. البرنامج السوفيتي لقنابل الارتجاج
يمتلك
الروس ترسانة ضخمة من قنابل ورؤوس الارتجاج، وقد اعتمد السوفييت في
البداية على إنتاج قنابل وقود غازي تعتمد على انتشار وتفجير خليط من
غازات الميثان والبروبان والأستيلين مع الهواء بالإضافة إلى الميثان
والبروبان
مع الأكسجين بعد التجانس، وقد نجحوا في إنتاج رؤوس ارتجاجية لمقذوفات
المدفعية السوفيتية، المتوسطة، وبعيدة المدى، التي تعمل بالمحرك الصاروخي.
وقد
لجأ السوفييت إلى استخدام قنابل ارتجاجية في حربهم ضد المجاهدين الأفغان،
1989:1979، وأسقطوها من طائرات السوخوي، وكانت القنبلة الواحدةمن
عيار 500 كيلوجرام، تولد كرة من النيران قطرها تسعة أمتار وتقتل بتأثيرات
الضغط
والحرارة جميع الكائنات وتدمر كافة المحاصيل الزراعية في دائرة نصف قطرها
50 : 60 متراً، وتلحق آثار تدمير جزئية في منطقة نصف قطرها يقترب من
كيلومتر واحد، وقد قدرت قيمة الضغط في مقدمة موجة الضغط الناشئة عن انفجار
واشتعال غاز الميثان بنحو 22 : 24 كيلوجراماً/السنتيمتر المربع.
6. قنابل الارتجاج في مسرح الحرب في الشرق الأوسط
في
مواجهة انفراد إسرائيل ببرنامج متكامل لإنتاج قنابل الارتجاج حاولت العراق
الاقتراب من تكنولوجيا الوقود المتفجر لكنها واجهت عدة مشاكل من بينها:
أ. اختيار الأوزان المناسبة للمواد المتفاعلة في القنبلة.
ب. تحديد التوقيت الملائم للإشعال والتفجير بعد انتشار سحابة الغاز وتأثير لهيب الانفجار على استكمال تفاعل المخلوط الغازي.
ج. التحكم في كمية الطاقة الناتجة عن عملية التفجير وتوزيعها بين الضغط والحرارة.
د. تعديل الأوزان المناسبة للمواد المتفاعلة في خليط الغازات المتفجرة وتأثيره على كمية الطاقة المتولدة عن الاشتعال والتفجير.
وقد
أدت عملية عاصفة الصحراء إلى تدمير أغلب إمكانيات العراق الكيماوية،
ومعامل بحوثه الخاصة بإنتاج قنابل الوقود الغازي، بينما تعرض لقنابل
الإسقاط الحرالمعبأة بالوقود
المتفجر، جواً خلال شهر فبراير 1991، وكانت هذه القنابل من أهم الأدوات
التي زادت من فاعلية القوات الجوية كأداة حسم إستراتيجيةفي الحروب المحلية والإقليمية.
وقد
استخدمت، قنابل الارتجاج، في الضربات الجوية الشاملة، في بداية الحملة
الجوية (في الأيام الثلاثة الأولي بين 17و 19 يناير 1991 لتدمير منشآت
العراق النووية وهي 24 مفاعــلاً ومصنعاً ومعملاً دمر منها خلال الحرب (17
يناير 1991 : 28 فبراير 1991) 18
منشأة تدميراً كلياً وثلاث منشآت تدميراً جزئياً وبقيت ثلاث منشآت نووية
فقط سليمة('عن تقرير الحكومة العراقية إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في
فيينا في إبريل 1991م.')، وقد شمل التدمير مفاعلين نووين بهما 13
كيلوجراماً، من اليورانيوم المركز، الذي حصل عليه العراق، من الاتحاد
السوفيتي. وتمتاز أسلحة التفجير الحجمي، عن الغازات الحربية، في الاستخدام القتالي إذ أنها لا تعاني من نقاط الضعف التالية:
أ.
تحتاج الأسلحة الكيماوية، إلى حشد كبير، من وسائل الاستخدام لتحقيق
التركيز الميداني من الغاز الحربي، ليحدث نسبة الخسائر المطلوبة، لتحقيق
الردع من وراء استخدامها.
ب
صعوبة التخزين للغازات (الأحادية)، لفترة طويلة، مع احتفاظها بخصائصها
الكيماوية، والفسيولوجية، للتأثير الميداني، تحت ظروف الأحوال الجوية
السائدة في مسرح العمليات، وإن كانت الذخائر الثنائية، لا تواجه هذه المشكلة، لكنها عالية التكلفة، بالمقارنة بأسلحة التفجير الحجمي.
ج.
أهمية تحقيق التأمين الكيماوي، بكفاءة عالية، للقوات، لوقايتها عند تعرضها
للضربات الكيماوية، المعادية، بما تتطلبه من إجراءات للوقاية الفردية
والجماعية للقوات.
د.
انخفاض نسبة الخسائر في الأفراد، في حالة عدم تحقيق المفاجأة، والحشد، عند
الاستخدام حيث تبلغ 8 : 10% فقط، بينما تحقق قنابل الارتجاج، خسائر عالية في الأفراد في مناطق التدمير الكلي والجزئي للقنابل
وبينما
تكثف الجهود الدولية، لحظر انتشار، وإعدام الذخائر الكيماوية، فإن القيود
التي يمكن أن تواجه استخدام أسلحة التفجير الحجمي، تقتصر على اتفاقية "حظر
وقيود استخدام الأسلحة غير الإنسانية"، والبروتوكولات الثلاثة الملحقة
بها. وقد أبرمت اتفاقية، منع وتقييد، استخدام أسلحة تقليدية معينة تؤدى
إلى إصابات خطيرة، أو غير مميزة ضد القوى البشرية، التي تقضى بحماية
المدنيين، والأهداف المدنية، من الهجمات، وباستخدام المواد الحارقة والألغام،
والشراك الخداعية، والقنابل العنقودية، وقد وقعت هذه الاتفاقية في 10
إبريل 1981، ودخلت إلى مجال التطبيق في 2 ديسمبر 1983 وبنهاية 1989، كانت 32 دولة فقط قد انضمت إلى هذه الاتفاقية وبروتوكولاتها.
وقد
صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 32/152 لعام 1977، بعقد مؤتمر
لتحريم
الأسلحة غير الإنسانية، وبدأ العمل التحضيرى لهذا المؤتمرعام 1978،
باشتراك 82 دولة، لدراسة كيفية فرض حظر استخدام النابالم، والمواد
الحارقة، والأسلحة، التي تدمر بموجة الضغط، أو بمفجرات الوقود الغازي،
والقنابل العنقودية، وصيغت الاتفاقية وبروتوكولاتها عام 1980، وتضمنت:
أ. تأكيد اتفاقيات جنيف لعام 1949، والبروتوكول الإضافي لها الرقم (1) الصادر في عام 1977.
ب. حظر الأسلحة غير الإنسانية ومتأخرة التأثير الفسيولوجي بصفة عامة.
ج.
حظر استخدام الأسلحة التي تؤدي إلى إصابات عن طريق الشظايا التي يصعب
كشفها بأشعة إكس (زجاجية أو بلاستيكية) طبقاً للبروتوكول الرقم (1)
للاتفاقية.
د. حظر استخدام الألغام والشراك الخداعية وبخاصة التي تفجر آليا البروتوكول الرقم(2).
هـ.
حظر توجيه الضربات إلى الأهداف المدنية وبخاصة الذخائر الحارقة أو التي
تجمع بين الحرارة وتأثيرات التفاعل الكيماوي، البروتوكول الرقم (3).
ومع
ذلك كله فإن الحرب الفيتنامية، وحرب أفغانستان، ثم حرب فوكلاند، (بين
الأرجنتين
والمملكة المتحدة)، والحرب العراقية - الإيرانية، وحرب تحرير الكويت،
(عملية عاصفة الصحراء)، قد شهدت استخدام الأسلحة الارتجاجية، ولم تكن
إدانة المجتمع الدولي لها بنفس مستوى إدانة الأسلحة
الكيماوية أو البيولوجية، مما قد يدفع بعض دول العالم الثالث، في مناطق
بؤر الأزمات، إلى المضي في برامج تطوير قنابل الوقود الغازي وغيرها
من أسلحة التفجير الحجمي، لتجنب القيود المتوالية التي تفرض من جانب الدول
العظمى، والمتقدمة، على بعض المواد الكيماوية، التي تدخل في
تصنيع الغازات الحربية، ثم لمواجهة نتائج الضغوط السياسية، والاقتصادية،
لنزع الأسلحة الكيماوية، في الشرق الأوسط، أو جنوب شرقي آسيا وغيرهما من مناطق، بؤر الصراعات الإقليمية، والدولية المعاصرة.
سادساً: تاريخ استخدام المواد الحارقة
تعتبر
المواد الحارقة، من أقدم أسلحة الحرب الكيماوية استخداماً، لسهولة تحضيرها
ورخص
تكاليفها. وقد استخدمت هذه المواد، بشكل دائم في معظم الحروب القديمة
المعروفة، بواسطة الأطراف المتحاربة، في شكل إشعال حرائق بواسطة مواد
سريعة الاحتراق. وقد
طور الصينيون، المواد الحارقة، بإنتاجهم نوعاً منها يستمر لفترة طويلة،
ويعطي حرارة أشد، واستخدموا آلات قذف لإرسال نيرانها لمسافات بعيدة. كما
استخدمت بعض الدول، مثل اليابان، هذه المواد الحارقة، بأسلوب تكتيكي مع
الغازات الحربية، لإجبار قوات الخصم على الدخول في المناطق الملوثة مما يزيد من خسائره في الأفراد.
وبعد
اكتشاف النابالم، سبب قفزة في تاريخ تطور هذه المواد، والذي يستخدم حتى
اليوم، وقد استخدم على نطاق واسع في الحروب الإقليمية، والحروب الأهلية ولقمع
الثوار في العديد من البلاد، وليس أخرها استخدام الحكومة العراقية، هذه
المواد الحارقة، ضد المواطنين من الأكراد، في المناطق الجبلية. وقد
أوضحت تقارير المراقبين الدوليين، استخدام الأطراف المتحاربة، في الحرب
الإيرانية ـ العراقية، المواد الحارقة، على قوات الطرف الآخر.