محمد رامي الدرة ينهض من رماده
للشاعر المغربي عبد السلام بو حجر
(1)
قبل أن أمضي إلى أعلى مقامِ
في ركاب الشهداء السابقينا
قبل أن أدخلَ في ديوان كل الشعراء العاشقين
ا قبل أن أغزلَ خيط الدم مشدوداً
إلى الفجر عناقاً ويقينا
قبل أن يَخْطُبَ باسمي اليومَ
بعضُ الزعماء الكاذبينا
كنتُ أطعمتُ طيوري
ورأيتُ القدسَ فجراً في منامي
وردةً حمراءَ تزهو
في بساتين الغمامِ
وسكبتُ
فرحتي في صدر أمي
وخرجتُ… كنتُ صادفتُ صحابي في المخيمْ
كم لعبنا وركضنا
وفرحنا وبكينا
بعد هجرٍ وخصامِ
كانتِ الأقمارُ تُرْخي
في ذراعيَّ عناقيدَ الضياء
حين ألهو بين إخواني وخِلاني
إذا حل المساءْ
كنتُ لا أشعر بالفرحة إلا
حينما يلعب عصفور جميلٌ
بين كفيَّ.. فأهديه طعامي
وصفيري وحنيني وهيامي
(2)
ما الذي يجري أمامي
بعدما أعطيتُ كلَّ الناس قلبي؟
بعدما رتَّبتُ أعشاشي
وربِّيتُ يَمامي؟
وحفظتُ
يا أبي عن ظهر قلبٍ
كل درس في التآخي والتسامي؟
ثم رددتُ نشيدًا
يتغنى بالوئامِ؟
وتدربتُ على حب الجميعْ
وتقاليدِ الحَمامِ؟
ورأيتُ الزعماءَ
يقرعون الكأس بالكأس على الشاشةِ…
يبنون جسورًا للكلامِ..!
دهشتي فاضتْ على كل الخرائطْ!
ما الذي يجري أمامي؟
قيل في مدرسة الحيّ لنا:
لا تضربوا بالنارِ!
لم أضربْ
ولم أُضْرِبْ
ولم أُرهِبْ
ولم أَهْرُبْ
ولم أقرعْ طبولَ الحربِ
لم أصعد إلى المذياع من جوف الظلامِ!
يا أبي إني أشمْ
لغةَ الموتِ الزؤامِ
في أواني الزهرِ
في واجهة المقهى
وفي كل المرايا..!
يا أبي إني أشمْ
لغةَ الإرهاب في كل التحايا…!
يا أبي إني أرى الحزنَ سوادًا
يرتدي وجهَ الصبايا..!
يا أبي إني أرى
من خلف شُبَّاكِ شعوري الغاصبينَ
من كل الزوايا..!
يا أبي أسرعْ!
لنذهبْ في اتجاه الدار حالاً!
لا أريد الآن حلوى أو هدايا..!
(3)
مطر أسودُ يأتي
من عصور الجاهليه
مطر أسودُ يجري
من عيون بربريه
طلقة أولى إلى وجهي
ولكني نجوتُ..
ثم داويتُ أنيني بحنيني
وهربتُ..
قل هو الله أحدْ
يا أبي!
واركضْ برجليكَ إلى سور النجاه!
من ظلام الغابة الزرقاء جاؤوا
يزرعون الرعبَ في كل اتجاه
دنسوا الأقصى الشريفْ
دنسوا مهد الصلاهْ
دنسوا أرض الإلهْ
لبسوا جلد الأفاعي
أحرقوا كل المراعي
لوّثوا كل المياهْ
طلقة أخرى إلى رجلي.. ولكنْ
لن أقول الآن آهْ!
يا أبي ضُمَّ إلى قلبكَ رجليكَ!
إلى وجهكَ كفيكَ!
إلى عينيكَ عينيكَ!
احمني بين يديكَ!
طلقة ثالثةٌ
رابعةٌ
سابعةٌ..
لكننا سوف نغني للحياه!
لن نصلي للطغاه!
يا أبي لوحْ بيمناك.. وجاهدْ..!
- أوقِفوا النارَ علينا..
إننا لسنا كلاباً أو طرائدْ!
- أوقِفوا النارَ علينا..
وتلاشت كلُّ أوراقِ الموائدْ!
-أوقفوا النارَ علينا..
وتجلّى من فمي حبرُ الجرائدْ!
أوقفوا النارَ علينا..
وتدلّى من دمي نهرُ القصائدْ!
يـ..ا أبـ..ي بَـ…لِّغْ سَـ…لامي
لـ..صِحَابي ولأهْـ..لي، ولأُمّـ…ي
قُـ..لْ لَـ..هـ..ا يـَ.. هـ..وَاكِ رامي
(4)
بعد أن يمضي إلى أعلى مقام
ِ يصعدُ الطفلُ الفلسطينيُّ ناراً
من ظلامِ الصمتِ..
من صمتِ الظلامِ..
وشهيداً شاهداً
يُسْكتُ أجراسَ الختامِ..
يا أحباء السلامِ
ما لبستُ
بذلةً كاكيةً أو جزمةً
من وبر الوحشِ، ورحتُ
أزرع الخوفَ على مرأى الأنامِ!
ما تدربتُ على تفجير مبنى
وطريقِ الانتقامِ!
ما سرقتُ
مالَ حَاخَامٍ ثريٍّ
كان يمشي في الزحامِ!
ما وضعتُ
قطعَ البارودِ يوماً في جرابي
ثم هددتُ بها أمن النظامِ!
ما حملتُ
حجرًا ثم شرعتُ
أضرِبُ العدوانَ!
ما أحرقتُ جنديّاً يهوديّاً
بقنينة غازٍ وهربتُ!
ما حملتُ
فوق ظهري غير ظهري يا أحبائي
وفي قلبي سوى حبي
وفي كفي سوى محفظتي
أو كُرَتي ألهو بها بين الخيامِ..!
لم أكن أتقن إلا واجباتي المدرسيه!
لم أكن أصنع إلا طائراتي الورقيه!
لم أكن أُطلق إلا ضرباتي الكرويه!
كلهم يدعونني في ساحة الملعب: رامي
غير أني ما رميتُ الغاصبينْ
بالحصى.. أو بالسهامِ..!
كان حلمي دائماً
أن أمتطي دراجةً
أجري بها عبر الشوارعْ
وأنا أُرخي زمامي..
كان حلمي أن أصلّي
في رحاب القدس
أدعو الله في سري وجهري
في سجودي وقيامي
يا أحبائي..
وأن أبدأ هذا العام في شهر الصيامِ..
(5)
لم تعد تُجدي مواثيق السلامِ
معكم يا أهل صهيون وأولاد الحرامِ!
حين وقَّعتمْ هنا بالأحرف الأولى
على وجهي وصدري وعظامي..
وأنا ما زلت في عمر الزهورْ
لم أغادر بعْدُ أقفاص الحمامِ
سوف أحيا.. ثم أحيا.. ثم أحيا..
من رمادي.. وحطامي..
في قلوب الناس.. في أرض الحجاره..
يا أحبائي العربْ
مزِّقوا كل صكوك الاتهامِ
بينكم ثم ادخلوا عرس الغضبْ
ساعة الميدان قد دقت هنا
لا تعلنوا موتَ العربْ!
طلقةٌ في طلقةٍ في طلقةٍ في طلقاتْ
بملايين ملايين المئاتْ
ويكون النصرُ. إن النصر آتْ!
كل عامٍ يا أحبائي وأنتم زاحفون..
كل عامٍ.. كل عامٍ.. كل عامِ..!!
نصر الله اهلنا فى فلسطين ورحم كل شهداء الاسلام
اللهم اميــــــــــــــــــن