صلاح عبد الصبور فكتب مخاطبا أول جندي يرفع العلم المصري في سيناء
تملّيناك، حين أهلَّ فوق الشاشة البيضاء، وجهك يلثم العلما
وترفعه يداك،
لكي يحلق في مدار الشمس،
حر الوجه مقتحما
ولكن كان هذا الوجه يظهر، ثم يستخفي .
ولم ألمح سوي بسمتك الزهراء والعينين
ولم تعلن لنا الشاشة نعتا لك أو اسما
ولكن، كيف كان اسم هنالك يحتويك ؟
وأنت في لحظتك العظمي
تحولت إلي معني، كمعني الحب، معني الخير، معني النور، معني القدرة الأسمي.
تراك،
وأنت في ساح الخلود، وبين ظل الله والأملاك
تراك، وأنت تصنع آية، وتخط تاريخا
تراك، وأنت أقرب ما تكون
إلي مدار الشمس والأفلاك
تراك ذكرتني،
وذكرت أمثالي من الفانين والبسطاء
وكان عذابهم هو حب هذا العلم الهائم في الأنواء
وخوف أن يمر العمر، لم يرجع إلي وكره
وها هو عاد يخفق في مدي الأجواء.
فهل، باسمي وباسمهمو لثمت النسج محتشدا
وهل باسمي وباسمهمو مددت إلي الخيوط يدا
وهل باسمي وباسمهمو ارتعشت بهزة الفرح
وأنت تراه يعلو الأفق متئدا
وهل باسمي وباسمهمو همست بسورة الفتح
وأجنحة الملائك حوله لم تحصها عددا
وأنت ترده للشمس خدنا باقيا .. أبدا
هنيهات من التحديق،
حالت صورة الأشياء في العينين
وأضحي ظلك المرسوم منبهما
رأيتك جذع جميز علي ترعة
رأيتك قطعة من صخرة الأهرام منتزعة
رأيتك حائطا من جانب القلعة
رأيتك دفقة من ماء نهر النيل
وقد وقفت علي قدمين
لترفع في المدي علما
يحلق في مدار الشمس،
حر الوجه مبتسما.