الدولة التي تستطيع عندما تريد !
شعرت بسعادة غامرة وأنا أشاهد على شاشة التلفزيون، ليس الجزائري طبعا، مراسم تقليد الجزائرية منى حميتوش بمنصب عمدة بلديّة إيزلنغتن ببريطانيا العظمى، وقبلها سمع العالم كله بأن رئيس أقوى دولة في العالم، باراك أوباما، قد اختار البروفيسور الجزائري إلياس زرهوني ليكون أحد ثلاثة مبعوثين للبحوث العلمية في العالم الإسلامي.
لكن سعادتي لم تدم طويلا عندما تذكرت بأن موسم الهجرة السرية نحو أوروبا قد بدأ قبل أيام قليلة، حين أوقفت قوات خفر السواحل بعنابة حوالي 60 حرافا جزائريا كانوا يعتزمون الوصول إلى الضفة الأخرى.
وعلى ما يبدو لم تنجح حمى كرة القدم ونجاحات الفريق الوطني في إقناع هؤلاء ''الحرافة'' بجدوى البقاء هنا في الجزائر. فهل يعني هذا أن الجزائري، مهما كان مستواه الاجتماعي والفكري والمهني، أصبح مقتنعا بالمعادلة التالية: إذا أردت أن تحفظ كرامتك في بلدك، عليك أولا أن تهاجر إلى بلاد الناس وتثبت ذاتك، ولم لا تحقيق ما قد يعجز عنه أبناء ذلك البلد، ثم فكر بعدها هل تعود أم لا؟
الإجابة للأسف تدعم هذه الفرضية، لأن من يصنعون نجاحات وفخر الجزائر سواء في الرياضة أو السياسة أو البحث العلمي أو حتى الإعلام هم أناس صنعوا مجدهم هناك وراء البحر.
المطلوب إذن هو توقيف نزيف الهجرة، لأن عدد الجزائريين أصحاب الكفاءة الذين يهاجرون عبر المطارات والموانئ بصفة قانونية أكبر من عدد ''الحرافة'' الذين يهاجرون عبر قوارب الموت، وهؤلاء إن كانت لهم حسنة فهي مساهمتهم في منح شهرة لشواطئ الجزائر الخلابة التي يهربون منها، أكثـر من سفراء الجزائر المعتمدين بالخارج!
أما السؤال عن كيفية توقيف النزيف، فيجب أن يكون استراتيجية دولة.. تلك التي تستطيع عندما تريد ذلك، بدليل تركيبة الفريق الوطني: لاعبون عاشوا وتربوا في فرنسا وأوروبا لسنوات، لكن عندما بحثت عنهم الجزائر وجدتهم بجنبها.
المصدر :رمضان بلعمري