لا يستطيع أحد أن يتنبأ بخطر تلك الأسلحة إذا ما استخدمت على نطاق واسع.
2.
مقدرة أي دولة على المضي في تطوير البحث الخاصة بتلك الأسلحة وذلك لعدم
وجود أي نوع من الرقابة الفعالة حيث أنه من الصعب التمييز بين أن تكون
البحوث الحيوية الجارية في أي معمل شرع فيها من أجل أعمال دفاعية أو شرع
فيها من أجل أعمال عسكرية عدوانية.
3. تكاليف تلك البحوث ضئيلة جداً بالقياس إلى تكاليف البحوث الذرية.
4.
إن سر الخطر الكبير الذي يهدد البشرية من استخدام الأسلحة الحيوية يكمن في
كونها ذات أثر طويل وهي أشد خطراً على الإنسان إذ قد تكون هناك ميكروبات
من الصعب وجود أمصال لعلاجها أو لقاحات للوقاية منها بجانب مقدرتها
العالية على البقاء.
رابعاً: بناء القوى العسكرية الحيوية في العالم
1. الولايات المتحدة الأمريكية
أنفقت
الولايات المتحدة الأمريكية ملايين الدولارات لتطوير الأسلحة الحيوية التي
كان بعضها في طي الكتمان بين المعارضة والتأييد، حيث كان ممن بين صفوف
العسكريين من يعتقد أن استخدام مثل تلك الأسلحة يتناقض مع الإنسانية لأن
فيها هجوماً على المدنيين الأبرياء غير المحاربين بينما يصفها آخرون بأنها
"الحرب الإنسانية" لأنها تقتل الكثير بل تعطل وتشل ويضيفون بأن الأسلحة
الحيوية هي "الدواء الشافي" الذي سيعالج كل نزاع عسكري مقبل دون "تكاليف"
وبدون "دمار". ولقد جاء في كتيب للتعليمات العسكرية الأمريكية عام 1954م
في قوانين الحرب البرية ما نصه "تستعمل الولايات المتحدة الأمريكية أسلحة
الغازات والجراثيم ضد الأعداء فقط عندما يستعملونها أولا". ولكن لم يدم
هذا النص طويلاً فقد أعيد طباعة هذا الكتيب مراراً حتى آل في النهاية إلى
حذف المقطع الأخير من النص السابق. أما كتيب الميدان وتحت عنوان "مبادئ
القوات المسلحة في استعمال الأسلحة الحيوية والكيماوية والدفاع" فقد وضع
قرار استخدام الأسلحة الحيوية في الحرب تحت صلاحيات رئيس الولايات المتحدة
مباشرة دون القيادات العسكرية الذين ستصلهم الأوامر حسب التسلسل المتبع
للقيادات ومن العجيب المدهش أن هناك ما يقارب خمساً وسبعين جامعة منتشرة
في سائر أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية وثمان عشرة جامعة أخرى حول
اليابان وأوروبا قد سخرت لمثل هذا الهدف بعد أن وقعت عقود واتفاقات مع
وزارة الدفاع الأمريكية للعمل من أجل تطوير هذا المجال تحت ستار الدفاع.
وفي عام 1963م تناقلت وكالات الأنباء خبراً مفاده إن الولايات المتحدة
الأمريكية زودت دول حلف شمال الأطلسي NATO بصواريخ تحمل أسلحة حيوية وكان
الخبر حقيقة. عندما اعترف أحد القادة العسكريين الأمريكيين في عام 1966م
أي قبل عام واحد من حرب الأيام الستة لمؤلف كتاب الكيماوية والحيوية
(البيولوجية) "سيمور هرش" إن بعض الأسلحة الكيماوية والحيوية (البيولوجية)
شحنت فعلاً لألمانيا الغربية ومن المعتقد أن كثيراً من أسرار الأسلحة
الكيماوية الحيوية الأمريكية هي في متناول يد دول حلف الأطلسي.
2. إسرائيل
اعترف
أحد العلماء في جامعة "تل أبيب" "روبرت ليبو" في كتابه حيوانات الحرب بان
إسرائيل استخدمت الأحياء ومنها الأسماك والطيور والكلاب للتجسس في جنوب
لبنان للكشف عن أماكن الغواصات ومواقعها وبعض قطع القوات العربية المحاربة
وذلك عن طريق جهاز إليكتروني بسيط يوضع على تلك الحيوانات ومن ثم يرسل
موجات معينة يستقبلها جهاز آخر في مركز الاستخبارات العسكرية القيادية في
تل أبيب. ولقد كشفت صحيفة الجمهور اللبنانية الصادرة[ في أبريل عام 1975م
في عددها الرابع والعشرين تحت عنوان استخدام الحمام والأسماك والفئران في
الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ما يؤكد ذلك. وما لبث هذا المقال بكامله
أن نشر فيما بعد على صفحات كتاب "الحيوانات والحرب" للمؤلف السابق الذي
كشف فيما بعد عن حقيقة المخطط الإسرائيلي العسكري الرهيب عن كيفية استخدام
تلك الحيوانات وقد بنى على أربع نقاط هي:
أ. الانطلاق
وهي
اللحظة التي عندها تنفصل الحيوانات المستخدمة كالحمام مثلاً عن وسيلة
النقل التي استخدمت في جمعها وأمرها بالقيام بمهمتها للبحث.
ب. الإرشاد
وهي العملية التي يتم بها بالفعل إيصال تلك الحيوانات إلى المناطق التي يراد البحث فيها.
ج. البحث
تقصي الحقائق وجمع المعلومات من كافة المناطق التي أطلقت فيها لتجعل الهدف سهلاً وميسوراً.
د. التقارير
وهو
إعطاء خطة كاملة ومعلومات وافية بعد البحث عن أماكن تجمع الأفراد وعددهم
وممتلكات الجيش العربي المحارب وذلك بواسطة ذبذبات معينة من الأجهزة
المثبتة بالحيوانات إلى الأفراد المراقبين بواسطة أجهزة مقابلة في مناطق
القيادة العسكرية.
هـ. العودة
وهي عودة الحيوانات مرة أخرى إلى نقطة البدء.
و. الهجوم بعد تحديد الهدف.
3. روسيا
لقد
سعى الروس على أن تكون أخبارهم في مجال الأسلحة الحيوية في سرية كاملة
وبعيدة عن التنقلات حتى تقصت الاستخبارات الأمريكية الحقيقة لبعض
المعلومات من الأسرى والهاربين ولقد كان من بينهم أحد علماء النبات
البلغاريين الذي هرب من مركز أبحاث حيوي في روسيا يقع على ساحل جزيرة
الخزر ثم وصل إلى أوروبا عام 1951م وعند وصوله كتب تقريراً شاملاً أوضح
فيه أن لدى الروس مركزاً عسكرياً للاختبارات الحيوية يعد اكبر مركز عالمي
لإنتاج مثل تلك الأسلحة فيه مئات العلماء وآلاف العسكريين ويشتمل على أحدث
المعدات للأبحاث المتقدمة. ولم يدم هذا طويلاً حتى كشف فيما بعد أن روسيا
تملك مراكز أخرى هامة موزعة على أنحاء العالم ومنها ما يقع على البحر
الأسود على بعد 250 ميلاً من الحدود التركية أخر يقع على بعد 120 ميلاً
شمال الحدود الإيرانية. ومن ثم ازداد التوسع بأن أسسوا محطة مساعدة في
بيونغ يانغ عاصمة كوريا وفيما بين عام 1945م ـ 1950م أعادوا بناء وتشكيل
اكبر ثلاث وحدات جرثومية من الوحدات اليابانية القديمة التي كانت عاملة في
منشوريا. ولم تعد بعد هذا أخبار الأسلحة الحيوية في روسيا أسرار فلقد كشفت
المخابرات الألمانية وتناقلت وكالة روتير بان المخابرات الغربية تدرس
باهتمام أنباء عن إقامة الروس لستة مختبرات خاصة بالحرب الجرثومية في
القوقاز.
4. بريطانيا
يكفي اعتراف مجلة
"الاقتصاديون" البريطانية Economist في عام 1962م بأن بريطانيا تملك مركز
أبحاث للحرب الحيوية في بورتن داون Porton Dawn يعد من احسن الخبرات
الحيوية من حيث الأدوات والتجهيزات في كل أوروبا. لقد كان هذا في عام
1962م فكيف به الآن والصراع في سباق التسلح قائم.
5. دول ليست هناك معلومات كافية عنها بل هناك إيحاءات تشير إلى عملها في هذا المجال
أ. كندا
يقع مركز أبحاثها في "اوتاوا".
ب. ألمانيا الغربية
هناك تعاون وثيق بين ألمانيا الغربية وأمريكا في مجال الأسلحة الحيوية عن طريق NATO حلف الشمال الأطلسي.
ج. جنوب أفريقيا
تعاون بينها وبين الصين الوطنية.
د. بولندا
و. السويد
حتى في مثل تلك الدولة المحايدة توجد برامج واسعة في المجال بدأت في نهاية الحرب العالمية الثانية
خامساً: موقف الرأي الدولي من الأسلحة الحيوية
لقد
حظيت الحرب الجرثومية بحوالي 20% من المعاهدات والقرارات الدولية فيما بين
بروتوكول جنيف عام 1925م و"سولت 2" وكذلك محادثات الحرب الاستراتيجية
المحدودة عام 1979م التي تحد من انتشار الأسلحة وتحذر من استعمالها ولقد
كان من ابرز تلك المعاهدات التي تخص الحرب الحيوية.
1. بروتوكول جنيف عام 1952
وهو
يحرم استخدام وإنتاج الأسلحة الحيوية والغازات السامة آيا كانت على
الإطلاق ولقد وقع من 48 دولة مشاركة ما عدا الولايات المتحدة الأمريكية.
2. معاهدة الحرب الحيوية بين الشرق والغرب عام 1972
وتنص
على منع استخدام الحرب الحيوية (الجرثومية) قطعياً وان مخزون جميع الدول
من تلك الأسلحة يجب أن يدمره ويحرم على الإطلاق إنتاجها. ووقعت هذه
المعاهدة من جميع الدول ماعدا فرنسا والصين، ولم يعلن في عام 1972م وكان
يعتقد بأن جميعها قد دمر حتى ورد إلى الرئيس كلبسون (رئيس الولايات
المتحدة في ذلك العام) أن مخزون الولايات المتحدة من تلك الأسلحة لا زال
سليماً ولم يمس، ولكن العسكريين عزوا ذلك لأسباب فنية حفية. ولقد كانوا
يصرون في قرارة أنفسهم عند توقيع تلك المعاهدة بأنها حتى لو قدر لهم أن
يدمروا كل مخزونهم من تلك الأسلحة فان بإمكانهم أن يعيدوه للوجود مرة
أخرى. لأن خبايا نواياهم ومخزونهم العدائي من تلك الأسلحة "التي من صفاتها
النمو التكاثر في الظروف الملائمة" أخفيت عن الجهات الرسمية في معامل
المستشفيات
وفي المختبرات الجامعية بدعوى أنها مسخرة للأعمال الطبية السلمية.