السلام عليكم ورحمة الله وبـركاته
مُحمـــد بن أبــي عـــامر. .
طفـــل من عــائــلة مجهــولة . . كان يقتات من غزل أمـه طيــلة اليــوم !
كبـر الطـفل وكـان عنده هـدف عظيــم لو أصفح عنه حينهــا لصـار أضحوكة جيــله . .
وحينمـا كـان صبيّـا ما زال يحتفظ بذاك الهـدف . . ويخطط لـه بسريّة تـامة . . ويسيـر على طـريق يرسمه بتفكيره وهمّته
وصـار الطفل صبيّـا والصبيّ شــابـا. . وما زال الهدف بعمره بيـد أنه اقترب من حيّز التنفيـذ
كـان هذا الشـاب وسيم الوجه ومحبوب الطـلعة. . كـان عميق التفكيــر . . بسيــط التعـامل. .
فعمل في الزراعة حتى عمل في التجـارة
فكـان عـاملا عند التجــار وأصحـاب المشاريع في ذاك الزمـان !
فزادت بركة دخوله لاي مُنتج الربح والزبـائن حتى حافظ التاجر عليه وأسرّه عنده
ومـا زال هدفه في الحيـاة جامحا في صدره وثابتا في جمجته
كـان يسيـر الفتـى محمد في الاسواق. . فرأى يوما :
بضع رجــال يتقدمهم رجـل متكبّر ومُهاب الجانب لظلمه وقلة ايمانه . . فكـان يظلم المارّة وينتهك حرمات الدين بشتّى الطرق وبدون حياء ولا عفّة . . فسـأل الشـاب محمد عن فعل هؤلاء الرجـال . . فقــالوا له :
يا محمد هؤلاء الصقـالبة انهم زينة عرش الخليفة . .انهم يبطشون في الرعية . .ويهتكون كرامتهم بلا حساب ولا ترّقب. . انهم لا يتوانون عن الأذية فالاذية متعتهم ومبغـاهم !
فقـال : أفـلا يوجد من يستوقفهم عند حد الله عز وجل!
فقـالوا : هؤلاء شرار الخلق. .والخليفة يغفل عنهم ببطـلان حاشيته وبطـانته !
ومـا زال هـدفه حيّ في جـوفه ما مات وما استكـان ابدا .
وبعد مرور ايـام وجد الصقـالبة يتحرّشون بعفة امرأة مسلمة. . فغـار على دين الله وحرمه اعراضه فلكم ولطم الظـالم . . دون أن يجرأ احدا من قبله ولا من بعده لفعل ذلك ابـدا. . فســاقوه للسجــن !
وصـار الفتى محمد في اعين العامية والسوقية. . بطـل . . ورجل ذو مروءة عـالية
دخـل الفتـى محمد للسجــن . . دخل معتقل فيه رجـل ملتحي يجلس في زاوية السجن . .
وبعد ان دارت الايام . . عرف محمد الرجل. .وصـادقه
فكـان هذا الرجل. . من الرجال القلائل الذين وقفو في وجه الظلم والطغيـان . .ولم يصمتوا كما صمت الاخرون والاكثرون
هذا الرجل هو كبير مهنته ( الحدادة ) . .ذهب يوما للشكوى على ظلم الصقـالبه وبغيهم وبطشهم في الخلق من غير رحمة. . فتوجه للحـاجب . . لان الحـاجب هو المسؤول الذي يجب ان يوصل كل امر للخليـفة . .فهو مرسـال الشعب للخليـفة
وحينما شكى هذا الرجـل للحـاجب امره. . لم يُبالي الحاجب بأمره . .ووضع شكواه في مرمى اللامبـالاة . .وبعد بضع ايام من شكواه . . ساقوه الصقــالبة للسجـــــن . . فلحقه الشاب محمد
زادت علاقة الشاب محمد بالرجل الشجاع . .وأحبه محمد كما أحبه الرجـل. .
حتى فتح محمد صدره للرجـل وقـال :
ان الخلافة والحكم يجب ان تـعود كما بدأت
فقـال الرجل: وكيف ذاك ؟
قـال محمد. .انها بدأت في يد العرب وما لبثت حتى تمكّن منها الاجانب والصقـالبة والفتية !
فقـال الرجل. . ومن هذا العربي الذي سيُرجع عهد العرب للعرب !
فقـال محمد ويطرأ عليه آثار الجلد والظلم : أنا
فضحك الرجــل . . حتى صخب في الضحك
وقـال : يا محمد انك لوحدك وظهرك في الدنيا نفسك . .فكيف هذا ؟
فقـال محمد : ان تديبري في العقل . . وغضبا أجمحه في صدري لأخرجه في ميقـاته يكفيــان لأن أكون كما أريد
ودارت الايـام . . وخرج محمد من السجن من واسطة الوزير المصحفي الذي صادق والده يوما من الايام
فجعله الوزير المصحفي كـاتبا على ارصفة القصر. . يكتب في المناسبات ليبارك فيها او يعزّي لأهل البـلاط. . وكـان واسطته الفتية . . الذي يتداولون صحفه لبلاط القصـر
فلمع اسم الشاب محمد بين الناس . . حتى ناداه احدا من الرجـال فلبّاه محمد . . فأوصله الرجل لقــاضي الجماعة
فصـار محمد كاتبا عند قاضي القضاة في ذاك الوقت
ولذكائه الحاد وفطنته العظيمة. . خشي القاضي من انه يأخذ مكـانه أو يزيد في فطنته امام الناس فتقل هيبة القاضي وتروح . . فقرر قاضي القضاة ان يطلب من الحاجب من ان يجد له عمـل في بــلاط القصر
فكتب له موعد للقاء الحاجب. . وقد أوجدوا لمحمد . .وظيفة جميـلة وهي ان يكون مؤدبا لابن الخليفة وراعيا لاملاكه. .وتم قبوله لتلك الوظيـفة
وكـانت زوجة الخليـفة . . جارية . . وكانت أحبت الشاب محمد قديما حينما رأته مرة في السوق ومن يومها والى يوم لقائهم زاد شغفها به . .وعطفها عليه. .
فصـار الشاب محمد . . مسؤول الخزينة . . والايرادات وذاك من همس امرأة الخليفة عن هذا الشاب محمد
فمـات الخليـفة. .رحمه الله
وصـار الشاب محمد رئيس الشرطة في الدولة . . بهمس امرأة الخليفة رحمه الله على ابنها الذي لم يبلغ الثانية عشر بعد. .فهو حاكم البلاد وهو في ذاك العمر
فقرروا ان يجعلو لهذا الصبي الحاكم رجـال يهدونه لسبل الفلاح والصواب. . فكان من بين هؤلاء الرجال. .محمد بن ابي عـامر
ودارت الايـام . . فصـار الشاب محمدا الخليفة. . فغزا برشلونة وكثيرا من مدن الاندلس وسميّت دولته : الدولة العــامرية . .
وخلفه ابنه . .ومن ثم ثار الاندلسيون. . وأتى ملوك الطـوائف
. . الشـاب المكافح. .محمد بن ابي عـامر .