بسم الله الرحمن الرحيم.
شاعر التفعيلة والشعر الحر سميح القاسم .....شاعر فلسطين.
سميح القاسم، أحد أشهر الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة من داخل أراضي العام 48 ، مؤسس صحيفة كل العرب ، عضو سابق في الحزب الشيوعي. ولد لعائلة عربية فلسطينية درزية في مدينة الزرقاء الأردنية عام 1939، وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة. وعلّم في إحدى المدارس، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب لعمله الأدبي.
حياته
كانَ والدُهُ ضابطاً برتبة رئيس (كابتن) في قوّة حدود شرق الأردن وكانَ الضباط يقيمونَ هناك مع عائلاتهم. حينَ كانت العائلة في طريق العودة إلى فلسطين في القطار، في غمرة الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذُعرَ الركَّاب وخافوا أنْ تهتدي إليهم الطائرات الألمانية! وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل ممَا اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، وحينَ رُوِيَت الحكاية لسميح فيما بعد تركَتْ أثراً عميقاً في نفسه: "حسناً لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لنْ يقوى أحدٌ على إسكاتي".
وروى بعض شيوخ العائلة أنَّ جدَّهم الأول خير محمد الحسين كانَ فارساً مِن أسياد القرامطة قَدِمَ مِن شِبه الجزيرة العربية لمقاتلة الروم واستقرَّ به المطاف على سفح جبل حيدَر في فلسطين على مشارف موقع كانَ مستوطنة للروم. وما زالَ الموقع الذي نزل فيه معروفاً إلى اليوم باسم "خلَّة خير" على سفح جبل حيدر الجنوبي.
وآل حسين معروفون بميلهم الشديد للثقافة وفي مقدّمتهم المرحوم المحامي علي حسين الأسعد، رجل القانون والمربي الذي ألّفَ وترجَمَ وأعدَّ القواميس المدرسية وكتَبَ الشِّعر وتوزَّعَتْ جهودُهُ بينَ فلسطين وسوريا ولبنان وأَقامَ معهد الشرق لتعليم اللغات الأجنبية في دمشق.
سُجِن سميح القاسم أكثر من مرة كما وُضِعَ رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنـزلي وطُرِدَ مِن عمله عدّة مرَّات بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه. اشتغل مُعلماً وعاملاً في خليج حيفا وصحفياً.
شاعر مُكثر يتناول في شعره الكفاح والمعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي.
كتب سميح القاسم أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.
أسهَمَ في تحرير "الغد" و "الاتحاد" ثم رَئِسَ تحرير جريدة "هذا العالم" عام 1966. ثُمَّ عادَ للعمل مُحرراً أدبياً في "الاتحاد" وسكرتيراً لتحرير "الجديد" ثمَّ رئيساً للتحرير. وأسَّسَ منشورات "عربسك" في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدارَ فيما بعد "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا.
رَئِسَ اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في إسرائيل منذ تأسيسهما. ورئس تحرير الفصلية الثقافية "إضاءات". وهو اليوم رئيس التحرير الفخري لصحيفة "كل العرب" الصادرة في الناصرة.
صَدَرَ له أكثر من 50 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله الناجزة في سبعة مجلّدات عن عدّة دور نشر في القدس وبيروت والقاهرة.
تُرجِمَ عددٌ كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والاسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى.
لأننــا
أحسُّ أننا نمــوت
لأننا..لا نتقن النّضال
لأننا نَعيد دون كيشوت
لأننا... لهفي على الرجال!
بوابة الدموع
أحبابنا.. خلف الحدود
ينتظرون في أسى و لهفة مجيئنا
أذرعهم مفتوحة لضمنا لِشَمِّنا
قلوبُهم مراجل الألم
تدقّ.. في تمزّق أصم
تحارُ في عيونهم.. ترجف في شفاههم
أسئلة عن موطن الجدود
غارقة في أدمع العذاب و الهوان و الندم
***
أحبابنا.. خلف الحدود
ينتظرون حبّةً من قمحهم
كيف حال بيتنا التريك
وكيف وجه الأرض.. هل يعرفنا إذا نعود ؟!
يا ويلنا..
حطامَ شعب لاجئ شريد
يا ويلنا.. من عيشة العبيد
فهل نعود ؟ هل نعود ؟!
ألا تشعرين ؟
ألا تشعرين؟....
بأنّا فقدنا الكثير.
وصار كلاماً هوانا الكبير.
فلا لهفةٌ .. لا حنين...
ولا فرحةٌ في القلوب، إذا ما التقينا
ولا دهشةٌ في العيون..
ألا تشعرين؟..
بأنّ لقاءاتنا جامدة.
وقُبلاتنا باردة.
وأنّا فقدنا حماس اللقاء
وصرنا نجاملُ في كل شيءٍ.. وننسى
وقد يرتمي موعدٌ.. جثّةٌ هامدة.
فنكذبُ في عُذرنا.. ثم ننسى
ألا تشعرين؟..
بأنّ رسائلنا الخاطفة.
غدت مبهماتٍ .. قصيرة.
فلا حسّ .. لا روح فيها.. ولا عاطفة.
ولا غمغماتٌ خياليةٌ
ولا أمنياتٌ.. ولا همساتٌ مثيرة!
وأن جواباتنا أصبحت لفتاتٍ بعيدة.
كعبءٍ ثقيلٍ..نخلّصُ منه كواهلنا المتعبة.
ألا تشعرين؟..
بدنيا تهاوت.. ودنيا جديدة.
ألا تشعرين ؟..
بأن نهايتنا مرّةٌ .. مرعبة.
لأنّ نهايتنا .. لم تكن مرّةٌ .. مرعبة؟!..
من أجــل .
من أجل صباح !
نشقى أياماً و ليالي
نحمل أحزان الأجيالِ
و نُكوكِبُ هذا الليل جراح !
***
من أجل رغيف !
نحمل صخرتنا في أشواك خريف
نعرى.. نحفى.. و نجوع
ننسى أنّا ما عشنا فصلّ ربيع
ننسى أنّا..
خطواتٌ ليس لهنّ رجوع !!
في القرن العشرين .
أنا قبل قرونْ
لم أتعوّد أن أكره
لكنّي مُكره
أن أُشرِِعَ رمحاً لا يَعيَى
في وجه التّنين
أن أشهر سيفاً من نار
أشهره في وجه البعل المأفون
أن أصبح ايليّا (1) في القرن العشرين
أنا.. قبل قرون
لم أتعوّد أن أُلحد !
لكنّي أجلدْ
آلهةً.. كانت في قلبي
آلهةً باعت شعبي
في القرن العشرين !
أنا قبل قرون
لم أطرد من بابي زائر
و فتحت عيوني ذات صباح
فإذا غلاّتي مسروقه
و رفيقةُ عمري مشنوقه
و إذا في ظهر صغيري.. حقل جراح
و عرفت ضيوفي الغداّرينْ
فزرعوا ببابي ألغاماً و خناجر
و حلفت بآثار السكّينْ
لن يدخل بيتي منهم زائر
في القرن العشرين !
أنا قبل قرون
ما كنت سوى شاعر
في حلقات الصوفيّينْ
لكني بركان ثائر
في القرن العشرين
(1) نبيّ يهوديّ حارب الأوثان، و ينسب إليه أنّه قتل كهنة بعل.
الله وأكبر لهدا الإبداع المشهود هو قلم من وحي النضال يكتب بروح محتل يريد أن يقول آآآه
ينبد الإحتلال والصمت من طرف جميع الإخوان ..فهو يشقى لأجل حمل أحزان الأجيال..يعيش القرن العشرين ...وهو وسط يهود محتلين...فهو يحس انه يموت وإخوانه خلف الحددو ....فينادي ألا تشعرين....