لكل بداية نهاية، هذه هي الحياة ببساطة، والانسان الطبيعي على ادراك تام بهذا الشيء فلذلك تراه يعمل لما بعد النهاية او انه يعمل للنهاية فالعمل كما قيل مستمر والانسان يفنى، ولكن ما هو الدافع الذي يدخره الانسان كي يستمر بعمل حتى الموت، وكيف تكون البداية؟ لكل بداية نهاية ولكل بداية صعوبات ومتاعب، ولكن الانسان في طبيعته يتغلب على هذه التعقيدات كي يكتسب الشرف عند النهاية.
الانسان هو عبارة عن جسد وروح وذكرى، الجسد مهما عاش فنهايته الموت الجسدي والتحلل، والروح وما فيها من انفس واحاسيس ترحل، واما الذكرى تبقى ولكن ليس لوقت طويل، ان الذكرى هي شرف النهاية التي يريد اي انسان الوصل اليه سواء بوعيه ام بدون وعي، وهذه الذكرى استمراريتها بقدر حجم الآمال او الأهداف او الطموحات التي حققها الانسان ذاك في حياته.
البعض يظن ان الخطوة الاولى هي اصعب الخطوات(اي البداية)، بل الخطوة الثانية والثالثة والرابعة… هن اصعب الخطوات، الانسان بتفكيره وبذهابه وايابه هو عمليا ونظريا في الخطوة الاولى، الحلم هو خطوة اولى. تحقيق الحلم هل هو الخطوة الاخيرة ام الثانية؟ الجواب لا الثانية ولا الثالثة… ولا الاخيرة. الانسان من طريقة تفكيره يبدأ بمحاولة تحقيق ما هو يريد، قد يصل لها البعض ولكن الآخرين سيتنازلون عن بعض تلك الاحلام او الاهداف التي وضعوها.
لعــــل الامر المدهش ان اولائك الذين يحققون اهدافهم بنظرنا، هم يحققون اهدافنا بنظرهم ، اي انهم يحققون ما نراهم يريدون ان يحققوا فقط ولكن في حقيقة الامر لديهم اهداف واحلام سامية، ما يحققون منها هو عظيم بنظرنا لدرجة ادهاشنا بهم. اي من الطبيعي التفكير بأن تلك الانفس العظيمة لم تحقق ما تريد وكأنهم حققوا لانفسهم طموحاتنا. ولأن انجازاتهم كانت من المفترض ان تكون آملانا التي نحن الذين اردنا ان نحققها. فلذلك نرى فيهم اناس عباقرة ولذلك تستمر ذكراهم بعد نهايتهم لعقود وقرون وعصور.
يبدأ الانسان حياته بوضع اهدافه للنهاية. اي انه ينظر للنهاية المرجية والمرضية، وذلك بسبب صراعه مع الرغبات والاحتياجات، فيجدر بالهادف ان يضع هدفه بوعي مسبق في النهاية قبل ان يبدأ. ولكي يتمكن الانسان الحصول على ذلك الوعي هنالك طريق عام يجب ان يسير به وهو ان ينظر للطريق الذي سيصل به للنهاية، اي يتوقع ويتنبأ، فحكمة الوعي هي بتحليل الماضي وتوقع المستقبل للعيش برضاء في الحاضر.
النهاية موجودة وحتمية، وطاقة الانسان الكامنة موجودة لا نهائية، وذلك لما بالانسان من شغف لتحقيق الذات. لا يستطيع الانسان ان يعرف ان كان هنالك احد حقق اهدافه، ولكنه يستطيع ان يؤمن بما لديه من قدرات.
الذكرى لا يمكن ان تبنى على شيء مككر او مبتذل، بل هي الابداع في التكرار والتغيير في الافكار، فهي مبنية على المضمون الروحاني اللاملموس، فلن تمحى ذكراً بنيت كمحطة مثمرة للبشرية وان جاء مثيلها في المستقبل. على الانسان ان يضع اهدافه امامه واضحة معنونة، والاهم ان لا يتنازل عن اي هدف يضعه، بداية فيها تنازل تؤول الى طريق نهايته السقوط.