنتان من الفتيات، رغم أنها كانت تتمنَّى ألا تنجو حتى لا ترى مشهدًا كأنه لقطةٌ من حلقات مسلسل درامي تباد فيه نصف عائلة ليس لها إلا الله يسترها. تتردَّد الفلسطينية المكلومة يومًا بعد يوم على منزلها البسيط المدمر لتستعيد مشاهد الألم، وتستذكر بناتها الخمس وما تركته لها الذكريات الأليمة في هذا المنزل.
عائلة بعلوشة كانت العائلة الأولى التي أباد القصف نصفها، ولكن استمرت الحرب واشتدَّت ضراوتها حتى طالت عائلات بأكملها؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر كان أبرز تلك العائلات: "السموني.. الداية.. البطران". مسلسلات خيالية ما كدنا ننتهي من السماع إلى قصة عائلة بعلوشة حتى حار بنا الأمر إلى أين نذهب؟! وعن أي قصة نتحدث في ذاكرة الحرب العدوانية الهمجية؟! فاتجهنا إلى "جبل الريس" الذي اشتُهر خلال تلك الحرب بالمعارك الضارية التي خاضتها المقاومة الباسلة مع القوات الغازية المدجَّجة بالسلاح. لعلنا جميعًا توقفنا أمام شاشات التلفاز لنشاهد ما تُسمى بأفلام "الأكشن"؛ لنرى مشاهد الدماء والقتل والحرب بالأسلحة قد لفتت انتباهنا، ولكن ما حدث مع عائلة الدكتور عوني الجرو، التي تسكن على جبل الريس كان مشهدًا ضخمًا ومبالغًا فيه في أحد أفلام "الأكشن الصهيونية". من فوق ركام منزله يقف الدكتور الجرو ليروي هذا المشهد الأليم.. يقول الجرو: "تقدَّمت الآليات الحربية الصهيونية في أول أيام ما عُرف آنذاك بالحرب البرية إلى منطقتنا (جبل الريس)، فلم نترك منزلنا؛ حيث اعتدنا دائمًا على مثل هذه الاجتياحات، ولم يتعرَّض منزلنا لأي قصف أو أذى خلالها". ويتابع: "ظهر يوم 8 من كانون الثاني (يناير) الماضي، كنت أجلس في إحدى غرف منزلي بينما زوجتي وأطفالي بعيدون عني في غرفة أخرى لحظة أن سقطت أربع قذائف مدفعية بصورة مفاجئة على منزلنا؛ حتى اندفعت على الأرض من شدة الضربة، وبعدها لم أعلم ما دار حولي؛ حيث غِبْت عن الوعي لدقائق؛ إذ كان فضل ضرر قذيفة أخرى بأن استفقت لأبحث عن زوجتي وأطفالي". وبشيء من الذهول يستطرد الدكتور الجرو: "استفقت بقوة، وكنت شعرت أنني مصابٌ بشظية برأسي فاستدركت نفسي وخضت بأرجاء المنزل أبحث عن أطفالي وزوجتي وأنادي عليهم بأسمائهم ولم يرد عليَّ أحد".
بعد يقينه بأن عائلته قد أُبيدت بأكملها، ظل يبحث بين أنقاض المنزل عن أطفاله ولم يجدهم؛ حيث علم بعد ذلك أن زوجته ذهبت إلى غرفة أطفالها لتنتشلهم من أسِرَّتهم وهي تنادي عليهم أثناء القصف ولكن القصف أسرع من هربهم؛ حيث باغتتها قذيفة أصابت الجزء السفلي منها وهي تحمل طفلها، بينما باغتتها قذيفة أخرى لتشطرها هي وطفلها إلى نصفين. رواية طفولة أحد الأطفال كان يقف متكتفًا على أنقاض منزلهم المدمر في منطقة يراقب نظرات الصحفيين والزائرين لتلك المنطقة المنكوبة؛ لعله يسمع منهم كلمةً تصبِّره على ما ألمَّ به وبعائلته من مأساة. يقول الطفل رائد الذي لم يتجاوز السابعة من عمره: "كنا سبعةً في غرفة واحدة، ومعنا جيران كثير، وكنا خائفين من القصف الذي كان لا يرحم أحد". وأضاف: "وفجأةً كان ما توقعنا.. انهالت علينا القذائف من المدفعية الصهيونية، والحمد لله قدرنا نهرب، ولما رجعنا على البيت لقينا الدار انهدمت ومصارينا مسروقة". تتشابه قصص الألم والمعاناة بين الفلسطيني والآخر، إلا أن الفرق كبير بين من يروي مأساته بنفسه ومن يبقى شاهدًا ليروي مأساة عائلة أُبيدت عن بكرة أبيها بفعل صاروخ صهيونيٍ غادر. |
| |
|