بسم الله الرحمن الرحيم
اتمنا من كل قلبي ان تاخذوا الموضوع بجدية وتقراوه كله وجزاكم الله كل خير.
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى ﺁله وصحبه ومن والاه ..وبعد :
ﺃخي: لكل مسافر زاد …وﺃنت مسافرا بعيدﹰا.. فماذا ﺃعددت ليوم المعاد ? في كل يوم نشيع غاديا ورائحا ،نودعه ونودعه في صدع الارض،غير ممهد ولا موسد،قد فارق اﻷحباب،وخلع الثياب، وسكن التراب، وواجه الحساب، غنيا عما خلف، فقيرا إلى ما قدم .
ﺃوليس في ذلك عبرة للمعتبرين، وذكرى للذاكرين !
ﺃخي المسلم : لقد ﺃوشك الرحيل !وقرب الخطب الجليل! فما للقلوب لاتخشع! وما ل للاذان لاتسمع! وما للعيون لاتدمع!
تفكر اخي- في الذين رحلوا.. ﺃين نزلوا؟! وماذا سئلوا؟! وماذا بقي للغني من غناه؟! وللفقير من فقره ؟!
ﺃين الجلود الرقيقة، والوجوه الحسنة!واﻷجساد الناعمة! ما صنع بها الديدان تحت اﻷكفان؟!ﺃكلت اللسان، وعفرت الجوه، ومحت المحاسن، وكسرت الفقار، وبانت اﻷعضاء ومزقت اﻷشلاء.
ﺃخي: فما غرك بربك ..حتى نسيت لقاءه؟! وما الذي ﺃلهاك عن ذكر الموت و القبر وظلماءه؟ﺃو ليس غدا مثواك جوف قبر مظلم؟! ...فماذا ﺃعددت؟ وهل استعددت؟!أتراك إذا جهزوك وحملوك فوق اﻷعناق تقول: قدموني...ﺃم تخونك ﺃعمالك فتقول:ﺃين تذهبون بي..
فارحم نفسك ياعبد الله- فعن ﺃبي سعيد الخذري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجل على ﺃعناقهم، فان كانت صالحة قالت: قدموني ،وإن كانت غير صالحة قالت، ياويلها اين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شي ء إلا اﻹنسان ،ولو سمعها لصعق »( رواه البخاري).
فرجوعا إلى الله .. قبل هجوم هادم اللذات ..وانقضاء العمر والاوقات!!
تصور مبيتك في القبر
أخي: لاشك أنك جازم بحصول مماتك..ﻷن الخلد في الدنيا محال لاينال!! فتصور نفسك وقد طرحوك في حفرة قبرك! ثم القوا عليك اللحود! وردوا عليك التراب، وصرت في اول لياليك في حفرة الحساب! .. فكيف سيكون الجواب !
لقد تخلى عنك اﻷهل واﻷحباب! والعشيرة واﻷصحاب!.. وتركت وراءك كنزك ومالك !ولم يعد ينفعك إلا ما قدمت من عمل !
فعن أنس رضي الله عنه عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يتبع الميت ثلاثة :أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد :يرجع أهله وماله، ويبقى عمله » ( رواه البخاري ومسلم )
ماذا عساك تفعل اذا جاءك الملكان.. فاجلساك... وانتهراك... وسالاك .. من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ قد تستطيع اﻹجابة اﻵن.. ولكن في تلك الحفرة.. في ذلك القبر.. في ذلك الظلام.. ستكون اﻹجابة بقدر اﻷعمال وصلاحها..
فاما المؤمن صاحب العمل الصالح فيقول: ربي الله وديني الاسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم .وأما المنافق فيقول: هاه...هاه ..لاأدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. فتذكر ياعبد الله! «فانما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر جهنم » (رواه الترمذي).
واعلم ياعبد الله!أن الله جل وعلا قد أهملك بالاوقات ما يكفيك للتوبة والرجوع ﴿أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذ كر وجاءكم النذير﴾ (الفاطر 37) وقد فسر النذير في الاية بالشيب وفسر ايضا بانه النبي صلى الله عليه وسلم .
فقدأعذر منأنذر، وذكر من أخبر، وما ظلم منأخر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم «أعذر الله إلى امرىء أخر أجله حتى بلغ ستين سنة » ( رواه البخاري).
قال العلماء: معناه: لم يترك له عذرا إذ أمهله هذه المدة .يقال أعذر الرجل:إذا بلغ الغاية في العذر .
أخي:أنت اليوم تسكن ظهر الارض.. وغدا ستسكن بطنها، فهلا زينت مسكنك بصالح اﻷعمال ،وهلا فرشته وغرست بستانه باداء ما افترض الله عليك واجتناب ما حرم عليك.. فان كنت موقنا بان بطن الارض لك سكن في القريب فمن الحماقة..أن تغفل عن الاستعداد لها!!!.
كيف نستعد للموت ؟!
فتنبه –ﺃخي الكريم-واجعل لنفسك منها واعظا، وكن للموت متيقظا، وﺃحسن استعدادك له بحسن الطاعة، ورد المظالم إلى اهلها ،وقضاء الديون، وتقييد الوصية بما لك أو عليك .
قال الحسن:إن الرجل ليتعلق بالرجل يوم القيامة فيقول: بيني وبينك الله! فيقول، والله ما ﺃعرفك، فيقول:ﺃنت ﺃخذت طينة من حائطي واخر يقول:ﺃنت ﺃخذ ت خيطا من ثوبي، فهذا وﺃمثاله قطع قلوب الخائفين.
وقال ابرهيم التيمي: شيئان قطعا عني لذة الدنيا، ذكر الموت، وذكر الموقف بين يدي الله.
ومن اﻷمور التي تعين على توطين النفس للرحيل كثرة ذكر الموت، وذلك بتفريغ القلب عن كل شىء إلا عن ذكر الموت، كالذي يريد أن يسافر إلى مفازة خطرة أو يركب البحر فانه لايفكر إلا فيه.
دخل الحسن البصري على مريض يعوده فوجده في سكرات الموت، فنظر إلى كربه وشدة ما زل به، فرجع إلى أهله بغير اللون الذي خرج به من عندهم، فقالوا له: الطعام يرحمك الله فقال يا أهلاه عليكم بطعامكم وشرابكم، فوالله لقد رأيت مصرعا لا أزال اعمل له حتى ألقاه .
وقال بعضهم: دخلنا على عطاء السلمي نعوده في مرضه الذي مات فيه، فقلنا له: كيف ترى حالك؟ فقال: الموت في عنقي، والقبر بين يدي، والقيامة موقفي، وجسر جهنم طريقي، ولا أدري مايفعله بي... ثم بكى بكاءا شديدا ..
حتى غشي عليه فلما أفاق قال الهم ارحمني وارحم وحشتي في القبر، ومصرعي عند الموت وارحم مقامي بين يديك يا أرحم الراحمين .
أخي: لا يبغتك الموت وأنت لاه في غمرات الغفلة والشهوات، واغتنم فراغك وصحتك قبل االفوات، وكن بفرائض الله قواما، وبادر إلى استكثا ر من الخير والفضل، فان الحسنات يذهبن السيئات.
أخي:لقد حرك الداعي إلى الله وإلى دار السلام النفوس اﻷبية، والهمم العالية، وأسمع منادي اﻹيمان من كانت لهأذ ن واعية، وأسمع الله من كان حيا فهزه السماع إلى منازل اﻷبرار وحدا به في طريق سير ه فما حطت به رحاله إلا بدار القرار.
قال تعالى ﴿ يوم تاتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون﴾ (النحل111 ).
فهذه صيحة نذير !.. فهل من مستجيب !!!.