بسم الله الرحمن الرحيم.
كتائب الشهيد عز الدين القسام صادف يوم التاسع من شهر (نوفمبر) تشرين الثاني من عام 1992 الذكرى السنوية السابعة والخمسين لاستشهاد البطل المجاهد الشيخ عز الدين القسام الذي عرفته أودية فلسطين وسهولها وجبالها وسفوحها قائداً جليلاً وفارساً مغواراً لا يعرف الانحناء للمحتل ولا يصافح الأيدي الآثمة التي تلطخت بدماء الشهداء ، فقد كان فارس البندقية المقاتلة ، حارب أعداء الإسلام دون يأس أو قنوط . وإذا كان الشيخ الجليل قد استشهد في معركة خاضتها مجموعته مع قوات الانتداب البريطاني في أحراش قرية (يعبد) القريبة من جنين بعد قدومه من بلدته في الساحل السوري إلى فلسطين بسنوات قلائل ، إلا أنه تحول منذ ذلك الحين إلى رمز فلسطيني يعبر عن البعد الإسلامي للقضية الفلسطينية .
كان شعار الشيخ عز الدين القسام وتنظيمه العسكري الذي كونه لمقاومة الاحتلال البريطاني في فلسطين والهجرة اليهودية إليها العبارة الخالدة "هذا جهاد نصر أو استشهاد" ، وهي العبارة التي يرددها هذه الأيام المجاهدون الفلسطينيون المنتمون للجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) المعروفة باسم كتائب عز الدين القسام . وهكذا ، لم يأخذ الجناح العسكري لحماس شعار الشيخ وحركته فحسب ، بل وتسمى باسمه .
لا توجد معلومات محددة حول نشأة كتائب القسام ، فحتى شهر أيار 1989 لم يكن اسم كتائب الشهيد عز الدين القسام قد برز إلى الوجود . فقد ورد خلال تصريحات لمسؤولي جيش الاحتلال عقب حملة الاعتقالات الواسعة التي شنت ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في ذلك الشهر اسم
الروحي للحركة (الشيخ أحمد ياسين) ومجموعة من قادة الحركة كالمجاهد صلاح شحادة باعتباره قائد الجناح العسكري لحماس ، الذي حمل اسم "المجاهدون الفلسطينيون" والمجاهد يحيى السنوار باعتباره مؤسس وقائد الجهاز الأمني للحركة الذي حمل اسم "مجد" كما وردت إشارات متفرقة ا ولكنها ضعيفة حول جهاز للحركة يسمى "جهاز الأحداث" يقوم بتصفية العملاء وتجار المخدرات ، ويفرض حظراً على الفساد الأخلاقي دون التعرض للنواحي العسكرية ضد قوات الاحتلال أو التعرض للنواحي الأمنية .
المجد للقسام : تمكن الجهاز من تنظيم مجموعة عمليات نوعية وجريئة لفتت الأنظار بقوة ، فقد شهد قطاع غزة في عام 1991 أعمال خطف العملاء وقتل اليهود بشكل دقيق أربك المخابرات الإسرائيلية وأذهل الاتجاهات الأخرى . وتساءل الجميع : من يقف خلف هذا ؟ ولمن ؟ ولماذا كتائب القسام ؟
كان البروز الأكبر لاسم كتائب الشهيد عز الدين القسام يوم قتل مسؤول أمن المستوطنات بتاريخ 1/1/1991 وتسابق الجميع لإعلان المسؤولية فيما فرح الآخرون لأن التاريخ يصادف انطلاقة فتح مما يوحي بأن فتح هي المنفذة ، وظلت حماس وكتائبها صامتة حتى قدر الله للمجموعة المنفذة الكشف والمطاردة ليتم الإعلان باسم كتائب القسام حقيقة لا خيالاً
وإن كانت غالبية أعمال الكتائب قد تركزت في قطاع غزة إبتداء ، إلا أن اعتقال ثلاثة مطاردين من حماس في شهر آب 1992 قدموا من قطاع غزة إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية يعطي مؤشراً حول جهود الكتائب لتوسيع نطاق عملها ، فقد عثر بحوزة المطاردين الذين علم فيما بعد أنهم أعضاء في كتائب الشهيد عز الدين القسام ، على أسلحة رشاشة وقنابل يدوية وذخيرة ، كما عثر بحوزتهم على أشرطة فيديو تصور تدريب الثلاثة ، فيما يبدو وكأنها أشرطة أعدت للتدريب بغية تأهيل عناصر من الضفة الغربية لإنشاء نواة للجهاز هناك .
وعلى الرغم من إعلان سلطات الاحتلال مراراً تمكنها من القضاء على الجهاز ، خاصة بعد اعتقال القائد الأول للكتائب المجاهد (وليد عقل) في مخيم النصيرات في نيسان من عام 1992 واستشهاد الثاني المجاهد (ياسر النمروطي) في العام نفسه ، إلا أن عملية خطف الجندي آلون حروني وتجريده من لباسه العسكري وسلاحه وإلقائه من سيارة مسرعة بعد طعنه بالسكاكين يوم 18 من أيلول 1992 وإعلان الكتائب مسؤوليتها عن العملية ، بالإضافة إلى قتل رقيب في حرس الحدود بعد ذلك بأيام في أحد شوارع مدينة القدس ، برهن على أن كتائب عز الدين القسام ما زالت قائمة ، كما أنها نجحت على ما يبدو في نقل أنشطتها إلى الضفة الغربية . وهذا يعزز الاعتقاد بأن الكتائب تمارس عملية تجميع وتنظيم مستمرة لصفوفها على الرغم من تعرضها لضربات قاسية أفقدتها العديد من قادتها .
ويدلل أحد أنصار الحركة على ذلك بقوله : "ما زال صلاح شحادة ويحيى السنوار قابعين في معتقل عزل الرملة ، ومع ذلك فإن أجهزة الحركة الأمنية والعسكرية ما زالت تخوض صراعاً عنيفاً مع قوات الاحتلال" .
نماذج من عمليات كتائب القسام : منذ أن ولدت كتائب الشهيد عز الدين القسام عملاقة ، استمر بزوغ نجمها إلى وقتنا الحاضر . وفضلاً عن عشرات العملاء الذين خطفوا وحقق معهم كانت الأعمال الفدائية الرائعة ، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر :
خطف الجندي آفي ساسبورتس بتاريخ 3/2/1989 ، وتم قتله .
خطف الجندي إيلان سعدون بتاريخ 3/5/1989 وما تزال سلطات الاحتلال تبحث عن جثته .
عملية الشيخ عجلين في مدينة غزة بتاريخ 13/11/1989 وأدت لمقتل جنديين .
زرع قنبلة على شواطئ تل أبيب بتاريخ 28/2/1990 فقتلت سائحة يهودية وجرح آخرون .
عملية البقعة الشهيرة بتاريخ 20/10/1990 حيث أوقع المجاهد عامر أبو سرحان ثلاثة قتلى .
عملية المجاهد هيثم شفيق جملة بتاريخ 29/10/1990 حيث قتل مستوطن واستشهد المجاهد .
عملية المجاهد محمد أبو جلالة بتاريخ 10/3/1991 وأوقعت أربعة قتلى .
عملية المجاهد راتب زيدان بتاريخ 11/10/1991 وأوقعت قتيلين وأحد عشر جريحاً في صفوف العدو .
عملية الإنطلاقة في يافا بتاريخ 14/12/1991 وأوقعت ثلاثة قتلى .
قتل حاخام يهودي قرب مستوطنة غوش قطيف بتاريخ 25/5/1992م .
عملية ناحل عوز الشهيرة بتاريخ 25/6/1992 .
عملية الحرم الإبراهيمي بتاريخ 25/10/1992 وأوقعت أحد جنود العدو قتيلاً في حين أصيب آخر .
عملية السيارة المفخخة في تل أبيب بتاريخ 21/11/1992 .
أسلحة الكتائب : ذكرت صحيفة هتسوفيه الإسرائيلية أن جزءاً كبيراً من الإصابات التي وقعت في صفوف الإسرائيليين جراء استخدام السلاح الناري كان مصدرها قواعد الجيش الإسرائيلي ومدنيين إسرائيليين . وقد وصلت تلك الأسلحة وهي قنابل يدوية وبنادق ومسدسات وذخائر إلى أيدي مجاهدي كتائب الشهيد عز الدين القسام عبر ثلاث طرق . فقد نشط المجاهدون في مهاجمة القواعد العسكرية والمعسكرات الإسرائيلية بهدف الاستيلاء على ما تصل إليه أيديهم من سلاح وذخيرة ، كما وصلت بعض هذه الأسلحة عن طريق التسلل إلى المركبات العسكرية والمنازل . وهناك عامل آخر سهل للمجاهدين سبل الحصول على تلك الأسلحة ألا وهو عالم الجريمة في الكيان الصهيوني . ففي السوق الإسرائيلية السوداء يمكنك أن تجد كل أنواع السلاح تقريباً ولكل سلاح ثمنه ، فالكلاشينكوف المعدل ، على سبيل المثال ، يبلغ سعره بضعة آلاف من الشواكل في حين يصل سعر الكلاشينكوف العادي إلى مئات الشواكل .
أما الطريق الثالث ، والذي من خلاله يصل السلاح إلى أيدي المجاهدين فهو جنود الاحتلال الذين يطاردون شباب الانتفاضة في أزقة وشوارع الضفة والقطاع . فقد كشفت صحيفة حداشوت الإسرائيلية النقاب - نقلاً عن تقرير عسكري داخلي أعدته قيادة القوات الإسرائيلية - أن أكثر من 37 بندقية رشاشة من طراز ام - 16 وجاليل قد اختطفت من ضباط وجنود إسرائيليين على أيدي شبان فلسطينيين ملثمين في أنحاء الأراضي المحتلة منذ بداية الانتفاضة وحتى منتصف شهر آذار من عام 1988م ، كما جرى اختطاف أكثر من اثني عشر مسدساً من ضباط إسرائيليين خلال نفس الفترة .
وإذا كانت المخابرات الإسرائيلية قد دأبت على استخدام سيارات فلسطينية بعد مصادرتها من أصحابها (ذات لوحة زرقاء) في عملياتها الخاصة ذد أبطال الانتفاضة ، فإن المجاهدين ردوا على هذا الأسلوب بالمثل . فقد نشرت صحيفة هآرتس بأن عدة آلاف من السيارات الإسرائيلية سرقت من داخل الكيان الصهيوني وأن الناشطين الفلسطينيين يستخدمون جزءاً من هذه السيارات لتنفيذ عملياتهم ، بعد استبدال لوحاتها الأصلية بأخرى إسرائيلية منتحلة . ولكن إمكانات الشرطة الإسرائيلية محدودة وليس من مهمة الجنود البحث عن السيارات المسروقة ، فقد نجح المجاهدون في تضليل جيش الاحتلال الإسرائيلي ودورياته العسكرية .
اسماء في سجل القسام : من خلال النظر في قائمة شهداء ومعتقلي كتائب الشهيد عز الدين القسام لعام 1992 ، نجد أن معظم المجاهدين يتألفون من مطاردي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الذين تربوا في المساجد وعلى تعاليم الدين الإسلامي ومنهم حفظةالقرآن الكريم (مثل الشهيد ياسر النمروطي) . وأما بالنسبة لأعمارهم ، فإننا نجد أن أعمار أسود القسام تتراوح ما بين عشرين عاماً وثلاثين عاماً . وقد عكست العمليات النوعية التي نفذتها الكتائب دقة التخطيط والتنفيذ ، ودلت على وجود مقاتلين مؤهلين يمتازون بالحكمة والجرأة القتالية وبالذكاء والمهارة العسكرية وهذه أمور ترجع إلى تربيتهم الإسلامية الناضجة التي جعلت أحد قادة المخابرات الإسرائيلية يقف حائراً يبحث عن إجابة لسؤال يقلقه : "كيف تغري إنساناً يرى عالمنا مجرد ممر لن يستقر فيه ؟" . ويؤكد هذا القائد الاندفاع الحماسي لمجاهدي الكتائب نحو الشهادة حين يصرح لصحيفة يديعوت احرونوت عقب عملية اختطاف الرقيب أول نيسيم طوليدانو من مدينة اللد "لقد حققت مع مجموعة منهم وأعرف كيف يفكرون ، لقد قال لي أحدهم : إنه يريد الموت كمجاهد ولا يهمه حكمنا عليه" . ومن الأسماء البارزة في سجل القسام :
الشهيد : غسان أبو ندى - جباليا
الشهيد : محمد أبو نقيرة - رفح
الشهيد : طارق دخان - النصيرات
الشهيد : ياسر الحسنات - النصيرات
الشهيد : محمد قنديل - المغازي
الشهيد : مروان الزايغ - حي الدرج
الشهيد : ياسر النمروطي - خان يونس
الشهيد : هشام عامر - خان يونس
المعتقل : مجدي حماد - جباليا
المعتقل : محسن العايدي - المغازي
المعتقل : ماهر إسماعيل - النصيرات
المعتقل : جلال صقر - الشاطئ