منتدى الاماكن
منتدى الاماكن
منتدى الاماكن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الاماكن

منتدى الاماكن
 
الرئيسية8أحدث الصورالتسجيلدخول
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى 1310 فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى 1411
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 52 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 52 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 112 بتاريخ الخميس 7 يوليو - 0:38:20
المواضيع الأخيرة
» 2020-10-29
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف الزعيم الجمعة 30 أكتوبر - 1:23:20

» طريق الحلقة 6
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف الزعيم الأربعاء 23 مايو - 15:51:29

» مسلسل الخاوة الجزء الثاني - الحلقة 6 Feuilleton El Khawa 2 - Épisode 6 I
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف الزعيم الأربعاء 23 مايو - 15:47:13

» سجل حضورك بذكر اسم من أسماء الله الحسنى سبحانه وتعالى
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف queen الثلاثاء 17 يونيو - 16:20:54

» عيد فطر سعيد
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف A-Prince الخميس 8 أغسطس - 13:22:54

» الــوفـــــــــــاء
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف faracha الإثنين 29 يوليو - 4:58:21

» موجز أنباء الشعـــــور...!!
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف queen الأربعاء 9 يناير - 16:26:15

» طول الأظافر "يخربش" الصحة!
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف عاشقة الجنة الأحد 9 ديسمبر - 11:38:46

» سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف Mira السبت 11 أغسطس - 17:38:45

» هل تعلمت من الحياة بهذه الصورة؟؟؟؟؟؟
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف Mira السبت 11 أغسطس - 17:25:18

» وصفة رمضانية
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف faracha الجمعة 3 أغسطس - 18:46:48

» بعض الصور من مدينة جيجل
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1من طرف JiNa الثلاثاء 24 يوليو - 18:40:04

دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 0 وننتظر المزيد


 

 فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مـــى
نائبة المدير
نائبة المدير
مـــى


مخربها
انثى
عدد المساهمات : 11237
تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمر : 33
الموقع : من بلادى (مصر)
المزاج : كلون تراب ارضـــى

بطاقة الشخصية
الوطن: مصر
حالتك في المنتدى:

فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Empty
مُساهمةموضوع: فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى   فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1الثلاثاء 15 فبراير - 17:57:15

فصل في معرفة النفس


اعلم أن مفتاح معرفة الله تعالى هو معرفة النفس، كما قال سبحانه


وتعالى: (سَنُريهِم آياتِنا في الآفاقِ وَفي أَنفُسِهِم حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ).


وقال النبي صلى الله عليه وسلم( من عرف نفسه فقد عرف ربه).


وليس شيء أقرب إليك من نفسك، فإذا لم تعرف نفسك، فكيف تعرف ربك؟
فإن قلت: إني أعرف نفسي! فإنما تعرف الجسم الظاهر، الذي هو اليد والرجل والرأس والجثة، ولا تعرف ما في باطنك من الأمر الذي به إذا غضبت طلبت الخصومة , وإذا اشتهيت طلبت النكاح، وإذا جعت طلبت الأكل , وإذا عطشت طلبت الشرب.

والدواب تشاركك في هذه الأمور.

فالواجب عليك أن تعرف نفسك بالحقيقة؛ حتى تدرك أي شيء أنت , ومن أين جئت إلى هذا المكان ,ولأى شيئ خٌلقت ,وبأى شيء سعادتك، وبأى شيئ شقاؤك.

وقد جمعت في باطنك صفات: منها صفات البهائم، ومنها صفات

السباع، ومنها صفات الشياطين، ومنها صفات الملائكة، فالروح

حقيقة جوهرك وغيرها غريب منك، وعارية عندك.
فالواجب عليك أن تعرف هذا، وتعرف أن لكل واحد من هؤلاء غذاء وسعادة.

فإن سعادة البهائم في الأكل، والشرب، والنوم، والنكاح، فإن كنت منهم فإجتهد في أعمال الجوف والفرج.

وسعادة السباع في الضرب، والفتك, وسعادة الشياطين في المكر، والشر، والحيل.فإن كنت منهم فإشتغل بأشغالهم.

وسعادة الملائكة في مشاهدة جمال الحضرة الربوبية، وليس للغضب

والشهوة إليهم طريق. فإن كنت من جوهر الملائكة، فاجتهد في

معرفة أصلك؛ حتى تعرف الطريق إلى الحضرة الإلهية، وتبلغ إلى

مشاهدة الجلال والجمال، وتخلص نفسك من قيد الشهوة

والغضب، وتعلم أن هذه الصفات لأي شيء ركبت فيك؛ فما

خلقها الله تعالى لتكون أسيرها، ولكن خلقها حتى تكون أسرك،

وتسخرها للسفر الذي قدامك، وتجعل إحداها مركبك،

والأخرى سلاحك؛ حتى تصيد بها سعادتك. فإذا بلغت

غرضك فقاوم بها تحت قدميك، وارجع إلى مكان سعادتك.

وذلك المكان قرار خواص الحضرة الإلهية، وقرار العوام درجات الجنة.

فتحتاج إلى معرفة هذه المعاني؛ حتى تعرف من نفسك شيئاً

قليلاً؛ فكل من لم يعرف هذه المعاني فنصيبه من القشور؛ لأن الحق


يكون عنه محجوباً.


فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى 190486 فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى 190486 فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى 190486 فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى 190486




والنفس هو القلب الذي تعرفه بعين الباطن، وحقيقتك الباطن؛ لأن الجسد أول وهو الآخر، والنفس آخر وهو الأول. ويسمى قلباً.


وليس القلب هذه القطعة اللحمية التي في الصدر من الجانب الأيسر؛ لأنه يكون في الدواب والموتى. وكل شيء تبصره بعين الظاهر فهو من هذا العالم الذي يسمى عالم الشهادة.


وأما حقيقة القلب، فليس من هذا العالم، لكنه من عالم الغيب؛ فهو في هذا العالم غريب، وتلك القطعة اللحمية مركبة، وكل أعضاء الجسد عساكره وهو الملك، ومعرفة الله ومشاهدة جمال الحضرة صفاته، والتكليف عليه، والخطاب معه، وله الثواب، وعليه العقاب، والسعادة والشقاء تلحقانه، والروح الحيواني في كل شيء تبعه ومعه.


ومعرفة حقيقته، ومعرفة صفاته، مفتاح معرفة الله سبحانه وتعال؛ فعليك بالمجاهدة حتى تعرفه؛ لأنه جوهر عزيز من جنس جوهر الملائكة، وأصل معدنه من الحضرة الإلهية، من ذلك المكان جاء، وإلى ذلك المكان يعود.


ما حقيقة القلب؟



أما سؤالك: ما حقيقة القلب؟ فلم يجئ في الشريعة أكثر من قول الله تعالى: (وَيَسأَلونَكَ عَنِ الروحِ قُلِ الروحُ مِن أَمرِ رَبّي).. لأن الروح من جملة القدرة الإلهية، وهو من عالم الأمر، قال الله عز وجل: (أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ).


فالإنسان من عالم الخلق من جانب، ومن عالم الأمر من جانب؛ فكل شيء يجوز عليه المساحة والمقدار والكيفية فهو من عالم الخلق. وليس للقلب مساحة ولا مقدار؛ ولهذا لا يقبل القسمة، ولو قبل القسمة لكان من عالم الخلق، وكان من جانب الجهل جاهلاً ومن جانب العلم عالماً، وكل شيء يكون فيه علم وجهل فهو محال. وفي معنى آخر هو من عالم الأمر؛ لأن عالم الأمر عبارة عن شيء من الأشياء لا يكون للمساحة والتقدير طريق إليه.


وقد ظن بعضهم: )أن الروح قديم( فغلطوا.


وقال قوم: )إنه عرض(، فغلطوا؛ لأن العرض لا يقوم بنفسه، ويكون تابعاً لغيره. فالروح هو أصل ابن آدم، وقالب ابن آدم تبع له؛ فكيف يكون عرضا؟! وقال قوم (إنه جسم)، فغلطوا؛ لأن الجسم يقبل القسمة. فالروح الذي سميناه قلبا، وهو محل معرفة الله تعالى، ليس بجسم، ولا عرض، بل هو من جنس الملائكة.


ومعرفة الروح صعبة جداً؛ لأنه يرد في الدين طريق إلى معرفته؛ لأنه لا حاجة في الدين إلى معرفته؛ لأن الدين هو المجاهدة، والمعرفة علامة الهداية كما قال سبحانه وتعالى (وَالَّذينَ جاهَدوا فينا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنا). ومن لم يجتهد حق اجتهاده لم يجز أن يتحدث معه في معرفة حقيقة الروح. وأول أس المجاهدة أن تعرف عسكر القلب؛ لأن الإنسان إذا لم يعرف العسكر لم يصح له الجهاد.


فصل لماذا خُلق القلب؟


اعلم أن النفس مركب قلب، وللقلب عساكر، كما قال سبحانه وتعالى (وَما يَعلَمُ جُنودَ رَبِّكَ إِلّا هُوَ).


والقلب مخلوق لعمل الآخرة طلبا لسعادته، وسعادته معرفة ربه عز وجل، ومعرفة ربه تعالى تحصل له من صنع الله، وهو من جملة عالمه، ولا تحصل له معرفة عجائب العالم إلا من طريق الحواس، والحواس من القلب، والقالب مركبه. ثم معرفة صيده، ومعرفة شبكته، والقالب لا يقوم إلا بالطعام، والشراب، والحرارة، والرطوبة. وهو ضعيف على خطر من الجوع والعطش في الباطن، وعلى خطر من الماء والنار في الظاهر، وهو مقابل أعداء كثيرة.


***

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مـــى
نائبة المدير
نائبة المدير
مـــى


مخربها
انثى
عدد المساهمات : 11237
تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمر : 33
الموقع : من بلادى (مصر)
المزاج : كلون تراب ارضـــى

بطاقة الشخصية
الوطن: مصر
حالتك في المنتدى:

فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Empty
مُساهمةموضوع: رد: فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى   فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1الثلاثاء 15 فبراير - 17:58:39

فصل في معرفة القلب وعسكره


اعلم أنه قيل في المثل المشهور: إن النفس كالمدينة، واليدين والقدمين وجميع الأعضاء ضياعها، والقوة الشهوانية واليها، والقوة الغضبية شحنتها، والقلب ملكها، والعقل وزيرها. والملك يدبرهم حتى تستقر مملكته وأحواله؛ لأن الوالي وهو الشهوة كذاب فضولي مخلط، والشحنة - وهو الغضب - شرير قتال خراب. فإن تركهم الملك على ما هم عليه، هلكت المدينة وخربت؛ فيجب أن يشاور الملك الوزير، ويجعل الوالي والشحنة تحت يد الوزير. فإذا فعل ذلك استقرت أحوال المملكة وتعمرت المدينة. وكذلك القلب يشاور العقل، ويجعل الشهوة والغضب تحت حكمه، حتى تستقر أحوال النفس، ويصل إلى سبب السعادة من معرفة الحضرة الإلهية.


ولو جعل العقل تحت يد الغضب والشهوة، هلكت نفسه، وكان قلبه شقيا في الآخرة.


فصل وظيفة القلب



اعلم أن الشهوة والغضب خادمان للنفس جاذبان يحفظان أمر الطعام والشراب والنكاح لعمل الحواس.


ثم النفس خادم الحواس شبكة العقل وجواسيسه يبصر بها صنائع البارئ جلت قدرته.


ثم الحواس خادم العقل، وهو للقلب سراج وشمعة يبصر بنوره الحضرة الإلهية؛ لأن الجنة وهي نصيب الجوف أو الفرج محتقرة في جنب تلك الجنة.


ثم العقل خادم القلب، والقلب مخلوق لنظر جمال الحضرة الإلهية.


فمن اجتهد في هذه الصنعة، فهو عبد حق، من غلمان الحضرة، كما قال سبحانه وتعالى: (وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدون).


معناه: إنا خلقنا القلب، وأعطيناه الملك والعسكر، وجعلنا النفس مركبة؛ حتى يسافر عليه من عالم التراب إلى أعلى عليين.


فإذا أراد أن يؤدي حق هذه النعمة، جلس مثل السلطان في صدر مملكته، وجعل الحضرة الإلهية قبلته ومقصده، وجعل الآخرة وطنه وقراره، والنفس مركبه، والدنيا منزله، واليدين والقدمين خدامه، والعقل وزيره، والشهوة عامله، والغضب شحنته، والحواس جواسيسه. وكل واحد موكل بعالم من العوالم يجمع له أحوال العوالم. وقوة الخيال في مقدم الدماغ كالنقيب يجمع عنده أخبار الجواسيس، وقوة الحفظ في وسط الدماغ مثل صاحب الخريطة يجمع الرقاع من يد النقيب ويحتفظها إلى أن يعرضها على العقل. فإذا بلغت هذه الأخبار إلى الوزير يرى أحوال المملكة على مقتضاها.


فإذا رأيت واحداً منهم قد عصى عليك، مثل الشهوة والغضب، فعليك بالمجاهدة، ولا تقصد قتلهما؛ لأن المملكة لا تستقر إلا بهما.


فإذا فعلت ذلك كنت سعيداً، وأديت حق النعمة، ووجبت لك الخلعة في وقتها، وإلا كنت شقياً، ووجب عليك النكال والعقوبة.


***

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مـــى
نائبة المدير
نائبة المدير
مـــى


مخربها
انثى
عدد المساهمات : 11237
تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمر : 33
الموقع : من بلادى (مصر)
المزاج : كلون تراب ارضـــى

بطاقة الشخصية
الوطن: مصر
حالتك في المنتدى:

فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Empty
مُساهمةموضوع: رد: فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى   فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1الثلاثاء 15 فبراير - 18:00:04

فصل ثلاثة أشياء تبنى عليها السعادة


تمام السعادة مبني على ثلاثة أشياء: قوة الغضب، قوة الشهوة، قوة العلم.


فيحتاج أن يكون أمرها متوسطاً؛ لئلا تزيد قوة الشهوة فتخرجه إلى الرخص فيهلك، أو تزيد قوة الغضب فتخرجه إلى الجموح فيهلك.


فإذا توسطت القوتان بإشارة قوة العلم دل على طريق الهداية، وكذلك الغضب إذا زاد سهل عليه الضرب والقتل، وإذا نقص ذهبت الغيرة والحمية في الدين والدينا، وإذا توسط كان الصبر والشجاعة والحكمة. وكذا الشهوة إذا زادت كان الفسق والفجور، وإن نقصت كان العجز والفتور، إن توسطت كان العفة والقناعة وأمثال ذلك.


فصل أحوال القلب مع عسكره


اعلم أن للقلب مع عسكره أحوالا وصفات، بعضها يسمى أخلاق السوء، وبعضها أخلاق الحسن فبالأخلاق الحسنة يبلغ درجة السعادة، وبالأخلاق السيئة هلاكه وخروجه للشقاء.


وهذه كلها تبلغ أربعة أجناس: أخلاق الشياطين، أخلاق البهائم، أخلاق السباع، أخلاق الملائكة.


فأعمال السوء: من الأكل والشرب، والنوم، والنكاح؛ هي أخلاق البهائم.


وكذلك أعمال الغضب: من الضرب، والقتل، والخصومة هي أخلاق السباع.


وكذلك أعمال النفس: وهي المكر، والحيلة، والغش، وغير ذلك؛ هي أخلاق الشياطين.


وكذلك أعمال العقل؛ التي هي الرحمة، والعلم، والخير؛ هي أخلاق الملائكة.


فصل الأخلاق الحسنة والأخلاق القبيحة


واعلم أن في جلد ابن آدم أربعة أشياء: الكلب، الخنزير، الشيطان، الملك.


والكلب مذموم في صفاته، وليس بمذموم في صورته. وكذلك الشيطان والملائكة، ذمهم ومدحهم في صفاتهم، وليس ذلك في صورهم وخلقهم. وكذلك الخنزير مذموم في صفاته، وليس بمذموم في خلقته.


وقد أمر ابن آدم بأن يكشف ظلم الجهل بنور العقل؛ خوفا من الفتنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: )ما من أحد إلا وله شيطان، ولي شيطان، وأن الله قد أعانني على شيطاني حتى أسلم(. وكذلك الشهوة والغضب، ينبغي أن يكونا تحت يد العقل، فلا يفعل شيئا إلا بأمره، فإن فعل ذلك صح له حسن الأخلاق، وهي صفات الملائكة، وهي بذر السعادة. وإن عمل بخلاف ذلك، فخدم الشهوة والغضب، صح له الأخلاق القبيحة، وهي صفات الشياطين، وهي بذر الشقاء. فيتبين له في نومه كأنه قائم مشدود الوسط يخدم الكلب والخنزير، وكان مثله كمثل رجل مسلم يأخذ رجالا مسلمين يحبسهم عند كافرين. فكيف يكون حالك يوم القيامة إذا حبست الملك - وهو العقل - تحت يد الشهوة والغضب، وهما الكلب والخنزير؟


فصل هل الصور تابعة للمعاني؟


واعلم أن الإنسان في صورة ابن آدم اليوم، وغداً تنكشف له المعاني، فتكون الصور في معنى المعاني.


فأما الذي غلب عليه الغضب، فيقوم في صورة الكلب. وأما الذي غلب عليه الشهوة، فيقوم في صورة الخنزير؛ لأن الصور تابعة للمعاني. وإنما يبصر النائم في نومه ما صح في باطنه. وإنما عرفت أن الإنسان في باطنه هذه الأربعة، فيجب أن يراقب حركاته وسكناته، ويعرف من أي الأربعة هو؛ فإن صفاته تحصل في قلبه وتبقى معه إلى يوم القيامة. وإن بقي من جملة الباقيات الصالحات شيء فهو بذر السعادة، وإن بقي معه غير ذلك فهو بذر الشقاء.


وابن آدم لا ينفك ولا ينفصل عن حركة أو سكون، وقلبه مثل الزجاج، وأخلاق السوء كالدخان والظلمة، فإذا وصل إليه ذلك أظلم عليه طريق السعادة. وأخلاق الحسن كالنور والضوء، فإذا وصل إلى القلب طهره من ظلم المعاصي، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )أتبع السيئة الحسنة تمحها(. والقلب إما مضيء أو مظلم، ولا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم.


فصل في عجائب القلب


اعلم أن للقلب بابين للعلوم: واحد للأحلام، والثاني لعالم اليقظة.


وهو الباب الظاهر إلى الخارج، فإن نام غلق باب الحواس، فيفتح له باب الباطن ويكشف له غيب من عالم الملكوت، ومن اللوح المحفوظ؛ فيكون مثل الضوء، وربما احتاج كشفه إلى شيء من تعبير الأحلام. وأما ما كان من الظاهر، فيظن الناس. أن به اليقظة، وأن اليقظة أولى بالمعرفة، مع أنه لا يبصر في اليقظة شيء من عالم الغيب، وما يبصر بين النوم واليقظة أولى بالمعرفة مما يبصر من طريق الحواس.


فصل القلب مثل المرآة


وتحتاج أن تعرف في ضمن ذلك أن القلب مثل المرآة، واللوح المحفوظ مثل المرآة أيضا؛ لأن فيه صورة كل موجود، وإذا قابلت المرآة بمرآة أخرى حلت صور ما في إحداهما في الأخرى، وكذلك تظهر صور ما في اللوح المحفوظ إلى القلب إذا كان فارغا من شهوات الدنيا، فإن كان مشغولا بها كان عالم الملكوت محجوبا عنه، وإن كان في حال النوم فارغا من علائق الحواس طالع جواهر عالم الملكوت؛ فظهر فيه بعض الصور التي في اللوح المحفوظ.


وإذا أغلق باب الحواس كان بعده الخيال؛ لذلك يكون الذي يبصره تحت ستر القشر، وليس كالحق الصريح مكشوفا فإذا مات - أي القلب - بموت صاحبه لم يبق خيال ولا حواس. وفي ذلك الوقت يبصر بغير وهم وغير خيال، ويقال له: (فَكَشَفنا عَنكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَومَ حَديد).


***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مـــى
نائبة المدير
نائبة المدير
مـــى


مخربها
انثى
عدد المساهمات : 11237
تاريخ التسجيل : 20/04/2009
العمر : 33
الموقع : من بلادى (مصر)
المزاج : كلون تراب ارضـــى

بطاقة الشخصية
الوطن: مصر
حالتك في المنتدى:

فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Empty
مُساهمةموضوع: رد: فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى   فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى Icon_minitime1الثلاثاء 15 فبراير - 18:03:18

فصل متى يحجب القلب عن مطالعة عالم الملكوت؟


واعلم أنه ما من أحد إلا ويدخل في قلبه الخاطر المستقيم، وبيان الحق على سبيل الإلهام.


وذلك لا يدخل من طريق الحواس، بل يدخل في القلب، لا يعرف من أين جاء؛ لأن القلب من عالم الملكوت، والحواس مخلوقة لهذا العالم )عالم الملك( . فلذلك يكون حجابه عن مطالعة ذلك العالم إذا لم يكن فارغا من شغل الحواس.


فصل متى يطالع القلب عالم الملكوت؟


ولا تظنن أن هذه الطاقة تنفتح بالنوم والموت فقط، بل تنفتح باليقظة لمن أخلص الجهاد والرياضة، وتخلص من يد الشهوة والغضب والأخلاق القبيحة والأعمال الرديئة.


فإذا جلس في مكان خال، وعطل طريق الحواس، وفتح عين الباطن وسمعه، وجعل القلب في مناسبة عالم الملكوت، وقال دائما: )الله - الله - الله( بقلبه، دون لسانه، إلى أن يصير لا خير معه من نفسه، ولا من العالم، ويبقى لا يرى شيئا إلا الله سبحانه وتعالى انفتحت تلك الطاقة، وأبصر في اليقظة الذي يبصره في النوم؛ فتظهر له أرواح الملائكة، والأنبياء، والصور الحسنة الجملية، وانكشف له ملكوت السماوات والأرض، ورأى ما لا يمكن شرحه ولا وصفه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: )زويت لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغربها( وقال الله عز وجل: (وَكَذلِكَ نُري إِبراهيمَ مَلَكوتَ السَماواتِ وَالأَرض). لأن علوم الأنبياء عليهم السلام كلها كانت من هذا الطريق، لا من طريق الحواس، كما قال سبحانه وتعالى: (وَاِذكُرِ اِسمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّل إِلَيهِ تَبتيلاً)، معناه: الانقطاع عن كل شيء، وتطهير القلب من كل شيء، والابتهال إليه سبحانه وتعالى بالكلية.


وهو طريق الصوفية في هذا الزمان. وأما طريق التعليم، فهو طريق العلماء. وهذه الدرجة الكبيرة مختصرة من طريق النبوة، وكذلك علم الأولياء؛ لأنه وقع في قلوبهم بلا واسطة من حضرة الحق، كما قال سبحانه وتعالى: (آتَيناهُ رَحمَةً مِن عِندِنا وَعَلَّمناهُ مِن لَدُنّا عِلماً).


وهذه الطريق لا تفهم إلا بالتجربة، وإن لم تحصل بالذوق لم تحصل بالتعليم. والواجب التصديق بها حتى لا تحرم شعاع سعادتهم، وهو من عجائب القلب. ومن لم يبصر لم يصدق، كما قال سبحانه وتعالى: (بَل كَذَّبوا بِما لَم يُحيطوا بِعِلمِهِ وَلَمّا يَأتِهِم تَأويلُهُ)، وقوله: (وَإِذ لَم يَهتَدوا بِهِ فَسَيَقولونَ هَذا إِفكٌ قَديم).


فصل من طلب وجد


ولا تحسب أن هذا خاص بالأنبياء والأولياء؛ لأن جوهر ابن آدم في أصل الخلقة موضوع لهذا كالحديد لأن يعمل منه مرآة ينظر فيها صورة العالم، إلا الذي صدأ فيحتاج إلى إجلاء، أو جدب فيحتاج إلى صقل أو سبك لأنه قد تلف.


وكذلك كل قلب إذا غلب عليه الشهوات والمعاصي لم يبلغ هذه الدرجة وإن لم تغلب عليه تلك الدرجة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة)، وقال الله تعالى: (وَأَشهَدَهُم عَلى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قالوا بَلى). وكذلك بنو آدم في فطرتهم التصديق بالربوبية كما قال سبحانه وتعالى: (فِطرَتَ اللَهِ الَّتي فَطَرَ الناسَ عَلَيها)، والأنبياء والأولياء هم بنو آدم، قال سبحانه وتعالى: (قُل إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثلُكُم).


فكل من زرع حصد، ومن مشى وصل، ومن طلب وجد، والطلب لا يحصل إلا بالمجاهدة: طلب شيخ بالغ عارف قد مشى في هذا الطريق وإذا حصل هذان الشيئان لأحد، فقد أراد الله له التوفيق والسعادة بحكم أزلي حتى يبلغ إلى هذه الدرجة.


فصل ما هي أعظم اللذات؟


إن اللذة والسعادة لابن آدم معرفة الله سبحانه وتعالى.


اعلم أن سعادة كل شيء ولذته وراحته تكون بمقتضى طبعه، وطبع كل شيء ما خلق له؛ فلذة العين في الصور الحسنة، ولذة الأذن في الأصوات الطيبة، وكذلك سائر الجوارح بهذه الصفة. ولذة القلب خاصة بمعرفة الجوارح بهذه الصفة. ولذة القلب خاصة بمعرفة الله سبحانه وتعالى لأنه مخلوق لها.


وكل ما لم يعرفه ابن آدم إذا عرفه فرح به، مثل لعبة الشطرنج، إذا عرفها فرح بها، ولو نهى عنها لم يتركها ولا يبقى له عنها صبر. وكذلك إذا وقع في معرفة الله سبحانه وتعالى، وفرح بها، ولم يصبر عن المشاهدة؛ لأن لذة القلب المعرفة.


وكلما كانت المعرفة أكبر كانت اللذة أكبر. ولذلك فإن الإنسان إذا عرف الوزير فرح، ولو عرف الملك لكان أعظم فرحاً.


وليس موجودا أشرف من الله سبحانه وتعالى؛ لأن شرف كل موجود به ومنه، وكل عجائب العالم آثار صنعته؛ فلا معرفة أعز من معرفته، ولا لذة أعظم من لذة معرفته، وليس منظر أحسن من منظر حضرته.


وكل لذات شهوات الدنيا متعلقة بالنفس، وهي تبطل بالموت.

ولذة معرفة الربوبية متعلقة بالقلب، فلا تبطل بالموت؛ لأن القلب لا يهلك بالموت، بل تكون لذته أكثر، وضوؤه أكبر؛ لأنه خرج من الظلمة إلى الضوء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فصول من كتاب كيمياء السعادة... لأبى حامد الغزالى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حجة الاسلام ابو حامد محمد الغزالي
» لعشاق اشعار الخليج الشاعر حامد زيد
» قصيدة الجمهرة mp3+كلمات القصيدة للشاعر حامد زيد
» اسس السعادة
» حوار مع السعادة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الاماكن :: اسلاميات :: "◦˚ღ مواضيع دينية ღ ˚◦"-
انتقل الى: