موضوع: أي قصة تود أن تكون بطلها الخميس 23 سبتمبر - 16:58:33
أي قصة تود أن تكون بطلها
تعثر في دراسته ، ولم تكن هناك فرصة أمام والديه بعد أن تحطمت آمالهما في حصول ابنهما الأكبر على شهادة جامعية ترضيهم وتصبح موضع فخرهم أمام الجميع ، إلا البحث له عن وظيفة مناسبة أو عمل مؤقت في أي مكان ، وبعد جهد جهيد كان العمل الوحيد المتاح أمامه في مخبز صديق الوالد الملحق بمحل بيع الحلويات الشهير بالمدينة ؛ حيث كان عمل الابن هو تعبئة الطلبات وتجهيزيها للزبائن..
نعم كان عملاً لا يلائم مستواه الاجتماعي ولا يتناسب مع أحلام الأسرة الممتدة ، لكنه قَبِل بالمتاح حتى يتاح ما هو أفضل ، لم يكن يتطلب هذا العمل من الشاب مهارات ذهنية أو بدنية عالية بل كان العمل يتم بطريقة آلية لا تتطلب إلا الحد الأدنى من التفكير..وكان يمكنه أن يكتفي باتمام هذا العمل ما دام سهلاًَ ولا يكلفه الكثير من المشقة..
لاحظ الشاب مع الوقت إقبال الزبائن على أنواع معينة من المخبوزات والحلوى التي يجيدها صانعها وهو أقدم عامل في المحل ، مما لفت انتباهه وبدأ يفكر كيف وصل إلى هذه الدرجة من الإجادة والإتقان ، وسرعان ما اقترب الشاب من هذا العامل المخضرم ، وبدأت تتوطد علاقتهما بصورة كبيرة ، وقرر الشاب مساعدة هذا العامل في أوقات راحته ، بل حاول أن يزيد من فترات وجوده في المحل ليجلس مع الرجل ويتعلم منه ويراقبه بدقة..حتى فهم سر الصنعة ثم طلب من صاحب المخبز أن ينتقل إلى العمل في صناعة الحلوى والمخبوزات بعد أن أيقن أنه أتقن صناعة معظم الأصناف..
ولم يتوقف عند هذا الحد بل بدأ في استخدام خبراته العلمية بالبحث من خلال الكتب ولإنترنت ومتابعة برامج أشهر الطهاة في العالم لتطوير صناعته وإجادتها وإدخال الجديد والمستحدث عليها مما أبهر زملائه وزبائن المحل بما وصل إليه من نتائج ..
وبعد عدة سنوات من الممارسة والإتقان الجيد قرر إقامة مشروعاً مستقلاً استعان فيه بخبرته وببعض الصناع المهرة من زملائه ، وسرعان ما توسع مشروعه وحقق نجاحاً مبهراً ، خاصة أن صاحبه كان لا يألو جهداً في التطوير والتحديث والإشراف المباشر على كل صغيرة وكبيرة في العمل..
مهلاً ليست هذه هي القصة الحقيقية ..
لنعد إلى الوراء قليلاً حيث انتهى به الحال إلى تعبئة وتوزيع الطلبات للزبائن ، لقد كان هذا الشاب كمعظم شباب هذا الجيل متراخياً متكاسلاً ، فبعد فشله في الدراسة تمكنت منه عوامل اليأس والإحباط..واكتفى بعمله الآلي داخل المخبز ، وسرعان ما شعر بالملل والإحباط ، واضطر لترك العمل فيه لأنه كان يتطلب استيقاظه في وقتٍ مبكر وهو ما لا يتناسب مع عاداته في السهر ليلاً والاستيقاظ متأخراً ، ترك العمل كما دخله دون أن يتعلم جديداً ودون أن يضيف إلى رصيد خبراته أي شيء.
قرر العمل بعد ذلك في محل لبيع الجوالات وصيانة المحمول ، لكنه لم بحاول أن يتعلم أي مهارة جديدة ، حتى البيع والشراء كان أمراً ملغزاً بالنسبة له ، فطلب من أبيه شراء سيارة خاصة ليعمل عليها في خدمة التوصيل لدى بعض الشركات ، وعلى الرغم من أن تعلم القيادة واستخراج رخصة كان أمراً شاقاً تأخر لشهور نتيجة تكاسله عن الاستيقاظ لإتمام هذه الاجراءات ، فقد كانت أولى إنجازاته بسيارته الجديدة حادث كبير حطم سيارته بعد أن تبارى مع زملائه في لعبة التفحيط...
وها هو الآن ينتقل من مقهى لآخر ومن استراحة لأخرى يحاول أن يقتل وقته ويهرب من فشله ، مقنعاً نفسه أنه قد أدى ما عليه وأنه كان يمكن أن يصبح ناجحاً ومتميزاً لولا سوء الحظ الذي يلاحقه وسوء تقدير الآخرين له..
..
أيها القارئ الكريم تستطيع ببساطة أن تكون بطل القصة الأولى ، ويمكنك أيضاً أن تكون بطل القصة الثانية وهي الأشهر والأكثر تداولاً بين الشباب..
إذا أردت أن تكون بطل القصة الأولى إذا أردت النجاح والتميز إذا أردت تغيير حياتك ، فيمكنك ببساطة:
- ألا تقف عند نقاط فشلك ومواقع تعثرك..وألا تلتفت إلى الوراء إلا لاستلهام العبرة واستخلاص التجربة..
- أن تبدأ من أي درجة على سلم النجاح مهما كانت بسيطة وتافهة المهم أن تقف على درج السلم فلا تطلب عملاً ضخماً ولا مرتباً عالياً ولا منصباً رفيعاً ، ولكن اقبل بالمتاح حتى يتاح ما هو أفضل ، ثم حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب..
- ابدأ في رحلة اكتشاف الذات ، وهذا بطرق الأبواب في شتى المجالات..حتى تصل لما يمكن أن تنجح فيه وتتميز..اطرق باب الدراسات النظرية.. اطرق باب الأعمال اليدوية.. تطلع إلى تحصيل المهارات الفنية والتقنية ..ابحث عن أول الخيط حتى تمسك بطرفه فإذا وجدته فتشبث به بقوة حتى تصل إلى مبتغاك بتحقيق النجاح في أي مجال..
- لا تتعالى على التعلم ممن هم أصغر منك أو أقل شأناً فالعلم غاية والحكمة ضالة..والحكيم هو من يتواضع في طلب العلم ويتعالى عند طلب الدنيا..
- خطط جيداً لبلوغ أهدافك ولا تستسلم لعوامل اليأس والإحباط التي قد تصادفك أو تعرقل مسيرتك..وراعي عند التخطيط أن تكون لك أهدافٌ قصيرة المدى تنجزها في فترة محددة ، وأهدافٌ طويلة المدى تمتد بامتداد العمر..
- التزم صحبة الجادين والصالحين لينالك قبس من صفاتهم الطيبة ونفحاتهم الكريمة ، واجتنب الصحبة السيئة التي قد تهوي بك من أعلى درجات سلم النجاح..
- توقف عن إلقاء اللوم على غيرك أو تتبع عورات سواك ولا تسأل عما فعله الآخرون قبل أن تسأل ما الذي فعلته أنت وما الذي قدمته بنفسك..
والآن تستطيع أن تسأل نفسك أي قصة تبتغي أن تكون بطلاً لها؟!