إن شهر رمضان الكريم بما يحمل من رسالة عملية تربوية
في التقوى والتهذيب والتغيير إلى الأفضل هو مناسبة قيمة للتخلي عن العادات السيئة،
فهو بمثابة ثورة تصحيح على جميع المسارات الحياتية، وهو فرصة ثمينة لتنظيم الحياة
وتخليصها من الفوضى والرتابة والجمود لمن أراد ذلك. كما يعد شهر رمضان اختباراً
عمليا يتعلم المسلم من خلاله كيف يهذب من سلوكياته وأفكاره، ويعيد النظر في بعض
عاداته وتقاليده ومألوفاته، كذلك تقوية الإرادة الذاتية وحسن المراقبة لله في كل
الأعمال. والتدخين من الأمور التي لا يقرها الدين فضلا عن العقل السليم، لأن فيه من
الأضرار ما لا يعد ولا يحصى على الصحة والنفس والمال. وقد أكدت الأبحاث العلمية أن
هناك علاقة وثيقة بين التدخين وكل من سرطان الرئة وتليف الكبد وأمراض الشريان
التاجي والذبحة الصدرية وسرطان الفم والبلعوم والحنجرة وأمراض أخرى، وتذكر
الإحصاءات أعدادا بالملايين في العالم يفتك بها التدخين سنويا، وتراوح أعمارهم بين
34 و65 عاما ولم يسلم من التدخين حتى الأجنة في بطون
أمهاتها!
كيف تقلع عن
التدخين؟
- إذا أردت الإقلاع عن
التدخين يمكنك اتباع الخطوات التالية:
1. قرر بشكل قاطع أنك تريد الإقلاع عن التدخين فإن ذلك كما يقول الله
تعالى "إن ذلك من عزم الأمور".
2.
حدد موعد الإقلاع عن التدخين وليكن في أقرب فرصة ولا تسمح لنفسك بالتأجيل حتى لا
يؤثر في شخصيتك وقرارك.
3. استعن
بالله وادعه مخلصا أن يمنحك القوة والتوفيق لتحقيق ذلك، قال النبي صلى الله عليه
وسلم "وإذا استعنت فاستعن بالله".
4. ضع أمام عينيك دائما أخطار التدخين وعواقبه الوخيمة، وتذكر أن الله
سيسألك عن الصحة والعمر والمال.
5.
حاول أن تجد رفيقا لك لا يكون أو ليس من المدخنين (قرب صديقا فهذا ادعى للخير ويزيد
إصرارك على ترك التدخين والمرء قوي بإخوانه لا بنفسه فقط، قال الله تعالى "وتعاونوا
على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم
"من دل على خير فله أجر مثل فاعله".
6. احذر أصدقاءك الذين يحاولون تنحيتك عن الإقلاع عن التدخين، وتذكر
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من
يخالل".
7. أبلغ زوجك وأهلك ومن
تثق بهم بقرارك فإنهم سيكونون مصدر دعم مهما لك إن شاء
الله.
8. قرر أن تقتطع مبلغا من
المال الذي كنت تصرفه على التدخين للتبرع به للفقراء واليتامى بشكل يومي لأن الله
تعالى يقول "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم
أجرا".
9. استثمر الصيام في تدعيم
قرارك، فكن أكثر قربا لله ومراقبة له لقوله تعالى "ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو
رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا
ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة".
10. سيتولد لديك صراع داخلي للعودة إلى التدخين، فتذكر قول الله تعالى
"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون" ولا تنس قول الله
تعالى "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع
عليم".
11. اذهب لطبيب الأسنان
واطلب منه أن يزيل كل رواسب وأوساخ التدخين من أسنانك للتخلص من آثاره ورائحته
الكريهة، ثم استعمل السواك والفرشاة والمعجون، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم
"السواك مطهرة للفم مرضاة للرب".
12. تذكر أنك في شهر الصوم وأن ذلك يقتضي ترك الخبائث والمنكرات،
التدخين من الخبائث والمضار التي يجب تركها، قال تعالى "ويحل لهم الطيبات ويحرم
عليهم الخبائث".
13. اعلم أن
أغلبية الانتكاسات تحدث خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الامتناع عن التدخين، فعليك
أن تكون مستعدا لمواجهة كل الظروف التي كانت تدعوك للتدخين مثل حالات القلق والتوتر
والانزعاج وإرضاء الآخرين، وابحث عن وسائل معقولة مشروعة، لأن التدخين لا يساعد
المخ على حل أي مشكلة وتذكر أن من يتق الله يجعل له
مخرجاً.
صدرك
والصيام
أصحبت مضار التدخين على
الأسنان لا تدع مجالا للشك ومن أكثر أجهزة الجسم تأثراً بالتدخين الجهاز التنفسي،
حيث يجعله التدخين عرضة للإصابة بالنزلات الشعبية وضيق الشعب الهوائية والربو
الشعبي والامفيزيما.
وبالطبع كلما
ازدادت كمية التدخين ومدته أزداد تأثير التدخين بسرطان الرئة، تزداد تأكيداً يوما
بعد يوم، هذا إضافة إلى تأثير التدخين في القلب والأوعية الدموية والمعدة والجهاز
الهضمي الضار. وإذا كنا ننصح الإنسان السليم بالامتناع عن التدخين لوقايته من مضار
التدخين، فإن الأمر كذلك ينطبق على مريض الصدر الذي يعاني أي أعراض أو مشكلات
صدرية، لأن الضرر هنا يكون كبيرا، فإنه يزيد من مشكلاته فتزداد الأعراض في حالات
النزلات الشعبية الحادة والمزمنة والربو الشعبي والامفيزيما، ويجعل من استجابة
المريض لموسعات الشعب الهوائية غير كاملة ولا تعطي التأثير
المطلوب.
وأصبح المدخن يضر نفسه،
وكذلك من حوله وهو ما يعرف بالتدخين السلبي، أي أن غير المدخن الذي يستنشق دخان
السجائر يتأثر بمضاعفاته ومشكلات التدخين دون أن يكون مدخناً حقيقياً. وعلى ذلك
فإنني أتقدم بالنصيحة إلى كل مدخن أن يحافظ على صحته ونفسه التي أعطاها الله له
وديعة ليحافظ عليها بأن ينتهز فرصة الصيام التي يستطيع فيها بإرادة وقوة أن يمتنع
عن التدخين والطعام لفترات طويلة وأن يكمل المشوار ويمتنع تماماً عن هذه العادة
البشرية السيئة عادة التدخين وما أجمل أن يصحح الإنسان مسار حياته وهو
صائم.
وبالطبع فإن مريض الصدر الذي
يدخن لا بد أن يتخذ هذا القرار بسرعة ودون تردد فإنه في أشد الحاجة لهذا
القرار.
عصبية بعض
الصائمين
هناك أسباب كثيرة لعصبية
وغضب بعض الصائمين المدمنين على التبغ فهم مدخنون والمدخن الذي يواظب على التدخين
يومياً ولمدة طويلة يكون في الحقيقة مدمنا على التبغ، وعندما ينقطع عن التدخين لبضع
ساعات يبدأ يعاني أعراض الحرمان من التبغ الذي اعتادته خلايا دماغه فيشعر بالعصبية،
سرعة الغضب، التململ، الصداع، ضعف التركيز، انخفاض المزاج، القلق، ضعف الذاكرة،
واضطراب النوم، وهي أعراض تختفي خلال أسبوع إن بقي ممتنعا عن التدخين، وهذه الأعراض
ناجمة عن الإدمان على التبغ وليست ناتجة عن الصيام بحد ذاته فالشخص الطبيعي الذي لم
يدمن شيئا لا يمر بها إن صام.
كما
أن هناك إدمانا آخر شائعا بين الناس، الإدمان على الكافيين وهي المادة المنبهة في
القهوة والشاي والكولا والانقطاع المفاجئ عن الكافيين يتسبب إن طالت ساعاته بشعور
المدمن بالكسل والنعاس وفقد الرغبة في العمل وبالعصبية وانخفاض المزاج، وإذا بلغ
الانقطاع عن الكافيين عند المدمن عليه ثماني عشرة ساعة أو أكثر فقد يصيبه صداع يشمل
رأسه كله، ويتميز إن الألم فيه نابض يشتد مع كل ضربة من ضربات القلب، لذا كان من
المفيد لمن أدمن على الكافيين أن يخفف من تناوله القهوة والشاي والكولا تخفيفا
تدريجيا قبل رمضان، وذلك استعدادا للصيام، وعليه أن يتناول شيئا منها عند السحور،
حتى لا يعاني أعراض التوقف عنها أثناء الصيام.